مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

يردد كثير من المعلمين والمربين قول أبي العلاء المعري: وينشـأ ناشـئ الفتيـان مـنـ …

من نوادر الأدباء (6)

منذ 3 سنوات

347

0

يردد كثير من المعلمين والمربين قول أبي العلاء المعري:
وينشـأ ناشـئ الفتيـان مـنـا عـلى مـا كـان عـوده أبوه
لكنَّ كثيرا منهم لا يعرف الأبيات المتقدمة على هذا البيت، والتي تجعل منها قصة قصيرة، وهي:
مشـى الطاووس يوما باختيـال فقـلّد شـكـل مشـيتـــه بـنـوه
فقال: عـلام تختـالـون؟ قـالـوا: بــدأتَ بــه، ونحــن مقلِّــدوه
فخالفْ سيرك المعوج واعدل فــإنّـا إن عـدلـــت مـعـدِّلــوه
أمـا تـدري، أبانـا كـل فــرعٍ يجاري بـالخطى من أدبوه؟!
عُرف الشاعر صفي الدين الحلي بخمرياته كغيره من الشعراء في كل عصر، لكني حين قرأت أبياته التالية تذكرت قوله تعالى (أفمن زُيِّن له سوء عمله فرآه حسنا)، فالحلِّي لم يكتفِ بمدح الراحِ، أو الحث عليها، بل علّل تعلقه بها تعليلا معوجا، وهو أنها عرَّفته على الأصدقاء المخلصين والمزيفين:
أخــلَّان المــدام هجــرتمــوني لهجــري عــن قليــل للمـــدام
وأصبحَ من سمحتُ له بروحي يشــحُّ عــلــيَّ حتــی بالســلام
ولــم أك تائبــا عنــها ، ولكــن أردت بــأن أرى أهــل الذمـام
وأعرف من يصــاحبني لأمــر إذا مــا هــلَّ مَــلَّ مــع التمــام
فشــكرا للمــدامــة إذ أرتــنــي صديق الصدق من مذق الكلام
عرف كثير من الشعراء على مر العصور بفقرهم ووصفهم لحالهم، ومنهم هذا الشاعر الذي يعجب من حال الشعراء الذين لا ينتفعون بالبيوت التي يبنونها فيستأجرون، فيقول:
ولو كانت الأبيات تنفع شاعرا لما كان يبنيها ويسكن بالأجرة
وليس كل الشعراء شكاؤون من الفقر، فمنهم من يجاهد ليستر ذلك، فينخدع من لا يعلم حقيقته، وفي ذلك يقول أبو الفتح البستي:
وقد يلبس المرء خزَّ الثيا بِ ومن دونها حالة مُضنيةْ
كمن يكتســي خـدُّه حــمــرةً وعِلَّتُــه ورمٌ فــي الرِّيـةْ
والشاعر محمد بن سليمان عفيف التلمساني، يلقب بالشاب الظريف، وله من لقبه نصيب، ومات شابا في الثامنة والعشرين، يقول مضمنا مثلا معروفا:
يا من أطال التجني وقد أسا في التوخي
أسرفت تيها وعجبا و(كثرة الشد ترخي)
ومن الوزراء الذين اشتهروا في العصر العباسي بتوقيعاتهم الحسن بن سهل، إذ قدَّم له شاعر رقعة كتب فيها:
رأيت في النوم أني راكــب فرسًــا ولي وصيفٌ وفي كفِّي دنانير
فقــال قــوم لهــم حــذق ومعــرفة: رأيتَ خيــرًا وللأحــلام تعبير
رؤياك سِرْ في غد عند الأمير تجد تعبير ذاك وفي الفال التباشير
فجئــت مستبشرًا مستشعرًا فرحًــا وعند مثلك لي بالفعـل تيســير
فوقَّع في أسفل كتابه: “أضغاث أحلام، وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين”. لكنه أمر له بكل ما ذكره في أبياته، ورآه في منامه.
ومن طرائف الشاعر السوري صالح بن أحمد طه المتوفى سنة 1907 قوله:
وعالمة بالنحو قلت لها اْعربي: “حبيبي عليه الدهر كان قد اعتدى”
فقالت: “حبيبي” مبتدا بكلامــه فقلتُ لها: ضُــمِّيه إن كــان مبتــدا
وشهرت بلدان كثيرة على مر العصور بصفات خاصة بأهلها، وأظنها من جراء المنافسات بين تلك المواضع. وقد اشتهر أهل (مرو) بالبخل، ويروى عنهم أن (المروزي) – نسبة إلى مرو – يقول للزائر إذا أتاه، وللجليس إذا طال جلوسه: تغديتَ اليوم؟ فإن قال: نعم، قال: لولا أنك تغديت لغديتك بغداء طيب! وإن قال: لا، قال: لو كنت تغديت لسقيتك خمسة أقداح.
فلا يصير في يده على الوجهين كثير ولا قليل!
ومما يروى عن الحريري صاحب المقامات أنه كان ذا لحية طويلة، وقد تعود نتفها، فنهاه أمير البصرة عن ذلك وتوعده، فتكلم يوما بشيء أعجب الأمير، فقال: سلني ما شئت، قال: أقطعني لحيتي. فضحك، وقال: قد فعلت!.

 

*كاتب سعودي.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود