297
0169
0347
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11428
04669
03938
173156
0
*الشعر ليس له ملوك
*تضخم الذات لدى الشاعر مقبول
*الرواية تخدمها الدعاية والإعلان
*التفاعل في الميديا “مجاملات”
حوار_محمد العسيري
بطموح وقاد ونرجسيةٍ محمودة أجاب الشاعر المصري الشاب أحمد نناوي عن أسئلتي، فهو لا يرى أن فوزه بجائزة نوبل أمرٌ مستحيل ويقول متحدياً في مقدمة أحد دواوينه مخاطبًا المتنبي ( لو كنتُ في زمنك لما كنتَ إلا أنا) .. يرى في الشعر قدراً ومسؤولية ويطمح لأن يرى الشعر العربي الأول عالمياً، وكالكبار قلبه معلقٌ بقريته ويراها بيت الشعر ونافذة الشاعر ..
أحمد نناوي واسمه الكامل أحمد مصطفى إبراهيم شاعرٌ مصري ولد في قرية ننا في بني سويف بمصر عام ١٩٨٨م، حاز على جوائز شعرية عدة أهمها جائزة توليولا الإيطالية، صدرت له عدة دواوين منها: صغير يرى العالم، و كما لو كنت أعرفه، و ما لم يقله المتنبي ودواوين أخرى، وله عدة مشاركات في مؤتمرات أدبية ومهرجانات شعرية.
دار بيننا هذا الحوار الذي أضعه بين أيديكم.
-تقول في إحدى قصائدك:
سماء المحدثين غدت غمامًا
وما بعد الحداثة ليس إلا
ظلامًا لا يرى إلا ظلامًا
إذا أبصرته يبدو مخيفًا
ولو أمعنته يبدو حطامًا
لماذا هذا الموقف الحدي من الحداثة الشعرية رغم أن بعض قصائدك بشعر التفعيلة؟ وضح لنا هذا التناقض!
يوضح ذلك مقطع من قصيدة “أحد عشر كوكبًا”
رأيتُ
المنتمي للشكلِ
يهدمُ حائطَ المضمونْ
فما يبني
الحداثيونَ
يهدمُهُ الأصوليونْ
وما يبني
الأصوليونَ
يهدمُهُ الحداثيونْ
لو تأملنا الطبيعة سنجد عناصرها متناقضة ومختلفة ولا ينفي عنصر من عناصر الطبيعة عنصرًا آخر؛ فالليل دليل وجود النهار والأرض والسماء وجهًا لوجه.
دمج الحداثة والأصالة وإحياء التراث بما يناسب طبيعة العصر؛ هذا ما أرتكز عليه دون الانحياز لجانب دون آخر وعلى هذا الأساس أخوض مسيرة التجديد.
– البعض يرى أن المهرجانات الشعرية العربية أصبحت مملة ورتيبة، بلا ابتكارات واختياراتها بلا معايير واضحة. ما رأيك؟
الحديث في هذا الموضوع وغيره دائرة ليس لها ملامح وهي موضع التباس بين الجميع والحكم فيها نسبي، لا تخضع للحكم المطلق؛ لكن الجواب يظهر من عنوانه ما يعني أن الواقع أصدق دليل.
*تضخم الذات لدى الشاعر مقبول
– القارئ لبعض قصائدك يجدها تتمحور حولك وحول علاقتك بالأشياء وبها كثير من الرومانسية الذاتية. هل هذه نرجسية؟
تضخم الذات لدى الشاعر مقبول في قصائده إذا كان لها أسبابها من واقع تجربته ودواعيها التي تلتمس له العذر وأهميتها التي تسلط الضوء على كثير من القضايا؛ أما مع الناس في الواقع – خاصةً جمهوره – لا معنى لظهور هذه الأنا؛ فالمقام مقام محبة.
– حركة الترجمة للشعر العربي إلى لغات أخرى ضعيفة. إلى ما تعزو ذلك؟ وهل شعرنا العربي الحديث ضعيف لدرجة أن الآخر لا يقرأه؟
حركة النقد والترجمة معًا واهتمام الإعلام قليل وليست الترجمة فقط، وفي الشِّعر العربي المعاصر ما لو أخذ ولو مساحة صغيرة من الضوء ووصل للآخر بلغته لأدرك العالم كله عظمة وأهمية الشِّعر العربي.
– دائمًا ما تتغنى بقريتك. ما سر هذا التعلق؟
لأن القرية على بساطتها ووجودها على الهامش هي بيتُ الشِّعر ونافذة الشَّاعر.
أدينُ لقريتي بالشِّعر
قولًا وفعلًا واكتمالًا للمسيرةْ
تراودني المدينةُ
عن سماها
وقلبي صوبَ قريتنا الصغيرةْ
أحنُّ إلى القُرى
وكأنَّ قلبي
غداءُ الجالسينَ على الحصيرةْ
*التفاعل في الميديا “مجاملات”
– هل للشعر الفصيح اليوم جمهور حقيقي؟ أم أنها مجرد فئات قليلة تحركها المجاملات؟
قارئ حقيقي أهم من مليون مجامل.
لأن التأثير الحقيقي يخلد في ذاكرة الناس، وعلى هذا الأساس أعتبر القارئ أو المتلقي سلطة أولى، ولا أعني بذلك مدى التفاعل على الميديا لأنه كثيرًا ما يقع تحت مظلة المجاملات ولكن أعني التأثير الواقعي.
أن يجد الشاعر من يحفظ له نصوصًا أو أبياتًا أو أجزاءً من شعرِه، لأن الشِّعر فن شفاهي بالمقام الأول وحضوره واقعي والاستشهاد به هو المعيار الحقيقي.
وطبعًا للشِّعر أهله وجمهوره الحقيقي.
*الرواية تخدمها الدعاية والإعلان
– يقال أن الرواية اليوم تفوقت على الشعر وغدت هي “ديوان العرب” لأنها الأقدر على تمثيل أحوالهم.
ما رأيك بهذا القول؟
لن أنحاز للشِّعر على الرواية أو القصة كوني شاعرًا.
الأمر باختصار راجع للدعاية والإعلام.
وأكاد أجزم لو حدث وحصل شاعر عربي على جائزة نوبل سيتحول اهتمام الإعلام والناس إلى الشِّعر.
* الشعر قدري ومسؤوليةٌ على كاهلي
– ديوانك “ما لم يقله المتنبي” الذي حصلت به على جائزة عالمية هي جائزة توليولا الايطالية كان موضع استنكار وجدل. ما قصة هذا الديوان؟
حالة الاستنكار حول الديوان أراها أثمرت بقدر ما أثَّرت؛ وتأثيرها الإيجابي أكبر لأن الدائرة اتسعت حول فجوة تقديس الأشخاص التي قصدت ردمها.
أما تأثيرها السلبي فقد عاد عليَّ بالتهميش من الأوساط الأدبية وقيلت لي بشكل صريح من بعض الشعراء الكبار:
“ابعد عن المتنبي”.
حتى حصل الديوان على جائزة عالمية؛ فخرج من دائرة الرفض إلى دائرة الفرض!
في النهاية لكل شيء ضريبة وأعتقد أني دفعت ضريبة ذلك وما زالت مستمرة أؤديها ولسان حالي:
أتينا هذهِ الدُّنيا نُؤدِّي ضريبةَ ما نحبُّ وما نشاءُ
– هل الشعر بالنسبة لك هواية أم أن وراء هذه الموهبة الشعرية الفذة طموح ما؟
الشِّعر بالنسبة لي ليس مجرد هواية أو شكل من أشكال الرفاهية؛ هو قدر الله أولًا، وهو مسؤولية كبيرة حملتها على كاهلي، وطموحي مع الشِّعر بلا سقف، فأطمح لأن يعود الشِّعر لمجده ومكانته التي يستحقها، والشِّعر العربي تحديدًا أطمح لأن يكون الأول عالميًا؛ باختصار الشِّعر بوابتي الأولى على العالم، فأطمح من خلاله للعالمية، ولا أبالغ إذا قلت: جائزة نوبل في الشِّعر لا أراها مستحيلة.
* أعول على التنوع والاختلاف
– تكتب الكثير من قصائدك بمقاطع قصيرة وغير مطولة. لماذا؟
لا أنتمي لمدرسة معينة من مدارس الشِّعر منذ كنت طالبًا بكلية دار العلوم وأنا منشغل بالتنوع وصناعة المعادلة مع ضرورة الابتكار بما يمثل مدرسة جديدة تستوعب جميع المدارس وترتكز على العمق والبساطة والمفارقة ووضع بصمة مختلفة.
فالشِّعر الجيد كثير جدًّا، المختلف نادر جدًّا، والاختلاف ليس شكلًا ومضمونًا فقط؛ بل الحديث عن ذلك يحتاج دراسة والعارف بالشِّعر يدرك ذلك جيدًا.
ما أعول عليه، وإن تعرَّض للهدم، هو التنوع والاختلاف.
– يشكو الشعراء الشباب من التهميش. هل هذه الشكوى حقيقية أم أنها محاولة للفت الأنظار واستدرار عطف الجماهير؟
الأمر نسبي؛ هناك من يقع في خانة التهميش والتجاهل، وهناك من ينعم بالاهتمام ويأخذ فوق حقه وينال فوق قدره؛ الشاهد في ذلك هو الكيل بمكيالين.
أما لفت الأنظار فغالبًا يكون في أمور أخرى فالناس دائمًا تلتف حول الأقوى.
وهذا تناولته في ديوان “ما لم يقله المتنبي”.
*الشعر ليس له ملوك
– من بين الشعراء الأحياء اليوم من برأيك أمير الشعراء؟
الشِّعر ليسَ له ملوكٌ إنهُ ملكٌ على أقلامِنا يتصدَّقُ
– ما أهم القضايا التي يحملها شعر أحمد نناوي؟ والتي تريد للتاريخ أن يحفظ لشعرك أنه كان مناصرًا لها؟
ثلاثي الكون الذي أدور في فلكه: 1- الله. 2 – العالم. 3 – الإنسان.
أهم ثلاث قضايا بالنسبة لي:
1- الله واحد يخص الجميع.
2- بناء الإنسان أعظم الحضارات.
3- الوحدة الإنسانية والقومية العربية.
بطاقة هويتي: مصريُّ المولد عربيُّ اللسان كونيُّ الرؤية.
* لم أستوعب إلى الآن قرار فصلي !!
– كنت أحد المشاركين في المسابقة الشهيرة “أمير الشعراء” ويُقال تم فصلك من وظيفتك بوزارة الثقافة لانقطاعك عن العمل. هل هذا صحيح؟ وإن كان صحيحًا أليس الأجدر دعمك وتشجيعك؟!
القرار لم يصدر أثناء المشاركة بل بعدها.
إلى الآن لا أستوعب الأمر وإن كان غير مقصود.
لأنه وضعني في مأزق ومتاهة البحث عن عمل آخر.
لكن الحمد لله، قدر الله وما شاء فعل.
“لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا”.
فلعله خير.
– حددت اليونسكو ٢١ مارس من كل عام يومًا عالميًا للاحتفال بالشعر. إذا طُلب منك أن تقف في هذا التاريخ موجهًا كلامك للعالم متحدثًا عن الشعر.
ماذا تقول؟
سأتحدث عن الشِّعر بالشِّعر وأقولُ:
ملكٌ على أقلامنا
وَقَفُوا
على بابِ المَجَازِ وَحَدَّقُوا
وَتسَاءَلوا: مَنْ في القصيدةِ أصدَقُ؟
مَنْ أصدَقُ الشُّعراءِ؟
قالَ عجوزُهُمْ:
مَنْ في قصيدتهِ صدَى مَنْ يعشَقُ
ما كلُّ
مَنْ نظمَ القصيدةَ
شاعرًا
أوْ كلُّ طيرٍ في الفضاءِ يُحلِّقُ
فالشاعِرُ الموهوبُ
يُوْحَى شِعرُهُ
مِمَّا أحَسَّ بهِ وَلا يَتَمَلَّقُ
إنْ قالَ في الأشعارِ
بيتًا واحدًا
كادَ الزَّمَانُ مِنَ الجمَالِ يُصَفِّقُ
في قوةِ المبنى
أساسٌ راسخٌ
وَبقوةِ المعنى جمالٌ مُطلَقُ
الشِّعرُ
ليسَ لهُ ملوكٌ
إنهُ ملكٌ على أقلامِنَا يَتَصَدَّقُ
صَعبُ المنالِ
عَصِيَّةٌ امواجُهُ
مَنْ لمْ يكنْ للموجِ كفئًا؛ يغرقُ
لا ينتمي للشِّعرِ
بيتٌ غامضٌ
يُبْنَى وضوحًا بينما هو أعمَقُ
فإذا أضاءَ؛
تفتَّحَتْ أبوابُهُ
وَالضَّوءُ لا يُبديهِ بابٌ مُغْلَقُ
القصيدة من ديوان “كما لو كنتُ أعرفه”.
التعليقات