مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

ما إن حل عيد الفطر السعيد حتى ترددت في وسائل التواصل الاجتماعي أبيات تنسب لنزار …

من أسباب نسبة الأبيات لغير قائليها

منذ شهرين

37

0

ما إن حل عيد الفطر السعيد حتى ترددت في وسائل التواصل الاجتماعي أبيات تنسب لنزار قباني، منها:
يا عِيدُ عُذرًا فأهلُ الحَيِّ قدْ راحُوا واستوطنَ الرّوضَ أغرابٌ وأشْباحُ
يا عيــدُ ماتتْ أزاهيــرُ الرُّبا كَمَدًا وأُوصِـدَ البـابُ، ما لِلبــابِ مِفـتـاحُ
والأبيات للشاعر السوري عبدالرزاق الدرباس ألقاها في أمسية شعرية في بيت الشعر بالشارقة يوم الثلاثاء 1 أغسطس 2017 وأهداها إلى الراحل نزار قباني، ولعل هذا سبب نسبتها إلى نزار.
على مر الأزمان تتعرض كثير من القصائد لنسبتها إلى غير قائليها. وأكثر ما تتعرض لخطأ النسبة الأبياتُ التي تشتهر بين الناس وتكثر روايتها. وأما الشعراء الذين ينسب لهم ما ليس من قولهم فهم الشعراء الذين شهروا بغرض خاص من أغراض الشعر، فأي بيت فيه وصف متقن للخمرة ينسب لأبي نواس، وأي بيت فيه معاناة من بعد الحبيب وبكاء على فراقه ينسب لمجنون ليلى، وأي بيت حكمة ينسب للمتنبي وهكذا. والضحية غالبا هم شعراء أقل شهرة أو مغمورون، ولنا في قصيدة (اليتيمة) التي مطلعها:
هل بالطلول لسائل رد أم هل لها بتكلم عهد
خير مثال، إذ نسبت لأكثر من أربعين شاعرا!
ومن أشهر أبيات الحكمة المعروفة:
ومن لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد
ينسبه كثير من المشتغلين بالأدب إلى المتنبي، لكن الحقيقة أنه لابن نباتة السعدي التميمي الذي ولد ونشأ ومات في بغداد. ولد في سنة 327 هـ أي بعد مولد المتنبي بأربع وعشرين وسنة، واتجه إلى سيف الدولة الحمداني ومدحه في الوقت الذي كان المتنبي قد غادر بلاطه سنة 345 هـ. وقد يكون ما حمل الناس على نسبة هذا البيت للمتنبي الحكمة التي يحملها البيت؛ فضلا عن كون ابن نباتة معاصرا للمتنبي وأن كليهما قد مدح سيف الدولة..
وفي العصور المتأخرة كثرت المعارضات للقصائد الشهيرة، كما ذاعت ألوان التربيع والتخميس والتشطير، فالتبس النص الأصلي بالنص المضاف، وكثرت الأخطاء في نسبة الشعر لغير قائله حتى وقع في هذا اللبس أكثر المحققين حرصا وحفظا، فقد أورد الأديب عبدالله بن خميس – رحمه الله – في الجزء الثاني من كتابه (الشوارد) ص 800-801 بيتين نسبهما للمجنون، وهما:
وليلــى ما كفــاها الهجــر حتى أباحت في الهوى عرضي وديني
فقلت لها ارحمي ضعفي فقالت: وهل في الحـب يا أمي ارحميني؟
على الرغم من وضوح حداثة تعبير (يا أم ارحميني) واستحالة أن يكون لغير شاعر معاصر! وقد وجدتُ – مصادفة – تخميسا للبيتين في الموسوعة العالمية للشعر العربي (أدب) منسوبا للشاعرة عائشة التيمورية المتوفاة سنة 1902 وحين عدت لديوان التيمورية وجدتها قد شطرت البيتين وخمستهما على أكثر من شكل؛ أختار منها هذا التشطير:
وليلــى ما كفاها الهجــرُ حتى أَطــالت فـي دُجــى لَيلــي أَنينــي

وكــلّ تجلــــدي بِالصــبر لمَّـا أَباحت في الهَوى عرضي وديني
فقلت لَها: اِرحمـي آلاِمي قالَت: كذا خــطَّ اليــراعُ علــى الجبيــن
فَدعْ قلقَ الصِغارِ وكن صبورا وَهَل في الحُبِّ يا أُمّي اِرحَميني

*كاتب سعودي.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود