253
0301
0469
0263
0405
086
0369
0210
0128
0150
0182
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11769
04707
04351
174206
03831
0*المكياج المتكرر يصنع لك قصيدة مغايرة
*بعد 20 موسما من النجاح توقفنا لغياب الدعم المادي
*هناك (شعر) وهناك (كلام فاضي)
*أكره العنوان المباشر
*من يريد الوصول لعامة الناس عليه أن يكتب مقالاً
حوار_شوق اللهيبي
وما هي الدُنيا سوى حروفٌ مبعثرة قررت أن تجتمع لتخلق معنى، كان الإنسان الأول شاعرياً وفنانًا حتى أنه رسمَ شكلاً من الفراغ، فدفعته رغبته للتواصل أن يجعل الشكل يتطور ليصبح حرفاً، ثم جاءت عاطفته المنسابة، فدفعت الحرف ليصبح قصيدةً وأغنية وأهزوجة ودعاء، حتى أصبحت الحروف تلتفُ حول أضلاعنا غناءً و بكاءَ، و أحياناً خريطة مسكوبة على الورق نبحثُ فيها عن وجهه نلوذ لها بالفرار، فكم من مرةٍ سافرنا مع الشعراء إلى وجهات نعرفها و لا نعرفها، نشاهدُ فيها أعين وأرواح لم نألفها.
فنحب معهم ونشتاق ونتوق ونعيش عذابات كثيرة، وبداياتٌ مثيرة، نحن للشعراء رفقاء سفر غير مرئيين بكينا معهم كثيراً و آزرناهم وربتنا على الأوراق، نصفقُ و نقشَعرُّ ونبلعُ الغصة وأحياناً نصرخُ مُنتشين في نهاية القصيدة.
اليوم نسافرُ مع شاعرٍ مُختلف في رحلةٍ قصيرة نحاول فيها استيعاب تلك الشاعرية وكيف أن يكون مصدرها رجلٌ واحد فقط.
شاعرنا هو الشاعر الكويتي دخيل الخليفة، شاعر وصحفي كويتي، وهو أحد مؤسسي “دار مسارات للنشر والتوزيع” في دولة الكويت.
صدر له العديد من الدواوين الشعرية، منها: “عيون على بوابة المنفى”، و”بحر يجلس القرفصاء”، و”صحراء تخرج من فضاء القميص”، و “يد مقطوعة تطرق الباب”، و “صاعداً إلى أسفل البئر”، و”أعيدوا النظر في تلك المقبرة”.
شغل منصب مدير تحرير “موقع آراء الإلكتروني” بين 2012 و2014، وعمل في القسم الثقافي لـ”مجلة العرب الكويتية”، ومحرراً في قسم الأخبار ومعداً للبرامج في “قناة الكوت الفضائية” بين 2007 و2010.
كما عمل محرراً في كل من “صحيفة السياسة” عام 1996، و”جريدة الأنباء” عام 2000، و”جريدة الوسط”، وسكرتيراً لتحرير كل من “مجلة المجالس الكويتية” عام 1999، و”صحيفة أوان” بين 2007 و2010.
شارك في العديد من الملتقيات والأمسيات الشعرية في مصر والسعودية وسلطنة عمان والبحرين والإمارات.
* أمارس الهرولة بحثاً عن المتعة والتفوق
– لماذا يكتب دخيل الخليفة؟ هل يكتب بحثاً عن الخلود من خلال الورق؟ أم يتطلع إلى منفذ يهرب إليه من الواقع، أم هي مجرد طريقة تعبير تشعره بطريقة ما “بالحياة”؟
في كل ما سبق يمكنني أن أمارس الهرولة بحثاً عن المتعة والتفوق، عن حياة مغايرة أوازن فيها بين عوالمي الداخلية وتلك الخارجية التي تحيط بي. الشعر صراخ وسط هذه الصحراء الشاسعة لتتشكل الأنا من هموم الآخرين، أن تهدم العالم وتعيد تشكيله بطريقة مثالية تكتشف فيما بعد أنها جنة، ولو كانت جنة مؤقتة لا أمارس الكتابة بحثاً عن حدث مباشر، لكنني أعجن أي حدث بكيمياء الذات، لينتج شعراً طازجاً يحمل خصوصيته بين أحرفه.
*الطفولة هي النبع الذي نغترف منه القصيدة
– قول أحلام مستغانمي (ثمّة شيء حدث في طفولتك، ودون أن تعي ذلك، كل شيء سيدور حوله، إلى آخر لحظة من حياتك) في طفولتك، ما الحدث الفيصل الذي ساهم في تغييرك من دخيل العادي الى دخيل الشاعر؟
الطفولة هي النبع الذي نغترف منه القصيدة البكر، وهي الذاكرة التي تمدنا بالكثير من الصور البريئة، لكنها ليست كل شيء فيما بعد
اليتم المبكر، وحالة الفقر الشديد، والبحث عن التفوق، والعزلة المبكرة، أشياء منحتني طاقة الكتابة التي اكتشفت بها عوالمي الخاصة التي تجعلني أعيش حياة مختلفة على الورق، تعطيني دافعاً لحياة أجمل بين أصدقائي الذين يسكنون قصوراً عالية في وقت أنهيت طفولتي ومراهقتي في بيوت من الخشب، لا أجرب فيها لذة الحياة الحديثة.
*أكره العنوان المباشر
– لاحظت أن عناوين كُتبك ليست مبتذلة أو اعتيادية، بل غريبة وجاذبة مثل عنوان كتابك ” بحر يجلس القرفصاء” كيف تختار العناوين وهل تتعمد الخروج عن المألوف؟!
كل كتابة إبداعية هي خروج عن المألوف، والعنوان في الشعر الحديث أراه مكملاً للمضمون وليس شارحاً له بشكل مباشر؛ وغالباً ما أتأخر كثيراً بحثاً عن عنوان مختلف ومناسب، يضيف بعداً آخر للنصوص، وأحياناً أضع ثلاثة عناوين ثم أفاضل بينها أو أعرضها على أصدقائي لأطمئن لاختيار المناسب منها. أكره العنوان المباشر، كما أكره العنوان الذي يشبه عناوين الروايات، من كلمتين هما مضاف ومضاف إليه. كل ما تكتبه بين الصفحات أو العنوان يمثل ذاتك الشاعرة، لذا يجب أن يكون مختلفاً.
*المكياج المتكرر يصنع لك قصيدة مغايرة
– هل تبحث القصيدة الجيدة عن شاعرها، أم أن الشاعر الجيد يبحث عن قصيدة جيدة ويكتبها؟
القصيدة اقتناص حالة، والمهم هو كيفية جعلها حالة إبداعية عابرة للزمان والمكان، والمؤكد أن الشاعر هو الذي ينجو بقصيدته من الفخاخ والحواجز؛ لا يمكن لقصيدة أن تسحبك وفقاً لدفقتها الأولى، فهناك إعادة كتابة ومكياج متكرر، لتصبح قصيدة مغايرة.
– لماذا نرى أغلب القصائد المغناة اليوم لا تغادر فكرة “الحب” و “لوعة الفراق” وكأن المشاعر فقط محصورة بقصص الحب والغزل، برأيك هل القصور بذائقة المستمع أم في قريحة الشاعر؟!
هناك قصائد مغناة ـ سواءً كانت فصحى أو عاميةـ خرجت عن العاطفة، وتغنت بحب الأرض، والمعارك مع العدو والمستعمر، وهي وليدة لحظتها وقضاياها الوطنية.. ولا يمكن أن نتجاهل تجربة الفنان مارسيل خليفة وتجربة الرحابنة أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، لكن السائد طبعاً هو الأغاني العاطفية، بحثاً عن تحريك جمرة الشوق في أرواح العشاق بأعمارهم كافة، وهذا تحكّم به تاريخ الموروث الغنائي في العالم.
– البيئة تؤثر كثيراً في أسلوب الشاعر وتشبيهاته وطريقة نسجه للصور الجمالية في القصائد، إلى أي مدى أثّرت الكويت في كتابات الشاعر والكاتب دخيل الخليفة؟!
أنا ابن بيئة فقيرة، كنت أنام في حوش البيت الخشبي، أخشى الأشباح، وأعد النجوم وأشكل منها مثلثات قبل أن أغفو في ظلام دامس، ذاكرتي صحراوية أكثر من كونها بحرية، لكن كل هذا الجفاف شكّل قاموسي الشعري وأثر في تجربتي وطريقة حياتي، مازلت أتذكّر أننا ندرس على ضوء الفوانيس، وحتى في شبابنا سكنّا في بيوت تشبه قبور الأغنياء على حد تعبير صحافي أميركي!
– بالنسبة لك كمبدع ومهتم، ما رأيك بالحراك الثقافي الخليجي؟ وهل يُنتج المبدعون الجُدد ما يليق بتاريخ المنطقة؟!
أغلب الأجيال الجديدة بدءاً من الجيل الثمانيني خرجت من معطف الأدب التقليدي وأسست لتيارات حداثية قادرة على تقديم الجديد والمختلف، سابقاً كان أشقاؤنا العرب يتعاملون معنا وفق نظرية (المركز والأطراف) ودون أن يقرأوا شيئاً كانوا يحكمون علينا بالفشل، وهم بالطبع لم يقرأوا إلا للتيار التقليدي الذي يقدمه الإعلام الرسمي المشهور بإنتاج (المثقف الموظف)، ثم انتبهوا لاحقاً إلى تيارات حداثية من أجيال مختلفة بدءًا من الثمانين، قدمت صورة مشرقة عن الأدب في منطقة الخليج.. حتى أن هناك تصريحاً لأدونيس يقول بما معناه: (انتبهوا.. الحداثة تخرج من الخليج)..،ولعل أشقاءنا العرب من الأجيال الجديدة يشاركوننا الكتابة الآن في مواقع التواصل ويعرفون كل مبدع، ويوجهون لنا الدعوات للمشاركة في أنشطة تقام ببلدانهم.
– هناك من يرى أنك وأبناء جيلك أنتجتم شعراً مختلفاً؟
في تحقيق بصحيفة القبس الكويتية، قال الشاعر د. خليفة الوقيان: (إن الجيل التسعيني هو الوحيد الذي يمارس التجريب بجرأة).. وهذا القول صحيح، فنحن مؤمنون بالتجريب والبحث عن الجديد ولم نتكئ على التجربة المحلية التقليدية والفقيرة أيضاً، بل لجأنا إلى الانغماس في أهم التجارب الشعرية العربية والعالمية، وبالطبع لا أتحدث عن كل الجيل، فثمة تقليديون أيضاً، لكنني أشير إلى أصدقائي محمد النبهان وسعدية مفرح وعلي الفيلكاوي ونشمي مهنا وإبراهيم الخالدي وعالية شعيب وصلاح دبشة؛ وهناك أيضاً أصوات مهمة غادرت الساحة الشعرية لشعور بلا جدوى أو بحثاً عن لقمة العيش مثل أحمد سعد النبهان وسعد فرحان وفهد الرديني والراحل علي الصافي.. هؤلاء جميعاً كانوا زبدة الجيل التسعيني.
*بعد 20 موسمًا من النجاح توقفنا لغياب الدعم المادي
– ما الذي بقي من جيلكم؟ تجاربكم؟ أُلْفَتِكم المختلفة؟ ملتقى الثلاثاء الذي كان أول ملتقى خاصٍّ في الكويت وربما الخليج؟
جيلنا مازال يقود التجديد في المشهد الكويتي، وهو جزء من مشهد خليجي فعّال، على المستوى الشخصي أعتبر نفسي أحد المندمجين في المشهد السعودي تحديداً، فقد تأثرت بتجارب الجيل التسعيني السعودي وخصوصاً في قصيدة النثر. أما “ملتقى الثلاثاء الثقافي” الذي أسسناه في عام 1996م فقد كان محاولة لجمع المبدعين الكويتيين والعرب المقيمين لتجاوز مسألة الرقم المدني التي تتعامل بها المؤسسة الرسمية في دعواتها. وكان هذا الملتقى شعلة نشاط،، ووجه دعوات عدة لأدباء من دول الخليج، لكن بعد 20 موسمًا ناجحاً توقفنا لغياب الدعم المادي.
*الورش وحدها لا تنتج المبدعين
– نظمت 5 ورش لكتابة النص الجديد، هل تؤمن بأن الورش تنتج أدباء؟
لست مؤمناً أن الورش لوحدها تنتج مبدعين، لكنها تركّز على الموهوبين، لتختصر عليهم الوقت والتجربة في تقديم نصائح وأساليب لا يعرفونها هي خلاصة تجارب كُتاب كبار.. وفي الورش الخمس التي أقمتها استطعت أن أطوّر أساليب بعض الشعراء الشباب، وهاهم يكتبون بشكل جميل في الساحة الكويتية.
– مع تصاعد الفن الشعري والتركيز على الجديد، مازالت أزمة الشكل الشعري مستمرة؟ كيف تراها؟ العمودي/ قصيدة التفعيلة/ قصيدة النثر؟
أقل الناس قدرة على الكتابة ومعرفة أسرار الشعر من يركزون على الشكل دون المضمون، ويؤمنون أن الشكل التقليدي الموروث وحده هو الذي ينتج شعراً، هكذا (قناعة نهائية) تقتل رغبة الشاعر في التجديد كون الشكل إطاراً أو جسداً للنص، بينما الشعر (روح).. في كل الأشكال هناك (شعر) وهناك (كلام فاضي).. إذن الجملة الشعرية هي ما نبحث عنه.
الأشكال الثلاثة ابتكرها الإنسان فلماذا نرفض الجديد؟ في النص الكلاسيكي الموروث هناك شكل ثابت نعبئه بكلام يخضع للتعديل من أجل الوزن والقافية وإن لم يحمل عنصر (الإضافة) فإنه يجتر ما سبق. بينما في قصيدتَي التفعيلة والنثر يُبنى الشكل لحظة كتابة النص ولا يؤثر في رغبتك المتصاعدة في كتابة نص مغاير. لكن المسؤول عن أزمة الشكل هو المناهج التعليمية التي بقيت تنظّر للشكل التقليدي دون غيره.
*من يريد الوصول لعامة الناس عليه أن يكتب مقالاً
– لكن هناك من يرى أنه يكتب للناس، وبالتالي يريد لغة مباشرة؟
اللغة المباشرة لا تنتج حالة إبداعية، ولو عدنا لبعض الآراء القديمة سنتذكر قول البحتري: (الشعر لمحٌ تكفي إشارته) لأن الرمز هنا يحمل طاقة قادرة على العبور بالنص إلى أوجه ومساحات عدة.. والشعر فن النخبة وروح اللغة ونهرها المتجدد؛ ومن يريد الوصول لعامة الناس عليه أن يكتب مقالاً.. ويمكن أن يكون مقالاً موزونًا أيضاً!
– النهضة، الحداثة، ما بعد الحداثة، كلها مشاريع لامست قشرة الواقع العربي/ الإسلامي الذي تنتمي إليه فكرًا وثقافة ولغة… ما جدواها؟ أين أثرها بعد 150 عامًا على انطلاق فكرة التحديث؟ دول كثيرة في شرق آسيا وأميركا اللاتينية بدأت لحظتها تلك بعدنا بزمن، لكنها اليوم تتقدمنا بسنوات ضوئية! أين المشكلة وما الحل؟
كمجتمعات عربية نحن خارج نطاق الحداثة الحقيقية باعتبارها تجربة مجتمع حي، يعيشها بشكلها المدني وما تحمله من حريات مختلفة وتطور صناعي عظيم، نحن نفتقد للعمال العقليون ـ على رأي علي شريعتي ـ كالفلاسفة والمبدعين، نحن نخضع لقوانين مجتمعية وتعليم متدنٍّ، لذلك نمارس (حداثة لغوية) اكتسبناها من القراءة، ولم نكتسبها من فعل مدني حر.. ما جعل الفاصل كبيراً بيننا وبين المتلقي الذي لم يمارس حداثة مجتمعية ولم يخضع لتعليم حديث.
– سمعت أن هناك عملين شعريين في الطريق؟
نعم صحيح، هناك مجموعة شعرية ستصدر أواخر هذا العام في (دار كلمات)ومجموعة أخرى تصدر في تكوين في منتصف العام المقبل.
التعليقات