الأكثر مشاهدة

د. يوسف حسن العارف (1) … لم تكن دعوة عابرة، تلك التي وصلتني من الزميل والص …

على خطى عثمان المضايفي.. في ربوع بني عدوان

منذ 3 أشهر

246

0

د. يوسف حسن العارف

(1) … لم تكن دعوة عابرة، تلك التي وصلتني من الزميل والصديق أبو عمر/ محمد العدواني للحضور والمشاركة في الندوة العلمية التاريخية التي تقيمها دارة الملك عبدالعزيز، فاستجبت سريعاً، وأرسلت الموافقة عبر التسجيل الإلكتروني بـ(الباركود)… ثم تأكدت تلك الدعوة من الزميلة الدكتورة لطيفة العدواني، رئيس مركز تاريخ الطائف. فشكراً لها.. وشكراً لك أخي محمد الذي يعرف مدى اهتماماتي بالطائف تاريخاً وشعراً وإبداعاً وحضارة وانتماءً!!

*   *   *

(2) كنت أتوقع من (الدارة) والقائمين على هذا البرنامج التاريخي من أعلام المملكة… أن يعقدوا هذه الندوة في رحاب جامعة الطائف (Tu)،ليكون المستهدفون طلاب الجامعة وشباب المحافظة ليعرفوا شيئاً عن رموزنا الوطنية، عبر هذه الندوة التاريخية!! ولكنهم اختاروا فندق انتركونتننتال وقاعاته المخصصة لهذه الندوات!! فشكراً لهم هذا التنظيم الرائع، والاستعداد المبكر، عبر المعرض المصور الخاص بالتعريف بهذه الشخصية المحتفى  بها، وهي شخصية (عثمان بن عبدالرحمن المضايفي العدواني) التي أسهمت في البناء المرحلي للدولة السعودية الأولى، وكان من رجالات الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود في غزواته وفتوحاته وانتصاراته.

وعبر الكتيب الذي أصدرته (الدارة) بهذه المناسبة التاريخية وفيه معلومات قيمة ومختصرة وشاملة عن هذه الشخصية/ نشأته وشخصيته وإسهاماته واستشهاده في الدفاع عن الدولة السعودية الأولى، والمزود بكثير من الصور التوثيقية عن ديار بني عدوان، وقصور وبيوت ومسجد الشخصية المحتفى بها، والتعريف بالكتب التي صدرت وأُلفت عن هذا الرمز التاريخي وهي:

* كتاب الدكتور إبراهيم محمد الزيد: عثمان بن عبدالرحمن المضايفي/ أمير الطائف والحجاز في الدولة السعودية الأولى، طبع ونشر عن لجنة المطبوعات في التنشيط السياحي بالطائف عام 1418هـ/1997م.

* كتاب عبدالوهاب قتال: عثمان بن عبدالرحمن المضايفي/ عهد سعود الكبير، نشرته الدارة ضمن سلسلة قادة الجزيرة العربية.

* كتاب الدكتورة لطيفة بنت مطلق العدواني: عثمان بن عبدالرحمن المضايفي العدواني/ ودوره في الدولة السعودية الأولى، طبعته الدارة، عام 2021م.

وعبر الندوة الكبرى مساء يوم الأربعاء 21/2/1445هـ = 6 سبتمبر 2023م التي شارك فيها ثلاثة من الرموز التاريخية:

* معالي الأستاذ الدكتور سعيد بن عمر بن محمد آل عمر، وكانت ورقته بعنوان: عثمان المضايفي/ سيرته وحياته والعوامل التي جعلته يوالي الدرعية.

* سعادة الأستاذ الدكتور يوسف بن علي بن رابع الثقفي وكان موضوعه/ دور المضايفي في تنصيب العلم السعودي في العبيلاء.

* وسعادة الأستاذ الدكتور عبداللطيف بن محمد الحميد، وورقته عن/ عثمان المضايفي من الانتصار إلى الشهادة.

وأدارها بامتياز وعقلانية وأسلوبية ماتعة، الأستاذ الدكتور مازن بن محمد مريسي الحارثي أحد رموز جامعة الطائف (Tu)، المتخصص في اللغة العربية وآدابها.

كانت ندوة ثرية بمعلوماتها، وفضاءاتها التاريخية، ولكن ضيق الوقت الممنوح للمتحدثين أضاع علينا الاستماع للأوراق كاملة، واكتفى أصحابها بمستخلصات مكثفة وإلماحات عابرة.. منتظرين أن نقرأها كاملة في المدونة العلمية المنتظرة  من الدارة إن شاء الله عن هذه الندوة التاريخية الماتعة.

*   *   *

(3) كنت أتمنى إتاحة الفرصة للتعليق والمداخلات فقد أوحت هذه الأوراق البحثية، والطروحات التاريخية، بالكثير من الأفكار التي من شأنها الإضافة والتأصيل والتعالق الثقافي/ التاريخي. وكنت مستعداً للتعليق والمداخلة ولكن مدير الجلسة والمنظمون، لهم رأي غير ذلك!!ولعلها فرصة الآن أن أشير إلى ما كنت سأتداخل به:

* في ورقة الدكتور آل عمر، إشارات مهمة إلى دور المضايفي العدواني في موالاة آل سعود والاقتناع بدعوتهم السلفية وأدوارهم التاريخية، وأضيف (أنا) أن ذلك يدل على الفراسة والنباهة والاستقراء المستقبلي لهذه الشخصية الفذَّة، فالتحولات السياسية التي تعيشها الجزيرة العربية، والتقاطعات التاريخية بين القوى المهيمنة دولة الأشراف، والقوة القادمة دولة آل سعود في مراحلها الأولية، جعلته أكثر تنبؤاً، واستقراءً للمستقبل، واستيعاباً للمرحلة وتشظياتها السياسية، فوالى آل سعود، وانضم إلى قيادتهم، وأخلص في تجسير المسافة بين الحجاز ونجد. وهذا فضل من الله يؤتيه من يشاء من عباده.. والمضايفي العدواني واحد من هؤلاء المصطفين.

* وفي ورقة الدكتور يوسف الثقفي، إشارة لافتة ومهمة في نصب العلم السعودي على حصن العبيلاء (عْبَلَة) باللهجة المحلية. وذلك دلالة على الانتماء لهذه الدولة السعودية، واعترافاً بتبعية القرى العدوانية وانتمائها السياسي، مما كان له كبير الأثر في الوصول السعودي إلى هذه الجزئية من أراضي الحجاز والقرب من دولة الأشراف!!

وأضيف (أنا) في مداخلتي، قيمة العَلَم ودلالاته السياسية والاجتماعية، منذ ذلك الوقت الذي اعتمدته دولة آل سعود الأولى، واستشعره المضايفي ورفعه على حصنه (حصن العبيلاء)، بمكوناته المعروفة والمستمرة إلى يومنا هذا، حيث جاء يوم العَلَم الذي أقره قائد هذه البلاد الملك سلمان حفظه الله ليكون يوماً تاريخياً يُحْتَفى فيه برمزية العَلَم ودلالاته في 11 مارس من كل عام، وفيه إشارات ودلالات إلى التوحيد والعدل والقوة والاستمرارية وقد قلت فيه نصاً شعرياً طويلاً أقتبس منه الأبيات التالية:

(( رمز النماء.. وخضرة البيداء
والسيف عدل… راجح الأمداء
وشهادة التوحيد.. عهد ثابت
من ماضيَ الأجداد والآباء
هو (بيرق) الأمجاد يحكي سره
إخوان صدق.. عزةٍ.. وإباء
هو راية لا تنتكس لمصيبةٍ
فعُلُّوها رمزٌ على العلياء
هو رمزنا.. إن كان ثم دلالة
فعقيدتي.. وعدالتي.. ورخائي))

جدة 11 مارس 2023م

* وأما ورقة الصديق والزميل العزيز، الدكتور عبداللطيف الحميد التي ناقش فيها مسيرة المضايفي العدواني من الانتصار إلى الشهادة، فكانت ورقة شاعرية فيها الكثير من الوجدانيات والرسائل المفعمة بالذكر الطيب والمواقف البطولية في معارك التأسيس والمقاومة الوطنية. وإشارة إلى الكتب العلمية/ التاريخية المؤلفة عن هذه الشخصية التي تمثل رمزاً ودلالة تذكر فتشكر لمواقفها البطولية من انتصاراته وبطولاته وحتى أسره من قبل الأتراك ونقله إلى استانبول واستشهاده هناك عام 1228هـ = 1813م.

*   *   *

(4) كانت ندوة علمية/ تاريخية ناضجة بكل المقاييس، اكتمل عقدها بكلمة الأمين المكلف للدارة معالي الأستاذ الدكتور فهد السماري، الذي أشبع عقولنا وقلوبنا بكلمته التاريخية الضافية والمرتجلة، تداخلاً مع المتحدثين أصحاب الأوراق البحثية، ومتنامياً من خلالها تعليقاً وإضافة عن القيم التي يمكن أن نستمدها من هذه البطولات والدروس المستفادة من هؤلاء الرموز الوطنية ومنهم عثمان المضايفي العدواني.

وكان مما قاله فيها:

(( لو عاد إلينا عثمان المضايفي (رحمه الله)، سيجد أن عدم انكساره في تلك المواجهة العنيفة، أدت نتائجها… وطن لا ينكسر… وطن له مبادئ مغروسة في نفوس الناس… وطن لا يبحث إلا عن مصلحة عامة، يبحث عن دين وتمكين، عن سعادة واستقرار، عن الرفاهية والأمن…)).

وهذه عبارات دالة ومعبرة عما يحمله حبيبنا الدكتور السماري من فكر نيِّر، ورؤية تاريخية مستنيرة وانتماء وطني متجذر ومتجاوز تتبلور من خلال حديثه المرتجل، ولغته الصافية، وأفكاره التاريخية المستمدة من تخصصه وإشرافه على مركز وطني لتاريخ بلادنا ورموزها وقادتها منذ القدم وحتى هذا العهد الزاهر الميمون!!

فشكراً لمعالي الدكتور فهد السماري، وشكراً لأصحاب السعادة الذين أثروا هذه الندوة بطروحاتهم وأفكارهم، وشكراً للدارة ورجالها على هذا التنظيم الأكثر من رائع والاستضافة الباذخة، والشكر موصول لمركز تاريخ الطائف وقيادته الأنيقة التي تمثلها الدكتورة لطيفة العدواني، التي كان لها دور كبير في إبراز هذه الشخصية، ابن بلدتها وقبيلتها والتعريف بها، من خلال كتابها المنشور، ورسالتها العلمية التي كانت محل احتفاء واصطفاء من الدارة، حتى إنها تبنتها ونشرتها ضمن مطبوعاتها في سلسلة الرسائل الجامعية برقم 410.

وأخيراً الشكر لأخي محمد العدواني الناشط الثقافي والاجتماعي المتواجد في ساحات العمل التطوعي، والبناء المجتمعي، عبر مساحات التواصل الاجتماعي/ تويتر حيث يعرف نفسه بما كتبه على حسابه التويتري:

(( لمَّا غفوت ولم أحقد على أحد
أرحت نفسيَ من همِّ العداوات
الناس داء، وداء الناس قربهم
وفي اعتزالهم قطع المودات ))

وهذا يعني قربه من الناس، والتواصل معهم والسعي في خدمتهم، حتى ولو عانى منهم ما يعاني!!

*   *   *

(5) لقد كانت هذه الأمسية وفعالياتها وتنظيمها ونجاحها، ميداناً من ميادين (عبقر) الشعرية، فقد أوحت للشاعر/ أنا، بقصيدة سداسية/ مقطوعة شعرية استكملتها فيما بعد لتصل إلى عشرة أبيات، وهي في من قامت الندوة من أجله، الرمز الوطني عثمان المضايفي العدواني، وأهديها له (يرحمه الله)، ولأفراد قبيلته وأحفاده، فهو وهم يستحقون أن تقال فيهم القصائد والمدائح الشعرية، وهذه هي القصيدة:

لهذا الفَذّ تُرْتَجَل القوافي
ندياتٍ.. وصاحبها نديُّ
تسامت نحوه العليا.. فكانت
على شرفاته.. شمسٌ وفيُّ
له التاريخ ببني ذكريات
على الدنيا.. لها نشر وطيُّ
فـ (عثمان) الذي قد كان صرحاً
من الإخلاص… لا يكفيه شيُّ
سوى الدعوات والذكر المجلَّى
على صُحُفٍ… وليس لها سميُّ
(بنو عدوان)… جيلٌ بعد جيلٍ
لهم في المجد… إرثٌ يعربيُّ
فهم قامات فضل.. وانتماءٍ
لهم في سابق التاريخ ضَيُّ
أحييهم بماء الحُبِّ شعراً
سماويُّ الحروف لها دويُّ
وأنثرها وروداً أو زهوراً
على ملأٍ لهم أصلٌ نقيُّ
(بنو عدوان).. يا طيب السجايا
لكم في القلب نبضٌ (عارفيُّ)
إليكم هذه الأشعار تُهدى
وتحملها القوافي والرَّويُّ

الطائف فندق انتركونتننتال
مساء الأربعاء 21/2/1445هـ

جدة مساء السبت 24/2/1445م

*   *   *

(6) ولم يكتف المنظمون، دارة الملك عبدالعزيز، ومركز تاريخ الطائف، والأهالي من قبيلة بني عدوان، بالندوة العلمية التاريخية، بل أفردوا للضيوف والمشاركين يوماً خاصاً لزيارة تاريخية وجولة ثقافية في ربوع (بني عدوان)، حيث القرى التي نشأ فيها عثمان المضايفي/ قريتي (العبيلاء/ عبَلَهْ) كما هي في اللهجة الدارجة وقرية (العقرب)، وذلك صباح يوم الخميس 22/2/1445هـ = 7 سبتمبر 2023م.

هناك وقفنا وشاهدنا بعض الآثار المنتمية لعثمان المضايفي العدواني، والمرتبطة تاريخياً بحياته وبطولاته، مثل مسجده، وسكنه، والقلعة المسماة (قصر مروان) لبنائها من حجر (المرو) الأبيض!! وحصن قرية العقرب!! (انظر الصور المرفقة).

وأول الوقفات كانت عند المسجد، حيث لفت نظري اللوحة التعريفية على المنصوبة أمامه على جداره الخارجي، إذ حملت معلومات تاريخية هامة كما في الصور المرفقة، جاء فيها: “مسجد الأمير عثمان بن عبدالرحمن المضايفي العدواني/ أمير الطائف والحجاز في الدولة السعودية الأولى، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. هذا المسجد من الآثار التي خلفها.. ويعد معلماً وشاهداً… وهذا المسجد كانت تقام فيه صلاة الجمعة ويدرس فيه القرآن وتلقى فيه المواعظ والدروس في التفسير والحديث. وممن صلى فيه الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود، والإمام سعود بن عبدالعزيز، والإمام عبدالله بن سعود (يرحمهم الله)، عندما كانوا يأتون للحجاز.

كما لفت نظري البناء الحجري ذو الصخور السوداء المأخوذة من (جبل العقرب) والتي صمدت طوال هذه المدة التي تتجاوز الـ (200 عام) منذ وفاة واستشهاد هذا البطل/ المضايفي عام 1228هـ، وربما قبل ذلك بكثير إلا أن الأرض قد ارتفعت وغطت نصف المساحة فلم يبق من المحراب إلا النصف الأعلى.

والمسجد عبارة عن باحة خارجية قبل بيت الصلاة، وفي الجزء الأيمن منها درج يصعد عليه للآذان.. ويبدو المسجد بدون منارة!! وبجوار المدخل غرفة قد تكون مكاناً للوضوء!! أو استضافة للعابرين، أو مقرأة للإمام أو المؤذن، أو غرفة ثم بيت الصلاة، أو صحن المسجد وهو عبارة عن جزء واحد لا أروقة فيه، وله محراب بلا زخرفات تزيينية، وسقفه من جذوع النخل وبدون أعمدة خشبية أو حجرية ومساحته تقريباً 15×12 متراً (كما أخبرني عبر الواتس الصديق والناشط الإعلامي والاجتماعي محمد العدواني/ أبو عمر)!!

وفي حصن المضايفي بقرية (العقرب)، أعجبت باختيار المكان المطل على كامل القرية، على تلة مرتفعة أو كانت جبلاً تطامن نحو الأرض مع طول الزمان، وقد أحسن الأهالي في ترميمها الظاهري، ولكنها لم تستكمل من الداخل!! فالأسقف الخشبية فيها انهيارات وتشققات، وهي عبارة عن طوابق/ أدوار ثلاثة أو أربعة، وفيها من  الحجرات ونوافذ المراقبة ما يشعرك أنها كانت حصناً أو قلعة عسكرية، وقد وقفنا عليها وتجولنا في حجراتها وسطوحها العالي الذي شاهدنا منه بساتين قرية العقرب وما حولها والتقطنا الصور التذكارية بهذه المناسبة.

وقد أعجبني مشاركة مجموعة من السيدات المؤرخات المهتمات بتاريخ عثمان المضايفي والحرص على هذه الجولة الآثارية والتعريفية ومحاولة الصعود إلى هذا الحصن رغم التحذيرات التي سمعوها.. وهن الأستاذة الدكتور إلهام البابطين والأستاذة الدكتورة منى القحطاني، والدكتورة ابتسام الزهراني والأستاذة الدكتورة لطيفة العدواني بنت هذه المنطقة انتماءً واهتماماً واعتزازاً لمسته من أحاديثها وتعريفاتها ونحن في الحافلة عندما ذكرت لنا قرية (الصلبة) المشهورة بنخيلها الباسقات، وثمراتها اليانعات والتي يقول عنها المؤرخ عاتق بن غيث البلادي عن قرية (صلبة) ونخيلها: “غابة من النخيل الملتف الذي يقدر بألفي نخلة، وهي في منعرج من وادي ليَّه على جانبه الشمالي… ويقع بجانب صلبة تل أبيض يسمى العبل” (انظر موقع أشراف الحجاز، مقال بعنوان: رحلة إلى بلاد عدوان للعلامة المؤرخ عاتق بن غيث البلادي الحربي) المنشور سابقاً في مجلة المنهل، محرم/صفر 1393هـ = مارس/إبريل 1973م.

ومن ثم انتقلنا إلى قرية (العبيلاء/ العبَلَه) حيث قصر مروان، القلعة المهيبة التي بناها عثمان المضايفي العدواني على أعلى جبل مروان الذي اشتهر بحجارته (المرو) الأبيض وفيه وعنه يقول المؤرخ عاتق البلادي في المقالة السابق ذكرها ما يلي: “هبطنا إلى قرية (العبيلاء)… وقي قرية تتلبط (جبل مروان) من الغرب.. و(جبل مروان) تل حجارته من المرو على رأسه قلعة طينية مهدمة يقال إن الذي بناها عثمان المضايفي..) المرجع السابق. ومن هذا الجبل ذو الحجارة البيضاء، استخدمت حجارته في بناء هذه القلعة/ القصر/ الحصن/ المرَوَيْ، وعرف بهذا الاسم (قصر مروان)!!

وقد رمم أخيراً بشكل لافت وجميل، عن طريق وزارة السياحة أو هيئة التراث وإن كان البلادي قد وصفها في ذلك العام الذي تمت فيه الزيارة عام 1393هـ، تقريباً بأنها قلعة طينية مهدمة، خضعت فيما بعد لأعمال الترميم وإعادة التأهيل لما تحمله من مضامين تاريخية ومواقف بطولية وسياسية لصاحبها الأمير عثمان المضايفي العدواني (يرحمه الله).

وما شاهدناه ووقفنا عليه، جعلنا ندرك القيمة الأثرية والحضارية لهذا القصر/ القلعة، فقد شيدت وحداته المعمارية من حجر المرو المحلي المقطوع من الجبل نفسه، ويعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر الهجري.. ويحتوي القصر على وحدات داخلية وحوائط حجرية ومسقوفة من جذوع الأشجار المحلية، وكذلك أبوابه من أخشابها كما تقول الدكتورة لطيفة العدواني في بحثها (من آثار الطائف: قصر مروان في قرى عدوان) المقدم لندوة الطايف تاريخ وحضارة ص31 من مستخلصات البحوث.

والجميل هنا، أن القصر يشرف على كامل المنطقة المحيطة به من قرى عدوان، وموقع سوق عكاظ التاريخي القريب منه جهة الجنوب، وله أربعة أبراج جانبية كما هو في الصور المرفقة.

وفي نهاية الجولة في قصر مروان، دعونا أهالي قرية (العبيلاء) لتناول القهوة والضيافة الخاصة بهذه المناسبة، فاستضافونا في ديوانية الشيخ عبيسان بن علي العدواني، احتفاءً بالوفد الزائر، وتقديم واجب الضيافة على مائدة متميزة من تراثيات القرية (خبز الملَّه والسمن والعسل والإقط: المعتبر، وفواكه العنب، وحلوبات اللدُّو الطايفية)!!

ولم يكتفوا بذلك بل أولموا لنا غداءً باذخاً بعد صلاة الظهر، لمن بقي من الوفد، لأن الأكثرية كانوا على سفر ولابد من المغادرة. وقد انتهزت هذا الاجتماع وهذه الضيافة التي تبودلت فيها الكلمات الترحيبية من قبل الشيخ والأهالي، ثم كلمة للدكتور أحمد الزيلعي أحد أعضاء الوفد الزائر نيابة عن الجميع فطلبت الكلمة لألقي قصيدتي التي أشرت إليها في مطلع هذه الورقة، والتي نالت استحسان الضيوف والأهالي، وأولهم شيخ القرية، وأحد أحفاد عثمان المضايفي الذي ألقى كلمة الأهالي في افتتاح الندوة، وليس آخرهم الزميل محمد العدواني الذي شكرني بحفاوة بالغة أمام الجميع!!

كما أُعجِبَ بالقصيدة زميلنا الأستاذ الدكتور أحمد الزيلعي والذيهمس في أذني ونحن نغادر المكان، أن القصيدة رائعة ومناسبة، ولكنها تحتاج إلى إشارات موجهة للدارة وجهودها في هذه المناسبات التاريخية. وهو محق في ذلك لكنني قد ذكرت ذلك نثراً في بداية كلمتي التعريفية عن هذه القصيدة التي ولدت من وحي هذه الندوة المباركة.

كما أن الدكتور محمد المشوح أحد الوفد الزائر أعرب عن إعجابه بالقصيدة وأثنى على اختيار الوقت والمكان لإعلانها وقراءتها بين أهالي قرية العبيلاء والعقرب أحفاد المضايفي العدواني/ وربعه الأقربين. ويقول إنها ضربة معلم مستذكراً أيام القصيدة الخالدة في جمعية التاريخ أثناء انعقادها في الصيف السابق في الطائف بعنوان (Tu)!! فشكراً للدكتور المشوح هذه اللفتات الأخوية الدالة على النبل والأريحية!!

*   *   *

(7) وانتهت الجولة الآثارية، وبها تختتم الندوة أعمالها ويعود الضيوف جميعاً إلى الفندق، ويغادرون إلى بلدانهم منتظرين اللقاء القادم في (رابغ)/ كما فهمت من حديث أحد أعضاء اللجنة العلمية لهذا البرنامج (من أعلام المملكة العربية السعودية)، آملين أن يكون لنا شرف المشاركة فيها قريباً إن شاء الله.

وقبل أن أختم لابد من كلمات ورسائل شكر أخوية أقدمها لكل من:

* الأخ محمد العدواني/ أبو عمر على دعوته لي ومتابعته الحثيثة للمشاركة والحضور.

* الأستاذة الدكتورة لطيفة العدواني على تأكيد الدعوة والاحتفاء المعنوي بحضوري ومشاركتي ووعدها لي بنسخة من كتابها عن عثمان المضايفي، ولاأزال من المنتظرين!!

* دارة الملك عبدالعزيز وأمينها المكلف معالي الأستاذ الدكتور فهد السماري وفريق العمل الذي رتب ونظم واحتفى بهذه الندوة وضيوفها طوال المدة وخلال اليومين 21-22/2/1445هـ وأخص بالشكر مدير العلاقات الأخ محمد العمري الذي كان حريصاً كل الحرص على راحة الضيوف ومتابعة إسكانهم وتنقلاتهم واحتياجاتهم أثناء انعقاد الندوة.

* مركز تاريخ الطائف رئاسة وإدارة وفريق عمل متميز كان لجهوده وراء الكواليس الكثير من أسباب النجاح والتميز.

* سعادة الأستاذ الدكتور عبداللطيف الحميد، الذي عرفنا على الكثير من قرى بني عدوان، والآثار الخاصة بـ/عثمان المضايفي، وكأنه أحد أبناء القرية… والقبيلة، وليس هذا غريب فقد ارتبط بالمنطقة وصاهر أهلها وأصبح أحد المهتمين والعارفين بتاريخها وحاضرها.

* سعادة الأستاذ الدكتور الأخ المؤرخ (متعب القثامي) الذي كان شعلة من النشاط والأريحية وأحد أسباب النجاح لهذه الندوة، والشريك المميز في مركز تاريخ الطائف واليد اليمنى للدكتورة لطيفة العدواني.

* وأخيراً أهالي قريتي (العقرب والعبيلاء) وأبناء وأحفاد المضايفي العدواني، وجميع أفراد قبيلة بني عدوان، الذين احتفوا وشاركونا هذه الندوة التاريخية حضوراً مساء الندوة، واستضافة أثناء الجولة التعريفية. فللجميع.. ولغيرهم ممن لا يحضرني اسمه، الشكر والتقدير وجزاهم الله كل خير.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود