الأكثر مشاهدة

 ماجدة الشريف إن من سنة الله في كونه هي الاختلافات، والتنوع، والتغير والتبدل، وا …

لا تفرضوا الواقعية في الفن 

منذ سنتين

1560

4

 ماجدة الشريف

إن من سنة الله في كونه هي الاختلافات، والتنوع، والتغير والتبدل، والتنقل بالترحال والاستقرار، ومن سنته سبحانه خلق الليل، والنهار، والقمر، والشمس وتبدل الطقس بفصوله الأربعة، ومن سنته سبحانه خلقه الإنسان بجميع التغيرات التي يمر بها هذا الكائن الذي ميزه الله بالعقل، ومن سنته سبحانه تقلب القلب وتغير الفكر مع مرور الزمن، من سنته ترك حرية الاختيار للبشر في توجهاتهم وقراراتهم الشخصية وفقًا لطبائعهم المختلفه، الله سبحانه وتعالى منحنا الرقي بالدين وليس هناك أرقى من أنه تعالى شأنه جعل عباده تارة مخيرين وتارة مسيرين لحكمته، وعلى وجه البسيطة تنوع الأديان والطوائف فالمذاهب أربعة في الإسلام، فكل مذهب عالمه بحث، وقاس، وتحرر، وفكر وتبحر بالعلم لسنوات طوال كي يستخرج لنا الواجب، والمحرم، والمستحب، والجائز، والمكروه والسنة، هناك من خلقه من يظل باحثًا عن الدين الحق له حق التجربة والبحث الذاتي، وله حرية البحث عن معلم يعلمه الأصول والثوابت، وله حرية التفكير والتأمل، وله حرية تعليم نفسه بالقراءة والمشاهدة فربما يجد ضالته وحينها تُقام عليه الحجة لأنه عرف! ألم تكن سورة العلق أول سورة بالقرآن؟ ألم تكن أول آية نزلت على نبينا محمد صلوات ربي عليه وسلامه هي (إقرأ) كانت بعد ماذا؟ كانت بعد تعبده في غار حراء بالتأمل والتفكر … إلخ من الأدلة والشواهد… ثم يأتيك قائل من بعض أهل الفن والمتجبرين القساة من درس أربع سنوات أو خمس ونزيد عليها سابعة ويحسب نفسه عرف كل شيء، بينما عرف أشياء فمن قال إنه علم فهو جاهل، ويأتيك بعضهم قائل تجبرًا وربما كبرًا وتغطرسًا: 

– إن لم ترسم بالأسلوب الواقعي فأنت لست بفنان.

 – إن لم تراعِ تفاصيل المدرسة الواقعية فأنت دخيل على الفن.

– إن نقصك ظل ونور بلوحتك فيها لسيت بلوحة فنية.

– ولا تعد لوحة مكتملة الشروط ولا هي جميلة وهيهات هيهات من النقد البناء والنقد الهادم!

مهلًا يامن تنتسبون للفن، مهلًا يا أكادميين الفن، مهلًا يا أصحاب الشهادات العلمية والتخصص العالي، مهلًا أخبروني ماذا كنتم في البدايات؟! 

أخبروني يامن تحملون شهادة التربية الفنية بعضكم كان دخوله لهذا التخصص هو تحصيل حاصل أليس كذلك؟! 

لم يجد تخصص يدخله سوى قسم التربية الفنية وهو لا يفقه شيئًا بل لا يمتلك الموهبة بالأساس ثم يأتيك أمثال هؤلاء  يحطمون كل صاحب موهبة ومبدع يرونه يمتلك فنًا وخيالًا وإحساسًا مميزًا ومختلفًا عنهم، يرمون بنقدهم المسموم تلك العقد النفسية التي بدواخلهم على كل فنان لديه موهبة حقيقة ولم يكن دارسًا للفن، عذرًا أنتم دُخلاء الفن! 

نعم للأسف يوجد بالساحة من لديهم علل فكرية يوجد بها من لا يمتلكون الحس الفني ولا الخلق الفني، يوجد من يتقن الرسم ولكنه ليس بفنان تشكيلي، فهناك فرق بين الرسام والفنان التشكيلي، بعضهم يسعى لطمس الخيال من الفنانين قاصدًا أو جاهلًا، وبعضهم جعل من الفنانين المتدربين معه نسخة منه، وبعضهم يُعلم تعليم خاطئ من أجل الربح المالي فقط ربما لا يُدرك سوء فعله هذا وليس بقصد ولكنه ما زال مستمرًا وبقوة والويل لمن يخالفه الرأي!

الفن التشكيلي أو موهبة الرسم هي عبارة عن احساس وخيال بأفكار تجول بعقل ومشاعر الإنسان قبل أن يكون فنان، الفن هو تعبير بدرجة عالية عن حالة ومشاهدة يمر فيها كل فنان، والموهبة لا تُدرس الموهبة توجه وليس هناك توجيه صحيح وسليم إن لم تترك حرية الاختيار، لا تفرض شيئًا واحدًا على الموهوب، لا تفرض عليه اختيار نوع ومدرسة معينة تقوده وتحصر كل مابداخله وتحد من إحساسه وخياله لتبث سمك الفني بحجة التعليم والنقد، دعه يُمارس كل مايشعر به، دعه يكن حرًا، إن شاء تقيد بمدرسة واحدة وإن شاء بقي يُمارس كل شيء مستمتعًا بالألوان بل إن أردت فرض شيء عليه فلتفرض بأن يعبر عن خياله وأفكاره بكل ارتياح، فهو ليس بمسابقة ولا يمثل أحد، هو يمثل نفسه بفنه وشخصه وتوجهاته.

الفن بشكله العام هو جمال ممزوج بمشاعر وفكر وخيال فنان لديه موهبة حقيقة يطلقها كيفما شاء محلقًا بسماء اللون، وليست مهنة واحتراف تفاصيل قيدها من أمتهن الفن، إن امتنهت لك حرية المهنة لا تقيد غيرك، نعم هناك من احترف الفن من أجل الربح المادي وهذا ليس بعيب، وإنما العيب حين تجعلون من الموهوبين حقًا نسخة مصغرة منكم، نسخة بلا هوية يحمل هوية معلم وليته معلمًا مبدعًا، وقليل من المعلمين المبدعين (وأقصد إبداع التعليم) فالتعليم فن وخلق وقدرة لا يستطيع عليها الكثير، المعلم الحق يترك الموهبة تكبر وتلمع دون المساس بشخصية الفنان والتلاعب باختياره وتوجهه، مؤسف بالساحة الفنية نسخ مكررة وتقليد بشكل مفرط لا اختلاف ولا تنوع حتى بات الفنان الحقيقي والموهبة المميزة والأسلوب الفريد لوحتة تُرى بعين الاستخفاف! بل تُرى بعين الاستنقاص والغرابة أمام أقرانه، وينصب ويمنح التميز لمن لا تميز له! دعوا الفنان يبدع ويطلق العنان لإحساسه وخياله، دعوه واتركوا التعليم والنقد المسموم الذي لا يخلف سوى فنانين نسخة مكررة، بل فنانين مهزوزين سريعي الانقياد بشخصيات هشة مُنقادين بسرب لا يناسبهم، أين المشكلة إن كانت بداية الفنان بالفن التجريدي أو السريالي واستمر على هذا التوجه وأبدع فيه؟ 

أين المشكلة إن لم يستطيع رسم شكل واقعي على تفرد أو لم يتقنه كما هو؟

 أين المشكلة إن كانت لوحته التجريدية تنطق تناسق وجمال وهو لا يستطع ولم يجرب حتى رسم الواقعية؟ 

أين المشكلة لديكم؟! 

أليس الفن جمال بالدرجة الأولى؟ أليس الفن تعبيرًا كالكتابة؟ أليس الفن نوع من التحدث بالألوان؟ دعه يا أكاديمي الفن إن لم تكن لديه الرغبة في الواقعية دعه وشأنه لا تكن مثل المطرقة ليس لديها سوى الطرق والتخريب والهدم وليس الإصلاح.

الفن رحب، الفن تعبير كالموسيقى بنغم مختلف، تارة صخبة، وتارة هادئة، وتارة ممتزجة. 

دعوا الفنان يبدع ويصبح فنانًا حقيقيًا وليس رسامًا ناسخًا فقط! حين تُعلم كن ذا أمانة وعلم بطريقة صحيحة، بل ساعدهم على استخراج تلك الأفكار والمشاعر والخيالات، دعه يطلق سراحها بلوحاته مستمعًا كي يجد بها المستراح، إن علمته شكلًا واقعيًا تدارك ذلك بتعليمه كيف يترجمه كما يشاء هو لا كما تشاء أنت، دعه يطلق خياله، لا تُمت ملكة الخيال لديه فوالله الفنان بلا خيال ليس بفنان هو مجرد آلة ناسخة ترسم كل شيء أمامها ولا يستطيع التعبير عن خوالج نفسه والبوح والتنفس بالفن ويصبح الرسم والفن عبئًا عليه وقيد ،ومن ثم هو نفسه يصبح عبء على الساحة الفنية بلوحات لا احساس ولا جديد بها، يصبح مكبلًا لا يستطيع قول ما لا يستطيع قوله بالفن، دعه يخض تجاربه الفنية، تدعه يتعلم بنفسه إن لم يطلب منك فربما يجد ضالته فيما بعد، لا تجبره على مدرستك الواقعية فأنت اخترت توجهك فلتتركه يختار، فربما الأسلوب الواحد لا يناسبه بل يناسبه أن يكن حرًا طليقًا ويبحر باللون، فسماء الفن رحبة والساحة ليست حكرًا لك بل هي للجميع. 

وأنت أيها الناقد إن لم تكن متحررًا من تلك العقد النفسية والسموم الفكرية بداخلك خيرٌ لك الصمت، بالصمت أنت تحترم وتُحترم.

وأخيرًا يا رفاق الفن ويا أهله المبدعين إلينا جميعًا بعض ما قاله الفنان بيكاسو فهي بمثابة رحلة فكرية وفنية ربما تجعلنا أكثر مرونة ولين مع أنفسنا ومع المواهب ومن حولنا: 

– الفن يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية.

– كل ما تستطيع تخيله هو حقيقي.

– الفنانون السيئون ينسخون، الفنانون الجيدون يسرقون.

– إني أعمل دائمًا ما لا أَستطيعُ عمله لكي أتعلّم كيفية عمله.

التعليقات

  1. يقول المها الحربي:

    سماء الفن رحبة والساحة ليست حكرًا لك بل هي للجميع.
    فعلا والفنان الصح هو من يصبت احساسه ووجوده بخياله وابداعه … حروف ناضجه ذات خبرة .. قالت ؛ فأجازت بوركتِ ماجذة

  2. يقول ماجدة الشريف:

    شكرًا لكِ مها مرورك طيب وكلامك أطيب بارك الله فيك وزادكِ الله من فضله 🌹

  3. يقول رحمة:

    هذا ما يحدث فعلاً من بعض الفنانين و أكيد له تأثير سلبي على مسيرة الفنان شكرا استاذه ماجده على هذا الطرح الجميل 🩵

  4. يقول ماجدة الشريف:

    العفو بارك الله فيك رحمه على مرورك الطيب وكلامك الأطيب وأنتِ الأجمل يافنانه شكرًا لكِ 🌹🤍

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود