‏سلوى الأنصاري*
ما بين ميادين الشرك والضلال والانحلال والوقوع في براثن الشرك وعقول هزال، عاش بروح طموحه تحرس الفضيلة؛ لتنشر السلام والإسلام مع النسائم والحمام .. في رياض نجد بين صفوف الكتائب ومن أعالي الهضاب والتلال ذاع صيته وسطع نجمه ونال المكانةَ والإجلال.. ‏أقام صروح الهدى في صدور التائهين و بنى أبراج الشكر لرب العباد في الروابي والجبال.. رام العز والمجد في الكتاب المبين، رُفعت أكف الدعاء له من قلوب المسلمين وكريميِّ الخصال .
حطم أوثان الشرك وسحق بيوت المارقين الأنذال ..
إنه المؤسس الشهم الهمام الإمام محمد بن سعود رحمه الله .
بوجه ملكي تسكنه صفات الحزم والنجابة، وتقاسيم نجدية زاهية في مهابة، وبعينين تلمعان حيث تسكنهما الحكمة والإنابة، بقامة شامخة تحفها الرزانة وتحيطها هالة من الوقار والرصانة ، تدثر بعباءة الإمامة مما زاده تقىً وزهدًا وجمالًا وحصافة.
بخلق رفيع ودماثة كان مبتدأ الخبر لتأسيس دولة الأبطال والسيادة، هازمة الشرك والتمائم مهذبة العقول ماحية الضلالة.
كان الفاعل الفارس المغوار نبيل الخلق أبيض اليد كريم الخصال صارم جميل المحيا، بابتسامة كلها حبٌّ وعطفٌ
شديد التواضع، محنَّك وجَّه بوصلة طموحه نحو الأفق الرحيب فنال رفعة وزيادة.
رسم خرائط المجد على صفحات التاريخ واضعًا كفه بكف الشيخ محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله – فجمع قوى التوحيد وبنى هرم الدولة بروح القائد البارع الناصر للحق .
كانت معادلة صعبة نتائجها الحق والمجد وتأسيس السعودية دولة العدل والريادة.
فترتب على ذلك تكوين وحدة سياسية عظيمة المآرب على أرض شبه الجزيرة أرض الحضارات والعجائب، فلعبت دورًا كبيرًا في توحيد الكيانات النجدية الصغيرة وامتد نفوذها في معظم أرض الجزيرة بالعدل في كل جانب.
استطاع إمامنا إقامة مجتمع مترابط خاضع لدين الله عز وجل، سكن قصر سلوى ونشر من بين دهاليزه العدل وحارب كل حاقد، أرسى معالم دولةٍ تاريخها مازال لليوم ناصعًا وعدلها قائما.
لم يطلق عليها المملكة العربية السعودية في بداية مجدها ففي عام 1727/1139 تولّى الأمير محمد بن سعود-الذي أطلق عليه لقب ـ«الإمام»- الحكم، وقاد البلاد والعباد إلى عهد فريد في تاريخ منطقة نجد، أسس الدولة السعودية الأولى، وجعل من الدرعية المركز الذي انطلق منه وأرسى بها قواعد الدولة. في تلك الأثناء انتقل الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – من العيينة واتجه إلى الدرعية، حيث ناصره أميرها محمد بن سعود -طيب الله ثراه و أحسن مثواه -، وقدم له التأييد والتمكين والعون من خلال الإتفاق التاريخي الخالد الذي لطالما قرأناه في الجرائد ، وسمعناه من أفواه المعلمين والمعلمات في صروح العلم مع الكثير من الفوائد ، ذلك الاتفاق الذي سمي (بميثاق الدرعية ) وأصبح المنطلق الأساس والركيزة القوية لتأسيس الدولة السعودية الأولى. قامت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب على أساس إفراد الله بالعبادة، ومحاربة الشرك بجميع أشكاله وأنواعه ، وعلى تطبيق شرع الله على جميع الخلائق ، والقضاء على البدع التى انتشرت بين الناس في ذلك الوقت .
انتشرت الدعوة بفضل من الله عز وجل ثم بتأييد من إمامنا الواثق .ونتج عنه قيام هذه الدولة العظيمة التي ظهر فيها الكثير من العلماء واندثرت البدع المؤدية لطريق المهالك. هذا هو تاريخ تأسيس موطني الذي قال لي:
لا تصمتي
فأنا لكِ الوطنُ الجميل..
هيَّا اكتبي
فكتبتُ حَرفي بالوفاءِ
وبالولاءِ معبِّرًا ومؤثِّرا..
ومزجتُهُ بالشهدِ حتى
صارَ عذبًا مُسكِرا..
ومنحتُهُ الأنفاسَ عِطراً
والدِّما زهرًا ووردًا
عابقًا فَتَعطَّرا..
يا موطني
يا عشقَ قلبي
يا لواءً أخضرا..
“وطني الحبيب”
أقولُها بجوارحي
والشِّعرُ مِن بينِ الشِّفاهِ
تَغندرا
“وطني الحبيب”..
نقشتُها
غنَّيتُها
تمتمتُها
كرَّرتُها
وهُنا..
بصوتِ الأرضِ [١]
كم أنشدتُها
وعشقتُها ..
أسمع وعِ
ردِّد معي
((روحي وما ملكتْ
يداي فداهُ
وطني الحبيب
وهل أحبُّ سواهُ))
إنِّي عشقتُكَ
والفؤادُ مكبِّلٌ
بهواكَ والقلبُ اصطفاكَ
هواهُ
وطني.. ومملكتي..
سعوديٌّ أنا
يا موطِنًا يعلو السماءَ
لِواهُ
“وطني الحبيب”
اسمع وعِ
أنشِدْ معي
واسمِعْ بها
كلَّ الدُّنَى
قُلها معي :
((روحي وما ملكتْ
يداي فداهُ
وطني الحبيب
و هلْ أحبُّ سواهُ ))
بهواكَ تَعبقُ
كلُّ أنفاسي وهل
إلَّاكَ أفئدُةُ الورَى تهواهُ
يا موطِنَ الحرمَينِ
يا مهدَ الرسالةِ
يا عُلاً تَحوي الجميعَ
سَماهُ
فجميعُنا يا موطني نهواكَا
ونفوسُنا عندَ اللزومِ فِداكَا

[١] صوت الأرض المطرب القدير طلال مداح

*كاتبة وفنانة تشكيلية

اللوحة للفنانة التشكيلية جواهر  العتيبي