الأكثر مشاهدة

  حسن بن صعب* كثيراً ما كنا نسمع عن مصطلح الغزو الفكري والتحذير من حرب الأف …

الدبلجة جسور الأدلجة

 

حسن بن صعب*

كثيراً ما كنا نسمع عن مصطلح الغزو الفكري والتحذير من حرب الأفكار القادمة، و أنا شخصياً أول مرة أسمع هذه العبارة كانت قبل ثلاثة عقود، وكنت حينها صغيراً ولا أميز أبعاد الجملة ودلالاتها، وكالعادة حين لا نفهم عبارة ما نكون أمام أمرين: إما تهميش العبارة والتقليل من أهميتها والتهكم على قائلها، أو وضعها في السياق المحبب لمخيلتنا وجعلها تدور في فلك نظرية المؤامرة. وقبل الاستطراد في الموضوع
دعونا نتعرف على معنى العنوان ونعتبرها مقدمة لموضوعنا اليوم، وقبل الدخول في المضمون.
الأدلجة وهي من الأيديولوجيا (باليونانية القديمة: ἰδέα إيديا، «فكرة»، وλόγος لوغوس، «علم، خطاب»؛ بالعربية: (الأدلوجة، العقيدة الفكرية)، تناولت تعريفات عديدة جانبًا أو أكثر من جوانب هذا المصطلح، بوصفه مفهومًا حديثًا، إلا أن التعريف الأكثر تكاملًا يحدد الأيديولوجيا بأنها “النسق الكلي لـلأفكار و المعتقدات و الاتجاهات العامة، وهناك في الواقع عدة تعريفات لمصطلح الأيديولوجيا والذي يعني في معناه المباشر (علم الأفكار) حيث إنها تنقسم إلى كلمة Idea وكلمة ology أي علم …
– Idiologies كلمة إنجليزية معناها الحرفي: “عقائد”،
وتعريفها بالإنجليزية: “منظومة التصورات والاعتقادات والنظريات التي تبنى عليها حياة الأفراد و المجتمعات”. 
فهي ناتج عملية تكوين نسق فكري عام يفسر الطبيعة والمجتمع والفرد، ويحدد موقف فكري معين يربط الأفكار في مختلف الميادين الفكرية والسياسية والأخلاقية والفلسفية….، وبمناسبة الفلسفة سأبتعد عن الفلسفة وسأكتفي بهذا القدر من التعريف. 
والدبلجة:هو مصطلح (بالفرنسية: Doublage) مصطلح تلفزيوني يُستخدم عند القيام بتركيب أداء صوتي بديل للنص الأصلي بلغة أخرى لإنتاجات تلفزيونية كالمسلسلات، والأفلام، والأفلام الوثائقية، والرسوم المُتحركة. والكلمة أصلها فرنسي من كلمة «دوبلاج». والكلمة التي بدأ استخدامها بتسارع الآن، وعندما نقول كلمة (الفيلم المدلج) ذلك عوضًا عن قول الفيلم المعرّب، ولكن هذه الكلمة لا تصلح إن كانت عملية الدبلجة تستخدم لإضافة لغات أخرى..

وبعد أن عرفنا معنى الكلمة نبدأ
في الثلث الأخير من القرن الماضي وبعد أن اُنهك العالم من الحروب العالمية وتداعياتها والأرقام المليونية لأعداد الضحايا كان لزاماً على أصحاب القرار تغير قواعد الحرب التقليدية، والتي كانت تعتمد على الاشتباك المباشر أو الحرب بالوكالة، 
وبدأ يظهر على السطح مصطلحات جديدة في ذلك الزمن مثل: الحرب الباردة، وهي عملة بوجهين الأول سلاح الابتسامة الفتاك و الظاهر من خلال الدبلوماسية، و الآخر أقذر أنواع الحروب من خلف الكواليس كالاغتيالات وحرب العصابات وإضعاف الخصم بكل الوسائل المشروعة والغير مشروعة..، وتغيرت قواعد الحروب بشكل نوعي.. أي دخول أسلحة نوعية تهتم بهزيمة الخصم وسحقه دون إراقة قطرة دم (طبعاً الشيطان يقف هنا ويرفع القبعة لشياطين الإنس) كيف دون قطرة دم ودون مواجهة؟؟ فكانت فكرة حرب العقيدة، وليس بالضرورة حرب دينية  المهم كل ما هو معتقد، ومن هنا بدأت حرب القوة الناعمة والمتمثلة في الإعلام، وكذلك الغزو الفكري، وهذا ما يهمنا في هذا المقال؛ فبدأ الغزو الفكري وانتشاره في ثمانينات القرن الماضي وطبعاً بالنسبة للدول النظامية، أو دول العالم الثالث، كانت الأرضية خصبة والمناخ جدا مناسب، لأن أغلب الدول العربية كانت تعيش حالة من الانفتاح، كما كان في مصر، وحالة من الطفرة كما كان الوضع في الخليج..، وكانت أفضل طريقة لتمرير أو تأصيل أو تغير الفكر والأفكار عن طريق دبلجة بعض الأعمال التلفزيونية، و الوثائقية، والدرامية، وتعريبها لنتمكن من مشاهدتها، وهنا بيت القصيد، 
وعلى سبيل المثال لا الحصر.. قاموا بدبلجة أعمال كثيرة جدا منها ما هو مميز جدا، ومنها ما كان بطريقة (دس السم بالعسل)، ومثال ذلك: جعل المشاهد يتعاطف مع المجرم القاتل من خلال الدراما المحبوبة، وكذلك التعاطف الدائم مع الشرير، وكسر قاعدة أن الخير لابد أن ينتصر وإن طال الأمد  وكذلك الحال للأسرة وتعلقها بمسلسل مكسيكي من( 200 ‪ حلقة)، فيها ما فيها من تشرذم و انحلال  ولم ينسوا فلذات أكبادنا، فصنعوا لنا أفلام كرتون فيها من التنمر والهمز واللمز والتعاطف مع كل ما هو قبيح…، وبالنسبة للشباب كان العزف على وتر الحرية ولكن بمفهوم الغرب. 
وفي تلك الأيام كان المسؤول يحاول جاهدا حمايتنا من خلال (مقص الرقيب) الذي لم نرضى عنه يوما، واليوم نقولها بمليء أفواهنا نحن آسفون.. لم نعرف مقدار تعبكم..،لذلك كان ولا زال وسيضل الغزو الفكري حرب مستعرة من خلال الدبلجة وجسر الوصول للأدلجة.

* كاتب

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود