18
041
0132
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11822
04785
04756
04676
04416
17إهداء إلى أستاذي بروفيسور/ فؤاد شيخ الدِّين
سألني ذات مرة مستفهمًا، مستعجمًا أستاذي وصديقي بروفيسور/ فؤاد شيخ الدِّين عن فائدة التَّكرار في سورة الكافرون، ولا أحسب أنه كان يخفى عليه التَّأويل اللغوي النُّحوي الذي ذهب إليه معظم أهل العلم، إلا أنَّه لم يكن ليكتفيَ بهذا. وكان حين سألني مستعجبًا، ويقينُه أن ليس في جرابي جواب، ولكنَّه استأنس حينها بسؤاله.
وسكتُ دهرًا، وكلَّما مررتُ بسورة الكافرون رنَّ صوتُه، واستفهامُه في أذني، ويا له من رنينٍ، ويا له من تساؤل!
الليلة أحسَبُ أن الله وفَّقني وهداني لبعض ما يطمئنُّ إليه القلبُ المتسائل، أيًّاً كان قلبي أو قلبه أو قلبك أيها القارئ الكريم.
كنت ذات مرة أشاهد التِّلفاز مع أمِّ أحمد زوجي، فدمعت عيناي، فسألتني عن سبب بكائي، فأجبتها، هذه اللغة داعية للبكاء. والحقُّ إنَّ في القرآن لبلاغة تدهش السَّامع، وتحيُّر القلب.
أقول ذلك بعد أن اطَّلعت على الكثير من التأويلات في شأن هذه السِّورة القصيرة الداعي تكرارها للحيرة، فالألفاظ برغم تأويل المشايخ لها بأنَّ فيها الفعليَّة والاسميَّة، وأن الفعليَّة خاصَّة بالحاضر، والاسميَّة خاصَّة بالمستقبل، فإنِّي أرى مع عدم اختلافي معهم في شأن النَّحو، أرى أن الأمر ليس نحوًا، وإنِّما لغةً، أي تفنُّنا.
حسنًا، في القرآن الكريم خطابُ للعرب خاصَّة، وخطابُ القرآن لهم كان وجدانيًا، وهذا الخطاب كان في بعض شأنه خطابًا لغويًا، وإعجازًا لغويًا، لغةً تدهش العربيَّ العالم بها حتَّى ليسجُد لما يسمع إكبارًا وتعظيمًا، وما هو بمسلم.
كما أن للقرآن الكريم خطابًا للأعاجم. ولمَّا كان وصول القرآن للأعاجم عبر تأويل المعاني، مع إمكانيَّة وصول أصواته المدهشة، والجميلة، إلا أن تأثرَّهم به لن يبلغَ تأثرَ العالِمينَ باللغة العربيَّة وجمالِها. فكان لأجل هؤلاء؛ ولأنَّ الله تعالى هو العدل، كان لأجل هؤلاء الإعجاز العلمي الذي نشط في أوروبا وأمريكا.
أقول هذا وفي بالي سورة الكافرون، ولماذا جاء فيها هذا التَّكرار لمعنىً واحدٍ، وبألفاظ واحدة، وإن تعددت بين الجملة الاسميَّة والفعليَّة؟! وما بلغتُه من ظنٍّ هو أن القرآن جاء إلى العرب بأسلوب لم تعهده لغتهم، إدهاشًا وتغريبًا في اللغة، فكان أن دُهشوا لهذا التكرار الفنِّي، الَّذي لم يعتده العربيُّ المبين لحديثه إن أراد فصاحةً. وعليه، يكون والله أعلم الإدهاش هو آية هذه السُّورة وسبب تكرارها. والدَّليل على ذلك أنَّ العرب ما آخذت النبيَّ على أنه جاء بما هو غريبٌ على لغتهم انتقاصًا، ولكن ألجموا دهشةً، واستغرابًا من هذا الحديث الجميل الجميل، الِّذي قد لا يراه النَّاس في زماننا هذا غير تكرارٍ فجٍّ.
واللهُ تعالى أعلمُ.
*كاتب سوداني
التعليقات