مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

سليّم السوطاني* أتى إلى الحياة… قادته المشيئة ليحيا ويعيش… أخذتْهُ د …

قطار الخيبة

منذ سنتين

802

0

سليّم السوطاني*

أتى إلى الحياة… قادته المشيئة ليحيا ويعيش…
أخذتْهُ ديمومة الحياة عبر إيقاعها المتسارع… مضتْ بِه عبر مركب الخيبة!
المجهول ينتظره عند نقطة معينة…
بدأت الانكسارات تتوافد على مشهد حياته كجيشٍ يهلك الحرث والنسل… صارع وكابد بروحٍ ممزقة وعارية في وجه الرّيح العاتية، التي تهب من كُلِّ مكان… انتصرت الريح وقذفت بعقله في حممٍ من الصراعات والتناقضات والأسئلة التي تبحث عن إجاباتٍ!
وعلى رغم الوهن مشى في الحياة، وعند أوّل محطة من محطاتها المتهالكة وجدَ على قارعةِ الطريقِ وردة ذابلة قتلها العطش… مدّ يده إليها والتقطها برفقٍ، ووضعها في جيبِه الأيمن، واستقل القطار.
تلك الوردة عادتْ إليها الحياة بعد الذبول، ونمت بعد أن غرسها في وسط داره، وعاشت في كنف صاحبها.
تبادلا الرغبة في التغلب على الوهن والشتات، كلما شعر بالوجع والانكسار لجأ إلى وردته وشمّ شذاها، فتنفس الصعداء. كانت خير عون له في وجه تلك الأيام العبوس.
ومع تقدّم الحياة زادت صراعات ذلك البائس… المكان زاد وحشة وغربة، فلم يعد يحتمل الإقامة فيه… والهم والقلق عربدا قسوةً وعبثاً به… حاول أن يفرّ بروحه من مصيدة الشيطان الذي استغل ضعفه ووهنه، وأخذ يحثّه على قطع نسق الحياة والتوقف.

يبدو أن اللعين نجح أخيراً في فرض الهلاك على روح ذلك البائس…

في صباحِ ذلك اليوم الكئيب قرر التوقف عند آخر محطة… قطف وردته من منبتها الآمن، وسقاها من دمعِه، ومزّقها، ونثرها مع الريح.
أوقف نبضه بكل جبروت العالم، وغاب وعيه، وتلاشى كل شيءٍ حي داخله…

انتهت رحلته من الحياةِ مثلما بدأتْ؛ بِصرخةٍ مكتومة!

 

*كاتب من السعودية

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود