183
0540
080
0223
0187
0118
0148
0167
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11769
04707
04351
174206
03817
0
(الجزء الثاني)
فلاديمير ناباكوف
ترجمة/ عهود محمد
كانا صامتين، خلال رحلتهما الطويلة إلى محطة قطار الأنفاق، لم يتبادلا ولا حتى كلمة. أخذت الزوجة تسترق النظر ليدي زوجها الهرمتين المرتعشتين حيث كان ممسكًا بمقبض مظلته، وترى العروق المنتفخة والجلد المرقط ببقع بنية اللون، وفي كل مرة كانت تحس بالدموع تتجمع في مقلتيها. أخذت تنظر حولها محاولة تحويل تركيزها نحو شيء آخر.. أي شيء.. كان ذلك حينما لاحظت شيئًا منحها صدمة خفيفة أشبه بصدمة ناعمة، مزيج من التعاطف والعجب. رأت أحد الركاب، فتاة ذات شعر بني وطلاء أظافر أحمر وضيع تبكي على كتف امرأة مسنة. كانت تشبه أحدًا ما، من كانت تشبه يا ترى؟ نعم، لقد كانت تشبه ريبيكا بوريسوفنا، تلك المرأة التي تزوجت ابنتها من أحد السلوفاكيين في مينسك، منذ سنوات.
آخر مرة حاول فيها ابنهما الانتحار، كانت طريقته غاية في الابتكار بحسب كلام الطبيب. أخبرهما أيضًا أن محاولته كانت ستكلل بالنجاح لو لم يتدخل أحد زملائه المرضى بدافع الحسد حيث ظن أن الفتى كان يحاول تعلم الطيران فأوقفه في الوقت المناسب. كل ما كان يريده الفتى فعلًا هو إحداث فجوة في عالمه كي يهرب من خلالها.
كان نظام أوهامه موضوع بحث مفصل في نشرة علمية شهرية، أعطاها لهما الطبيب في المصحة لقراءتها. لكن قبل ذلك بوقت طويل كانت هي وزوجها قد حاولا فهم الأمر بأنفسهم، والذي اتضح أنه يدعى “الهوس المرجعي” كما أطلق عليه المقال.
في هذه الحالة النادرة يتخيل المريض أن كل شيء يحدث من حوله ما هو إلا إشارة ضمنية الى وجوده وشخصيته. أنه يستثني الناس الحقيقيين من المؤامرة لأنه يعتبر نفسه أكثر ذكاء من بقية الناس. الطبيعة الفريدة تتبعه أينما ذهب. الغيوم المحدقة في السماء ترسل إلى بعضها البعض إشارات بطيئة تحمل معلومات دقيقة جداً عنه هو. حتى أن معظم أفكاره الداخلية تتم مناقشتها بحلول الظلام بلغة الإشارة عبر إيماءات الأشجار المظلمة. أما الحصى أو البقع، بل حتى أشعة الشمس، جميعهم يشكلون أشكالًا ترميزية تمثل بشكل مرعب رسائل يتوجب عليه اعتراضها.
كل شيء هو عبارة عن شفرة، وهو الموضوع الأساسي لكل شيء. في كل مكان حوله هناك جواسيس، بعضهم مجرد مراقبين مثل الأسطح الزجاجية والبرك الساكنة، وآخرون شهود مغرضون مثل المعاطف في واجهات المتاجر وكلهم قتلة في الصميم من النوع الذي يقوم بتنفيذ حكم الإعدام بدون محاكمة، أما البعض الآخر كالمياه الجارية والعواصف فهم هستيريون لدرجة الجنون، يملكون رأيًا مشوها عنه ويسيئون تأويل أفعاله بشكل رهيب. لذا، يجب أن يكون دائمًا على أهبة الاستعداد وأن يكرس كل لحظة من لحظات حياته لفك الشفرات والرموز في كل الأشياء. حتى الهواء الذي يتنفسه يقوم بفهرسته من ثم يضعه في ملف ويجنبه جانباً. سيكون الأمر أهون لو كان الاهتمام الذي يثيره محدودًا داخل محيطه المباشر، ولكن للأسف.. الأمر ليس كذلك! مع المسافة، سيول الفضيحة المتوحشة تزداد في الحجم والجريان. ظلال كريات دمه، متضخمةً ملايين المرات، ترفرف فوق السهول الفسيحة. بل أنه يذهب لمسافات أبعد وأبعد ليرى الجبال العظيمة ذات الصلابة والارتفاع الذي لا يطاق يقومون بتلخيص الحقيقة المطلقة لكيانه من خلال صخور الجرانيت وخشب أشجار التنوب المتأوهة
يتبع .
During the long ride to the subway station, she and her husband did not exchange a word, and every time she glanced at his old hands, clasped and twitching upon the handle of his umbrella, and saw their swollen veins and brown-spotted skin, she felt the mounting pressure of tears. As she looked around, trying to hook her mind onto something, it gave her a kind of soft shock, a mixture of compassion and wonder, to notice that one of the passengers—a girl with dark hair and grubby red toenails—was weeping on the shoulder of an older woman. Whom did that woman resemble? She resembled Rebecca Borisovna, whose daughter had married one of the Soloveichiks—in Minsk, years ago.
The last time the boy had tried to do it, his method had been, in the doctor’s words, a masterpiece of inventiveness; he would have succeeded had not an envious fellow-patient thought he was learning to fly and stopped him just in time. What he had really wanted to do was to tear a hole in his world and escape.
The system of his delusions had been the subject of an elaborate paper in a scientific monthly, which the doctor at the sanitarium had given to them to read. But long before that, she and her husband had puzzled it out for themselves. “Referential mania,” the article had called it. In these very rare cases, the patient imagines that everything happening around him is a veiled reference to his personality and existence. He excludes real people from the conspiracy, because he considers himself to be so much more intelligent than other men. Phenomenal nature shadows him wherever he goes. Clouds in the staring sky transmit to each other, by means of slow signs, incredibly detailed information regarding him. His in- most thoughts are discussed at nightfall, in manual alphabet, by darkly gesticulating trees. Pebbles or stains or sun flecks form patterns representing, in some awful way, messages that he must intercept.
التعليقات