29
048
052
096
0232
062
4الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11535
04673
04047
173166
0الطائف_عبدالله الجارالله
صدر موخرًا عن دار النابغة للنشر والتوزيع كتاب: “البنيوية التكوينية والأسلوبية – قراءة في ضوء البلاغة الجديدة”، للدكتور عبدالرحمن بن حميدي المالكي، أستاذ الأدب والنقد المشارك بقسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة الطائف.
النقاد أفادوا كثيرًا من المناهج النقدية الحديثة التي بُنيت على أساس فلسفي أو نبعت من الدراسات اللسانية، وقد اتخذها النقاد مداخل لقراءة الأعمال الإبداعية عامة والشعر خاصة، فهذه المناهج الجديدة تحاول أن تكشف عن جوانب جديدة في الأعمال الأدبية المختلفة، وذلك من خلال تناول جوانب معينة في هذه الأعمال ومحاولة تحليلها وفق أسس فلسفية أو لغوية، ومن هذه المناهج البنيوية التكوينية والأسلوبية.
ولم تكن هذه المناهج الغربية الحديثة منبتة الصلة عن التراث العربي القديم، وإنما القارئ الجيد لهذه المناهج يجد أن لها جذورًا في التراث البلاغي والنقدي القديم، ولكن طُورت هذه الأصول وكُشف عن جوانب جديدة فيها وطُبقت على نصوص حديثة، وأيضًا رُبطت بالجانب الفلسفي واللغوي بشكل كبير، في محاولة للاستفادة بما توصلت إليه العلوم الأخرى.
إن البنيوية التكوينية خرجت من رحم البنيوية، ولكنها حاولت أن تتفادى بعض القيود التي فرضتها البنيوية الشكلية عند تحليل النص الأدبي، وخاصة البنيوية الشكلية التي قطعت الصلة بين النص وكل العوامل المحيطة به حتى المبدع نفسه، وراحت تركز على النص نفسه؛ ولذلك جاءت البنيوية لتعيد هذه العلاقة مرة أخرى بين النص والعوامل المحيطة به، فهي تربط بين المبدع والواقع الذي يعيشه وينتمي إليه؛ لأنها تسعى إلى تحليل العمل الأدبي والفكري بدون أن تفصله عن المجتمع والتاريخ.
والبنيوية التكوينية بهذا الشكل أعادت الروح مرة أخرى إلى النص الأدبي؛ حيث تعتمد البنيوية التكوينية عند لوسيان غولدمان على الاهتمام بأسس العمل، وبمبدع العمل، والظروف التي ساعدت على إبداعه وتفوقه، ثم تتناول تلك المراحل التاريخية التي قام المبدع بصناعة العمل فيها؛ لأن سيرورة الحياة لها أهمية كبيرة، وعلى المؤرخ الأدبي أن يتفحصها بعناية.
ومن أهم المفاهيم التي تأسست عليها البنيوية التكوينية عند لوسيان غولدمان (رؤية العالم)، التي تنطلق من الرؤية الاجتماعية للأعمال وليست الرؤية الفردية، وعلى الرغم من أن مفهوم رؤية العالم ذو أبعاد فلسفية، فإنه دخل إلى النقد الأدبي، وكان لوسيان غولدمان له الأسبقية في ذلك.
ومن ثَمَّ جاءت هذه الدراسة لتكشف عن رؤية العالم عند الشاعر حميد بن ثور الهلالي، وذلك من خلال الكشف عن أهم الرؤى الجديدة للنص الشعرى عند شاعرنا، وقد جاء تناولها وفق محاور ثلاثة هي: الطلل: إطار الوحدة الاجتماعية، والمرأة: العالم الخيالي، والحمامة: الواقع والنسق الفكري، تسبقها مقدمة نظرية ضافية عن البنيوية التكوينة.
أما المحور الأول فقد تناول الخطاب الطللي عند الشاعر، وفيه محاولة لإعادة إحياء الماضي برؤية جديدة مبنية على رؤية الشاعر للعالَم، وما يحيط بها من ظروف اجتماعية وعلاقتها بها، ومن واقعه النفسي، وفيه إشارة إلى الجانب الحضاري للرسومات الطللية لشاعرنا، ولذلك جاءت الصورة الطللية حالمة مقرونة بالطبيعة التي تمنحها الديمومية والثبات.
أما المحور الثاني فإنه يتناول المرأة وعالمها الخيالي، والعلاقة بين الشاعر والمرأة علاقة غير ثابتة، فهي علاقة قائمة على الوجد والحب في معظم الخطاب الشعوري لديه، وربما في مواقف قليلة لا شعورية قد يبدو التنافر في بعض الأحيان، فنجده يصفها بأنها رمز الحب والوفاء والإخلاص، وقد يصفها في حينٍ آخر بأنها رمز للقلق.
وتناول المحور الثالث رمزًا وهو الحمامة، فهي في مكنون الشعراء رمز فني للحُبّ والإلْف والحياة المثالية، وقد جلبها الشاعر ليبث حالة الفراق والحرمان التي يشعر بها من خلال رمزيتها، وأيضًا لبيان أثر الإحساس بالألم والوجع والحزن في نفسه.
أما الدراسة الثانية فقد تناولت منهجًا آخر من المناهج الحديثة، وهو المنهج الأسلوبي النابع من الدراسات اللسانية، الذي اتخذه النقد الأدبي الحديث في دراساته خلال العقود الأخيرة منهجًا تحليليًّا للنص الأدبي، وذلك من خلال التحليل العلمي الدقيق الذي يسعى إلى تحقيق الموضوعية، والابتعاد عن الذاتية والانطباعية؛ ولذلك فقد سعى النقد الأدبي الحديث لتحقيق غايته هذه عن طريق اللغة، وهو ما أدّى إلى أن تقوم الدراسات النقدية بالربط بين (اللغة والأسلوبية) في تعاملها مع تحليل النصوص الأدبية.
وقد وَظّفت هذه الدراسة المنهج الأسلوبي في مقاربة شعر شاعر معاصر وهو الشاعر السعودي عبد العزيز خوجة، في محاولة لسبر أغوار العالم الشعري عنده والكشف عن بعض أسراره الجمالية الكامنة وراء خصائصه الأسلوبية.
وقد جاءت الدراسة في عدة محاور، تناول المحور الأول الإطار النظري للأسلوبية، مبينًا نشأتها في العصر الحديث، وأهم المرتكزات التي تقوم عليها، وأهم الأعلام الذين وضعوا أسسها، ووضح أيضا مدى صلتها بالتراث النقدي العربي القديم عند عبد القاهر الجرجاني وغيره.
وتناول المحور الثاني الجانب الإجرائي للدراسة، وانقسم إلى قسمين، تناول الأول البنية التركيبة عند عبد العزيز خوجة وذلك من خلال الوقوف عند الأساليب الإنشائية عند الشاعر من أسلوب الاستفهام والنداء والتقديم والتأخير، والحذف…..، وذلك من خلال انتقاء بعض الشواهد الشعرية المعبرة عن مجمل أعمال الشاعر، وتناول هذا القسم أيضًا ظاهرة التناص عند الشاعر.
أما القسم الثاني من هذا المحور فقد تناول البنية التكرارية عند الشاعر عبد العزيز خوجة، وفيه تجلّت براعة الشاعر في توظيف هذا الأسلوب، فقد كان للتكرار لدى الشاعر عبدالعزيز خوجة جاذبية خاصة في ذائقة المتلقي، فجعله يعيش الحدث الشعري والشعوري معًا، وسط الأجواء النفسية والفنية التي صاغها الشاعر، وحقق بجدارة القدرة على تجسيد التأثر والتأثير في العمل الفني البديع، وذلك من خلال الوقوف عند أبرز الشواهد التي وظّف فيها الشاعر هذا الأسلوب وتحليلها.
التعليقات