مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

إعداد_حصة البوحيمد (ن والقلم وما يسطرون) أقسم الله بالقلم ولا يقسم الخالق جلَّ و …

هوية القلم بين الاعتبار والاحتضار

منذ سنتين

1567

2

إعداد_حصة البوحيمد
والقلم وما يسطرون) أقسم الله بالقلم ولا يقسم الخالق جلَّ وعلا إلا بالأمور العظام، فأي تعظيم وأي تشريف إلهي ناله القلم بهذا القسم  وحين نتلمس دواعي تلك العظمة  ندرك استحقاقه لها، فلولا القلم لطمست الآثار وتلاشى التاريخ وضاعت الحقوق، فالقلم أداة التدوين، ووسيلة المعرفة، حديث الذات الخرساء وصانع الحروف، بدأ من الريشة مروراً بخطوات من الصناعة والتغيير والتطور في الشكل والحبر والجودة، وظل قرونًا سرًا للعطاء الأدبي ومدادًا للسخاء الثقافي، ومع ثورة التقنية وانحسار استخدام الورق توقفت مهمته وتراجع أداؤه وبقي محفوظاً في توابيت الزينة وفي مظاهر الإكسسوارات الشخصية، وفي ظل ذلك لا يزال وجوده حاضراً فيتواقيعالقرار ووقعالاستقرار فيقتنيه المسؤولون ويقدره المثقفون، وما بين هذه التداعيات سلطت فرقد الضوء على هوية القلم عبر قرون وما شهده من تغيرات وانعكاسه على الثقافة والأدب ومستوى المعرفة من خلال طرح المحاور التالية على نخبة من رواد الفكر ورفاق القلم:

ما مدى تأثير التقنية على مستقبل القلم وهل سيظل صامدًا أمام المتغيرات التي صنعتها ثورة المعلوماتية ؟

كيف نعيد للقلم هويته ومكانته وهيبته وما هي رسالتكم إلى الجهات الثقافية والتعليمية نحو هذا الغياب القسري للقلم ؟

كيف نحول  القلم  إلى وسيلة جذب للأجيال الجديدة ؟

*القلم أكبر الخاسرين وسط ثورة التقنية

يرى الشاعر والمستشار في وزارة الإعلام محمد عابس أن الثورة المعلوماتية والتقنية تأثيراتها واسعة وكبيرة ليس على القلم فقط بل على الذاكرة وجودة اللغة وسلامة الإملاء، ولا أعتقد أن القلم سيصمد أمام إغراءاتها رغم استخدام القلم الالكتروني في بعض الأجهزة، وسائط التقنية غيّرت بشكل كبير من ثقافة وعادات الناس وسلوكياتهم وممارساتهم الحياتية المختلفة، والقلم أحد أكبر الخاسرين وسط أمواج هذه الثورة وتقلباتها السريعة.

التغيرات كبيرة جدًا وسريعة ومتلاحقة، والمستقبل يخفي الكثير في سياق ثورة التقنية والاتصال والمعلومات. ولكل زمان ثقافته والأساليب التي تتناسب مع التطورات فيه، والواجب أن يتم إنشاء جمعيات وجماعات في المدن لهذا الغرض تحت مسميات مثل ( جمعية أو جماعة أصدقاء القلم) سواء تحت مظلة وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أو الجمعيات الأهلية والخيرية الأخرى ومراكز الأحياء والأندية الرياضية وأندية الكتاب المنتشرة و المراكز التجارية ومدن ومراكز الألعاب الترفيهية، وأن تقيم الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون ورش عمل ودورات تدريبية للأطفال على مدار العام لدعم استخدام القلم في الكتابة والفرشاة في الرسم وتطوير برامج تعليم أنواع الخطوط التي تتميز بها الثقافة العربية.

وللحق أسعدني كون الخط ضمن أقسام كلية الفنون التي أعلنت إنشاءها جامعة الملك سعود مؤخراً، وأتمنى أن تحذو حذوها بقية الجامعات الحكومية والأهلية.

ويمكن لوزارة الثقافة عمل برامج ومسابقات ومبادرات لدعم التوجه لاستخدام القلم وفنون الخط للأطفال والناشئة، وكذلك التلفزيون بعمل برامج تدعم هذا الهدفوأعتقد رغم صعوبة الأمر أنه لابد من إعادة مادة الخط للمدارس في التعليم العام كخطوة ضرورية، وعمل مسابقات مختلفة للطلاب من الجنسين لجودة وسلامة وسرعة استخدام القلم في الكتابة والإملاء، وتبسيط تعليم اللغة العربية للأطفال والناشئة، ولا ننسى دور أولياء الأمور المهم جداً في دعم أبنائهم لاستخدام القلم من خلال التشجيع والهدايا في البيت وتنظيم مسابقات ترفيهية مبسطة خلال الاجتماعات العائلية المختلفة ونحو ذلك، ويمكن نشر النماذج التي يكتبونها بأقلامهم في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة من باب الدعم والتشجيع للأطفال والناشئة. والدعوة موجهة لرجال الأعمال لإدخال القلم ضمن أشكال الهدايا وألعاب الأطفال والتفنن في تصاميمها وأشكالها التي تجذب الأطفال والمراهقين، ومن المهم جداً تحبيب الأطفال والناشئة في الكتاب والقراءة كعمل تكاملي مع حب القلم.

*سيظل القلم صامداً أمام تحديات التقنية

وتشاركنا د.الجوهرة بنت فهد آل سعود حوارنا مستفيضة في الولاء والمناصرة  للقلم بقولها: يسعدني أن أشارك في القضية التي طرحتها مجلة فرقد في عددها (85) بعنوان (هوية القلم بين الاعتبار والاحتضار). والحقيقة لا أتفق مع كلمة “الاحتضار” التي جاءت في عنوان هذه القضية، إذ أنه كيف يكون ذلك مع أن الإنسان لا يستطيع النجاح إلا إذا خطط نجاحه بقلمه، فلقد علق في الذاكرة الإنسانية مشاعر تقدير وامتنان لهذه الأداة العظيمة، والنعمة الفريدة التي سخرها الله للإنسان وعلمه إياها، فقد قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)وقد أقسم الله عز وجل بــ (القلم) وذلك تعظيماً لشأنه، قال تعالى: (ن والقلم وما يسطرون. ما أنت بنعمة ربك بمجنون) 

 ومن المؤكد أن القلم قد ارتبط ارتباطاً وثيقاً بتسطير الحضارات الإنسانية، وبه تعلمنا، وجعله الله سبباً في تبصيرنا بنور العلم، والتعبير عن مكنونات نفوسنا، وخلجات صدورنا، وبه جمع حصاد العلوم والمعارف والأفكار والإبداع، التي كانت سبباً بتوفيق الله وفضله في تطور وتقدم العلوم وإلى ما توصل الإنسان حديثاً من تقنية وتسخيرها في جميع المجالات التي تخدم الإنسانية والارتقاء بها.

 وإنني أرى أن القلم الذي كانت تعرفه الإنسانية من القدم سيظل محتفظاً بقيمته وأهميته على الرغم من ظهور القلم  الإلكتروني الملحق بالأجهزة الالكترونية الحديثة التي تستخدم في جميع المجالات العلمية والثقافية والترفيهية، لأن القلم الالكتروني لا يؤدي جميع الوظائف التي يؤديها القلم التقليدي (الكتابة اليدوية) لأن من وجهة نظري بدون القلم في يد الإنسان لا يستطيع التفكير، هذا ما أراه شأني شأن غيري، ولنتذكر عندما كنا أطفالا كم نفرح ونبتهج كثيراً عندما ننتقل من وإلى الصفوف الدراسية العليا التي تسمح لنا فيها المعلمات باستخدام القلم الحبر بدلاً من القلم الرصاص، لأن ذلك ينطوي على معنى له دلالته في نفوس طفولتنا.

 صحيح أن التقنية الحديثة في مجالات الكتابة بتقنيتها المتجددة والمتطورة والمتسارعة باستمرار، وعلى وجه الخصوص أجهزة الهواتف المحمولة، والحواسب المحمولة (اللابتوب)  قد أثرت على استخدام القلم التقليدي، لاسيما بين الأجيال الحديثة وصغار السن. وهذا قد أثر بالتالي على عملية صناعة القلم، في بعض الدول، فقد أشارت بعض التقارير المتخصصة منها على سبيل المثال التقرير الذي نشره معهد (يورومونيتور) حيث جاء به أنه منذ عام 2012م بدأ الانخفاض في مبيعات الأقلام في معظم الدول الغربية، وفي دراسة على عينة من 2000 شخص قامت بها شركة (دوكمايل) في عام 2014م بتكليف من المملكة المتحدة، أفاد حوالي 33% من هذه العينة بأنهم لم يستخدموا القلم بتاتًا خلال ستة أشهر التي سبقت إجراء الدراسة، كما أفاد 41% منهم بأن استخدامهم للقلم قد قل.

 هذا ما جاء عن القلم في بعض الدول الأوربية،  أما في الدول العربية فلم أتوصل إلى دراسات شبيهه بهذا الخصوص.

والسؤال الذي يطرح نفسه هل نحن في المملكة العربية السعودية ستؤثر التقنية سلباً على مستقبل الكتابة اليدوية؟

إن أهل القلم وعشاقه، لاسيما من كبار السن الذين أنتمي لهم يتشبثون بالأمل في أن يظل القلم التقليدي صامداً أمام تحديات التقنية الحديثة المتجددة، ويعزز تفاؤلهم هذا دراسات علمية توصلت إلى أن تدريب الطلبة على مهارات الخط اليدوي يترتب عليه تنشيط وتحفيز ملحوظ لأذهانهم وذاكراتهم.

ففي مقال كتبته (ماريا كونيكوما) في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية ذكرت فيه أدلة توصل إليها بعض علماء النفس والأعصاب تشير إلى العلاقة العميقة بين الكتابة باليد والتطور التعليمي الواسع، فتعلم الأطفال الكتابة بأيديهم أولا، لا يعلمهم كيفية القراءة بسرعة أكبر فحسب بل يجعلهم أكثر قدرة على توليد الأفكار والاحتفاظ بالمعلومات.

كما ذكر أيضا العالم النفسي ستانيسلاس ديهان: “عندما نكتب تنشط آليا دائرة عصبية فريدة” مشيراً إلى وجود تميز جوهري للحركة في الكلمة المكتوبة وهو ما يتم بواسطة المحاكاة الذهنية في العقل، وأقول هنا: سبحان الله خلق فسوى وقدر فهدى، أما عن نفسي فإنني مع محبي القلم ومناصريه، ومع من يرددون مع الشاعر أبى الفتح البستي:

كفى قلم الكتاب مجداً ورفعةً...مدى الدهر أن الله أقسم بالقلم.

*الكتابة بالقلم نشاط للذاكرة وتنمية للقدرات الذهنية

ويوضح الأكاديمي والباحث أ. د. خالد آل هميل دواعي ذلك التمجيد والتشريف للقلم بقوله: إنه رسول المعارف والعلوم والمنبع الأول للفلسفة والإبداع والتواصل الإنساني وأهم أداة  لتدوين وتطوير المعارف نحو الحضارة.
و صولاً إلى التقنية الحديثة، هو القلم الذي خلد الله ذكره في القرآن في معرض الثناء على المعرفة ” علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم”   كتب الإنسان بهذه الآلة العظيمة أفكاره البكر على ألواح الطين وأوراق البردي والجلود
قبل آلاف السنين فالقلم أصل أدوات المعرفة  وترميز اللغة وقراءة الفكر وترجمة العلوم والآداب والهندسة والطب والرياضيات والفنون والقوانين وعلم الجمال، وتمريرها بين الأجيال عبر القرون، في كل الثقافات الإنسانية ذات الطابع الحضاري،  
خصوصاً في الحضارة العربية والإسلامية التي تبوأ القلم فيها القدح المعلى في التدوين والترجمة والحساب. .

وتفنن العرب في تجويد الكتابة  بالقلم  وتطبيقاتها المختلفة  في التدوين مدًا ورجعًا واستدارة وتزوية تسحر العيون وتخلب الألباب وتحفز القراء على الإبحار في  القراءة وتحصيل العلوم  وعن حاضر ومستقبل القلم في ظل الثورة التقنية يقول:
ككل أدوات المعرفة الأصيلة يضغط الانتشار الواسع للتقنية ومكننة الحياة على القلم ووظيفته الجوهرية في الثقافة والعلم من خلال  البدائل الرقمية الأكثر سهولة والأسرع انتشارًا  من النار في الهشيم فما بين زمن الطباعة على الآلة الكاتبة الميكانيكية العملية  
إلى اختراع لوحة المفاتيح  الكهربائية زمن ليس بالقليل   1868 – 1969  لكن الثورة المعلوماتية اليوم لا تتوقف في مجال إدخال البيانات فما أن استوعبت فكرة الماسحات الضوئية الحديثة حتى ظهرت تقنيات اللمس على الشاشة  Touch Screen
وبرامج تحويل الأصوات والإشارات إلى نصوص مكتوبة، ولا تزال البرمجة الرقمية ترفدنا كل يوم بتطبيقات جديدة أكثر سهولة من سابقتها لتعميق الرقمنة الضوئية أكثر وأكثر في حياتنا اليومية  على حساب القلم والورقة والكتاب.

والواقع لا أحد ينكر المنافع الجمَّة للتقنية الحديثة وجعلها أحياناً أكثر سهولة ودقة وتنظيمًا وسرعة وتقليلها  الضغط على  البيئة من حيث تقليص الاستخدام الزائد للورق و قطع مزيداً من أشجار الغابات، ولكن لا ينبغي أبدًا أن تهدد وظيفة الكتابة بالقلم لأسباب كثيرة جدًا
أولًا: يمكن التغلب على المشكلة البيئية بإعادة تدوير الورق وتجربة الشركة السعودية لإعادة تدوير الورق (SRC)ماثلة للعيان.

ثانيا: ابتعاد بناتنا وأبنائنا عن الكتابة بالقلم  على الورق والاعتماد كثيرًا على الكتابة الإلكترونية في العالم الافتراضي يؤدي  مع الوقت إلى ضعف جودة الخط وتردي الكتابة وتزايد الأغلاط الإملائية كلما زاد الاعتماد على التدقيق التلقائي وإهمال الكتابة اليدوية  بالقلم  
التي تصبح ضرورة  مُلحة عند  انعدام الوسائط الإلكترونية، فيتحول البشر شيئاً فشيئاً إلى روبوتات والكتابة الحية إلى خوارزميات وأيقونات ورموز تعبيرية جامدة  و جافة لا حياة فيها ولا روح.
ثالثاً: مهارة الكتابة بالقلم مرتبطة بنشاط الذاكرة وتنمية القدرات الذهنية فقد توصلت دراسات علمية محكمة إلى أن تدوين الملاحظات يدويًا بالقلم يساعد في تطوير القدرة على الفهم ويرفع معدلات التركيز الذهني عند الصغار
وبالتالي يساعد على  سرعة  التعلم واكتساب المهارات اللغوية والذكاء الحركي، ليس هذا فحسب بل أظهرت دراسة تصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ أن الخط اليدوي ينشط منطقة  area 45   الموجودة في الجزء العلوى من القشرة الأمامية بالجهة اليسرى في المخ
و لا يحدث بها نفس النشاط أثناء الكتابة الإلكترونية، ونشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية تقريراً أثبت أن الكتابة بخط اليد تعتبر تمارين ذهنية جيدة للحفاظ على القوى الإدراكية لكبار السن  بسبب تشارك القدرات الحركية والذاكرة والموصلات العصبية في النشاط الكتابي.

إن ارتباط الفكر الإنساني بالقلم  ارتباط روحي عميق الجذور في النفس البشرية بل يشكل هوية افتراضية تكشف ثقافة الكاتب ومستواه التعليمي وذوقه الجمالي، يقول الطبيب النفسي الروسي ميخائيل فينوغرادوف لوكالة «سبوتنيك الروسية
«إن الكتابة اليدوية يمكن أن تخبر بكل شيء عن الشخص  حتى إذا حاول تغيير خط اليد فإن أساسيات الكتابة اليدوية تبقى كماهي ويلاحظها الخبراء جيداً.

ولا تقف أهمية القلم والكتابة التقليدية على الأوراق عند هذا الحد فالمعلومات والبيانات في العوالم الافتراضية أكثر عرضة للتلف والفقدان إما لأخطاء فنية بسيطة في التخزين والمعالجة أو بسبب تزايد الهجمات والاختراقات السيبرانية والجرائم المعلوماتية.
فلا ينبغي التخلي عن القلم والورقة والركون كليًا على التقنية  الافتراضية كما لا يجوز  تهميش التقنية وعدم الاستفادة من تدفق المعلومات بل يتوجب المزج بين الحسنيين وكلاهما يكمل الآخر مع التركيز على الكتابة التقليدية  في المراحل الابتدائية والمتوسطة
فهي أساس  المعارف وحتى يتم  تنمية العلاقة بين الطالب والقلم لتصبح ذوقًا جماليًا وإبداعيًا ولا تعارض بينهما  فاكتساب مهارة الكتابة وتحسين الخط إنما يكون في السنوات الأولى من التحصيل العلمي يتوجب التركيز عليها  
ثم يبحر الطالب بعد ذلك في عوالم التقنية اللامتناهية ما شاء أن يبحر ستبقى الكتابة بالقلم هويته التي ينطلق منها.

في عام 1440 تمكن عامل حدادة مغمور يدعى يوهان غوتنبرغ من تطوير آلة الطباعة التي أحدثت ثورة حقيقية في المعارف الإنسانية ومنذ ذلك التاريخ والناس ينعون مستقبل القلم  حتى أن العثمانيين حرموا إدخال الآلة الطابعة إلى العالم الإسلامي
بذريعة أن الأحبار التي كانت تستخدم نجسة ولا يجوز طباعة القرآن الكريم واللغة العربية بتلك المواد وأن الطباعة تخالف قول الله تعالى (وليكتب بينهم كاتب بالعدل) ثم تبين أن كل تلك الحجج كانت واهية و ظل القلم صامدًا طوال هذه الفترة، 
وفي عام 2011  أعلنت شركة “غودريج آند بويس” الهندية  التي كانت تملك آخر مصنع في العالم لإنتاج الآلة الكاتبة أنها أقفلت أبواب المصنع نهائيا وتوقفت عن الإنتاج تمامًا بعد أن وصل الطلب عليها إلى الصفر عام 2009
وإقبال الناس على الحواسيب ولوحات المفاتيح والطباعة الكهربائية الحديثة، طوال هذه الفترة والقلم مازال متربعاً ذروة سنام المعرفة والثقافة والعلم حتى غادرت الآلة الكاتبة مسرح  الحياة المعرفية بعد أن ملأت  الدنيا و شغلت الناس  
وذلك كان بسبب بقاء الطباعة وتقنياتها بعيداً عن المدارس والجامعات وطلابها أما اليوم وقد اقتحمت الوسائط الإلكترونية وتطبيقات التواصل الاجتماعي كل تفاصيل حياتنا اليومية في البيوت والمدارس والجامعات والمعاهد والعمل والمقاهي  والأسواق
حتى أن إحصاءً  قامت به شركة بيك الفرنسية  المعروفة بإنتاج أقلام ( بيك كيدس) في المملكة المتحدة شارك فيه مراهقون بريطانيون أظهر أن ثلثهم لم يستعمل الورقة والقلم ولم يكتب رسالة طوال حياته فبدأ الأمر مثيرًا للقلق للغاية  
فقد  آن الأوان للعمل الجاد على تعزيز مكانة القلم والخط دون التقليل من شأن هذه المعارف الحديثة، فهي سلسلة متصلة يعزز بعضها بعضاً.

وأمام التدفق المعلوماتي الهائل بدأت كثير من الدول تدرك أهمية الكتابة كأعرق مهارة إنسانية وتحتفي بيوم عالمي للكتابة بخط اليد وهو يوم 23 يناير من كل عام  وفي الولايات المتحدة  أصبح هناك  “اتحاد كتَّاب الرسائل” لتشجيع الناس على الكتابة التقليدية
بل أن بعض الكافيهات تقدم الورق والأقلام مجاناً للزبائن لتدوين رسائلهم وملاحظاتهم  ومثل هذه المبادرات يجب الاستفادة منها لتعزيز مكانة القلم من خلال ما يلي:

– إقامة المسابقات والجوائز لهذه المواهب فيتوجب تشجيع الطلاب على الكتابة والإبداع فيها وإقامة الندوات والدورات التدريبية بالتعاون مع وزارتي  التعليم والثقافة  في المدارس والجامعات فالكتابة اليدوية ثقافة وفن من أعرق المهارات الإنسانية العليا
التي يجب الحفاظ عليها كسلوك إنساني وليس كمجرد حرفة قديمة مهددة بالانقراض.
– تشجيع الدراسات والبحوث العلمية التي تقدم التوصيات التفصيلية  لتحقيق التوازن البناء بين الكتابة التقليدية بالقلم وبين التعليم الرقمي والتطبيقات الإلكترونية فكلاهما  على جانب من الأهمية لا ينبغي إغفاله  
– تشجيع الأطفال على الكتابة والرسم باستخدام الأقلام الملونة فالألوان تجذب انتباه الأطفال وإذا أحب الطفل القلم في الصغر ستصبح الكتابة سلوكًا يوميًا.
– تشجيع الشركات على الاستمرار في توزيع  المذكرات الداخلية والأقلام  كنوع من الهدايا الدعائية التي تشجع على الكتابة واستمرارها حية في نفوس الناس.

وفي المملكة العربية السعودية تولي الدولة القلم أهمية كبرى فالقرآن الكريم يتم كتابته في المدينة المنورة بالرسم العثماني بخط اليد وبأروع الطرق الإبداعية وأكثرها  أناقة و تنسيقاً وترتيباً  وزخرفة  جمالية رائعة، 
وتقيم المملكة حاليًا مسابقة لمبدعي وخطاطي العالم في كتابة مصحف المؤسس الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه – والتي يشارك فيها الخطاطون من كافة أصقاع العالم
لإبراز إبداعات خطاطي العصر الحديث في كتابة المصحف الشَّريف واكتشاف ذوي الملكات العالميَّة في الخط  والاستفادة من مواهبهم في خدمة القرآن الكريم  وهو ما يؤكد حرص الدولة على دعم وتشجيع هذه المهارة الخالدة.

وكل هذا يعزز مكانة القلم ويعيد له اعتباره وللخط العربي الأنيق رونقه وسحره الأصيل.

*يبقى القلم أقرب لروح الكاتب

ويؤكد  الشاعر حسن اليوسف من سوريا على أهمية القلم وخاصة للكاتب بقوله لا شك أن التطور التقني والتكنولوجي أخذ حيزاً واسعاً في حياتنا اليومية وما نستعمله ونعتمد عليه في إدارة شؤوننا في شتى المجالات، والكتابة من أهم هذه المجالات؛ سواء بالنسبة الكتابة الإبداعية بالنسبة للأدباء والشعراء والكتّاب والمبدعين عموماً، أو الكتابة العادية إن صح التعبير وأقصد بها الكتابة في المخاطبات والمراسلات والمذكرات وغير ذلك. والاعتماد كان سابقاً محصوراً بالقلم وكانت له نكهته الخاصة، فمثلاً نذكر جيداً كيف كان للرسائل المكتوبة نكهة خاصة وكنا نقرأ الرسالة من أخ أو صديق بعيد عنا مرات عدة، ومع كل قراءة نجد لذة مختلفة وشغف آخر. الآن حلت التكنولوجيا محل كثير مما كنا نستعمله ومن ذلك القلم، فصار الكمبيوتر و الموبايل والكتابة الكيبوردية، لا شك أنها قد تكون أحياناً ملبية لحاجات السرعة، ولكن يبقى للقلم رونقه وألقه، فالتعاطي مع القلم بالنسبة لأي مبدع مثلاً ليس تعاطياً مادياً كأداة للكتابة فقط ؛بل هو تعاط ٍ روحي، بمعنى أن المبدع حينما تحتضن أصابعه القلم بدفء وحنان فإنه يحسه جزءً من جوارحه ويعطيه شيئاً من روحه فيكتب براحة واستمتاع. ورغم كل هذه الثورة التكنولوجية والقفزة التقنية الجامحة وما في كل ذلك من إيجابيات وإن كان فيه غير قليل من سلبيات، فإن القلم يبقى أقرب لروح الكاتب، وسيبقى محافظاً على هذه العلاقة الحميمية بينه وبين أي كاتب أو مبدع يدرك تلك الحالة التي تنتابه عندما يمسك القلم ويخط عبره أفكاره وحروفه.

وحريّ بالجهات الثقافية والتعليمية ومن يقوم عليها التركيز على أهمية القلم ودوره، وذلك من خلال تشجيع الجيل الناشئ على الالتزام باستعمال القلم في الكتابة والتقليل ما أمكن من استعمال الموبايل، وكذلك جعل بعض إن لم يكن كل الاختبارات مكتوبة بخط اليد إلا في حالات تستدعي الاعتماد على التقنية الحديثة، ونحن لا نقصد بذلك إهدار ما توصلت إليه الحضارة المعاصرة والتقنية الحديثة من أساليب وتقنيات توفر الوقت والجهد في الكتابة، لكن على الأقل نترك مجالاً وحيزاً كافياً للتركيز على القلم وأهمية الكتابة بواسطته، إنَّ هذا الجيل والأجيال القادمة أملنا الواعد، وهم بحاجة لأن نساعد  ونسهم في ترغيبهم بالكتابة بالقلم وذلك من خلال حثهم والحديث عن تلك الحالة الروحية والعلاقة الحميمية بين الكاتب والقلم وهنا أقصد بالكاتب أي أحد يمسك القلم ويبثه أفكاره ولواعجه ليخطها وتجري حروفه على أوراق خصبة تتوق لأن يجري فيها المداد تزهر فيها الكلمات. يجب أن نعلّم هذا الجيل والأجيال القادمة أنّ في الكتابة بالقلم إحساساً فريداً لا يمكن نيله وجني ثماره من خلال الكتابة الإلكترونية والكيبوردية، فتلك العلاقة بين القلم ومن يكتب به علاقة خاصة دافئة لا يدرك مدى متعتها ولذتها إلا من يكتب بالقلم ويجعله رفيقه الذي يلجأ إليه كلما أراد أن يعبِّر عن خلجاته وأحاسيسه وأفكاره.

*العالم يتغير  بفعل جرة قلم                

ويشيد القاص والروائي الجزائري رحو شرقي ببطولية القلم في الإبداع بقوله: سواء كان حجراً أو قصباً أو عوداً من شجر، فلولاه لظل الإنسان غائباً في بطون الجهل والظلمات.
هو ذاك الإعجاز والطرز في النقل ورحم العقل النائم والبيان في الإبداع، وأداة جمعت بين الأولين والمتأخرين فأوصلت شرائع المرسلين، ومازال يرسم لنا تاريخ العابرين وأقنومات الفكر ودرر المبدعين.
فاختار من صحبته الصفوة وأهل العلم والرؤى، ورفع من الناس المنحازين للصدق والحرية.. إلا أن هناك حقيقة لا ننكرها عن تراجع الكتابة بالقلم ولا نكفر أيضا صرح  الحضارة الذي بني على ظهره.
فلم تكن الحضارة حضارة إلا عندما تخطت زمن الشفهية وانتقلت إلى عصر الكتابة، والرفوف التي تحمل أرواح البشرية (الكتب) إلا بفضله، لذلك نستطيع القول أن القلم الذي صمم لوحة الأزرار،
هو الآن يتفرج ولا يمكنه أن يحتضر، يقول الخبير مارك سفير، هو أحد خبراء الكتابة اليدوية، إن كتابة عبارة “سأكون أكثر هدوءً، عشرون مرة على الأقل يوميا يمكن أن تجعلك أكثر هدوءً بالفعل
خاصة لأولئك الذين يعانون مشاكل التركيز والقلق، ويعود الدماغ على التدريب” في أحد الأيام قال لي أحد الأساتذة الأصدقاء، لابد أن تعيد أي كتابة بالقلم، لكنه لم يفصح لي عن فوائدها، إلا بعدما لامستها..
فدعوته الضمنية، هي الإيمان والتعلق بفعل الكتابة بالقلم، والعودة لأصل الأشياء، لا أراها إلا حتمية تقتضيها الضرورة من الفوائد الجمة حسب دراسة خبير الكتابة مارك سفير.
فالقراءة الصحيحة لا تتم إلا من خلال الإدراك، وهذا الأخير لا يتأتى إلا بفعل التمرس في الكتابة بالقلم وتربية أبنائنا على فعل الكتابة بالقلم والتكريس، لتجاوز كل العقبات كالأخطاء وتعسر النطق وفوائد لا تُحصى..
فالله جل جلاله أقسم بالقلم وما يسطرون، وهذا دليل  إعجازي على عظمة القلم.. وقال يوماً شاعرنا أحمد مطر:

جسّ الطبيب خافقي وقال لي:

هل ها هُنا الألَمْ؟

 قُلتُ له: نعَمْ

فَشقَّ بالمِشرَطِ جيبَ معطَفي!

   وأخرَجَ القَلَمْ
         **  
هَزَّ الطّبيبُ رأسَهُ،  ومالَ وابتَسمْ
       وَقالَ لي:
ليسَ سوى قَلَـــمْ
فقُلتُ: لا يا سَيّدي
هذا يَدٌ … وَفَمْ
رَصاصةٌ … وَدَمْ
وَتُهمةٌ سافِرةٌ  تَمشي بِلا قَدَمْ.

و في الختام، نقر تراجعه بفعل التكنولوجيا، إلا أننا لا ننسى أن العالم يتغير من حولنا بفعل جرة قلم.        

*القلم حالة مقدسة                          

 

في حين أدلى الكاتب محمد علي الشيخ برأيه قائلاً: يبدو أن النهايات عصية على الإغلاق؛ فبقيت مشرعة على كل الاحتمالات. قيل أن التلفزيون خاتمة الصورة، ولم تعد للسينما صدارة المشاهدة واحتكار الناقل الوحيد؛ فحضر التلفزيون، ولم تغب السينما. وتكرست ثقافة الصورة رغم كل الحبر الذي انسكب على سقف التوقعات. وأعلنوا موت المثقف عندما تعددت قراءات النص من داخله / خارج الكاتب، وعندما تزاحمت وسائل الاتصال على رصد الحدثونقله صوتاً وصورة؛ فأصبحنا بكبسة زر نكنس العالم من المحيط إلى المحيط !. وقصة القلم بدأت مع الطباعة والنقلة النوعية في الكتابة. بدأنا بهذه الحيلة الذكية لخلق سياقات من المفاهمة مع التقنية. وإن أردنا قولاً سخيناً فلا بد من المداورة وانتظار النتائج؛ فالقطع الحاد كالشفرة مرهون بإحصاءات وقياس ومتابعة لاستخلاص النسبة الغالبة. وحتى الآنزمن الناس هذامازال الكتاب والتقنية متجاورين، يتناصفان المحتوى، ولكل منهما اعتباره رغم الاختلالات في بعض المساقات الثقافية المتعلقة بالاهتمامات الوليدة. نقيم العلاقة بين الكتاب والتقنية بمعيار المنفعة المتحصلة على امتداد الاشتباك بينهما وتحرير وثيقة التكامل. فقد أسهمت التقنية إلى حد تجاوز كل التوقعات، وأطاح بمخاوف الذين أربكهم سطوة المتغير، أسهمت في تسهيل ونقل المعلومات وتسويقها، وتشكيل منظومة من المرجعيات المعرفية على صورة المخطوط والمطبوع، والمحفوظ في أوعية عابرة للقارات، وإن كانت التقنية صيغة بشرية؛ فإن القلم اكتسب رمزية خاصة واعتباراً كونه ورد في أكثر من آية في القرآن الكريم = العلق (٤ ) آل عمران ( ٤٤ ) لقمان ( ٢٧ ) القلم ( ١ ) ولا تقف دلالته على حواف القراءة والكتابة؛ بل كأداة تعريف للكاتب، القلم حالة مقدسة، القلم ليس ذاكرة. وحالة الالتباس بين طرائق النشر التقليدية وناقلات المعرفة الحديثة: حالة وهمية؛ وكونها جدلية ومراوغة يتكئ على أنانية الفرد ونزعته للملكية الخاصة واستحضار وجوده كفاعل مطلق. والخوف العالق بسقف ذاكرته من تبدل الأزمنة والأمكنة. 

*سيظل القلم في جيب الكاتب

ويؤيد الأديب عبدالواحد اليحيائي فكرة بقاء القلم رغم التحديات من خلال حديثة حيث قالبالتأكيد سيظل القلم ثابتاً في جيب الكاتب وربما سيكون ذلك بفضل مزاياه المتبقية له حتى الآن: رخص الثمن، وسهولة الاستخدام، وإمكانية الوصول السريع. لكن لعل السؤال هنا هل سيبقى القلم بصحبة الأديب المبدع مع وجود تقنية الكتابة عبر الأجهزة الحديثة والإنترنت؟ وهنا أيضاً أعتقد أنه سيبقى، لأن الغالب على وسائل التقنية الكتابية أن تكون تقنية توصيل للفكرة من مكان إلى آخر لا تقنية إبداع لهذه الفكرة، بمعنى أن القلم يبدع بداية ثم تقوم التقنية بتسهيل الكتابة والتعديل ثم توصيلها إلى مكان آخرأما القلم بشكله المادي فلا مجال لعودة هيبته إلا بأمرين: تحسين الخطوط، وهو فن توشك التقنية أن تستولي عليه أيضاً، والأمر الآخر هو تشجيع النشء على استخدام القلم لتدوين الأفكار الأولى للإبداع بكل أشكاله الفني والكتابي وهو بلا شك دور منوط بالمدارس الإبتدائية والمتوسطة.

وسيكون القلم عامل جذب متى ارتقت الفنون باستخدامه، كما ترتقي الفنون اليدوية ويشهد لها بالابتكار والجودة وغلبة الحس الإنساني على العمل المكرر والمنسوخ بلا إبداع خاص.

التعليقات

  1. يقول رحو شرقي:

    تحية خاصة لكل القائمين على هذه الفنارة الإبداعية المتميزة ودعواتنا لها بالنجاح والتوفيق والسداد.

  2. ✍🏻 الحمد لله الذي خلق الإنسان ، وعلمه البيان ، وفضله على جميع الحيوان ، بنطق اللسان ، وخلق كل شيء فقدره تقديراً ، وجعله سميعاً بصيراً ، ثم هداه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً ، كور الليل على النهار ، وكور النهار على الليل ، وخلق الخلق أطوار ، وجعل الثقلين فريقين ، فله الحكم والتدبير ، فريق في الجنة وفريق في السعير .
    فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون ، وأما الذين شقوا فمأواهم النار جزاء بما كانوا يعملون .
    أحمده حمدًا يُوافي نِعَمه ، وأسأله المزيد مِن رفده؛ ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾، ثمَّ الصَّلاة والسَّلام على سيدنا محمَّد، وعلى آله وصحبه وسلم: مَا قَالَ لا قَطُّ إِلَّا فِي تَشَهُّدِهِ لَوْلا التَّشَهُّدُ كَانَتْ لاؤُهُ نَعَمُ .

    📍أما بعد :
    أحمدُ إليكَم الله الذي لا إله إلا هو أن منّ عليكم بفضله وكرمه فيما مضى وفيما هو آتٍ ، فأنتم من على هذا المنبر الأدبي تشحذون الهمم لتغذية العقول .

    📍أيا مشكاة الأدب !!
    سُلُوا أَقْلَاَمَ الْمُقَاوَمَةِ وَطَرَّزُوا أَوْقَاتَنَا بِفِعْلِ الْجَمِيلِ الْمُسْتَحِيلِ، فَلَنْ نَرْضَى إِلَّا الْفِعْلَ الْإِعْجَازِيَّ خَلِيلًا يُلَازِمَنَا، وَكَلِيمًا لِكَلِّ نَبْضَاتِنَا فلا أجمل من هذا الأدب؟
    لا أجمل من مُشكاة الأدب المقاوم وفحواه ومحتواه؟ وعظمته؟
    📍إن ما نعانيه من صور سوداوية متراكمة رسمها التخاذل ، لن يثني حملة الأقلام !! فما زال القلم شامخًا ، حتى وإن كُسر أو بُري ، فإنه ينزف ليغذينا ويطمس كل ما نجهل !!
    📍ها أنتم تكتبون بحبر الانتماء، تكتبون بلغة المقاومة أدباً فيعبر بنا عبر صفحات التقنية ، لتثبتوا بأن التقنية لم تُعرف إلاّ من خلال القلم !!

    📍القلم شريف مطيع .
    ‏”فروضوه بتدوين الخير وألزموه لله الطاعة ،ينفعكم الترويض والتدوين إلى قيام الساعة”
    📍من جلالة القلم “أنه لم يكتب لله تعالى كتاب قط إلا به”
    📍روى الإمام الذهبي -رحمه الله- : ،عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : «خلق الله أربعة أشياء بيده ؛ العرش ، والقلم ، وآدم ، وجنة عدن ، ثم قال لسائر الخلق : كن فكان»
    ‏📚 تفسير ابن جابر (23/185)، الدارمي في رد على المريسي (ص90)، الأسماء والصفات للبيهقي (ص233)

    📍أختي ومعلمتي الباسقة ، من ضمن تشجيعها لي أطال الله في عمرها على طاعته بعد قراءتها موضوع متواضع قد حملت همه ، قالت : (هُنا جرة قلم قد توقظ الحواس ، وتضاعف عددها ليفوق السته ، ويُصبح كل رقم صحيحاً قائم بذاته
    “علم بالقلم”
    وهذا القلم هامة شامخة ، ذُكر فعلى كعبه ، وحصد تحت صريرة ، مسيرات ، وتساؤلات ، وتأملات ، وعلوم وحضارات ، وحتى ندم وبكائيات) إنتهى

    📍ولم ينتهي تعلقي بالقلم ، فما يزال للكلمة أثر كبير في تحديد إتجاهات الرأي العام بإتجاه أهداف وغايات محددة ، وقد عدّ البعض حرب الكلمة من أشد وظائف أجهزة الإعلام ضراوة وعنفاً ، والانكسار والانهزامية لا تليق بالكاتب المخلص !!

    📍سأختم بقصة من واقع حياتي ولعلي أعود لاحقاً برسالة أديب لها أثر عظيم في نفسي .

    ‏‎✍🏻 : ما بين كسرة خبز صغيرة ذهاباً وكسرة قلم !!
    في يوم من أيام عمري قد مضى ، كنتُ أسير بجوار والدي رحمه الله ، لأداء صلاة العصر ، فوقعت عيني على كسرة خبز صغيرة على الأرض ، انحنيت فرفعتها إليّ وقبلتها ثم وضعتها في مكان مرتفع ، وحديث النفس “ما أعظم الطير في توكلها” ، وفي طريق عودتنا بعد الصلاة تجاوزت كسرة قلم رصاص على الأرض دون مبالاة ، كنت حينها في المرحلة المتوسطة ، فلم أكمل خطوتي الأولى بعد تجاوزه ، وإذ بصفعة من كفٍ كريمةٍ بقصد التأديب ، تعيدني لما غفلت عنه لعلي أفيق !! لتكون أعظم صفعة في حياتي !!
    من كريمٍ أُمِّيَّ .. بالنفس والأخلاق أَبيّ !! ، مَا قَرَأَ قَطُّ وَلَمْ يَكْتُبَ ولكنه لم يكن جاهلاً .!
    📍فقال : يا بني !! كما عظمت كسرة الخبز برفعها ، حقٌ عليك أن تعظم مخلوقاً سبقك ، خط الله به حياتك ومماتك !!
    📍ومنذ ذلك الحين إلى يومنا هذا بفضل الله ، ما وقعت عيني على قلم رمي على الأرض مهما كان حجمه ومدى ضرره إلا رفعته وقبلته وحمدت الله ووضعته في جيبي تعظيماً -لله وحده- ثم إكراما لرفيقٍ أحبه وأجله وسوف تشهد كل قطرة نزفت من أعماق قلبي سطرها بالحبر حرفاً على قرطاسي ، شئت أم أبيّت .

    📍أسأل الله – تعالى – أن يَرزُقنا وإيَّاكم الإخلاصَ في القول والعمل، وأن يَرزُقنا العلم والعمل، اللهم علِّمنا ما يَنفَعنا، وانفَعنا بما علَّمتنا يا عليم. ‏اللهم أنت أعلم بي مني ، أكرم أبي بالفردوس الأعلى وارحمه برحمتك يا ذا الجلال والإكرام .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود