مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

قال ابن شرف القيرواني في آلة العود مذكرا بأصله الطيب: سقى الله أرضًا أنبتت عودك …

من نوادر الأدباء (10)

منذ سنتين

614

0

قال ابن شرف القيرواني في آلة العود مذكرا بأصله الطيب:
سقى الله أرضًا أنبتت عودك الذي زكت منه أغصان وطابت مغارس
تغنت عليها الطير وهي رطيبة وغنت عليها النــاس والعـود يابس
ويقول صفي الدين الحلي في مخالفة الابن لأصله الطيب:
لعمرك لا يغني الفتى طيب أصله وقد خالف الآباء في القول والفعل
فقد صح أن الخمر رجس محرم وما شــك خلق أنه طيــب الأصـل
وينبه الشاعر ابن هرمة – من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية – إلى عدم الاغترار بالمظهر، فيقول:
قد يدرك الشرفَ الفتى ورداؤه خَلِق وجيب قميصه مرقوع
يحكى أن وزیرًا قال لعمر الخيام، وقد دهش لسماعه يطلب مبلغ خمسة آلاف دينار:
– هل تعلم أنني لا أتقاضى هذا المقدار؟
فأجابه الخيام: هذا طبعي.
– ولم يا ترى؟
– لأن العلماء أمثالي، لا يجود الزمان إلا بحفنة منهم في العصر الواحد، في حين أنه يمكن تعيين خمسة من الوزراء أمثالك في السنة الواحدة.
حدث المبرد، قال: دخلت على الجاحظ في آخر أيامه.. فقلت له: كيف أنت؟
فقال: كيف يكون من نصفه مفلوج، لو حُزَّ بالمناشير ما شعر به؟ ونصفه الآخر منقرس، لو طار الذباب بقربه لآلمه؟! وأشد من ذلك ست وتسعون سنة أنا فيها!
ثم أنشدنا:
أترجو أن تكون وأنتَ شيخٌ كما قد كنتَ أيام الشبابِ؟!
لقد كذبتْكَ نفسك، ليس ثوبٌ دريسٌ كالجديد من الثيابِ
أكثر البهاء زهير، وابن عُنين – وهما من شعراء العصر الأيوبي – في رثائها من وصف نفسيهما بالخيانة لأنهما تركا المرثي يموت قبلهما. وقد لحظت أنهما مسبوقان إلى هذا المعنى، إذ قرأت لأبي الحسن التهامي راثيا:
وما أنا بالوافي وقد عشتُ بعده ورب اعتراف كان أبلغ من عذر
يقول الشاعر العباسي أبان اللاحقي منتقدا الشعراء الذين يلحنون ولا يعترفون بخطئهم، بل يحاولون إيجاد مخرج لأنفسهم:
يكسر الشعر وإن عاتبته في مجال قال في هذا لغة
وينبه ابن فارس إلى الفرق بين الضرورات الشعرية واللحن، فيقول: “والشعراء أمراء الكلام يقصرون الممدود، ويمدون المقصور، ويقدمون ويؤخرون، ويُومئون ويشيرون، ويختلسون ويعيرون ويستعيرون. فأما لحن في إعراب، أو إزالة كلمة عن نهج صواب، فليس لهم ذلك. ولا معنى لقول من يقول: إن للشاعر عند الضرورة أن يأتي في شعره بما لا يجوز”.
والخطأ في الشعر ليس كالخطأ في النثر لأن الشعر ينتشر بين الناس بحفظه وروايته، ولذلك ينصح شاعر بمراجعة القصيدة بعد الفراغ منها وتهذيبها قبل إذاعتها بين الملأ فيقول:
لا تعرِضَنَّ على الرواة قصـيدةً ما لم تكن بالغتَ في تهذيبها
فإذا عرضتَ الشعر غير مهذبٍ عدُّوه منك وساوسا تهذي بها
وقد شكا في عصرنا الحديث الشاعر نزار قباني من تردي حال الشعر، فقال:
ذُبح الشعرُ والقصيدةُ صارت قينةً تشترى ككل القيانِ
جردوها من كل شيء وأدموا قدميها باللف والدورانِ
يحب العرب المؤثِّرين من الناس حتى وإن كان هذا التأثير سلبيا، ويكرهون من لا دور له، الذي لا يهش ولا ينش – كما يقول المثل – يقول أحمد بن أبي طاهر، وينسب لوالبة بن الحباب:
إذا أنت لم تنفعْ، فَضُرّ فإنّما يُرَجّى الفتى كيما يضر وينفعا
هكذا فهمت البيت، حتى قرأت بيتين آخرين في المعنى نفسه، أكثر وضوحا:
وليس فتى الفتيان من راح واغتدى لشرب صبوح أو لشرب غبوقِ
ولكن فتى الفتيان من راح واغتدى لضــرِّ عــدو أو لنفــع صــديقِ

* كاتب سعودي.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود