الأكثر مشاهدة

سارة الأنصاري  بين التفاصيل التي نمضي بها قدماً نحو الحياة ثمة منعطفات ودومات وث …

لعبة المدوان

سارة الأنصاري 

بين التفاصيل التي نمضي بها قدماً نحو الحياة ثمة منعطفات ودومات وثقوب تنقلنا من عالم إلى عالم، ورغم صغر حجم بعض الأمور التي نمارسها أو نتعلمها إلا أنها تصنعنا من جديد وتخلق لنا فكراً، وتوسع مداركنا، وتمنحنا فرصاً جديدة للحياة، ليس بالضرورة أن نقوم بأمور عظيمة لنصبح عظماء، فيمكن أن نمارس أشياء بسيطة تحلّق بنا نحو أفق جديد، كطفل حجازي من جيل الزمن الماضي رافعاً يده عالياً كسارية يعلوها علم يفتخر به، ضامّاً حَاجِبَيْهِ وَمَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَعَابساً يستجمع تركيزة وينظر بثقابة نحو الأرض ممسكاً بأطراف أصابعه خيطًا رفيعًا  ينتهي بقطعة خشبية مخروطية الشكل مغروس فيها مسمار، تُرمى على الأرض بشكل لولبي ليمارس لعبة “المدوان” أتذكر جيداً حين حاولت تجربة تلك اللعبة شعرت كيف يمكن لشخص أن يجد نفسه يلتف حول نفسه في معترك الحياة ممسكاً بحبل النجاة مقاوماً للدوامة، كذلك الطفل بين الأزقة الضيقة تظل القطعة الخشبية تدور حول نفسها إلى أن تتوقف رويداً رويداً بشكل ثابت معلنةً انتصاره، ويقع هذا بين طفلين أو عدة أطفال يتبارون من منهم يكون مداونه أسرع دوراناً وأطول مدة. 

لعبة الدوامة أو المزويفة تعمل على تقوية عضلات اليدين وخلق أجواء المتعة والقضاء على أوقات الملل والفراغ، وتعمل على تكوين علاقات وصداقات اجتماعية جيدة، إنها مهارة عقلية تمنحنا عمق أقدارنا فمنا من تأخذه الحياة في رحلة طويلة من التيه دون خلاص ومنّا من يجد نفسه مستقراً ومنتصراً على كل دوامة يمكن أن يمر بها.

عن اللعبة (المدوان): 

من الألعاب الشعبية السعودية، وأحد عناصر الموروث الشعبي في المملكة العربية السعودية، تعتمد على النشاط البدني والذهني لدى الأطفال والشباب، وتبث فيما بينهم روح الحماسة والتنافس، يُمارسها الأفراد صغار السن في مختلف الفصول الأربعة خلال ساعات المساء، كما يمكن ممارستها في ساحة المنزل أو في الحدائق أو في الشوارع، ويتم ممارستها من خلال وجود لاعبين اثنين أو أكثر، كما اشتهرت هذه اللعبة في مدن السعودية (مكة المكرمة، جدة)، ويطلق عليها اسم البلبل.

والمدوان يتكوَّن من قطعة مصنوعة من الخشب ذات شكل مخروطي، حيث كانت تصنع من شجر الزيتون أو من شجرة التين بحجم ثابت تقريباً، ويتم تلوينها وصبغها بألوان زاهية وجميلة ونقشها بأشكال مختلفة، حيث يتم غرس في وسطها مسمار قصير يتم إخراجه من جهة الطرف المدبب، يدور عليه المدوان على الأرض، ومن خلال دورانه السريع تأتي المتعة والتسلية، ويبدأ المدوان بالدوران واللف عند رميه بعد ترك الحبل، ويستمر بحسب قوة ومهارة الرامي بسحب وشد الحبل الملفوف حول المدوان (البلبل) كل منهم يحاول إبراز مهاراته والتحكم بالمدوان بحركات مختلفة، مثل حمله ليدور في يده أو يمرر الخيط من تحته، وأحد قوانين وقواعد هذه اللعبة يتم رسم دائرة على الأرض ويتم عرض المتنافسين برميهم ومدواناتهم بحيث تدور وتتصادم ببعضها والفائز من يبقى مدوانه في داخل نطاق الدائرة المرسومة.

نورة الخالدي

سلوى الأنصاري

سلوى الأنصاري

(١) ويكيبيديا

التعليقات

  1. يقول نوره الخالدي:

    مقال جميل وممتع عاد بنا الو ايام الطفولة وممارسة تلك الالعاب العفوية الرائعة التي يتوسع بها افقنا وتفكيرنا وجميع اطفال ذلك الجيل المبدع الذي تخرج كنه الان الاطباء والمعايمبن والرؤساء شكرا استاذه سلوى الانصاري على هذا المقال وانك استعنتي بلوحتي كأثراظ لمقالك المعبر دون الحاجه للوحات 💕💕

اترك رداً على نوره الخالدي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود