الأكثر مشاهدة

شاهيناز العقباوى* لم تعد هموم الطفل العربي تنحصر في دائرتها المحدودة، من بحث عن …

الأدب وهموم الطفل العربي

منذ شهر واحد

170

0


شاهيناز العقباوى*

لم تعد هموم الطفل العربي تنحصر في دائرتها المحدودة، من بحث عن لعبة جديدة،  أو إقناع الأهل بالخروج للنزهة واللعب مع الأطفال،  أو حتى اقتناء ملابس قيمة وغيرها، لاسيما أنه مع الثورة التكنولوجية الحديثة، ومشاركة الأطفال بها بقوة والإلمام الخطير بمجريات الأحداث والاطلاع اليومي على كل الأخبار، نستطيع الزعم بأن طفل اليوم لم يعد محدود الرؤية، بسيط الطموحات والآمال، سهل الإقناع.
تغير طفل اليوم، نظرًا للهموم الكثيرة التي لاتزال نسبة كبيرة من أطفال الوطن العربي، تعاني منها لاسيما في ظل حالة عدم الاستقرار التي تعرضت لها بعض الدول العربية، ترتب عليها تشتت الكثير من الأسر وفقدان العديد من الأهل والأصدقاء، فأصبح الطفل في الكثير من الأسر، هو رب الأسرة والمسئول عن إعالتها، بعد أن كان هو الطرف الأخير في الأسرة من حيث تحمل المسئولية وهو بالتأكيد ما يثقل كاهله بالعديد من المشاكل والهموم.
لأنه رغم ما مر به وما يواجه من أزمات ومتطلبات حياتية ضرورية، مازال طفلًا يحتاج إلى التدليل والاهتمام والرعاية، وليس معنى أنه أوكلت له بعض مهام الكبار، نظرًا لظروف خاصة عليه أن يتخلى عن أحلام وآمال الطفولة، صحيح تحمل المسئولية سيلعب دورًا كبيرًا في صقل شخصية الطفل، ودعم صفات كان من الصعب، أن تظهر إذا لم يوضع الطفل في دائرة تحمل المسئولية.
هموم الطفل العربي، لا تقتصر علي إعالة الأسرة، فكثير من المشاهد واللقاءات الإعلامية التي تجري مع الأطفال حول العالم العربي، تستطيع ببساطة أن تعكس مدى التحول الذى حدث لهم، لاسيما أن همومهم انتقلت إلى حد كبير من الإطار الفردي المحدود إلى العالم الجمعي الشعبي الواسع، فنرى أطفال دولة فلسطين، يتحدثون عن أن همهم الأساسي، ينحصر في تحرير القدس، واسترداد الأرض فأصبح هذا شغلهم الشاغل، ولا يبتعد أطفال سوريا وليبيا والسودان واليمن والعراق عن هذه الرؤية الشمولية الأوسع من البحث عن وسائل إعادة بناء الأوطان، وتمني عودة الاستقرار للبلد الأم والبحث عن تحقيق الأمن والأمان .
طفل اليوم هو رجل المستقبل، باني الحضارة والوطن صانع المجد، وحامي الأمن والأمان، حقيقة هو من الصعب في الوقت الراهن أن نقضي تمامًا على كل الهموم الثقال التي يعاني منها العديد من أطفال العالم العربي، ولكن بشيء من الأمل من الضروري أن نضع بعض الخطوط العريضة لأهم هذه الهموم وأخطرها، ونبحث عن وسائل ليس للقضاء عليها تمام، لأنه في الواقع من الصعب تحقيق ذلك، لكن نساعد على تخفيف العبء عنه، ومساعدة الطفل على التنفس بحرية، والسماح له بأن يعيش حياته الطبيعية السوية، ولو بأقل الإمكانات المتاحة .
ومما لاشك فيه أن أدب الطفل، يلعب دورًا كبيرًا في أن يكون في الساحة محيط ملم ومشارك للطفل العربي همومه وقضاياه من خلال طرحها عبر العديد من القصص والروايات للمناقشة والتحليل وتقديم الدعم للأطفال بشتى الوسائل، أو من خلال عرض صور لنماذج حية من الأطفال استطاعوا أن يساهموا في التغيير وتحقيق النجاح هذا فضلًا عن السعي نحو مساعدة الطفل والتخفيف من أعبائه الثقال عبر تحول همومهم إلى قصص وحكايات بطولية إبداعية، تنقل بشتى ومختلف الصور. وتحاول دور النشر أن تفرد مساحة لابأس بها لمثل هذه النوعية من الأدب القصصي للأطفال، هذا فضلًا عن سعى المبدعين إلى تقديم كل ما يتعلق بهموم الطفل العربي ومشاكله بصورة مبسطة سهلة للتخفيف عنه ومشاركته كل ما يمر به من أعباء، وبالتالي فإن هذه الرسائل الإيجابية التي تصله عبر الأدب بصورة المختلفة، سيكون لها مردود ممتاز لدى الطفل العربي، فيكفي أنها ستدعم شعوره بالانتماء وإحساسه بالأمان. وهذا بالتأكيد الدور الوظيفي الاجتماعي التربوي الأخلاقي المنتظر من أدب الطفل.

*كاتبة _ مصر

التعليقات

اترك تعليقاً

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود