الأكثر مشاهدة

إعداد_هيا العتيبي في عالم يرغب فيه الجميع بالوصول إلى طريق سهل وسريع لكسب المال …

مؤلفات مشاهير التواصل الاجتماعي.. شهرة مؤقتة وإنتاج مخجل

منذ سنة واحدة

509

2

إعداد_هيا العتيبي

في عالم يرغب فيه الجميع بالوصول إلى طريق سهل وسريع لكسب المال والشهرة فإن هؤلاء المؤثرين من مشاهير التواصل الذين شهد أقرانهم قصص نجاحهم السريعة يصبحون أنموذجاً، ويفتحون أمام الآخرين الإمكانيات ذاتها، لأنه دخل لا يتطلّب سوى الخبرة في تسويق الذاتوبكل أسف تتزايد حمى الشهرة في أنفس مشاهير التواصل الاجتماعي ممن اشتهروا بالتفاهة والمحتوى الفارغ على حساب الصواب والمنطق، الأمر الذي دفع بالبعض منهم إلى اقتحام ساحات الثقافة المحمية بسياج المعرفة وأسوار الأدب ومعاني الموهبة والمهارة والخبرة حتى شاهدنا من استغل ثغرات دور النشر ولهاث بعضها لكسب المال على حساب المنتج الأدبي والثقافي وشهدت العديد من معارض الكتاب توقيع مؤلفات تحتوي بعضها على محتوى مخجل لا يرتقي إلى مقام التأليف ولا يتجاوز بعضه مجال الأحاديث الشخصية والسوالف الدارجة. وذلك وفق دلائل مؤكدة وبراهين متجددة.

فرقد سلطت الضوء على هذه الظاهرة التي ألقت بظلالها السلبية على ميادين الثقافة الأصيلة، من خلال الحوار مع نخبة من الأدباء والمثقفين عبر المحاور التالية:

ما هو تقييمكم للإنتاج الأدبي لمشاهير التواصل والذي شاهدناه في معارض الكتاب وبعض المكتبات ومن المسؤول عن ذلك؟

هل ضعف الرقابة على محتوى وسائل التواصل ونَهَم دور النشر المادي وارتفاع اللاهثين وراء الشهرة هي الداعم لتنامي الظاهرة مستقبلاً وما الحلول في هذا الجانب؟

كيف تتعاون قطاعات الأدب والثقافة والأدباء والمثقفين لوقف هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا العربي؟

على مستوى مجتمعي كيف نرفع من مستوى الذوق الثقافي والأدبي لدى الأجيال القادمة لحمايتهم من اقتناء هذه المؤلفات التي تؤثر على مستوى الفكر لديهم؟

*للتعليم دوره في إعادة هيكلة العقول معرفياً 

يستهل حوارنا الكاتب السعودي الأستاذ حسن مشهور بقوله:

نحن كمهتمين بالحراك الثقافي في الداخل السعودي، نشجع على الدوام وندعو كافة الجميع من الجنسين لممارسة فعل الكتابة والعمل على طرح نتاجات كتابية في الساحة الثقافية السعوديةإلا أن المفارقة الباعثة على التعجب، أن من نال حظًا في مواقع التواصل وأعتقد في نفسه بأنه يملك موهبة أدبية لأسباب عدة، أحدها نعته بالمثقف والأديب جهلًا من قبل متابعيه، قد اتجه للكتابة والتأليف مع جهله بفن وأصول هذه العملية الأدبية في أساسها والفنية في تكوينها وإخراجها والمعقدة في بنيويتها وهيكلتها. وهنا مربط الفرس وعلى ضوء هذا كانت الطامة الكبرى التي تمثلت في ذلك الإنتاج المخجل لبعض مشاهير مواقع التواصل الذي لن أنعته بمسمى الأدب تنزيهًا لهذه المفردة الشعرية الفارهة، والذي شاهدناه في معرض الكتاب وبعض المكتبات مؤخرًا.

وفي تقديري بأن المسؤول عن ذلك هو ضعف الرقابة على محتوى وسائل التواصل، إلى جانب نَهَم دور النشر المادي، بالإضافة للتزايد العددي للاهثين وراء الشهرة، فقد صور لهم جهلهم وقصر نظرهم بأن الأدب وصِفة أديب، هما الوجه الآخر للشهرة في مواقع التواصل التي يطبل لهم فيها ويصفق المراهقون وصغار السن  وكذلك صغار العقل.

وفي رأيي بأن الحل لمثل هذه الحالة التي ربما في المستقبل تنمو لتشكل ظاهرة، يتمثل في أن يقوم التعليم بدور حيوي في إعادة هيكلة عقول الجيل الناشئ معرفياً، وعندما أقول معرفيًا فأنا أعني غرس أسس الثقافة الأدبية الأصيلة في شبيبة المجتمع من الجنسين، وتزويدهم بخريطة ذهنية تاريخية عن التتابعية التاريخية للأدب العربي، إلى جانب تعريف الجيل الحالي بفن الكتابة وطرائق التأليف الأدبي الصحيحة، بحيث لا يدلوا بدلوه فيه سوى الموهوب فقط وليس أحد غيره.

كما أن مراكز التثقيف الأدبي وعلى رأسها المركز الأم، وأعني به وزارة الثقافة، ومجمل الأدباء والمثقفين مطالبين بلعب دور فاعل للتوعية وصولًا للحدولن أقول وقف لصعوبة المنعلهذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا العربي.

كذلك الأندية الأدبية والصالونات الأدبية والصفحات الثقافية مطالبة بتبني برامج تعمل على رفع الذائقة الثقافية والأدبية لدى الأجيال القادمة بغية توعيتهم والعمل على حمايتهم من اقتناء مثل هذه المؤلفات التي تؤثر على مستوى الفكر والذائقة الأدبية لديهم.

*تلك فقاعات، وزبد وسيظل ما ينفع الناس 

ويتطرق لذات القضية القاص  فهد جابر بقوله:

إن الإنتاج الأدبي المخجل لمشاهير التواصل والذي شاهدناه في معارض الكتاب وبعض المكتبات فقاعات وزبد وسيظل ما ينفع الناس في الأسفل. الكل مسؤول ابتداءً من المؤلف والشركة الداعمة وبرامج التواصل وأخيرا والفيصل المتابع.

وبالتأكيد ضعف الرقابة على محتوى وسائل التواصل ونَهَم دور النشر المادي وارتفاع اللاهثين وراء الشهرة هي الداعم لتنامي الظاهرة مستقبلاً والحلول في هذا الجانب تتم بالتوعية والنظام الصارم.

ويمكن أن تتعاون قطاعات الأدب والثقافة والأدباء والمثقفين لوقف هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا العربي بإلقاء الضوء على الجوهر بدلاً من لعن الظلام.

أما على مستوى مجتمعي فيجب أن نرفع من مستوى الذوق الثقافي والأدبي لدى الأجيال القادمة لحمايتهم من اقتناء هذه المؤلفات التي تؤثر على مستوى الفكر لديهم عن طريق المدرسة، والإعلام.

*الشهرة قاتلة للإبداع للهاث الدهماء وراء المشاهير

ويرى الشاعر محمد جابر  مدخلي: أن الإنتاج الأدبي المخجل لمشاهير التواصل والذي شاهدناه في معارض الكتاب وبعض المكتبات ظاهر وأنه لولا شهرتهم ما خرجت دواوينهم. والمسؤول من مرر تلك الدواوين.  

هناك ضعف رقابي على محتوى وسائل التواصل ونَهَم عند دور النشر المادي وارتفاع أعداد اللاهثين وراء الشهرة لذا نحن نحتاج لوعي أكثر لكي نعرف قيمة الحرف

ويجب أن تتعاون قطاعات الأدب والثقافة والأدباء والمثقفين لوقف هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا العربي وعدم التطبيل لها وهجرها.

أما على مستوى مجتمعي جيلنا الجديد والقديم والنشء يحتاج لتكريس ثقافي أكثر ليصل إلى قدرة التمييز بين الغث والسمين، لأن الساحة أصبحت متاحة للكل.

*نحتاج وقفة تصدي من أهل الأدب الحقيقي

ويبدأ الشاعر والناقد جزاء العصيمي رأيه بطرح سؤال مقارنة بين جودة التأليف سابقاً وحاضراً في زمن الشهرة  حيث قال:

بداية أود أن أسأل نفسي والجميع هذا السؤال :

كيف كانت نظرتنا تجاه أي نتاج أدبي ينضم لما قبله من مؤلفات أدبية؟

لا شك أنها كانت نظرة بفرح وسعادة ونظرة بإعجاب وتمعن

فنظرة الفرح مصدرها علمنا المسبق أنه لا يطرح إلا العمل المكتمل والجديد والمفيد والزاخر بالموهبة الأدبية العميقة والتي تستحق البحث عنها ومعرفة نتاجها الجديد واقتناء نبض فكرها، ونظرة الإعجاب مصدرها فحوى ولب العمل الأدبي من فكرة خلاقة ولغة رصينة وأسلوب متقن وجودة عطاء

نجد أنفسنا أمامها نبحر في عالم من الجمال والإبداع الخلاق، والذي ينعكس على ذائقتنا الأدبية فيأخذ بيدها للتميز وللنضوج المعرفي،  والرقي نحو عظمة الأدب وكبر حجم مسئوليتنا تجاهه،

فكانت تلك المؤلفات الرائعة مدارس أدبية نتعلم منها وتخلق فينا شيئاً عظيماً من هيبة وعظمة الأدب وتسمو بذواتنا وتنضج من خلالها معارفنا ولغتنا وعمق تفكيرنا وتلامس مشاعرنا فنتعمق معها أكثر وأكثر في المعاني الروحية والأديبة السامية،

لذا كان التصدي للتأليف مهمة سامية وصعبة يشعر بصعوبتها كل من يقدر الأدب ويحترم عقول المتلقين، ويتعب حتى يظهر مؤلفه في أكمل صوره ثم يمر بلجان تدقيق ولجنة مراجعة ولجنة تصريح نشر و تستقبله دور نشر لا ترضى بغير الإبداع والأدب المكتمل والذي يعود بالنفع على المتلقي ويستحق أن يفرد له مكانه في رفوف مكتبة الإبداع

ولكن وهنا المشكلة إذ وجدنا هذه المهمة العظيمة يستهان بها في السنوات الأخيرة، فأصبح حق التأليف والنشر لكل من هب ودب ولكل من امتلك المال أو الشهرة الزائفة، حتى لو أنه لا يعلم أبسط قوانين التأليف ولا يملك الفكر ولا اللغة ولا الأسلوب؛ ولكن وجد من يروج له في حق التطاول على ذائقتنا الأدبية تحت مبررات واهية تدعمها جهات لها مصالح مادية وليس لها غايات أدبية

فوجدنا صغار السن الذين اشتهروابقفشات” سنابية ومصطلحات شعبية وحصدوا إعجاب متلقين بسطاء يؤلفون كتب!!

ووجدنا العجب العجاب من مؤلفات نخجل من أن تكمل قراءة صفحات منها بعد قراءة الصفحة الأولى

ووجدنا معارض كتب تقام سنوياً وربما في العام مرتين لتغطي هذا الكم الهائل من الإصدارات دون النظر لمحتواها الأدبي وقيمتها الأدبية وفائدتها المأمولة، فتسابق مشاهير السوشيال ميديا بين خواطر بسيطة وشعر أقل بساطة وخلافة يتسابقون للصعود على منصات التتويج وإعلان إصدار كتبهم المحملة بكل شيء إلا بالأدب الحقيقي ومعنى المسئولية الأدبية، وتجمع جمهورهم السطحي بدعوة منهم ليوقع لهم مؤلف الغفلة إصداره العظيم ويجد له مكاناً لا يستحقه في رفوف مكتباتنا الأدبية، لنتساءل في النهاية:

من المسئول عن هذا العبث؟

وأين دور الجهات الرقابية؟

وكيف اختلط الغث بالسمين في عالم الهوس بحب الشهرة الزائفة ولو على حساب الأدب؟

و ما هو مصير الذائقة للجيل القادم عندما يجدون هذه المؤلفات بين أيديهم؟

في الختام؛ ما أحوجنا في هذا الوقت لوقفة من أهل الأدب الحقيقي. وبمثل هذه الوقفة الفرقدية الجريئة والمميزة لنشر الوعي وتحجيم هذه الظاهرة ولفت نظر المسئولين تجاهها؛ لتعود المياه لمجاريها وننعم في كنف الإبداع كما كنا وليس أن نلهث خلف قشور مشاهير اليوم وما تحمله أفكارهم من سطحيه وعدم تقدير لأمانة الكلمة واحترام عقول المتلقين وحفظ وصون الإبداع الحقيقي وتقدير أهله

*وعي الجيل بين القلق والخوف

وتدلي  القاصة /فاطمة عبدالله الدوسري برأيها قائلة:

تعتبر معارض الكتاب فرصة هامة لدور النشر والمؤلفين، لنشر نتاجهم الأدبي، ولعل دور النشر هي المستفيد الأول من هذه المناسبة، تمنحها المكان والزمان لعرض الكتب وتوزيعها.

فمعرض الكتاب يعتبر ملتقى سنوي يضم المؤلفين. ودور النشر والمكتبات، والموزعين ، ومنتجي الوسائط بكافة أنواعها وغيرها.

ولعل ما يهمنا في هذا الحوار هو المؤلفون وجودة المنتج الأدبي، والأجندة الخاصة بالمتلقي، والعوامل التحولية في ذائقته.

وعلى هامش معرض الكتاب الدولي بالرياض لهذا العام 2023، وزيارتي للعديد من دور النشر، وكذلك حضور بعض منصات

التوقيع من قبل المؤلفين والذي انتابني خلالها مشاعر متناقضة بين الحزن والفرح.

سررت لوجود قامات أدبية ذات شأن في المشهد الثقافي والأدبي وقد أقبلت على منصة التوقيع وهو تحول نوعي بعد عزوف، في بدايات إقامتها.

وحزنت أو بالأصح استأت من الإقبال الضعيف على تواجد القارئ للاحتفاء بالكاتب والكتاب، البعض ممن لم يرفدهم الأهل والأصحاب، ظل وحيداً حتى انتهت فترته وغادر وهو ينفض غبار الخيبة، بينما يرى تهافت الجمهور والناس على من يجلس بجواره وقد أعمت عيونه فلاشات كاميرات التصويروطبعا هذا المؤلف المشهور عبر مواقع التواصل المختلفة، وذاع صيته بين روادها، قام بجمع حكاياته اليومية كمحتوى في كتاب، فالصورة الذهنية التي غرسها المشهور في عقول مرتاديه عن حياته المثالية، ومشاركة تفاصيلهم اليومية، لاجتذابهم من أجل الكسب المادي السريع، واستغلال هذه الهالة في تدوين هذا المحتوى اليومي في كتاب، يمثل حضور مع المتابع من خلال اقتنائه.

بعض هؤلاء المشهورين لا يهتم بتحسين أو الارتقاء بالوعي المجتمعي، بقدر اهتمامه بالدخل المادي الذي سيزيد رصيده.

إحدى الأخوات ذكرت أن ابنتها وقفت في صفوف أحدهم للحصول على كتابه لمدة طويلة، فقط لأنها تريد أن تتباهى بتوقيعه أمام صديقاتها فهي تعرف محتوى الكتاب وليس بتلك الأهمية.

وفي الواقع اطلعت على بعض هذه الكتب التي صراحة أرى أنها لا تستحق هذا المسمى لقيمة الكتاب العالية التي اختزنتها عقولنا، إحداهن اعترضت طريقي وراحت تسوِّق لكتابها واستغربت أنني لا أعرفها، ظهر لي الكتاب كدفترأبو أربعينورقة، كل صفحة كتب فيها سطر أو سطرين، عندما سألتهاأين المحتوى؟ ردت بنزق وهي تسترد الكتاب وهذا الذي تقرئين!

انصرفت دون جدل ووقفت على منصة أحد دور النشر حيث يقف أحدهم وهو يسوق لروايته وقد التفت حوله الكثير من النساء والقليل من الشبابربما هم مرسلونالجميع يطلب التوقيع، أخذت نسخة تصفحتها سريعًا، لم أجد لغة ولا أي تقنية في الصياغة، كانت حكايات الجدات أكثر جودة، وعذراً على عدم ذكر الأسماء لآنه رأي شخصي.

الحقيقة هناك وعي غائب لفئة مهمة من المجتمعالشبابمن كلا الجنسين، يحق لنا أن نقلق لكن لامجال للخوف، أين هم معجبي برنامجستار أكاديميالذي سبب الكثير من الإزعاج للأسر، الآن مرتاديه أصبحوا في مواقع قياديه ويسخرون من ماضي لم يكن بهذا العمق حتى يقصيهم خارج مرحلة التنمية.

ولا شك أن ضعف الرقابة على مثل هذه المحتويات وعدم تصنيفها، ورغبة دور النشر في الكسب السريع، أدي إلى الجرأة في تقديم مثل هذه المؤلفات التي تعتمد على شهرة أصحابها وقدرتهم على جذب القراء عبر الاستغناء عن اللغة الفصحى الرزينة واستخدامهم للغة تداولية ومصطلحات عامة وهذا ما يجذب الجيل الحالي مهما كان المحتوى.

وفي ظل قيام العديد من الجمعيات الأدبية، نتفاءل في نشر الوعي بطرق مختلفة والوصول إلى الشباب ودراسة توجهاتهم وتغير أساليب التلقي لديهم.

تقريباً جيل الألفية إلا من رحم ربي يعاني من ثقافة سطحية جداً، والرغبة في الحصول على المعلومة بسرعة دون التدقيق في صحتها، وهذا مما يزيد المسؤولية على أصحاب الشأن على كافة الأصعدة التعليمية والثقافية والأدبية والمعرفية وكذا الاجتماعيةالتغافل عن مثل هذا الأمر قد يفقدنا عقول نابهة غيبها فراغ المحتوى وشهرة تافهين، وتنطلق شرارة الوعي الأولى من الأسرة.

لابد من وضع ضوابط جادة. وشروط صارمة، لفسح الكتاب من وزارة الإعلام تطال المحتوى وسلامته، وأمام الكم الكبير من المؤلفات يمكن الاستعانة بلجان خاصة بهذا الأمر مع الجمعيات الأدبية الناشئة، أو بالتعاون مع أدباء ثقات مقابل دعم مادي للمراجعة وتحمل مسؤولية إجازة الكتاب وطبعه، حفاظاً على سلامة وعي جيل كامل.

*أدعو لميثاق شرف  تلتزم به دور النشر

ومن جهته يرى الأستاذ/ظافر الجبيري الأديب السعودي : 

قبل الحديث عن تقييم هذا المنتج، يجب الإشارة، إلى أن سهولة التأليف والطباعة  والنشر قد أفرزت هذا الواقع المُشار إليه في السؤال. وعلى المستوى الشخصي أرى أن من حق الجميع التأليف والنشر،  وسيكون الزمن هو الكفيل بالغربلة، كما قال الدكتور غازي القصيبي رحمه الله.

 وفي هذا السياق أتفهم المخاوف التي تنتاب الكثير من المتابعين للشأن العام أدبياً وثقافياً، أعني بذلك مقولة ( العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة ) كما يقال، ولكن كما قلت سنظل بحاجة إلى تصحيح مفاهيم الكُتاب الشباب في تعاملهم مع قضايا شائعة  كالانتشار وتكوين المحتوى والبروز والحصول على متابعين والمشاركة في(الساحة الثقافية) بما يقدمه كل ذلك من شهرة وضوء وانتشار مؤقت، فضلاً  عن الأوهام الأخرى  المتعلقة بكل هذه الجوانب.

نعم. بلا شك النهَم وكسب المزيد من المال يدفع إلى هذا وأكثر.

من الطريف المحزن معًا: حضرت قبل أيام جلسة تدشين كتاب اطلعتُ على مخطوطته قبل منذ ما يقارب السنتين، ونصحت بعدم نشره، بل ونصحت بتروي صاحبته في النشر حتى يشتد عودها، وتجد نفسها في مجال واضح بين القصة والخاطرة والمقال والمقتطفات المبعثرة المتعلقة بتطوير  الذات، ودعمت تعليقي حينها بتدوين الملاحظات التي رصدتها حول التجربة، ومنها ضرورة  تنسيق الكلمات والسطور والصفحات وتصويب الأخطاء النحوية الفادحة وغيرها.. في نهاية المطاف، وجدت العمل (العشوائي) ينشر كما هو وعبر الدار التي حذرتُ من النشر عبرها !!

و السبب ببساطة الاستعجال من الشابة  والطمع من التاجر!

وانا أدعو إلى  ( ميثاق شرف) يلتزم به كل من فتح كشكًا للطباعة والنشر بحيث يراعي الحد الأدنى من المسؤولية، وأدعو الأوساط الثقافية إلى فتح حوارات صريحة وجادة حول  ما ينشر تقييماً وتوجيهاً للكتَّاب الشباب . أقترح تسمية الأشياء بأسمائها عند الحديث عن فئة  تستسهل النشر وتقذف بما هب ودب إلى رفوف المكتبات التقليدية والإلكترونية، ومن الممكن إقامة دورات تثقيفية في القراءة وحسن  اختيار الكتاب  الجيد

وأرى أن المساهمة في تصحيح الأجواء الثقافية المصاحبة لهذا الحراك، ونشر ثقافة الكتاب الجيد والتحذير من الانسياق وراء  الإعلانات الهزيلة عبر الوسائط الإعلامية يمكّننا بحول الله من حماية النشء والارتفاع بالذوق  العام إلى  الأفضل، كما يجب علينا الاهتمام بالثقافة الجادة، وقبل ذلك تربية نشء واع محب للقراءة مدرك للقيمة التي تصنعها هذه العادة العظيمة في تكوين شخصية الجيل. ومن ثَمّ مساعدته ليحسن  اختيار المجال  الذي ينوي اتخاذه طريقا لحياته ومستقبله.

*نحتاج قناة ثقافية للجيل ودورات للمشاهير

وتجيب الأديبة السعودية د. ابتسام عبدالله باجبير على محاور القضية بقولها: 

بكل صدق أغلب المشاهير للأسف الشديد لا يحملون بداخلهم معنى كيف أكون مثقفاً

بعيدين كل البعد عن الكتاب الذي هو أساس لتفتح المدارك والعقول، أستمع إليهم من خلال صفحاتهم في المواقع أذهل من مستوى التفكير، المسؤول الأول عن هذا الفكر الأسرة الأصدقاء الذين لم ينموا فيهم فكرة حب الكتاب والقراءة  نجد أغلبهم لو قلت بين يديه معلومة لا يقول أنا قرأتها أو درستها يرد تلقائياً يُهيأ لي أنني سمعت بها؟

هؤلاء هم مشاهيرنا للأسف الشديد الذين أصبحوا قدوةً لأبنائنا وأحفادنا أنا لا أعمم هناك منهم من رحم ربي يحبون القراءة والاطلاع أمثال إبراهيم عسيري .. خالد زاهرعبدالرحمن المطيري  .. والذيابي هؤلاء اللي بذاكرتي الآن

وللأسف ليس هناك رقابه أين وزارة الإعلام عنهم بل زادوا الطين بله وأصبح بعض المشاهير يضعون اسم الإعلامي فلان الفلاني .. وهذا خطأ هناك فرق بين ( الإعلامي و الإعلاني )

المفترض من الوزارة مراقبه هؤلاء المشاهير والاطلاع على محتويات صفحاتهم في المواقع ومحاسبتهم إذا لزم الأمر أصبحوا يتباهون بالمادة والسفر والبذخ أكثر من إعطاء الأبناء والأحفاد معلومات قيمة،

أبناؤنا وأحفادنا أصبحوا يقلدونهم ويستمعون إليهم أكثر من رب الأسرة ومنا

التعاون يجب أن يكون من الوزارة أولاً ومن ثم المثقفين والرواد، يجب على وزارة الثقافة جلب المثقفين والرواد لديها من مختلف مناطق المملكة حتى يقيمون دورات لهؤلاء المشاهير لتعريفهم بقيمة ( كيف أكون مشهوراً ومثقفاً في آن واحد) كل في منطقته وليس شرطاً أن تقام هذه الدورات التدريبية في منطقة واحدة

وتجيب د. ابتسام على المحور الرابع بقولها:

أولًاإقامه قناة ثقافية عبر التلفاز تابعة لوزارة الثقافة  

يطرح فيها مواضيع وقصص عن أهميه الكتاب والآن أصبح من السهولة إقامه مثل هذه القنوات

ثانيًا.. تحفيز المشاهير للمشاركة في الدورات التدريبية عن أهميه الأدب والثقافة في مجتمعنا لأنهم قنبلة الثقافة الموقوتة التي ستجعل أبناءنا وأحفادنا يستمعون لهم يجب على وزارة الثقافة أن تضع  لهذا المشهور قوانيناً حتى يساهم في بناء هذا المجتمع بشكل سليم

ثالثًا..لن يتحقق مبدأ رفع الذوق الثقافي والأدبي إلا بحزم شديد من وزارة الثقافة والإعلام على هؤلاء المشاهير وعادة إن غاب الحزم فعلى الثقافة والأدب والمثقفين والرواد السلام.

*المنتجات الضعيفة ستتوارى بنفس السرعة التي ظهرت بها

ويشاركنا الحوار الأديب اليمني المحرر بجريدة الوطن سابقاً: صالح الديواني برأيه قائلاً :

سأتجنب الخوض في تقدير الحكم ب(المخجل)، لأنه حكم عام على منتج يشكل هوية جمعية جديدة..

علينا أن نتفهم أننا أمام جيل مختلف صنعت وسائل التواصل معظم خبراته ومعارفه بشكل سطحي جداً، ومعظمهم حصل فقط على قشور المعرفة بالأشياء فانطلق عبر وسيلة سمحت له بالحديث عنها للعامة.

جمع المعلومات وإطلاقها على شكل محتوى كتابي أو “ميديوي” لا يعني وجود مثقف أو مفكر خلف ذلك، وإنما ناقل عبر وسيلة لا أكثر.

وقد سمحت وسائل التواصل لقاعدة عريضة من المستخدمين بتقديم محتواهم على اختلاف تقييمه إلى العامة، والسبب يكمن في ضعف القوانين التنظيمية للمحتوى وقوانين استخدام الوسيلة.

وربما يكون ذلك صحيحاً في ظل انحسار انتشار الكتاب الورقي، والبحث عن تعويض مادي لاستمرار كيانات النشر.. ولا ننسى دغدغة الشهرة لوضع الاسم على غلاف كتاب.

وحالياً لا أفكر في تقرير حلول بقدر ما أعتني بتأمل ودراسة الوضع القائم.

إضافة أن وصف ما يحدث ب(الدخيلة) خاطئ تماماً، فنحن ضمن منظومة اجتماعية عالمية لم يعد مقبولا فيها استخدام تقسيم (نحن وهم) أو خصوصية مجتمعنا.. هذا غير صحيح الآن. والمطلوب هو التماهي مع ما يحدث من تحولات خاطفة على هذا الجانب، وهي تحولات طبيعية لا مناص منها، والأفضل الانخراط فيها وتوجيهها من الداخل، وهذا هو أقصى ما نستطيع فعله، أما محاولة إيقافها فهو أشبه بوقوفك في وجه طوفان.

نحن مهوسون بالحرص على الآخر دائماً، وهذه طبيعة بشرية تدل على غرورنا بزمننا ومعارفنا ونرى أنها الأكثر نفعاً لما بعدنا!!

شخصياً لست قلقاً أبداً على هذا الجانب، فكما تشكلت معارفنا وثقافتنا ستتشكل معارف الآخر وثقافته وذائقته وأسلوبه، وسيرى فيها الأصلح.

هذا لا يعني عدم وجود منتجات ضعيفة تتصدر المشهد.. لكنها ستختفي وتتوارى بنفس السرعة التي ظهرت بها ولن تكون مؤثرة على المدى البعيد في المشهد الثقافي.

التعليقات

  1. يقول الكاتب الأديب جمال بركات:

    أحبائي
    أبنائي وبناتي
    ابنتي المبدعة المتألقة الطيبة النقية
    هذا بالفعل تحقيق صحفي لموضوع خطير
    هذا الفضاء شبه الوهمي الصغير فيه كبير
    ويمكن لأي شخص ارتداء ثياب مصباح منير
    والجاهل بكل بساطة يخاطب السذج بلسان الخبير
    والخائن اللص يلبس ثياب الشرف ويثرثر بكلام كثير
    أحبائي
    دعوة محبة
    أدعو سيادتكم إلى حسن التعليق وآدابه…واحترام البعض للبعض
    ونشر ثقافة الحب والخير والجمال والتسامح والعطاء بيننا في الأرض
    نشر هذه الثقافة بين البشر كافة هو على الأسوياء الأنقياء واجب وفرض
    جمال بركات…رئيس مركز ثقافة الألفية الثالثة

  2. يقول هيا مرزوق العتيبي:

    شكراً اديبنا الرائع ممتنه لمتابعتك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود