الأكثر مشاهدة

شاهيناز العقباوى* اعتاد منذ سنوات أن يجمع البالونات الملونة مع بعضها البعض، ويذه …

صانع البهجة

منذ سنتين

563

0

شاهيناز العقباوى*

اعتاد منذ سنوات أن يجمع البالونات الملونة مع بعضها البعض، ويذهب كل صباح إلى قريته الحبيبة، حيث ينتظره أطفالها من يقف منهم على ناصية الطريق وينتظره مطلا من شباك منزله، فعمنا صانع البهجة كما أطلق عليه الأطفال يتجول يوميًا بين شوارع القرية، ويبحث عن أطفالها الصغار، ويمنحهم بالونات جميلة بيضاء وصفراء وحمراء وزرقاء وخضراء فما إن يظهر بأحد الطرق إلا ويتحول في لمح البصر إلى حفلة من الألوان الجميلة يسعد بها الأطفال .
عندما ينتهى صانع البهجة من توزيع البالونات، يعود إلى منزله سعيدا، لأنه استطاع أن يرسم الابتسامة على وجوه أطفال قريته الصغيرة،  وفى أحد الأيام، وبعد أن خرج من باب منزله يحمل بالوناته الجميلة متوجها إلى قريته، سمع حديثًا يدور بين طفل وأمه:

_ هيا أسرع يا عزيزي لقد اشتقت إلى جدتك كثيرا، فمنذ سنوات طوال لم ألتق بها لأن قريتنا بعيدة عن منزلها، و تحتاج إلى سفر طويل ..

_ نعم يا أمي لا تقلقي سنصل في الموعد المحدد.

اقترب صانع البهجة من الطفل وأمه، واختار له عددًا من البالونات الجميلة ذات الألوان الزاهية وأعطاها له.نظر إليه الطفل بسعادة ، وشكر صانع البهجة بصوت مرتفع  قائلا :    

 _ شكرًا لك سيدى على صنيعك جزاك الله خيرا.

شعر صانع السعاة بفرحة غامرة، حيث لم يسبق له أن شكره أحد من أبناء قريته على صنيعه، كما أنه لم يطلب منهم ذلك، وقال وهو يتحدث إلى نفسه، بعد أن ترك الطفل وأمه وذهب:

_ يا له من إحساس رائع أن يشعرك الناس بقيمة ما قمت به حتى لوكان شيئًا بسيطًا،  غدا سوف أطلب من أطفال القرية أن ” يشكرون” ….
خرج صانع البهجة من منزله سعيدًا ممنيًا نفسه بيوم مختلف، لأنه سيحصل على الكثير من المدح والشكر من أطفال قريته التي ظل لسنوات يقدم لهم البهجة والسعادة. وما إن وصل اقترب منه أحد الأطفال، وعندما منحه إحدى البالونات طلب منه أن يشكره .. نظر إليه الطفل باستغراب شديد وقال:

_ أشكرك أنت لم تصنع شيئًا كبيرا تستحق الشكر عليه، كما أنك تقوم بهذا العمل منذ سنوات دون أن يطلب منك أحد.
حزن صانع البهجة كثيرا من الجواب الذى تلقاه من الطفل، خاصة أن كل أطفال القرية فعلوا مثله، ولم يقم أحد بشكره على حسن صنيعه، حتى إنهم قللوا من قيمة ما يقوم به، وأخبروه أنهم لم يطلبوا منه أن يفعل ذلك .
عاد صانع البهجة حزينًا إلى منزله، وقرر أنه لن يوزع البالونات على الأطفال مرة أخرى، لأنهم لم يقدروا ما يقوم به من عمل لإسعادهم .
وفى اليوم التالي انتظر أطفال القرية صانع البهجة، كما اعتادوا على ناصية شوارعهم وعند أبواب منازلهم ،لكنه لم يأت.

انتظروه كثيرا و لم يحضر تكرر الأمر عددا من الأيام..
تساءل الأطفال أين ذهب صانع البهجة ؟
وماذا حدث له هل هو مريض؟ .
أجابهم أحدهم :لا، بل هو حزين مما فعلناه معه لأننا لم نشكره على حسن صنيعه معنا، بل قللنا من قيمته ، كما أننا  لم نشعره بجمال ما يقوم به إلا بعد أن حرمنا منه .
اتفق الأطفال فيما بينهم على الاعتذار لصانع البهجة، وفكروا في حيلة جميلة لشكره، حيث جمعوا كل البالونات التي سبق وأهداها لهم وصنعوا منها بالونا كبيرًا جدا وكتبوا عليه لافتة ضخمة .
..شكرًا عمنا صانع البهجة أسعدتنا  كثيرا ..
ذهب كل أطفال القرية في صباح اليوم التالي، في نفس الموعد الذى اعتاد صانع البهجة أن يأتي إليهم به ليوزع عليهم البالونات، وطرقوا باب بيته وعندما خرج، صاحوا جميعًا بصوت عال:” شكرا عمنا صانع البهجة جزاك الله خيرا “
عندما سمع ذلك، ورأى هديتهم سعد كثيرا بمفاجأة الأطفال، لأنهم قدروا قيمة ما يقوم به ، وشكرهم على حسن صنيعهم .
وفى صباح اليوم التالي، قام صانع البهجة بتوزيع بالونات أكثر على أطفال القرية الذين حرصوا على أن يشكروه على حسن صنيعه.

كاتبة _ مصر
Shah_anp2000@yahoo.com

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود