353
0622
0685
0248
0662
185
0355
0202
0127
0150
0182
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11769
04707
04351
174206
03828
0أحمد بنسعيد*
الكاتب للطفل قبل أن يصير كاتبا له، يمرّ بعدّة مراحل يمكنني أن أسميها تمحيصات أو غربلات أو مقامات أو نياشين أو ما شئت، وهي على التوالي:
– تمحيص فقه مراحل الطفولة المختلفة: (جنين، طفولة مبكرة، متوسطة، متأخرة، يفعة)
– تمحيص فقه ما يناسبها على مستوى اللغة والخيال: نفسيا وإدراكيا وجسديا..
– تمحيص كثرة القراءة في المجال وحوله: (القديم والمعاصر).
– تمحيص مخالطة الأطفال والاستماع لهم: (وتدوين انشغالاتهم واحتياجاتهم).
– تمحيص إتقان اللغة وفقه اللغة أو اللغات.
– تمحيص الوعي الحضاري، وفقه الواقع ومستقبل الأجيال القريب والبعيد.
– تمحيص الأمانة الذي يؤهله لعدم الاعتداء على منتوجات الآخرين وحقوقهم (السرقة الأدبية).
– تمحيص التكوين المستمر، لتطوير الكتابة للطفل بمختلف أبوابها (قصة، رواية، مسرح، شعر، لعبة …)..
– تمحيص الاستمرار في الكتابة وعدم التوقف أمام إعصار الإكراهات المتكررة.
إذا وجدنا اسما بارزا في الكتابة للطفل، فلنعلم أنه مر بغربال دقيق من التمحيصات المتتالية والمتصلة. ولنتأكد من أنه كتب للأطفال في كل أحواله وفي أغلب أوقاته، ولم يكتف بالكتابة هواية ولذة في أوقات فراغه.
ذات يوم وفي إحدى ورشات “سنكلير لويس” صاحب جائزة نوبل سأل المتدربين قائلا:
– هل أنتم جادّون في أنْ تصبحوا كتّابا؟
أجابوا جميعا:
– نعم.
فنبههم قائلا:
– إذن لماذا أنتم هنا، ولستم في بيوتكم تكتبون؟
يَحثُّ بذلك الكاتبَ على الاستمرار في الكتابة، في فعل الكتابة، وليس دراسة الكتابة وآليات الكتابة باعتبار أن الكاتب يكون قد انتهى منها، وبقي أمامه فسحة الإبداع الواسع باستعمال الركيزتيْن: اللغة والخيال … لا يمكن للمدرب أن يعطي متدرّبيه خيالا، فالخيال ملَكة عند كل فرد فينا، موهبة خاصة لو لم تعمل لكسلت.
العامل الوحيد الذي يؤدي فعلا لفشل الكاتب -في نظري- هو توقفه عن فعل الكتابة، لأن هذا الأمر سيجعله يتوقف عن اكتساب التجربة الكتابية وعن شحذ القريحة الكتابية.. وبالتالي سيدخل في عداد المدّعين أو الحالمين..
وأما التعذر بظاهرة عدم وجود مساعدات ولا تشجيعات ولا دعم لأجل وضع قلم الإبداع، فهذه الظاهرة السلبية يبدو أنها ظاهرة حياتية تعمّ الكتّاب أينما وجدوا في العالم العربيّ وغيره.. فقد عانت الكاتبة العالمية راولنج من عناصر الفشل والإحباط في حياتها، تزوجت زواجا فاشلا، ولدت ابنتها وتحملت إعالتها لوحدها، كانت تعيش الفقر وتشعر بالخذلان والإحباط لدرجة أنها فكرت في الانتحار، تراكم كل هذه العوامل جعلتها تصاب بمرض الاكتئاب..
ومع كل ذلك انزوت في مكان في المقهى لتواصل كتابة حكايتها القوية (هاري بوتر) وهي تؤمن في قرار نفسها بنجاح كتابتها.
ولكنها حين أرسلتها لعدد من دور النشر اصطدمت بنفس العقبة التي تصطدم بها الآن أنت أيها الكاتب العزيز، حيث لم تتلق من هذه الدور القبول، ويقف المتأمل طويلا في هذه النقطة، فبرغم أن الجميع يشهد ببراعة راولنج في الكتابة والخيال وسرد الأحداث.. إلا أنها قوبلت بالرفض. ومع هذا الرفض، تابعت مراسلاتها وألحّت حتى تلقت أول رسالة قبول من دار نشر ذكية، ربحت من ورائها الملايير أو البلايير ربما. وكانت فاتحة نجاح كتابها الذي هزّ العالم بعد ذلك لسنوات طويلة ونالت الكاتبة الريادة خلال القرون القادمة من تاريخنا البشري.
ولكن قضت طبيعة الناس أن تنظر للنتائج المبهرة ولا تنظر إلى كمّ العرق والجهود المبذولة لتحقيق هذا النجاح.
فشعور الكاتب بالهزيمة والإحباط الناتجة عن إكراهات الحياة المتنوعة والمتكررة لا ينبغي أن يثنيه قيد أنملة عن تحقيق هدفه، وهو إتمام كتاباته الكثيرة والجيدة للأطفال، بهذا يواجه معاناته وينتصر عليها..
الإصرار على النجاح، والاستمرار في طريق الكتابة، وتحقيق الهدف من مجموعة من الواجهات: تكوينا وتخطيطا وكتابة وضبطا ومراسلة ومتابعة ومواكبة ومزاحمة.. هذه هي مهمة الكاتب الناجح.
*كاتب للأطفال_ المغرب
bensaid_ahm@hotmail.fr
التعليقات