411
0426
0214
0254
0208
085
0358
0202
0128
0150
0182
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11769
04707
04351
174206
03829
0خلود عبد العزيز الحربي*
التطور سنة من سنن الله في الكون، واللغة باعتبارها- كالكائن الحي – عرضة لهذا التطور؛ “لأنها تحيا على ألسنة المتكلمين بها وهم من الأحياء، وهي لهذا تتطور وتتغير بفعل الزمن كما يتطور الكائن الحي ويتغير، وهي تخضع لما يخضع له الكائن الحي في نشأته ونموه وتطوره، وهي ظاهرة اجتماعية، تحيا في أحضان المجتمع، وتستمد كيانها منه، ومن عاداته وتقاليده، وسلوك أفراده، كما أنها تتطور بتطور هذا المجتمع، فترقى برقيه، وتنحط بانحطاطه”.
ونتحدث هنا عن “التطور الدلالي” الذي يلحق معنى الكلمة نفسه؛ إنه تغيير يطرأ على اللغة من ناحية دلالاتها ومعانيها، و تتلخص أهم مظاهر التطور الدلالي فيما يلي:
١-توسيع الدلالة وتعميمها
ويعني خروج اللفظ من المعنى المعجمي الخاص إلى معنى دلالي عام، مثل كلمة “الوِرد” بكسر الراء، والأصل فيه إتيان الماء، ثم اتسع ليعني إتيان كل شيء. ومن هذه الألفاظ:
السمسار: الذي يبيع البُرّ للناس، وهو أن يتوكل الرجل من الحاضرة للبادية فيبيع لهم ما يجلبونه، وأصبحت الكلمة اليوم تدل على الشخص الذي يعمل وسيطًا بين البائع والمشتري، وكذلك كل من يوفر للآخرين ما يريدون شراءه أو استئجاره من عقار أو سلع أو سيارات، وغير ذلك.
السفير: في اللغة الرسول والمصلح بين القوم، والجمع سفراء، وقد سفر بينهم يسفر سفرا وسِفارة وسَفارة: أصلح، وتعني الكلمة اليوم: الممثل السياسي لدولة في عاصمة دولة أخرى.
٢-تخصيص الدلالة أو تضييقها
وهو عكس الظاهرة السابقة؛ فإذا كان الاتساع يضيف معانٍ متعددة للمعنى الأصلي للكلمة فإن التخصيص يقلل من المعاني التي تدل عليها، فتضيق مساحة استعمالها، وتنتقل من العموم إلى الخصوص. ومن ذلك:
الحَدَائق: كانت تعني البستان الذي أحاط به حائط يحميه، ثم توسعوا فيها حتى أصبحت تشمل البستان، وإن كان بغير حائط، والواحدة حديقة، وإنما قيل لها ذلك؛ لأنه يبني حولها شيء يُحْدِقُ بها، أي يمنعها من دخول وحشٍ أو سارق، وقد خصّ القرآن الكريم النخـل بها، في قوله تعالى:(حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا).
الجالية: يقال استعمل فلان على الجالية، وهم أهل الذمة، وإنما لزمهم هذا الاسم؛ لأن النبي أجلى بعض اليهود من المدينة فسُمُّوا جالية للزوم الاسم لهم، حتى وإن كانوا مقيمين بالبلاد التي استوطنوها.
وقد تخصصت الدلالة- اليوم-فصارت الجالية تعني الجماعة من الناس التي تنتمي لجنسية أو بلد معين، وتقيم في غير بلادها.
الأسلوب: هو السطر من النخيل، وكل طريق ممتد فهو أسلوب، والأسلوب الطريق، والوجه، والمذهب، يقال: أنتم في أسلوب سوء، والجمع أساليب، والأسلوب بالضم: الفن، يقال: أخذ فلان في أساليب من القول أي أفانين منه، وصارت الكلمة تعني اليوم في الغالب: أسلوباً في الأدب؛ وهو الطريقة التي يسلكها الأديب، للتعبير عما يجول في ذهنه من أفكار ومعانٍ، وما يختلج في قلبه من مشاعر وأحاسيس، كذلك طريقة الكلام مع الآخرين، أو الطريقة في العمل.
٣-انتقال الدلالة
وهو أن ينتقل اللفظ من مجال استعماله الذي عُرِف فيه، إلى مجال آخر، ويشمل هذا المظهر نوعين من تطور الدلالة؛ أولهما: ما كان انتقال الدلالة فيه لعلاقة المشابهة، والثاني: ما كان انتقال الدلالة فيه لغير علاقة المشابهة. ومن ذلك: الوشيجة: أصلها “عروق الأشجار والأغصان المتشابكة”، وهي دلالة حسية ثم نقلت إلى دلالة معنوية وهي: “صلة الرحم”، فالوشائج جمع وشيج وهي: “اشتباك القرابة والتفافها”.
ثم اتسعت دلالتها فلم تعد خاصة بعلاقات الرحم، بل امتدت لتشمل علاقات الدول. ومنه أيضًا: إطلاق العين على الجاسوس، والرقبة على العبد المملوك، والكلمة على الجملة في أثناء قولنا: ألقى الرجل كلمة في الحفل.
*ناقدة وأكاديمية سعودية.
التعليقات