352
1285
1491
1858
0708
0107
046
046
094
059
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11817
04749
04727
04540
04410
17
د. مصلح بن بركات المالكي*
كثر الجدل حول الشعر القديم، وهل هو قائم على وحدة البيت أم الوحدة العضوية؟ والحقيقة أن هذا الأمر أشبع بحثًا من قبل كثير من الدارسين والباحثين في مجالي الأدب والنقد، بدءاً من التسمية وانتهاءً بالفرق بينهما، فوحدة البيت أي: استقلاله بمعناه عمّا قبله وما بعده، أما الوحدة العضوية فلا يمكن استقلال البيت الشعري بمعناه عمّا قبله ولا ما بعده.
ومن أطلقوا تسمية وحدة الموضوع على الشعر القديم، فلربما لم يوفقوا في تلك التسمية لما عُرف عن القصيدة القديمة من تعدد موضوعاتها: من الوقوف على الاطلال، ووصف الرحلة، وانتقالاً إلى الغرض المقصود، لذا لا أرى بهذه التسمية لمخالفتها واقع القصيدة القديمة.
وانتهوا في التفريق بينهما إلى فريقين، الأول: يرى وحدة البيت هي القائمة، ولا يوجد وحدة عضوية في الشعر القديم، والآخر: يرى عكس ذلك. ولربما لكل فريق الحق فيما يقول في حضور الشواهد الشعرية التي يستشهد بها، إلا أن الجميع متفقٌ على وجود الوحدة سواءً أكانت وحدة بيت أم وحدة عضوية.
وبمطالعاتي لعدد من القصائد الشعرية لبعض الشعراء القدماء وجدت الوحدتين موجودة، ففي حالة فخر الشاعر بذاته أو قبيلته مثلاً تتجلى وحدة البيت، وكأن التفرد في كل شيء هدف الشاعر حتى في أبيات قصيدته، يقول المتنبي:
أَنا الَّذي نَظَرَ الأَعمَى إلى أَدَبي = وأَسمَعَتْ كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ
فهي من أكثر الأبيات الشعرية شهرة في الأدب العربي، إذ اعتزَّ فيها بذاته وبأشعاره، مصورًا ذلك الاعتزاز من خلال قوله: بأن أدبه عمَّ الآفاق حتى نظر إليه الأعمى فأصبح مبصرًا، وسمع كلماته الأصم فأضحى سميعًا. ولكن تلك الثقة الكبيرة بالنفس كانت هي السبب في مقتله على الرغم من قدرته الأدبية في الإتيان بالمعنى مصحوبًا بالدليل في الإيجاز والتجسيم والمبالغة.
وقبله الأعشى يهجو علقمة بن علاثة، بقوله:
تَبيتونَ في المَشتى مِلاءً بُطونُكُم = وَجاراتُكُم جَوعى يَبِتنَ خَمائِصا
فالبيت من أقوى أبيات العرب في الهجاء، إذ يصف قوم علقمه بأنهم يبيتون ليل الشتاء في الدفء وبطونهم ممتلئة من الطعام بينما جاراتهم من النساء يبتن جائعات حتى صرنا نحيفات، فلا كرم عندهم، ولا أخلاق؛ لأنهم يعاودون الفعل دون خجل ولا مروءة؛ ولأنهم لا يشفقون على النساء، حتى قالوا: إن علقمة بكى عند سماع هذا البيت وقال: قاتله الله (يقصد الأعشى) أنحن كذلك ؟!!
كما نجد الوحدة العضوية في قصيدة الشنفري الشهيرة:
وَطاوي ثَلاثٍ عاصِبِ البَطنِ مُرمِلٍ = بِتيهاءَ لَم يَعرِف بِها ساكِنٌ رَسما
ففي أبياتها تتجلى الوحدة العضوية من خلال فخره بنفسه، ومقابلة الذئب ذلك الحيوان الغادر، وتصويره لتلك المغامرة إكرامًا لضيفه، وأهل بيته.
*ناقد وأكاديمي سعودي.
التعليقات