124
015
0117
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11785
04716
04368
174317
04019
0* الانكشاف على العالم بصفتك شاعرًا يحتاج للكثير من الجرأة
*مسابقة أمير الشعراء إضافة مهمة ومحطة فيصلية لكل شاعر
*البوابة فتحت على مصراعيها للمبدع
*لا توجد هنالك وصفة سحرية لكي تكون القصيدة طازجة، كل يحمل وصفته الخاصة.
*ربيبة بيئتها، ابنة الأحساء الخصبة بمبدعيها، صوت القصيدة الأنثوي.
حوار_هناء الحويصي
الشاعرة حوراء الهميلي
صدر لها ديوان ( ظمأ أزرق ) مجموعة شعرية،
وقعت مؤخرا في معرض الرياض للكتاب 2023 ديوانها الثاني ( تحدو فتربك ريح نجد )
مجموعة شعرية صادرة عن دار أدب ضمن مبادرة ألف كتاب.
حللت أهلا في مجلة فرقد الإبداعية.
-هل عنونة القصيدة مهمة بقدر أهمية جمالية القصيدة أم لا بأس بأن يكون العنوان تلقائيا؟
العنوان هو العتبة الأساسية للولوج إلى بيت القصيدة، وهو بصيص ضوء ساعات الفجر الأولى، والبسملة التي من خلالها نتلو ما تيسر من كتاب الشعر، نعم أهتم بالعناوين لأنها تترك انطباعًا أولا مهمًا لإضافة عنصر الإثارة واستكمال ما وراء العنوان ثانيًا.
هذا الانكشاف يحتاج إلى تهيئة، والعنوان يمنح المتلقي هذا الشعور: شعور الترقب والانكشاف الأول على مساحات القصيدة الحرة.
-يقال إن “واسطة الفنان للحياة فنه، وللأديب كلمته”. ما الحياة التي تعيش داخل القصيدة؟
يقول نيتشه: “الفن هو المحفز الأعظم على الحياة”
الفن أيا كان نوعه: لوحة فنية، ضحكة طفل، قصيدة
هو ما يجعل للحياة قيمة مضاعفة
الشاعر هو من يخلق داخل القصيدة حياة كثيفة لا تحاكي الواقع ولا تخلق حياة موازية له بل تتجاوزه لتبني مدنًا من أحلام، الحلم الذي يغبشه الواقع ويفرك عينيه الشعر، الشعر الذي يحاول أن يتحسس الأشياء برهافة أصابعه، بعينيه اللتين تنفذان بعدستيهما المكبرتين في محاولة لوضع الأشياء تحت المجهر، المجهر الشعري.
لأن وظيفة الفن هي رؤية الأشياء من الداخل، فالحياة الشعرية الكثيفة هي ما يجب أن يعيش داخل القصيدة الحية
الحياة الشعرية التي تتمثل في العمق، في استشعار الجمال والعناية به.
-هل ضاع الشعر بالنثرية؟ وهل على الشاعر أن لا يروض انثياله الشعري بل ينقاد لفتنة القصيدة؟
إن كان القصد من النثرية باعتبارها النظم الذي يتساوى فيه الكلام بالشعر، فالكلام هو الكلام والأولى عدم وضعه في أطر معينة وقولبته وتسميته شعرًا.
أما عن النثر باعتباره جنسا أدبيًّا
فهو لم يلغ الشعر بل ربما في بعض الأحيان يكاد النثر يكون ملحمة شعرية بامتياز، الفنون في تلاقح تام وتماس بالآخر
الأجناس الأدبية الأخرى لا تقلل من شأن بعضها بل يجب أن تكون رافدة لبعضها.
*ربيبة بيئتها، ابنة الأحساء الخصبة بمبدعيها، صوت القصيدة الأنثوي.
-” يروى عن النخل أن الله كلمها ….. وأنزل الوحي في هجر وألهمها”.
أين تقع نخلة الأحساء في سلم إلهامك الشعري أم ” متفق أن القصائد لا تكفي لتنظمها”؟
لطالما كانت النخلة رفيقة الإنسان في رحلته على هذه الأرض، ولطالما كانت العمق الذي يشدنا إلى طينتنا وجوهرنا الإنساني.
الأحساء هي بيت روحي وأنس نفسي
والشاعر ربيب بيئته
الكتابة عن الأحساء أشبه بالكتابة عن الجنة
هذا الحلم الأبي والمتخيل الذي يظل يراودك
والمعنى الذي تريد نيله والقبض عليه حتى لا تفيق من هذا الحلم أبدًا.
*مسابقة أمير الشعراء إضافة مهمة ومحطة فيصلية لكل شاعر
-الأعراس الثقافية تجربتها ثرية وملهمة لتلاقح الإبداعات المختلفة وتساعد على نضج ثمرة الشاعر،
ما أكثر تجربة شعرية ألهمت حوراء خلال تواجدها في مسابقة أمير الشعراء؟
مسابقة أمير الشعراء إضافة مهمة ومحطة فيصلية لكل شاعر
أمير الشعراء فضلا عن أنه منحني الانتشار والانفتاح على العوالم الأخرى، إلا أنه أضاف لتجربتي بعدًا آخرًا من خلال الانكشاف على الكتابة وألوانها المتباينة، الكتابة هذا النسيج اللوني الممتد وهذه اللحمة الإنسانية العظيمة.
– هل الشعر هو ما يطور اللغة ويزيدها ألقًا وعبقًا؟
الشاعر هو من يحافظ على اللغة من الشيخوخة كما يعبر عن ذلك أدونيس، وهو حارسها الأزلي الذي يحاول أن يخلق عالمًا ذا حساسية شديدة تجاه معطيات الحياة، هو الذي ينزاح بالكلمة عن قاموسها ليتخلق معنًى بكر وصورة وليدة وغضة. الشاعر عاد ليكون خالقًا من جديد كما قال عن ذلك بورخيس
الأسطورة الشهيرة تقول : بأن الشاعر خُلق قبلَ العالم بألف سنة، لأن الشعرَ يبلور جوهرَنا الإنساني، يعيد اكتشافَ الأشياء بخريطته الحسية المتفردة حتى يجسد حضارة أمَّتِه ويصدرها للعالم، فالشاعر هو ترجمانها الأغلى، هو حارسُ سطح عالمها وعرابها الأوفى.
-هل ترجمة الشعر للغات أخرى أمر يسير؟ وهل ستكون القصيدة طيعة لأن تنتقل لثقافة أخرى بنفس كثافة اللفظة وصورها الفنية؟
الترجمة هي الجسر الثقافي الذي يربط بين الأمم، هذا الامتزاج الحضاري بين القارات مهم لأنه عن طريق الآخر يحدث هذا التكامل والنضج.
أحب أن أقرأ الأدب المترجم، لأن اللغة هنا تكون كونية
اللغة التي تتسع لتكوِّن صورة بانورامية عن حياة عن الأرض والطبيعة، عن الإنسان في أعقد مشاعره وتحولاته النفسية والاجتماعية.
القصيدة في شكلها الغض، الوليد، الخام تكون علقة من جسد الشاعر وروحه، النص المُترجم هو جسد آخر لكن لا بد أن يحوي روح القصيدة السابقة، الترجمة هي مغامرة ليست لخلق نص جديد وإنما لمحاولة المحافظة على تغضنات القصيدة وملامسة روحها وروح كاتبها.
الترجمة مطلب ضروري ومهم مع حساسيته الشديدة.
– تقولين في أحد أبياتك
“حُبلى بأسئلةِ الوجودِ
هَزَزْتُها
سقَطَ المجازُ بِلَوْنِه الفتَّانِ”.
هل من الممكن أن يكون الشعر فلسفيا، دون أن يفقد أحد منهما خواصه المائزة؟
الفيلسوف هو شخص رفض البديهيات في العالم
يحمل روح الطفل المجبولة على الاكتشاف، فضولي حد التعب، يحمل مفتاح السؤال وفي حقيبته الشغف وروح المغامرة.
الشعر بما أنه هذا الظمأ الأزلي للمعرفة الوجدانية، للغور في الطبقات الباطنية للنفس، وهو مقترح أيضًا
لفهم هذا العالم، كانت الفلسفة أداة من أدواته.
لكن هنا يجب أن ينتبه الشاعر إلى أن الفلسفة لا بد أن لا توقعه في الغموض الفج، وإلا فالغموض والمراوغة والمماطلة كلهم متطلبات بقدر معين لا يزيد في مختبر الشعرية.
يقول أبو إسحاق الصابي:
“أَفْخرُ الشعر ما غمض ، فلم يعطك غرضه إلا بعد مماطلة منه”
لكنه الغموض الشفيف بالطبع كما يُعبَّر عن ذلك
بمنطقة الظل، لا الغموض السابح في غياهب العتمة، والواضح كوضوح الشمس وحرقة أشعتها المباشرة.
*البوابة فتحت على مصراعيها للمبدع
-هل مازالت المرأة السعودية تعاني من التمييز الأدبي؟
هذا هو عصر المرأة وازدهارها وانطلاقتها لآفاق أبعد
وكما أتاحت لنا رؤية ٢٠٣٠م فرصًا عظيمة، يجب على المرأة أن تكون رائدة وسبّاقة ومتجاوزة، والعالم كله يشهد الوعي الذي تسير في فضاءاته مملكتنا الحبيبة.
تذكرت ما قاله أدونيس عن زمن الشعر في جلسة ترحيبية أقيمت في مجلس الإعلامي السعودي الكبير محمد رضا نصر الله حين سئل عن الشاعرة
في زمننا ووضعنا الراهن:
«أعتقد أن الصوت الشعري القادم في العالم العربي سيكون من جهة الأنثى؛ فهي تمثل الصوت الداخلي الحميم الذي يميز كل واحد عن الآخر»، وصانعاً فرادته.
وأضاف: «هذا العالم الخاص بفراسته وأفقه العنيف الداخلي ومشكلاته العاطفية، ما زال مكبوتاً في الثقافة العربية، وكأن الإنسان ليس موجودًا في ذاته بقدر
وجوده الجمعي، وحين ننظر إلى ثقافتنا نبدو وكأننا نكتب قصيدة واحدة، لكن التفرد
والكشف الجديد الذي ننتظره سيأتي من المرأة.
وقال أدونيس: «لو قارنّا، اليوم، بين جيل ما سُمّي الحداثة مثل: نازك الملائكة، وبدر شاكر السيّاب، وأقرانهما، مروراً بنزار قباني، ومحمود درويش، وما مثّلته
مجلة (شعر)، إذا قارنّا ما كتبه هؤلاء بما تكتبه المرأة العربية الشابة، اليوم، فأنا أُفضّل شعر المرأة، وقد سبقتنا بكثير؛ لأن المعنى العميق المخبوء بدأ
يظهر في شعر المرأة وليس الرجل، فالثقافة العربية ما زالت ذكورية…». وختم قائلاً: «علينا أن نكرر ثقتنا بصوت الأنوثة المقبل».
وهذا ما يؤكد أن المرأة سيدة في المشهد ومتصدرة في هذا العصر.
وأنا أثق أن البوابة فتحت على مصراعيها للمبدعات، وأن عليهن فقط التركيز والاشتغال الجاد على ما يمتلكن من موهبة.
-هنالك بعض الشعراء يتبنى قضية محددة في الكتابة عنها هل ترين هذا التوجه لاسترضاء جمهور محدد يقيد من إبداع الشاعر ويوقعه في فخ النمطية؟
الشعر ذلك الكائن الذي كما اقتربنا منه، كلما جهلناه أكثر.
من يختبر أحاسيسنا في معمل التجربة، ويضفي عليها لونًا ساحرًا وأنيقا ،يعمل الشعر على ملامسةِ مناطق كثيرة في العقل والقلب أيضًا ،يتعدى كونه
أنه يعبرعنا ،بل هو في كثير من الأحيان وسيلة للتشافي ، للبحث والسؤال والفهم أيًضا.
وظَّف الشعراء قديمًا الشعر لتأريخ الواقع الذي يترجم حياتهم اليومية، كانت العرب تقيم الأفراح إن برز من أبنائها شاعر مبدع، فالشعر عند العرب
قديما كان يرفع من شأن قبيلة ويحط من قيمة أخرى.
تطور الشعر كما تطورت الحياة، ليتجاوز كونه مؤرخًا أصبح يعالج قضايا جوهرية وفكرية وفلسفية، أصبح أكثر عمقًا واتصالا بالنفس البشرية، وبالتالي
يجب أن تختلف طريقة تلقيه عن السابق..
حتى الآن الجمهور ينتظر من الشعر هذه الفحولة حتى في التلقي، العقلية الجماهرية حتى الآن تميل للمباشرة والخطابية
البحث عما هو سريع في التلقي، البحث عن المتعة المعلبة والجاهزة، يبحث في الأمسيات عما يطربه فقط
بغض النظر عن القيمة الشعرية لما يقال، ربما بذوقه السطحي هذا يجعل الشاعر يختار من قصائده (ما يطلبه المشاهدون )
وهذا ما يجعل بعض الشعراء مضطرًا للتنازل عن الكثير في سبيل استرضاء الجمهور …
في الجانب الآخر هناك بعض الشعراء من يؤمن بمفهوم الذاتية والتجربة الخاصة داخل الكتابة وخارجها، أن يبلور تجربته ويقدمها للمتلقي كما هي،
استطاع تشربها أم لا، وبالتالي يفقد الحبل المتصل بينه وبين الجمهور.
الشاعر الفطن باعتقادي لا بد أن يمس تطلعات الآخر، بمحاولته المقاربة بينه وبين شعوره، الشعر يمس الحياة
من جوهرها، والجنس البشري لم يحبب الشعر اعتباطًا. بل لأنه يمتلئ عاطفة، هذه العاطفة جزء لا يتجزأ من الوجدان البشري
الفخ هو أن تكون مسكونًا بصوت القارئ وهتافه أثناء الكتابة، الجمهور فخ وسلاح ذو حدين، يجب الحذر في التعاطي معه.
*لا توجد هنالك وصفة سحرية لكي تكون القصيدة طازجة، كل يحمل وصفته الخاصة
-” الشعراء جنود يحررون الكلمات من القبضة المحكمة للتعريف” كيف يعيد الشاعر للكلمة اعتبارها ويجعلها طازجة اللون؟
تكون الكلمة طازجة عندما يحررها الشاعر من السياق المعجمي الذي تعيش فيه الكلمة، بالشعر نعم نحرر الكلمة من إطارها، نخلق لها جسدًا جديدًا، نخفف
من تحجر الحجر حينما ننفخ فيه من روح الشعر، باستطاعة القمر أن يكون شرفة، والمرآة أن تكون بحرًا، هذه العوالم التي يخلقها الشعر ويعيد صياغتها
ويبحث في أدق تفاصيلها، العوالم الحسية الآسرة،
يقول أمجد ناصر:
“باللمسة أحرر المثال من قالبه” هكذا يكون الشعر.
الانزياح وحده لا يكفي لإنضاج التجربة الشعرية على نار الشعور، الفكرة واللغة والاشتغال الفني لا بد أن يمتزجوا بالصدق والعذوبة وعدم التكلف
في استجلاب الصور الشعرية أو محاولة إقحام عناصر مفاجئة ليس بينها وبين الفكرة أي تعالق. لا توجد هنالك وصفة سحرية
لكي تكون القصيدة طازجة، كل يحمل وصفته الخاصة.
-ما الذي يسهم في خلود القصيدة؟
أن تكون رقراقة، شفافة، دافئة وضوئية، منسابة كما ينساب النهر على صدر الأرض، حتى وإن غير مجراه وابتدع مجرى جديدًا غير مطروق.
-هلا حدثتنا عن ظمئك الأزرق؟
يقول غاستون باشلار :
” لا يعرف المرء معنى الظمأ قبل أن ينهل الماء للمرة الأولى”
كل شعر هو ظمأ، كل بحث هو ظمأ، كل سؤال هو ظمأ، وكل شغف هو ظمأ، وربما أستطيع القول: إن وجودنا برمته ظمأ: ظمأ معرفي، روحي، وجداني.
وما كان لون الزرقة سوى لون الأحلام، السماء، البحر، الأمنيات المؤجلة.
إذن الزرقة هي لون أمانينا ولون ظمئها أيضًا.
وهذه مجموعتي الأولى التي تمارس الانكشاف الشعري الداخلي لذاتي وللخارج، المغامرة الأولى التي لا مناص للنكوص عنها بعد الآن، الانكشاف
على العالم بصفتك شاعرًا يحتاج للكثير من الجرأة، لأن القصائد بين يديك مصائد كما يقول الثبيتي.
التعليقات