د. صالح باظفاري*

من معاقل الغناء البحري الذي سنتحدث عنه هو مفهوم التأثير الأفريقي على الغناء البحري بشكل أساسي، وعن التقاليد الموجودة في الفنون المهاجرة عبر السفن المسافرة على أشرعة طائرة في مدن  وموانئ متناثرة في الجزيرة  والقرن الأفريقي، وقد أصبحت حية في موروثنا البحري ويمارس البحارة ذلك الفن المستورد من أفريقيا مثل ميناء (منباسا) وغيرها من مدن الساحل الأفريقي من الأشعار التي يرددها أصحاب السفن قولهم:
على ما دارت المايه
دخلنا خور منباسا
لقد حدد الرواة منشأ فنون الليوة بالساحل الشرقي لأفريقيا (كينيا وتنزانيا والصومال)،  بحكم الصلة التجارية القديمة بين التجارة العربية والسواحل الأفريقية.

حيث كانت مزدهرة تجارة الرق الذين أصبحوا جزءا من المجتمعات الساحلية التي توجد فيها موانئ تعج بالحياة،  وقد سمح ذلك التواجد للرقيق إلى نشر الثقافة الأفريقية،  ونقلها من منشئها الأصلي، كل ذلك عبر قنوات عبور بحرية من زنجبار إلى المكلا وجده وصور والكويت،  حـیث یـعتقد أنها انـتقلت مـن مـدیـنة عـدن إلى مـدیـنة الشحـر عبر السفن والبحارة الحضارم.
ونلاحظ أن كثيرًا من العازفين المهرة من أصل أفريقي، ورقصة الليوا وهي من مـقام الـنھاونـد وعـلى إيقاع 2عـلى 4 وهي أكثر انتشارًا في المناطق الساحلية،  وتسمى بالغناء أو الرقص السواحلي.
ومن أغـانـیھا التي تردد أثناء الرقصة.
بنیة خطبھا نصیب
رغبانة و بوھا غلب
والبعض يقول
بدویة خطبھا نصیب
وسرى الليل یا العاشقین
و من أغنیات اللیوا المعروفة
قولهم:  
مياما يا مياما.. مسكين الغريب وحده .. أوه یا الله
وقد خبرني مره الفنان سعید عبد المعين خميس النوبي رحمه الله أن النص السواحلي الأصلي یقول :
شرنجي شرنجي .. یا شرنجایا
شرنجي شرنجي .. یا شرنجایا

يمكننا أن نميز ذلك التأثير الأفريقي على موسيقى الفن البحري وأغاني الملاحين في اليمن والجزيرة العربية من خلال استخدامهم للسلم الموسيقي الخماسي وإيقاعات 6/8 و 12/8. في كثير من الأهازيج والأغاني البحرية ويختلف النمط الموسيقي البحري في استخدامه أدوات تستخدم في السفر على متن السفينة، مثل البراميل والطبل وبعض الأواني الفخارية.
إن التأثيرات البدوية والأفريقية والهندية تظهر واضحة على كافة أنماط الغناء التقليدي وخصوصا البحري مع لمسات من التقاليد الكلاسيكية القديمة في محاولة لتغير الشكل الخارجي وطمس بعض من الهوية العربية واستبدالها بالثقافة الأفريقية ونشأ جيل كامل على اللحن المستورد الذي يردده هؤلاء الرجال السمر.

*كاتب يمني