239
0212
0445
0261
0503
086
0377
0214
0128
0152
0183
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11769
04707
04351
174206
03831
0فيتشر العدد 99
إعداد – أحلام الجهني
يتحد حوالي (مئتان وأربعون) حائك وخياط ومطرز في عمل حرفي دقيق مجلل بالشرف ومكلل بالاعتزاز وذلك لحياكة كسوة الكعبة المشرفة التي تتباهى بلونها الأسود مع خطوط حريرية مذهبة تتلألأ فيها الآيات الكريمات على جنبات “البيت المعمور ” وفي رحاب الحرم المكي الشريف.
تتكامل ثقافة “الصناعة ” مع حصافة “الحرفة ” وتتماثل “حرفية” الأداء مع احتراف الكفاءة في عمل دؤوب تسوده الحسنى وتملؤه الروحانية وتتعالى منها “معاني” الفخر التي تنسجها “الأيادي” بكل مهارة وتحضرها “القلوب” بكل سكينة.
تفاصيل مبهجة ومعاني مجيدة تدور فصولها في مصنع كسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة حيث تستخدم الخيوط الحريرية الخام والمستوردة من إيطاليا وتصبغ في المجمع (الأسود والأحمر والأخضر) وهي من أجود أنواع الخيوط، ومجموعة أخرى من الخيوط القطنية.
ويتم تنقيتها لبطانة الثوب. وتستخدم أيضا في التطريز مجموعة من الأسلاك الفضية الصافية، والاسلاك الذهبية الصافية، عيار 24 قيراط.
ويستخدم لتطريز الحروف من الخارج ونسيج الحرير الخاص بكسوة الكعبة المشرفة يبلغ حوالي 7 ملم من الحرير الطبيعي الخالص وينقش بطريقة الجاكارد.
وينتج أيضاً الحرير السادة لطباعة الحروف عليها المطلوب تطريزها يدويا بأيدي صناع متخصصون ذوي مهارة عالية.
حيث تحشى الكلمات الذهبية بخيوط قطنية ثم تطرز بالخيوط الذهبية.
وتثبت بالأسلاك الفضية مما يعطى الشكل المبهر لها ويوجد مطبعة تطبع على القماش قبل التطريز عليه.
وتستغرق مدة عملها من “ستة أشهر إلى ثمانية أشهر”، حيث يقام في موسم حج كل عام احتفال سنوي في مصنع كسوة الكعبة المشرفة يتم فيه تسليم كسوة الكعبة المشرفة إلى كبير سدنة بيت الله الحرام، ويقوم بتسليم الكسوة الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي كما يسلم كيسا لوضع مفتاح باب الكعبة تم إنتاجه في المصنع.
وتبلغ تكلفة قيمة الكسوة أكثر من 20 مليون ريال تقريبا كل عام نظرا لارتفاع قيمة المعادن الثمينة فيها مثل الذهب والفضة.
منذ عصور طويلة تسابق على تعظيم الكعبة المشرفة والتشرف بكسوتها الأمراء والخلفاء بأغلى الكسوة والمزينة بالفخامة والجودة والجمال.
وفي عام 1346هـ أصدر الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله أمرا بإنشاء دار خاصة لصناعة كسوة الكعبة.
فكانت الكسوة المكية الأولى منذ أن كسيت الكعبة المشرفة عبر أمصار معدودة.
واستمر العمل في إنشاء كسوة الكعبة المشرفة إلى أن تم تجديد المصنع وتحديثه.
وفي عام 1397هـ افتتح المصنع الجديد بأم الجود بمكة المكرمة، وزود المصنع بالآلات الحديثة لتحضير النسيج وأحدث قسم للنسيج الآلي مع الإبقاء على أسلوب الإنتاج اليدوي لما له من قيمة فنية عالية.
وبنظرة الى كسوة الكعبة الشريفة تتجلة وسطها عبارات التوحيد والتعظيم والإجلال مزينه بالكثير من المطرزات الذي يظهر بزينة جلية على الحزام الذي يحيط بالكعبة المشرفة والمزين بالآيات القرآنية.
حيث تنسدل ستاره باب الكعبة المشرفة في لوحة قدسية خاشعة سطرت فيها الآيات القرآنية وطرزت بالأدعية والزخارف.
كما تضاء الكسوة السوداء للكعبة بقناديل تشع طوال أشهر العام، ولما كان الاخلاص أساس الإيمان فقد تم تثبيت سورة الإخلاص في الأركان، ويختص الركن اليماني باطار مزخرف تعلوه سلسلة مذهبة ممتدة نحو السماء.
وحول حجر الكعبة النازل من الجنة حلقة مذهبة تعلوها قناديل صاعدة مسجوعة بالجمال
تكتمل تلك الزخارف عند ميزاب الكعبة المشرفة والذي يبرز فيها الاتقان مكملاً منظومة الحلة المهيبة التي تأسر العين في قصة مقدارها عام كامل.
تبدأ فصولها بجلب اجود انواع الحرير الطبيعي في العالم لتصنع بحرفية داخل مجمع الكسوة الذي يحتوي على عدة أقسام.
من أهم هذه الأقسام:
قسم المصبغة:
أولى مراحل إنتاج الكسوة بالمصنع؛ يزود بأفضل أنواع الحرير الطبيعي الخالص في العالم، على هيئة “شلل” خيوط مغطاة بطبقة من الصمغ الطبيعي تسمى (سرسين) تجعل لون الحرير يميل إلى الاصفرار.
قسم النسيج الآلي:
تستخدم نظام الجاكارد الذي يحتوي على الآيات القرآنية المنسوخة، والآخر خال لكي توضع عليه المطرزات.
أي نسيج له تحضيراته الأولية من خيوط السدى، التي تختلف باختلاف النسيج من حيث كثافته وعرضه ونوعه.
بدايةً يتم تحويل الشلل المصبوغة إلى كونات (بكرة) خاصة لتجهيزها على كنة السدى لكونها تحتوي على عدد معين حسب أطوال الأمتار المطلوب إنتاجها.
وبالنسبة لأعداد “خيوط السدى” للكسوة الخارجية فتبلغ حوالي 9986″ فتلة” في المتر الواحد، يجمع بعضها بجانب البعض على أسطوانة تعرف “بمطواة السدى”، وتسمى هذه المرحلة (التسدية).
تمر الأطراف الأولى بهذه الخيوط خلال أسنان الأمشاط الخاصة بأنوال النسيج وتوصل إلى مطواة السدى التي تلف آليًّا حسب الطول المطلوب والمحدد من قبل.
بعد الانتهاء من “التسدية”، تنقل خيوط السدى إلى مطواة المكنة نفسها بالطول والعدد المطلوب. أما خيوط اللحمة (العرضية) فتجمع كل ست فَتَلات منها في فتلة واحدة على (كونات) خاصة تزود بها مكنة النسيج.
عدد خيوط اللحمة يبلغ ستاًّ وستين (66) فتلة في كل (1سم).
وتتضح من عملية إعداد السدى واللحمة كثافة قماش نسيج الكسوة الخارجية، وذلك كي يتحمل تعرضه للعوامل الطبيعية مدة عام كامل.
النسيج الخالي المخصص لتطريز الآيات القرآنية التي توضع على الكسوة من الخارج ويثبت خياطيًّا في إعداد السدى، فيبلغ حوالي 10250 فتلة بعرض 205 سم.
خيوط اللحمة فتعد لها أربع فَتَلات، لكل فتلة عدد (56 فتلة) في (1سم).
ينتج القماش السادة بعرضين: أحدهما خاص للحزام بعرض (110سم)، والثاني يستخدم في إنتاج الهدايا بعرض (90سم)، تزويد قسم الطباعة بهذه الأقمشة لطباعة الآيات والزخارف عليها.
قسم المختبر:
يعمل بمطابقة الخيوط للمواصفات من حيث رقمها وقوة شدها ومقاومتها، كما يقوم بتركيب ألوان الصبغة وتجربتها على عينات مصغرة من الخيوط لاختيار أفضلها؛ ومن ثم تزويد المصبغة بهذه النسب للعمل بموجبها مع وضع عينة في مكنة الصباغة لكي تعاد ثانية للمختبر لإجراء الاختبارات اللازمة عليها.
وبعد إنتاج القماش يتم تزويد المختبر بعينات عشوائية منه ليتم أيضًا فحصها والتأكد من أن جميع المنتج على نفس المواصفات المطلوبة، وذلك من حيث (ثبات اللون – سمكها – مقاومتها للاحتكاك – مقاومتها للظروف الجوية الصعبة لمكة المكرمة).
يتم عمل بعض الأبحاث لاختيار أفضل أنواع الصباغة وبعض المواد الكيميائية التي تزيد من مقاومة الأقمشة للغسيل والأتربة وزيادة شدها، وكل الأبحاث التي تساعد على تحسين جودة الأقمشة.
وقد تم تأمين أجهزة هذا المختبر من كبرى الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال.
قسم الطباعة:
كانت الطريقة القديمة المستعملة من قبل هي عملية نثر البودرة والجير بفردها على الثقوب المخرمة التي تحدث في حواف الكتابات فتمر من خلال ذلك ويتم طبعها ومن ثم تحديدها بالطباشير على القماش.
إن التصميمات الفنية والخطوط المكتوبة على الكسوة ليست ثابتة بل ينالها شيء من التغيير من وقت لآخر بغية الحصول على ما هو أفضل.
تشمل التصميمات الزخارف والكتابات المطرزة على الحزام والستارة.
في قسم الطباعة الذي تم أحدثه عام 1399هـ، حيث يتم أولاً تجهيز المنسج؛ وهو عبارة عن ضلعين متقابلين من الخشب المتين يشد عليهما قماش خام (للبطانة) ثم يثبت عليه قماش حرير أسود (خال) غير منقوش وهو الذي يطبع عليه حزام الكسوة وستارة باب الكعبة المشرفة وكافة المطرزات.
تتم الطباعة بواسطة (الشبلونات) أو سلك سكرين أي الشاشة الحريرية، وهذه الشبلونات يتطلب إعدادها جهدًا فنيًّا.
الشبلون عبارة عن إطار خشبي من أربعة أضلاع يشد عليه قماش من حرير صناعي ذي مسامٍ صغيرة مفتوحة تسمح بمرور السوائل.
حتى يصبح الشبلون قالب طباعة، يجب سد المسام جميعها ما عدا مسامَّ الخطوط أو الرسوم المطلوب طباعتها، وذلك بِدَهْن حرير الشبلون بمادة كيميائية فلمية حساسة من صفتها التجمد في الضوء، وتجفيفه في الفرن المخصص لذلك في الظلام.
ثم ينقل التصميم المراد طباعته على شرائح بلاستيكية بقلم خاص وباللون الأسود المعتم، ليصبح فيلم نيجاتيف، بعد ذلك يصور هذا الفيلم وينقل على حرير الشبلون بتعريضهما معًا للضوء لعدة دقائق حيث يستنفذ الضوء من جميع أسطح الفيلم لتتجمد على السطح ما عدا الأجزاء المحددة باللون الأسود، وبعد التصوير والغسيل تسقط المادة غير المتجمدة من تلك الأجزاء المحددة فقط وتصبح وحدها بالحرير مفتوحة المسام وعندئذ يصبح الشبلون قالب طباعة جاهزًا لنقل التصميم على القماش مئات المرات.
يتم ذلك بواسطة أحبار خاصة تجهز في القسم، حيث تسقط تلك الأحبار من خلال المسام المفتوحة بالشبلون محددة الخيوط أو الرسوم المطلوبة طباعتها بشكل دقيق وثابت.
قسم التطريز:
تطريز كسوة الكعبة بالأسلاك الفضية والذهبية تتم أولاً بوضع الخيوط القطنية بكثافات مختلفة فوق الخطوط والزخارف.
بعد إنتاج الأقمشة وبعد أن تتم طباعة النسيج الخالي منها كما تم التوضيح سابقًا بقسم الطباعة، فإن أهم ما يميز ثوب الكعبة المشرفة هو التطريز بالأسلاك الفضية والذهبية، وتتم هذه العملية الفريدة أولاً بوضع الخيوط القطنية بكثافات مختلفة فوق الخطوط والزخارف، مع الملاحظة الفنية في كيفية أصول التطريز، المطبوعة على الأقمشة المشدودة على المنسج الذي يشكل (إطارًا) على مستوى سطح القماش، ثم يطرز فوقها بخيوط متراصة من القطن الأصفر لما سيطرز عليه بالأسلاك المذهبة، ومن القطن الأبيض لما سيطرز عليه بالأسلاك الفضية في اتجاهات متقابلة وبدقة ليتكون الهيكل الأساسي البارز للتصميم والحروف، ثم يغطى هذا التطريز بأسلاك من الفضة المطلية بالذهب ليتكون في النهاية تطريزٌ بارزٌ مذهبٌ يصل ارتفاعه فوق سطح القماش من (1-2.5 سم). وتعمل الأيدي دون ملل أو تعب وبمهارة عالية في تنفيذ تحفة فنية رائعة تتجلى فيها روعة الإتقان ودقة التنفيذ وجمال الخط العربي الأصيل.
قسم خياطة الثوب وتجميعه:
تم تحديث هذا القسم بالآلات الجديدة عام 1422هـ، ويتم إنتاج قماش الكسوة من مكنة الجاكارد على هيئة قطع كبيرة (طاقة) كل قطعة بعرض (10سم) وبطول 14م (15 تكرارًا). يتم تفصيل كل جنب من جوانب الكعبة على حدة حسب عرض الجنب، وذلك بتوصيل القطع بعضها ببعض مع المحافظة على التصميم الموجود عليها، ومن ثم تبطينها بقماش القلع (القطن) بنفس العرض والطول، وعند التوصيلات تتم خياطتها بمكائن الخياطة الآلية، ويتوفر قسم الخياطة والتجميع على مكنة تمتاز بكبر حجمها في الطول، إذ تبلغ حوالي (16 مترًا) وبطاولة خياطة (14 مترًا) ومزودة بجهازي خط ليزر لتحديد مكان وضع الخامات على الكسوة، وتعتبر أكبر ماكينة خياطة في العالم من حيث الطول، وهي خاصة بتجميع طاقات القماش جنبًا إلى جنب، وتعمل بنظام تحكم آلي (كمبيوتر) مع ضغط هواء بنسبة (5 بار)، وبها خاصية تثبيت القماش مع البطانة (القلع) في وقت واحد بكينار متين مصنوع من القطن بعرض 7 سم تقريبًا، لتزيد من متانتها وقوة تحملها أثناء التعليق. ويتم تثبيته في أعلى الثوب بعرى حبال، ويخاط مباشرة على الثوب بواسطة المكائن التي تعمل بنظام تحكم آلي. تثبت القطع المطرزة للحزام وما تحته والقناديل الخاصة بكل جنب من جوانب الكعبة بنظام آلي كذلك.
وتتحدد مقاسات الكعبة المشرفة بجوانبها الأربعة المختلفة المقاسات : (1) جهة ما بين الركنين (10.29) مترًا (11 طاقة)
(2) جهة باب الكعبة (11.82) مترًا (12.50 طاقة)
(3) جهة الحِجْر (10.30) مترًا (10.50 طاقة) (4)
جهة باب الملك فهد (12.15) مترًا (13 طاقة).
وبالإضافة إلى إنتاج كسوة الكعبة المشرفة كل عام فإن المجمع ينتج أيضاً الكسوة الداخلية للكعبة المشرفة، والكسوة الداخلية للحجرة النبوية الشريفة.
تحتضن كسوة الكعبة الشريفة خطوط الحرير وتتضمن سطور المقام الشريف لهذا البيت المعمور والتي تمثل ثقافة دينية يجب ان ينهل منها كل مسلم لمعرفة التفاصيل الدقيقة والتي تشكل انتاج الكسوة الشريفة التي تلبسها الكعبة المشرفة والتي تملأ الأعين ببهجة النظر وتعمر الأنظار بجمال البصر في مشهد روحاني عظيم يعكس علو المقام المكاني واعتلاء القيمة البصرية والمعنى الثقافي والمشهد الروحاني.
قمة الروعه
أسلوب جميل وسرد مبدع
حقائق لأول مرة اعرفها