844
32236
101100
196
1300
086
0272
0387
0160
1الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11956
07699
07505
06562
06336
5هند القثامي
لستُ أول من يتحدث، فالولاء متجذر في أبناء قبائل الطائف الذين خلّدوا وجددوا وافتخروا.
ولن أُضيف أكثر مما قالوه عن الأصالة والعروبة والكرم والفروسية والشِّعر.
ولن أُميز قبيلةً من قبائل الطائف دون غيرها فنحن نشكّل سلسلةً تجمّلتْ بها عروس الورد منذ عقود.
سأتحدثُ بلسان فُرشاتي التي استشفّت ألوانها من عروقي وانحدرت وراثتُها من نسلٍ حُفرتْ جرّتُهُ في بطاح الحجاز ونجد.
قبائلٌ نقشتْ الشمس أوسمةً على أكتافهم، انتزعوا قسوة ظروفهم وشدّوا رحالهم ميممين شطر المطر، زارعين مجدهم في تلاع الطائف وبراريه مرورًا بجبال مكةَ لتحطّ رحالهم في تهامة فعائدون من نفس الطريق.
قبائلٌ آثرتْ الترحال واعتادتْ المسير فأصبح لهم ذكرى تحت ظل كل شجرة.
إنهم بادية الطائف الذين اختاروه دون سواه، فهبطوا شماله حاملين تاريخهم وأصالتهم وبريق الترحال الذي أوسم على جباههم.
فاغتنموا مناخ الطائف مودّعين أسفارهم، فبنوا من الطين بيوتًا وسكنوا ضفاف الأودية.
وما زالت بداوتهم تفوح عبقًا في المكان رغم اختلاطها بالحضارة والعلم.
(عروسٌ من شمال الطائف) هو ما أطلقتُهُ على لوحتي، وطالما رغبتُ أن أختصّ قبيلتي بالاسم لكن عندما وجدت كثيرا من قبائل شمال الطائف تتقاسمُ الحُلل مع قبيلتي زادني ذلك شرفًا وفخرًا ولو كنتُ لم أوفيهم حقهم في تلك اللوحة لكنّي أبَيْتُ أن أتجاهل أمجادهم.
سأتحدثُ عن حقبةٍ زمنية عاشتها والدتي عندنا كانت عروسًا.
فتجسيد الأحداث على لسان أصحابها أكثر صدقًا وأدقُّ وصفًا.
فلا أجد نفسي بحاجةً إلى البحث في الكُتب والروايات لأتحقق من معلوماتٍ أكيدة المصدر.
فقد أخبرتني عن عُرسٍ شُيّد ثلاثة أيامٍ بلياليها، فيه إلتقى الأهل والأحباب، يتوافدون من كافة مدن الحجاز ونجد وكأنهم بيت واحد مباركين فرحين.
وعروسٌ توشحت العفاف، ترتدي ما اعتادت العرائس على التزيّن به في تلك الفترة.
فالثوب”1″: وهو ما يسمى الكُرتة من الشيفون المنقوش ، أسفله بطانةٌ من نفس اللون بأكمام شفافة وتقويرة صدرٍ مربعةٍ أو دائرية وهو مخيوط بطريقة التكسير (الزّم) من الوسط.
البرقع”2″: والذي لبسته منذ بداية صباها والذي كان دلالة على بلوغها فهو يغطي وجهها ماعدا العينين والجبهة والرقبة، ترتديه فوق البخنق”3″ أو المسفع: وهذا الأخير من قماش التُّل الأسود يصل طوله أربعة أمتار وعرض 50سم يُلف بطريقة معينة ينحدر من خلف كتفها الأيسر فيُسمّى (مِجْنَدْ”4″) ويُغطي بعضه صدرها.
وقد اعتادت النساء في تلك الفترة على الاعتناء بشعورهن وذلك بوضع الحناء عليه بصفة شهرية ليكتسب الشعر لمعةً ولونًا أحمرا قاتم، متنافساتٍ في طول ضفائرهن وكثافتها.
وكما يفعل قبائل السعودية، فعروسنا ترتدي الذهب وتتجمل به وكان يزيدها جمالًا وأنوثة.
ومن أسماء الحلي التي كانت ترتديها هو (المرتعشة”5″) وهو عبارة عن تعليقة تُطوّق بها الرقبة تحمل فصوصًا حمراء وخضراء يتدلى منها سلاسل رفيعة تصل أطوالها شبرًا أو شبرين.
الأقراط (الخرصان”6″): الذي يتأرجح في آذانهن يُلفُّ من فوقه (البُخْنَق).
وفي معصمهن أساور كانت تسمى قديمًا (بناجر المنشار”7″) اثنتان أو أربع أو ست.
يحمل كل إصبع خاتمًا له شكله المتفرد عن بقية الخواتم.
وكما قُلت أنني سأصف فترة معينة وهي التي كانت عام 1388هـ فإنهن كُنّ يرتدين الساعة ويُعتقد أنها من شركة رادو.
وبعد أن تُجهز العروس لزفافها تُساق لمقر الحفل الذي كان عند البعض في بيوت الطين والبعض الآخر في الخيام.
يُشيّد لها ركنٌ يُغطّى بقماشٍ يسمى (الشرشف”8″) تختلف نقوشه من مدينة لأخرى.
تجلس العروس خلفه فوق (المركى”9″) وهي تستمع لأهازيج النساء التي مازالت موروثًا متداولًا في كل أفراح شمال الطائف وتسمى بالمجرور وهناك القصيمي والملعبة تمامًا كما يفعل الرجال في أفراحهم وهذا الموروث يشترك فيه قبائل عدّة من الطائف ومكة.
ختامًا: إن ما تحدثتُ عنه آنفًا وما تجسّد في لوحتي ما هو إلا جزء من تراثُ قبائل شمال الطائف، وقد يختلف قليلًا بين قبائل الحوية والسيل الصغير والكبير أو بين برقا وروق لكنهم يتفقون جميعًا في أغلب الصفات والعادات، يتشاركها معهم أرض الطائف التي حملتْ تاريخهم وعاداتهم وأصبحوا يتوارثون أرضهم وقيمهم وطقوسهم بين قيعانه وفوق قممه وأوديته وعند سفوح جباله بادية وحاضرة حاملين هويتهم متمسكين بأصالتهم يرسّخون الماضي ويشرّفون المستقبل.
التعليقات