الأكثر مشاهدة

أحمد بنسعيد* عالم الطفل الذي ينبع من عالم الكبار الضاجّ بالآلام والمعاناة … …

من حق الطفل على الكاتب نشر السعادة

منذ 3 سنوات

374

0

أحمد بنسعيد*

عالم الطفل الذي ينبع من عالم الكبار الضاجّ بالآلام والمعاناة … لا شك أنه سيصيبه لفح مهمُّ من ذلك، والذي يظن أن عالم الأطفال لا آلام فيه ولا معاناة فهو مخطئ لا محالة، والكذب على النفس في هذا المجال لا يجدي شيئا، وانظر من حولك للأطفال ولبؤس الحروب والفقر والأمراض، التي تحيط بهم من كل جانب.

 ولكن هل هذا سبب مقنع للزج بالطفل وتكريس المعاناة من خلال كتاباتنا له؟.
لو فعلنا ذلك لارتكبنا خطأ فظيعًا في حقهم، حين يصعد الكاتب(ة) الدرجة الأولى لعالم الأطفال فليعتبر نفسه معالجًا، رحمة يلبي احتياجاتهم، ويخفف آلامهم، ويدعم آمالهم،  فهم يبدأون أيام طفولتهم وأيام حياتهم على هذا الكوكب بصرخة. صرخة من اللحظة الأولى، في صفوف الأطفال يتامى، والكثير منهم يعيش بدون أب ولا أم بسبب الطلاق أو البعد أو الهجر أو التغييب، الكثير منهم آباؤهم يعانون السكر والخمر والتخدير، كثير منهم يعيش في أوساط تعاني الفقر والفقر الشديد.

كثير منهم يعيش في أوساط من الجهل والأمراض والإعاقات.

كثير من الأطفال يُعَنَّفون، كثير من الأطفال يتلقّون الكدمات واللكمات والصفعات والسب والشتم.

كثير من الأطفال يعيشون ويلات الحروب  والتشريد والميز العنصري والعرقي.

كثير من الأطفال لهم مشاكل مع أساتذتهم، ومعلميهم، ومربيهم ومع والديهم وأوليائهم، ولعل الأذى النفسي الذي يقع عليهم أكبر بكثير من الأذى الجسمي، وكثير من الأطفال معرضون لشلال المخدرات والعري والإباحية والسرقة والجنوح. 
وهناك القليل -وربما لا نخطئ إذا قلنا النادر- من الأطفال يعيشون في أوساط متعلّمة، تعيش راحة اقتصادية، وحياتهم منظمة نسبيّا.
مَنْ يذود عن الأطفال بقلمه؟  من يُعبّر؟ ومن يكتب كتابات ناجحة متميزة  تملأ الفراغ وتجبر الكسور وترأب الصدوع وتضمد الجروح وتؤدي المطلوب؟.

تلك الحفنة الموجودة من الكتّاب وتلك الأسماء القليلة (ولو بدت كثيرة) لا تكفي ولا تفي  نهائيا بحجم التحدي المطلوب. الأطفال رغم صغرهم وقِصَر قاماتهم ورهافة أضلاعهم لهم احتياجات عملاقة، وهموم ومعاناة ثقيلة كالجبال، وهم منتشرون بأشكال هائلة في عالمنا العربيّ الفتيّ،  ينتظرون في جحافل بالدور عبر توالي الزمن.
أين القلم الغيور الهصور الماسح على رؤوسهم الْمربّت على أكتافهم في حنان ومودة؟.

يرسم البسمة على وجوههم ويأخذ بهم لبرّ الأمان.

مَنْ مِنَ الكُتّاب إذا قال في كتابه (يا بني) شعر اليتيم القارئ بدفئها؟ مَنْ مِنَ الكتّاب إذا قال في كتابه (بنيّتي) اهتز قلب الصغيرة الكسيرة طربا؟ …
من يأخذ من وحلنا عجينا يصنع منه الأعاجيب؟ من يأخذ من شظايا حروبنا شظية يلونها ويسعد بها الصفار الخائفين من دويّ القذائف؟.
أعجبني يوما حوار دار بيننا حول ضرورة تحبيب الطفل في الجنة ونعيمها عوض إخافته من النار.

نشر المحبة والرحمة والسعادة والفرح والحبور والسرور والتفاؤل والأمل حتى في أحلك الظروف، وحيث لا أمل.

هذا دورنا، وهو ما ينبغي علينا وهو آكد حقوق الصغار علينا.

*كاتب للأطفال_ المغرب
bensaid_ahm@hotmail.fr

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود