مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

*الشعر ليس ابناً للقواميس و المحبرة، إنما هو وليد الضوء  والحياة نبضه *في حوزتي …

الشاعرة أسيل سقلاوي: أنا حفيدة المتنبي، والحب سيد المعجزات

منذ 3 سنوات

969

1

*الشعر ليس ابناً للقواميس و المحبرة، إنما هو وليد الضوء  والحياة نبضه

*في حوزتي بوصلة جميع اتجاهاتها تُشير نحو الشعراء

*الحياة هي المرأة 

*أنا حفيدة المتنبي 

حوار_رندا أبو حوى  

حين وُجدت هذه الحياة وُجدت معها المرادفات والأضداد من كل شيُ قُدر له أن يكون فيها. ولم يَكُن لأمر أن يتحول من المجهول إلى المعلوم ومن العدم إلى الوجود، من الملموس حتى يُصبح محسوس؛ في حال لم تتواجد به اللغة. 

على كل شبر في هذه الأرض خُلق إحساس كُتب له أن يتهيأ على شكل من الصور، كما فعل الشعر في روح الشاعر، حينما بات كالمصباح في داخل البلور يأبى أن لا يبقى ذاك النور حبيساً فضج في الآفاق، فالشعر حالة قد اتفق البعض كونه علم مُحير، و لكن الأكثر غرابة في تلك الروح التي يختارها وطناً له متجسدًا بفؤاد رقيق و لسان فصيح ومنطق عميق.

تاريخ وجود البشرية أتى من يوم خلق الله آدم، ولكننا لا نعلم هل كان لشعر يوم ولادة لكن المؤكد هو أن لكل شاعر تاريخ وانطلاقة 

معنا اليوم من لبنان 

– الشاعرة أ. أسيل سقلاوي ، التي تعمل أستاذة رياضيات وشاعرة 

– صدر لها  ديوان شعريّ بعنوان «أنا غبت عنّي»

– عضو في الحركة الثقافية في لبنان، وعضو في الملتقى الثقافي اللبناني.

– شاركت في عدد من المهرجانات اللبنانية والدولية في الإمارات العربية المتحدة ومصر والعراق. 

 

*الحُب سيد المعجزات وهو مُلهمي

– أسيل سقلاوي ابنة الجنوب و الساحل المعلمة والشاعرة؛ رحلة الانطلاق حتى الوصول إلى تقليد وتنصيب لقب (أميرة البيان). في أي ساعة انطلقت ؟

لحظة وقع والدي بعشق والدتي انطلقتُ، ومنذ ذلك الوقت، لم يتوقف البحر عن عناق النورس، والمنارات أوحت لآخر سفن الروح وهي تمخر عباب ذاكرة التراب، قبل تشكل الطين، وقبل التفاحةِ اللعنة.

منذ البكاء الأول، ترجمتُ دمعتي في مطلع قصيدة 

وبعدها بدأت أتقن عدّ الثقوب الموجودة في أرغفة الجائعين والفقراء.. فكتبت! 

بالنسبة لهذا اللقب، فقد كان محطةَ انطلاقٍ وعبورٍ لطيف نحو غيمةٍ حبلى بالضوء و لكنّي أطمع بما هو أبعد بكثير وأراه يبتسم لي خلف هذا الأفق الأسمر.

– في حديثك عن علاقتك الحميمة مع الشعر التي تمثلت بدور الأم مع أبنائها  ؟

يا تُرى أي القصائد هي الأقرب لكِ ؟ 

منذ أول حرف عرفت أن الشعر لا علاقة له بالقواميس والورق والمحبرة

هو كائن من ضوء وشجر وفراشات

كائن مليء بالحياة.. فاعتبرته المعشوق والحبيب الأول.. وربما الأخير!! 

قصيدتي( ولّادة ) .. و مطلعها:

ولّادة السحر غابت يا بن زيدونِ 

فـكــلّهن ســواءٌ فـيـك مـن دونــي 

وكلّهن على مرمى رؤاي دمـــىً 

مجنونةٌ أفلتت من كـفّ مجنونِ 

إلى أن أقول : 

أسيلُ من رحـــــــــمِ الـغـيمات صافـيـةً 

فالشعرُ قال لروحي ها هنا كوني 

 ربما لأن القصيدة هذه تمثل الحالة التي أتحدث عنها.. 

الشعر وأنا واحد.. 

أيّنا سبق.. لا أدري 

اسألوا البحر.. معشوقي الثاني!! 

– سؤال يطرق الجانب الفلسفي فيك، هل نحن معاشر البشر نمتلك إرادة حُرة ؟

هو أمر بين أمرين كما تعلمون، ولكن أريد توجيه البوصلة نحو معاشر الشعراء، فهم الأولى بهذا السؤال، فالشاعر أحيانا ليس لديه سلطة على قصيدته، فهي تنهمر عليه انهماراً وهو يدوّن ما جادت به قريحته، دون أن يختار وزنه الشعريّ أو حرف الروي، وأحيانا أخرى يتحكم الشاعر بكلّ شيء بموضوع القصيدة ووزنها وقافيتها، لذا فالمزاج الخاص للشاعر يجعله ما بين الحرية والقيد

وفي النتيجة، الإرادة الحرة أو الممسوكة، كلتاهما أمام النص، إما يكون جناحين أو مجرد قصص من سكوت.

 

– الجائحة التي أصابت العالم أجمع دون التفرقة بين الناس ، من وجهة نظرك ماذا تركت وما هي الرسالة من هذه الجائحة ؟؟

الأديب هو ابن هذا الوجود، والجائحة هددت الوجود الإنساني، وبالتالي فهي تهدد الأديب ورسالته، لذا فقد تسللت الجائحة إلى دفاتر الشعراء والروائيين، وقد عالجوا موضوعها بإنسانية واضحة، فهم كغيرهم فقدوا أحبابا لهم بسببها، أو هم قد حوصروا بالحجر الصحي أثناء إصابتهم هم أو أحد أفراد أسرهم، لذا فقد انبجست القصائد والروايات والقصص من رحم تلك المعاناة.

وأثق جدًا أن هذه الجائحة صدى لما هو فينا من خراب وغربة عن ذواتنا، لعلها صفعةُ الكواكب على خدودنا أجمعين كي نرجع إلى

عناق البلبل، وتقبيل العشب، واحتضان الهواء. 

الأرض هي الشاعرة الأولى، نحن قصائدنا هي هذه المرة تكتب قصيدة الوجع وربما تفتعل ذلك كي ننتبه من الموت.

 

*ضغطة زر كفيلة بلقاء الشعراء على منضدة واحدة

– تُعد منبراً يتحدث باسم الشعوب. فما رأي الأستاذة والشاعرة أسيل  فيما أحدثته الثورة المعلوماتية بمواقع التواصل الاجتماعي، وهل كان لها الأثر العميق في خلق التغيير الجذري في المجتمع ؟

بوصفي شاعرةً فقد كان وما زال للثورة المعلوماتية، الأثر الواضح في حركة التواصل بين المجتمع الأدبي وربط أواصر التفاهم والتجاذب بين رواده، فقد أصبحت العلاقة بين الأدباء سهلة ويسيرة من خلال ضغطة زر، فأحياناً يجتمع على تطبيق واحد عدد كبير من الأدباء، وهم يتبادلون فيما بينهم قراءة القصائد ونقدها، وهذا دون أدنى تكاليف تعاني منها المهرجانات الواقعية. 

ربما في البدايات وقفت على حياد منها، عشقي للورق كان يخضّر أناملي حين أقوم للبوح. 

الآن أثق أن التكنولوجيا المعاصرة بكل وسائلها تخدم الشاعر والعامل والطالب 

شرط ألا ننسى في استسهال التعامل معها سطور النبض، وشغور اليقين المحتاج دائماً إلى الزقزقة والتغريد والصراخ أيضاً ليكون

قادراً على حمل الفكرة للآخرين.

 

*الحياة هي المرأة

– يقول كونفوشيوس: ” المرأة أبهج ما في الحياة “

رأي الشاعرة أسيل لما وصلت إليه المرأة العربية من أدوار مكنتها في تطوير مجتمعها.؟ 

 المرأة هي الحياة كلها، المرأة هي الأم والزوجة والحبيبة والأخت والابنة، والمرأة اليوم هي صنو الرجل في صنع الحياة بكل تفاصيلها، وقد يختلف دور المرأة العربية من بلد لآخر، إلا أن الزمن كفيل لها بأن تأخذ دورها المناسب الذي يليق به. 

فالمرأة العربية اليوم تخرج إلى صناعة الحياة.. ولعل أكثر ما يجعلها ساطعةً، التوجه للكتابة في كل أشكالها.

 أحياناً تكون الكتابة بوابة واسعة للصوت، مقابل واقع لا يعدو خرم إبرة.

و قناعتي كلاهما المرأة والرجل جناحان لطائر واحد هو الحياة ولا يمكن لطائر أن يحلق بجناح مبتور.

 

– (القلب يقرأ ما في الناصية ) لم يتوقف الشغف لدى القارئ بمعرفة أسيل  الشاعرة فقط، فمن هي الإنسانة أسيل ؟

أسيل الإنسانة هي ذاتها الشاعرة مع فارق بسيط أن الشاعرة يعرفها الآخرون أكثر من الإنسانة 

وأنا أعمل بكل جدية ووضوح كي أعيد للإطار ذاته الكائنين الشاعرة والإنسانة، حينها أقول 

اليوم اكتملت قصيدتي. 

 

*العُزلة ليل يعقبه صبيحة العيد

– من ديوان ((أنا غبتُ عني ))

أنا نايُ المواجعِ والتمنّي

وصوتي دمعُ عصفورٍ يُغنّي

أدوزِنُ ما تشظّى من جراحي

من الأشواقِ والأشواقُ تُضني

 – هل لنا معرفة إلا ما ترنوا له هذه البيتين، وسبب التسمية لديوان ؟

هذان بيتان من رباعية كتبتها بعد صدور ديواني الأول: أنا غبتُ عني

وأؤمن جداً بأن المبدع الحقيقي يتعبه الحضور الدائم، ويحتاج إلى الغياب والعزلة والانقطاع كل فترة لأن هذه  كلها حالات مساعدة على الكتابة والعطاء، يحتاج كل مبدع إلى استراحة مشاعر كي يعيد ترتيب نفسه وترجمة فوضاه كي يقترب من كيانه ومن شعوره

ويتبلور حضوره بشكل أدق وأعمق

أنا غبتُ عني كي أجدني حاضرة في قلوب كل قارئ لحرفي وهذا عندي أهم بكثير من الحضور الذي قد يكون هشّاً وسطحياً وفارغاً 

لا أميلُ حقيقةً إلى تفسير قصائدي وأترك للقارئ حرية التأويل والمقاربة والإسقاط، ولكني أكتفي بصوت عصفورٍ نقر على نافذة روحي ذات وحي.. 

 

*أنا حفيدة المتنبي

– نريد معرفة ما هي المدرسة الشعرية  التي تنتمي لها أسيل سقلاوي؟ ومن تكون الشخصية التي أثرت بكِ وكان لها أثر في مسيرتك الشعرية ؟

حين خطوتُ على درب القصيدة، لم أتعمّد مطلقاً اختيار منهج أو أسلوب أو مدرسة، شعرت وقتها أن الكلام حين يكون شعراً، يكون خارج كل توصيف وتصنيف، فيما بعد عرفت أنني حفيدةٌ لكل الذين رغم غيابهم ظلّوا فينا أحياء. 

ربما كان المتنبي جدّي وكانت جدتي الخنساء.

وفيما بعد بدأت أكتشف عائلة الحبر، المتصوّفة جزء من عائلة القلب، العرفانيون العشاق الأوائل، المجانين أيضاً كنتُ ليلى في قصائد ابن الملوح، وكنتُ ولّادة ابن زيدون وكلما شاعرٌ قتله العشق أُحسُّ بالندم لأنني لم أضمه تذكرةً إلى قلبي.

القصائد تؤثر بي أكثر من شعرائها.

فحتى الكبار من الشعراء دروبهم هضبات وذرى وقيعان ربما الشاعر الأكثر تأثيراً في كياني الشعري كان البحر، وهو يتجلى في الكثير من قصائدي.

 

* بين المحبرة والوعي هناك جسر النقد 

– لقد كان الأدب سابق العهد في الظهور و من ثم ذلك جاء ما يُسمى النقد الذي يكمن دوره في كشف مواطن الجمال والقُبح في الأعمال الأدبية فهل يحق لكل شاعر أن يستخدم أداة النقد ؟! أم هو أمر يقتصر على النقاد فقط ؟

النص الشعري أولاً وأخيراً والنقد حين يكون من خارج كاتب النص فهو يقبل السلب والإيجاب معاً، وهذا يكون على ذمة الناقد، والنقاد في عصرنا قلة وضامرون وغالبيتهم إما أكاديميون صمغيون أو عابرو سبيل انطابعيو التوجه، أنا شخصياً أمارس النقد على ما أكتبه وهذا أمر مشروع وايجابي، وأن يمتلك الشاعر الجرأة على تقويم نصه ونقده، فهذا يجعله أكثر تحكماً بالنص وأكثر مقدرة على بناء الجسر بين المحبرة والوعي العاقل.

– عهدنا في الآونة الأخيرة تنظيم الكثير من المحافل و المسابقات التي تجمع الشعراء من كل مكان، هل بنظرك مثل هذه المبادرات تحث الأجيال على حُب وارتياد وممارسة الشعر؟

لهذه المسابقات إيجابيات، وكثير من السلبيات فهي ليست جميعها أمينة وآمنة، وليست جميعها مبنية على واقع الحال واختيار من يستحق فعلا الوصول إلى الضوء، وفي الوقت ذاته هناك مسابقات وبرامج تحتفي فعلا بالمواهب الحقيقية وتمهد لها الطريق إلى السطوع وفي الحالين هي محرض إيجابي على التنافس وعلى الخطوة الأولى، ولو أتيح لي المشاركة في مسابقة حقيقية وموضوعية لن أتأخر على الاطلاق.

– في اللغة الخوارزمية  ومن مبدأ العلاقة العكسية؛ هل زيادة شعور التخمة الناجم عن الثقافة  يُقابله عقول جائعة من الفكر ؟؟!

مفارقة فعلا تحتاج الكثير من الدقة في الإجابة والكثير من الدوران حول العبارة للوصول إلى منتصف القصد، وما بين الفكر والثقافة جسور ممدودة ومقطوعة في آن، القراءات ثقافة، قد تفيض وتوصل للتخمة، لكنها في الوقت ذاته لو كانت محكمة وراسخة ومنتقاة وذات توجه، فهي تكون زوادة فكر تروي مجاعته وتجعله في دعة وغنى وإشراق.

 

– هل الاستزادة من العلم تتطلب حضور الجدل   .؟!

الجدلُ أنواع، بعضه يعتمد البحث عن الرسوخ، وبعضه يوصل للفوضى، أنا مع الجدل القائم على الاستزادة من معرفة، لا التماهي في تبيانها وتلميعها، النحلة لا تطلب من الوردة تقريراً عن نوعية العطر الذي تخفيه، لأن العطر لا يحتاج مفاتيح توصل إليه، هو يسلم ذاته للنسمة التوّاقة للنشوة والتماهي مع الأثير، أنا أحب السؤال والاستقصاء، وأكتفي بأول المفاتيح لأكمل الطريق إلى الهدف، لا أعتمد الجدل كي أصل إلى بيزنطة.

– ‏ الحبُّ وحيٌ لو دنا يتدلّى 

فامدُد أكُفَّ الحبّ كي يتجلّى 

 

هي لا تنامُ لكي تنامَ و انّما 

تَخِذَت جفونكَ في الليالي ظلّا

 

لا يستوي الشعراء في صلواتهم

ماذا تقولُ لِمَن رآكَ .. فصلّى !

-الشاعر ليس إنساناً عادياً بل أُتيح له اكتساب مالا  يحظى به أي شخص عادي 

هل ينطبق ذلك أيضاً على عاطفته هل هي ليست عادية أيضاً، تحدثي لنا عن هذا الجانب بكِ ؟!

ما يميز الشاعر عن الآخرين عاطفته، هو كائن يسري في عاطفة وليس العكس، هذه العاطفة تعطيه الحساسية القصوى تجاه كل شيء، فيكون حزيناً أكثر وفرحاً أكثر وعاشقاً أكثر، ولعل الكلمات وسيلته الحاملة لباطنيته العميقة

أنا أخفي أكثر مما أظهر، وأستمتع بالصمت عن العاطفة واللجوء للتورية، الإعلان عن النور ليس كما النور، والنهرُ ليس محتاجاً لطريقٍ مفتوحٍ أصلاً، النهرُ قادرٌ على شق الطريق إلى حيث يشاء.

 

– كلمة تُقدميها للقُراء ؟

القراء ليسوا جزءًا من حبري وقصيدتي وورقي وحسب، بل هم الحقيقة التي هي أهم من الشعر عندي،

أنا لا أكتب لي وحدي، دائماً ثمة قارئ فوق سطوري وفي محبرتي أدينُ له بكلي.

 أتمنى على القرّاء أن لا يغادروا وأن لا يتركونا وحدنا، لأننا نشعرُ بالخوف والغربةِ من دونهم.

 

 

 

التعليقات

  1. يقول ماجده الشريف:

    ماشاء الله حوار جميل وممتع رندا مع شاعرة جميلة بقلمها وبوحها حقيقة أنا تعرفت على الشاعرة أسيل للمرة الأولى من هذا المقال والحوار المميز دمتن متألقات .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود