975
11081
0676
02398
2315
044
069
074
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11890
05622
05592
05250
04860
0د. خلود عبد العزيز الحربي*
كان العرب يتفننون في إظهار اللطف والتأدب، وينشئون أبناءهم عليه، ومن فنون الأدب (اختيار اللفظ المناسب) حتى قالوا “لكل مقام مقال” ..، وكثيرًا ما يغلف العربي الرسالة باللطف والأدب، فهذبوا لغتهم وطباعهم بلينها وجمالها؛ فكما يقال للمبصر (البصير) فهي تقال أيضاً للأعمى تفاؤلاً وأملاً، ويقال للأعور (كريم العين)، وكلمة (وَشَل) تقال للماء الكثير، ورغبةً في الاستبشار والفأل الحسن، فهي تقال أيضاً للماء القليل لعلَّه بأمر الله يصبح كثيراً.
والعرب تسمي بعض الأشياء بأضدادها تفاؤلاً فقالوا على اللديغ سليما”، وعلى الصحراء التي هي مظنة الهلكة يسمونها (مفازة) .
وقد غيَّر – صلى الله عليه وسلم- كثيرًا من الأسماء التي كانت تحمل دلالة سلبية، ومن ذلك أن رجلاً قدم إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- ومعه عبد له، فقال له ما اسمك؟ قال: اسمي أصرم، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم-: “لا، بل أنت زُرعة “، وآخر كان اسمه العاصي بن الأسود، فغير اسمه إلى مطيع بن الأسود، وغيّر اسم امرأة من “عاصية إلى “جميلة”.
كما غيَّر – صلى الله عليه وسلم- في أسماء المواضع؛ فغيَّر اسم أرض يقال لها عفرة إلى خضرة، وشِعب الضلالة الذي سماه شعب الهدى.
واتبع خلفاؤه الراشدون ذلك الأدب واللطف؛ فهذا عمر بن الخطاب يسأل رجلاً أراد أن يستعين به على عمل، عن اسمه، واسم أبيه، فقال: ظالم بن سراقة.
فقال: تظلم أنت، ويسرق أبوك. ولم يستعن به في شيء.
وكان هارون الرشيد قد رأى في بيته ذات مرة حزمة من الخيزران فسأل وزيره الفضل بن الربيع: ما هذه؟
فأجابه الوزير: عروق الرماح يا أمير المؤمنين
لأن أم هارون الرشيد كان اسمها (الخيزران)!
وها هو أحد الخلفاء يسأل ابنه من باب الاختبار: ما جمع مسواك؟
فأجابه ولده بالأدب الرفيع: ضد محاسنك يا أمير المؤمنين.
فلم يقل الولد (مساويك)؛ لأن الأدب قوّم لسانه وحلّى طباعه.
وقد رُوي عن عمر -رضي الله عنه- أنه خرج يعس المدينة بالليل، فرأى نارا” موقدة في خباء، فوقف وقال: يا أهل الضوء، وكره أن يقول يا أهل النار.
وتأمل ما سطّره ياقوت الحمويّ لما أراد أن يترجم لـ “ابن جني” أحد أئمة اللغة العربية، وكان أعور العين اليُمنى فقال عنه واصفا “كان مُمَتعا بإحدى عينيه”.
وفي العصر الحالي نرى أهل المغرب يسمون الأعمى بصيرًا، والمقبرة روضة، ويسمون النار عافية، وكذلك المصريون يقولون عن المريض “فلان بعافية”.
إنّ التلطف في التعبير سلوك لغوي اجتماعي فُطر عليه العربي متوخيا” به التأدب في المخاطبة، ومجافيا” التعبيرات المعروفة بالفظاظة، ويعكس هذا رهافة حس العربي وتأدبه. ولطف العربية في تهذيب الطباع.
*ناقدة وأكاديمية سعودية.
التعليقات