مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

 إعداد:_ حصة بنت عبدالعزيز قراءة القصص للأطفال قبل النوم، فرصة ثمينة ووقت لا يعو …

قراءة القصص للأطفال قبل النوم ..دوافع أولى نحو المعارف والاستكشاف

منذ 11 شهر

1509

0

 إعداد:_ حصة بنت عبدالعزيز

قراءة القصص للأطفال قبل النوم، فرصة ثمينة ووقت لا يعوض يقضيها الوالدين مع أطفالهم قبل النوم، أنها تجربة ممتعة وتنفع في توطيد العلاقات وقضاء وقت جميل، لاسيما وأن بعض الآباء والأمهات يكونون منشغلين طوال اليوم بين العمل و والواجبات المنزلية ودراسة الأبناء، عندما يمسك أحد الوالدين كتاباً لقراءته مع طفله فإنه شعور لا يوصف لدى الطفل لم يحتويه من حنان واهتمام من والديه.
من هذا المنطلق لدينا عدة نقاط أو محاور تخص مساحة مهمة حول (قراءة القصص للأطفال قبل النوم)
حيث تناولنا آراء عدد من المختصين والتربويين، والتي بدورنا ننقلها إلى الأسرة والمجتمع من خلال ”فرقد الإبداعية”

ضمن المحاور التالية:
-هل تسهم هذه القصص في اثراء جانب الاستطلاع لدى الطفل وكيف ؟
-كيف ننمي من فكر وثقافة الطفل في مراحل عمرية لاحقة من خلال هذه القصص ؟
-ما هي القصص المفضلة والتي ترى انها تجذب الطفل وتنمى مهاراته ومواهبه وما هي الأخرى التي يجب أن لا تستعرض أمام الطفل قبل النوم ؟
_ماهي الآثار النفسية و التداعيات الإيجابية للقراءة قبل النوم للأطفال؟ هل تمتد حتى وصولهم لمرحلة النضج
_هل القصة الخيالية بمثابة علاج لمعاناة الروح أو بما معناه النفسية ؟
مع تقديرنا للمشاركات الفكرية والثقافية التي من شأنها الإسهام في الجوانب التربوية والتعليمية لجيل المستقبل

 

*يترعرع على حب القراءة والثقافة والمعرفة

فكانت أوّل الآراء للكاتب مصطفى غنايم _كاتب للأطفال وناقد أدبى من مصر:
حيث تحدث بمنظوره الخاص حيث قال : أن القراءة للطفل قبل النوم لها مفعول السحر ليس في إثراء جانب الاستطلاع لديه فحسب، بل في غرس تلك العادة وترسيخها في وجدانه من ناحية، فضلاً عن تعميق الإحساس بالأمان والدفء الأسرى، وتقوية الروابط الوجدانية بينه وبين والديه (القارئين) من ناحية أخرى، فيشب ذلك الطفل عن الطوق كَلِفًا بالقراءة، سابحًا في عوالم سحرية من المتعة والخيال، متنعمًا بالسلام النفسي من وقع صوت والديه الهادئ الذى يشبه الهدهدة التي تسبق النوم، فيحس بالأمان، ويلتحف بالخيال، ويترعرع على حب القراءة والثقافة والمعرفة.

بعد غرس تلك العادة القرائية في نفس ووجدان الطفل نرى القراءة وقد أصبحت عادة وسلوكًا ووِردًا يوميًا/ ليليًا؛ فيتفتق لديه الإبداع وحب المعرفة والاكتشاف والبحث عن استكناه المجهول وفهم العالم؛ فتزيد ثقافته، ويزداد فكره ثراءً، وخياله جموحًا، إضافة إلى تفجير الإبداع لديه، فتراه يتفاعل في صغره، أو في شبابه بما قُرِئ على مسامعه، ونُقِش في وجدانه، ومن ثم فلا غرابة في أن نجده يكمل ما حُفِر في أعماقه، ويعلق على ما رسخ في ذهنه، أو ينتقد ما قرأه، أو يسخر من سذاجته في تصديق الخيالات التي كان يسبح فيها قبل أن يغرق في نومه، أو ينطلق قلبه قبل لسانه في وصف مشاعره وأحاسيسه قبل وأثناء نومه لقاء الاستئناس بصوت أبيه أو أمه الحاني.
أعتقد أن الحكايات الشعبية المفعمة بالخيال هي أنسب القصص التي ينبغي أن تقرأ للطفل قبل نومه، لما تتسم به من بساطة الفكرة، وجموح الخيال، وبث المتعة والتشويق، فضلاً عن الفرحة بحل لغز الحبكة، أو قدرة البطل على الوصول إلى مأربه وتحقيق غايته، إضافة إلى الهدوء والاطمئنان جراء انتصار الخير على الشر، وأيضًا أرى أن القصص الدينية وسير العظماء العطرة والقصص التاريخية من الأهمية بمكان أن تُتلى على مسامع الطفل؛ فيقوى الوازع الديني لديه، ويعمق الشعور بالهوية والانتماء، ويأنس الفؤاد، وترسخ في النفوس الإعجاب بالقدوة الصالحة والمثل العليا، كما يمكن أن نقرأ عليه الأشعار والأناشيد ذات الإيقاع الهادئ الذى تسكن معها نفسه، بصورة لحن غنائي، وأهازيج شعرية؛ فتنمو ذائقته الأدبية واللغوية، وتتراقص معها حواسه؛ فينام هانئًا قرير العين، مبتهج النفس، مرهف الحس، مستوعبًا القيمة والمضمون والدرس، في حين أرى ضرورة أن ينأى القارئون للطفل عن قصص الرعب، أو الخوف، أو المغامرات البوليسية والتي يمكن أن نطالعها معه في وضح النهار، حتى لا نصيبه بالحزن أو الاكتئاب فضلاً عن الفزع قبل النوم وأثناءه، بل ربما تمتد إليه تلك الأحاسيس في يقظته، ومن المقبول جدًا، بل من المحبذ قطعًا أن نقرأ عليه النوادر الفكاهية المرحة، والألغاز الخفيفة المسلية التي تبعث فضوله، وتعمق من تفكيره، وتدفعه لحفز العقل، إضافة إلى تنمية شعور الثقة بالنفس لحل اللغز، وزيادة المشاركة والفاعلية والإيجابية بشحذ العقل، وعصف الذهن، وليس مجرد توطينه على الاستماع والتلقي.
وجملة القول إن ممارسة القراءة للطفل يوميًا قبل نومه ستربطه بالقراءة والكتاب طيلة حياته، وستنشئ علاقة حميمية بينه وبين القراءة والكتاب، وبينه وبين والديه، بما يعزز الترابط الأسرى، و يسهم في التوازن النفسي، والاتزان السلوكي، فضلاً عن تنمية الحس الإبداعي، وتعلم حسن الإلقاء، وأدب الحوار، كما لا يخفى علينا أهمية تلك الممارسة خاصة في عالم اليوم لنأخذه الطفل المعاصر شيئًا فشيئًا من عالم الإنترنت، والهوس الإلكتروني الذى يساعد على ضياع الوقت، وتسطيح الفكر، وإضعاف البصر، وتوسيع الهوة بين الطفل ووالديه، ومن ثم إذا نجحنا في تحبيب الطفل في القراءة، وفي إيجاد علاقة وطيدة بينه وبين الكتاب نكون قد حققنا معادلة أننا أمة “اقرأ”،
وأنفذنا القسم الإلهي بالحرف والكتابة: “ن والقلم وما يسطرون”.


*القصص الخيالية تسهم بشكل كبير في بناء شخصياتهم


أضاف الدكتور صالح الثبيتي -الخبير التربوي بمدارس شباب الفهد الأهلية_ وأهمية قراءة القصص للأطفال عند النوم وأوجزها بعدة نقاط:
-قراءة القصص: تساعد الطفل على فهم مشاعره والتعبير عنها، إلى جانب فهم مشاعر الآخرين واستيعابها والتفاعل معها، وتوجيه علاقته بأفراد أسرته، وبناء شبكة علاقات مع الناس من حوله، وتعزيز قدراته التواصلية والتفاعلية معهم، بما يسهم في تعزيز نضجه اجتماعياً ونفسياً، وبناء منظومة الذكاء العاطفي لديه، التي تمكنه من التكيف مع مجتمعه.
-القصص الخيالية: تحمل أدوات تعليمية ممتازة، خاصة تلك التي تحتوي الصور، فهي قصص تقوم على افتراض أبطال وشخصيات وأفعال خارقة لا وجود لها في الواقع، لتعزز عند الأطفال فضول المعرفة بالكون والكائنات الطبيعية، كما تجعله أكثر وعياً بالحقائق التي تحيط به، ليصل إلى التمييز بين الخير والشر والحقيقة والخيال وغيرها من تسهم بشكل كبير في بناء شخصياتهم، وتكوين ثقافتهم، و توصلت الدراسة إلى عدد من المعايير اللازمة لاختيار قصة الطفل بلغت خمسة عشر معيارا، وخلصت الدراسة إلى أن القصص تؤدي دوراً فاعلاً في التنشئة الثقافية لطفل ما قبل المدرسة؛ فهي تغذي الطفل بالقيم، والاتجاهات، ومعايير السلوك المرغوب، وتساعده على اكتساب اللغة، وتهيئته للقراءة والكتابة، وتوسيع مجال خبراته؛ فضلاً عن إثراء خياله، وتنمية ذوقه الفني، وتنمية مهاراته الحركية والذهنية، وتوصلت إلى جملة من الإجراءات المهمة المتعلقة بالتخطيط لحكاية القصة، وتنفيذها وتقويما، كما قدمت عددا من التوصيات والمقترحات اللازمة.
نعمل القراءة علي زيادة التعاطف وتقوية العلاقات .بشكل كبير بين الآخرين، كما أنها تساهم بشكل كبير في زيادة فهمك لعواطف ودوافع الآخرين، وذلك وفقًا لباحثين في جامعة تورونتو، لاحظ هؤلاء العلماء أن قراءة الخيال ترتبط إيجابياً بالنتائج الأعلى في اختبارات التعاطف والوعي الاجتماعي.
-التخلص من السلوكيات الخاطئة: تساعد القراءة في التخلص من السلوكيات المزعجة، حيث كشفت دراسة أجريت عام 2016 أن الأطفال في سن الثالثة الذين يتعرضون للقراءة من قبل والديهم يكونوا أقل عرضه للعدوانية وتجنب فرط النشاط، وليس لديهم صعوبة في الانتباه.
-الاكتئاب: هناك نسبة كبيرة من الأطفال والمراهقين الذين يعانون من الاكتئاب، وغالبًا ما يؤدي الاكتئاب إلى الاضطرابات العاطفية لديهم أثناء الشباب إلى ضعف الأداء الأكاديمي والمهني، واللجوء إلي استخدام المواد المخدرة، والانتحار، وارتفاع خطر الإصابة بأمراض عقلية أخرى في مرحلة البلوغ، فالقراءة تعد من الأمور التي تقلل فرص تعرض الأطفال للاكتئاب والأمراض النفسية والعصبية في الكبر.
انخفاض خطر الإصابة بمرض الزهايمر..
كشفت العديد من الدراسات التي نشرت في المركز الطبي لجامعة راش، أن القراءة يمكن أن توقف التدهور المعرفي، والأنشطة الفكرية حيث تجعل القراءة المخ يعمل بشكل أكثر كفاءة، كما تؤثر على الاضطرابات العصبية المرتبطة بالعمر.
وأوضحت الدراسات أن مرضى الزهايمر يتسبب في ارتفاع مستويات بروتين بيتا اميلويد، وفقاً لباحثة بيركلي سوزان لانداو، مؤكدة أن الأنشطة المحفزة عقلياً مثل القراءة والكتابة يمكن أن تقلل من هذه المستويات، وأفادت الدراسة أن تدخل الشيخوخة لمنع الإعاقة والإعاقة المعرفية أن تدخلات نمط الحياة بما في ذلك القراءة تعزز الوظيفة الإدراكية لدى البالغين المعرضين للخطر.


لقصص الخيالية حقا معاجلة لروح وتزرع في نفسه الطمأنينة

أشادت الكاتبة ليندة كامل من الجزائر_ بقولها -.إن أدب الطفل من الفروع الأدبية المهمة في النشأة النفسية والفكرية لطفل، لقد كان هذا الأدب يتلخص في الحكواتي، في العصور الماضية، وقصص الجدات المعروفة حين كانت الأسرة العربية مكتملة البناء، حيث تقص الجدة قصص ليلية بصورة دائما، هذه القصص التي تساعد الطفل على النوم، ونمو خياله، لقد كانت قصص “لونجة بنت الغول” و “الشاطر” في وقت الاستعمار حيث كانت هذه القصص توعوية تربوية، تنمي المشاعر لدي الطفل من الخوف والحذر والمتعة والذكاء اذ معظمها يعتمد على طرح مشكلة وعرض ذكاء البطل في الخروج من الورطة بطريقة تجعل المستمع يشعر بالمتعة حين يندمج مع النص، وقد كانت قصص ألف ليلية وليلة وكليلة ودمنة التي تصور لنا عالم الحيوان وتضع البطل داخل المشكلة وبذكاء يستطيع الخروج، وفي نهاية كل قصة نستخلص العبر التي هي بمثابة قواع أخلاقية نربي أبناءنا عليها مثل الصدق، والوفاء، والكذب، والخيانة وجزاء كل بطل بما يمتازه من صفات والصفة الطيبة دائما هي من تفوز في النهاية.
وحول جواب الكاتبة لينده على التساؤل كيف ننمي من فكر وثقافة الطفل في مراحل عمرية لاحقة من خلال هذه القصص قالت: من خلال اقتناء قصص وقراءتهم عليه أو فتح أي تطبيق وقراءتهم عليه أو من خلال أخذ الطفل لشراء القصص وتركه يقرأ ويتدرب على ذلك
بينت الكاتبة لينده: أن القصص التي تستحضر الماضي، والتي بها تشويق، والتي تجعل البطل منهزم في بداية القصة ثم ينتصر من خلال استعماله للحيلة والذكاء، حيث تجعل الطفل يتعاطف معه ويترسخ بذلك دوره من جهة ،ويستحضر طريقته في إجاد حلول، في مواقف حياتية قد تمر به.
ومن أهم ما يميز القراءة قبل النوم خلق التواصل النفسي بين الطفل واولده، يعوض ذلك التواصل فترة الانفصال اليومي بسبب العمل، من جهة والدراسة من جهة أخرى تخلق جو من المتعة والتقارب وتنمي قدرات الطفل الخيالية وأسلوبه التعبيري بحفظه لعدة مصطلحات خاصة إدا تطورت عملية القص إلى قراءة القصص و تلخيصها كمبادرة من قبل الأهل.
وأن القصة الخيالية بمثابة علاج لمعاناة الروح أو بما معناه النفسية حيث قالت: الخيالية هي تنمي خيال الطفل بل من أجمل القصص التي تقص للطفل بلا منازع وتبقى راسخة في دهنه بطريقة عجيبة هي قصص الأنبياء والقصص التي وردت في القرآن الكريم فهي حقا معاجلة لروح وتزرع في نفسه الطمأنينة.
والتعلق بشخصياتهم والاستفادة من العبر المقدمة منها وهي تربي بذلك الحس الشعوري والايمان لدى الطفل


*القصص بناء روح وجسد

فيما أشادت الأديبة فاطمة الدوسري: تتطور مجريات الحياة، بتطور الإنسان، والعوامل الحضارية، والظروف الحياتية للإنسان، إلا أن القصص تظل واحة المتعة للأطفال، والمحرك الأول لاستثارة مخيلتهم، وبناء قدراتهم المعرفية والفكرية لاستكشاف المجهول، وإثارة فضولهم ورغبتهم في الوصول للمعرفة.
الأطفال بطبيعة الحال يحبون القصص، لأنهم يجدون في عوالمها وشخوصها ما يثير اهتمامهم ويسقطونه على حياتهم، يتقمصون دور البطولة في كل قصة، خاصة إذا كانت رواية القصص، بطريقة جاذبة وأداء مشوق، تشعر الطفل أن القصة موجهة له خصيصا.
وإلى جانب المتعة الكبيرة التي توفرها، وتحفيز الخيال وملكة التأمل والتفكير، فالقصة تشكل مصدر مهمً للمعلومات، ووسيلة لإيصال القيم الإنسانية والأخلاقية والآداب العامة، كذلك هي أداة لبناء قدرات الطفل اللغوية وتقويتها.
ومن المسلمات أن القصص تسهم في تعزيز الوعي لدى النشء وإثراء ثقافتهم، الأمر الذي يساعدهم في تحقيق التفوق العلمي كما يعزز من فرص نجاحهم حياتياً ومهنياً فيما بعد.
ومما لا شك فيه أن قراءة قصة قبل النوم تجعل الطفل سعيدا، وتعطيه راحة نفسية كبيرة، خاصة إذا تمت قراءتها بصوت عالٍ تتغير نبرته وفق مجريات أحداث القصة. كما أن لهذه القراءات خصوصية في توطيد علاقة الطفل العاطفية والنفسية بوالديه.
ويفضل قراءة القصص الجميلة على الأطفال قبل النوم، والتي تشمل مثلا على الحكايات، والقصص التراثية، قصص الحيوان، قصص السِير، والبطولة والمغامرة، والخيال العلمي، والقصص الفكاهية والدينية، والاجتماعية.
مع مراعاة الابتعاد عن قصص الرعب والحروب والسحر وجميع ما يدخل الطفل في حالة قلق واضطراب نفسي، تؤثر على استغراقه في النوم، واصابته بالأرق والنوم المتقطع، مما يؤثر على حضوره الذهني في يوم جديد.
قراءة القصص للأطفال تمرين محفز عقليًّا، لها دور كبير في تحسّين مهارات الطفل الإدراكية، تمنحه أداء أفضل في المدرسة مستقبلا، وقد تلازمه عادة القراءة في الكبر وينقلها لأجيال أخرى، فالبذرة الجيدة والعناية بها ورعايتها لابد أن تثمر.
ونرى في الزمن الماضي كان كبار السن يقومون بسرد القصص على الأطفال الذين يتحلقون حول الجد أو الجدة أو من يقوم مقامهم وهم يستمعون بشوق ومتعة لتلك القصص التي قد يخلع الراوي للقصة أسماء الأطفال على ابطالها مما يشعرهم بالزهو ويحتجون عندما تصل القصة إلى نهايتها.
والواقع أن هذا النشاط في الظروف الحياتية الراهنة يعتبر الأكثر إرهاقًا على الوالدين في يومهم، حتى على من لم يكن لديهن عمل خارج المنزل، لأنه يأتي بعد أداء قائمة طويلة من الأولويات على رأسها الأعمال المنزلية، والتسوق، والتواصل الاجتماعي، وتطول قائمة الالتزامات إلى جانب من يؤدون أعمال وظيفيه تقتطع الكثير من وقتهم وجهدهم، مما يجعلهم يتخلون عن هذه القراءة ويوكلون الأمر للأجهزة، وهذا الأمر ولا شك له محاذيره خاصة وقت النوم، وقد حذرت عالمة نفس الأطفال “تانيا برايون” من أن القراءة أمر حاسم لتنمية الطفل، وأن الافتقار إليها يمكن أن يضعف قدرات الأطفال مستقبلا، وقالت “يحتاج الناس إلى التفكير في قصص ما قبل النوم كجانب أساسي في تربية أطفالهم”.
القصة من أقوى عوامل الاستثارة والجذب للطفل والتأثير فيه الذي يتجاوز وقت سماعه القصة أو قراءته له، عندما يقلد الأحداث في حياته اليومية، وقد تساعده على التعبير عن مشاعره وعما يدور في نفسه وتزيد من ثقته بنفسه وتكسبه القدرة على حل مشاكل حياته اليومية، وتوقع أفعال الآخرين وفهمهم بشكل أفضل.
كما أن للقصة دور فعال في النمو الانفعالي للطفل، فهو يستطيع التمييز بين الشر والخير، والخوف والشجاعة وغيرها والأخلاق الحميدة وتكسبه مهارات التواصل والحوار الجيد والمتقن.
وللقصص دور هام في علاج الأطفال الذين يعانون القلق بأنواعه المختلفة والاكتئاب وتدني تقدير الذات والخجل الاجتماعي وغيره من معيقات النمو الاجتماعي أو النفسي وحتى الإدراكي.
ما أجمل أن ينام الطفل على صوت أمه أو أبيه وهو يقول ” كان يا مكان في قديم العصر والزمان، كان هناك غابة جميلة مليئة بالأشجار…. ….”
يغفو على حلم جميل يكمل الحكاية على وساد تفاؤل وأمل، يتوشح الحب وتستدفئ روحه بذلك الوشاح لينام قرير العين، ويصحو وعلى ثغره ابتسامة.


*الطفل في سنوات عمره الأولى بصدد بناء شخصيته


شاركت معنا الكاتبة فاطمة الزهراء بناني من تونس. حيث أشارت إلى أن الطفل في سنوات عمره الأولى بصدد بناء شخصيته واكتساب معارف وقدرات جديدة تتناسب مع سنه ،لذلك تعد القصص المجموعة التي تسبق النوم مصدرا من مصادر الاستطلاع لديه وتطعيم ذهنه بمفاهيم جديدة وسلوكيات إيجابية يستمد منها مكتسبات ومفاهيم تنمي ذهنه وتثري زاده الآن وفي المدى البعيد.
الطفل في مراحل الطفولة الأولى متعطش لمعرفة كل صغيرة وكبيرة، وذلك من خلال الأسئلة لمعرفة كل صغيرة وكبيرة. وهي فرصة لإشباع رغبته والإجابة على كل استفساراته بقراءة قصص ما قبل النوم له ولفسح المجال له للاطلاع على رسومات القصص لبث روح الجمال في نفسه ثم فسح المجال له للإجابة على تساؤلاته حول أحداث القصة كالصراع بين الخير والشر.. وأماكن عيش الحيوانات وغذائها وتأثيرها وبالتالي نكون قد نسينا ثقافته في مراحل عمرية لاحقة واكسبناه مخزونا ثقافية يوظفه عند الضرورة.
ومن أفضل القصص التي ينصح بقراءتها للطفل قبل النوم هي القصص ذات المغزى الأخلاقي والفضائل وزرع روح العطاء ونشر المحبة وقبول الآخر مهما كان لونه أو حالته الاجتماعية أو معتقده على أن لا تكون ذات توجيه مباشر فلا يتقبلها الطفل بل تكون مشوقة مثلا على لسان الحيوانات أو اللعب والدمى فتكون مقبولة لديه لما تميل إليه الطفولة الخيال والتجديد. واللا مألوف، في حين لا ينصح بتاتًا أن نقرأ له قصصًا تتضمن عنها وتقابلنا وصراعات وتنمر أو سخرية من الانتماء والحوارات ومخزن الشعوب وعاداتهم فيشب جبانًا أو تحمل عنفًا أو رافضا للأخر فأصبح فردًا منبوذ أينما حل.
و قراءة القصص ما قبل النوم فرصة لفتح نوافذ عديدة للطفل لتطوير مهاراته واكتساب سلوكيات معرفية وصقل الوجدان بالرقي به إلى معانقة الجمال في الرسوم والألوان والتعاطف مع الشخصيات المظلومة والتأثر بالأبطال. والتنبؤ بالنهايات وبذلك ننمي فيه روح الخيال والخلق والإبداع ويحبذ لو ترافقت القراءة مع موسيقى هادئة تجعل الطفل ينام نومًا هادئًا مطمئن السريرة حالمًا بالجمال والخلق ويخزن العقل هذه المهارات التي تنمو وتتطور مع تقدمه في العمر فيشب عازفًا أو كاتبًا أو شاعرًا أو مدافعًا على قضايا الحق والحرية.
كما أن القصة الخيالية تجعلنا نتقمص دور أبطالها، وبالتالي ننتقل إلى عالم أخر غير عالمنا بأذهاننا وكل جارحة فينا. وهذا ينطبق أيضًا على الطفل فتنسيه الأحداث الخيالية للقصة فينسى مؤقتًا فشله في الاختبار وينسى ألمه والفقد والحزن فيقوم ويعدل من سلوكياته بمرور الزمن، والادمان على مطالعة هذا الصنف من القصص حتى في مراحل متقدمة من العمر فيشب كاتبا لأفلام الخيال العلمي أو مغامرا أو رسامًا مشهورات كلما شعر بالملل هرب إلى الريشة أو القلم ليصنع لنفسه عالمًا افضل من عالمه وأمن.


*الأسلوب القصصي هو الغالب في التربية القرآنية والنبوية

ومن ناحية أخرى تحدثت الدكتورة- وفاء بنت محمد الطجل: ‏دكتوراه فلسفة تخصص علم النفس التعليمي- قائلة :
القصة بالنسبة للطفل هي لعبة جميلة ونشاط ينمي خياله ولغته ويثري معارفه ويوسع أفاقه، تروى القصص للأطفال كونها الوسيلة الأولى لنقل الإرث الحضاري والخبرات المتنوعة وكذلك هي أحد أساليب اكساب الطفل المهارات المتنوعة وأهم عنصر يكتسب بالقصة هو القيم لذا كان الأسلوب القصصي هو الغالب في التربية القرآنية والنبوية ، فهي تسلية وتربية وتوجيه وتهدئة خاطر وتنفيس مشاعر ومفتاح للمساعدة عن التعبير .
أولاً: إيجاد وقت للقصة والقراءة في يوم الطفل أمر في غاية الأهمية ويعتبره المربيون أهم وقت وأثمن عمل ، تشير جميع الأبحاث إلى أن القراءة للطفل هي نشاط راق لقضاء الأوقات النوعية مع الطفل والتي يوصى بها ، قبل النوم يحتاج الطفل لوقت للهدوء والحديث واغلاق جميع الملفات النشطة في دماغه كي نساعده على الخلود للنوم وهو يشعر بالأمان والحب ولا يفكر في أي أمر يزعجه، لذا فلقصة قبل النوم مواصفات خاصة حيث يجب أن يختار الطفل موضوعها أو تكون ضمن شغفه واهتماماته ، لو كانت القصة تحمل قيمة معينة أو فيها أبطال يمرون بمواقف أو أحداث للطفل خبرة بها سينجذب الطفل لها، كما يجب أن لا تكون قصة فيها كثير من المشاعر والخوق أو القلق يجب أن تكون نهايتها سعيدة ويفضل أن تكون فيها كثير من الخيال.
ثانيا : القصة بشكل عام وليس قصة قبل النوم فقط تكون إما لفتح نافذة معلوماتية توسع أفق الطفل وتقدم له أفكار ومعلومات عن بيئة أو مجتمع لم يكن يعرفه مثلا مثل طفل المدينة الذي يقرأ قصة عن طفل في المزرعة أو طفل من دولة ويقرأ قصة عن طفل من دولة مختلفة فهذا يساعده على التعرف على ثقافة جديدة وبيئة مختلفة وأبطال يعيشون حياتهم بطرق متنوعة.
ثالثا: اكتشاف الطفل لنتائج الأفعال وتعرضه لأفكار تساعده على الاكتشاف كيف قام الأبطال بحل مشكلتهم ووصلوا لهدفهم ، موضوع حب الاستطلاع أو الاكتشاف يحتاج لممارسة وخبرة تفاعلية مباشرة مع شيء له علاقة بالقصة لذا يفضل اختيار وقت قصة في الصباح أو الاجازات كي نقرأ ونستكشف مثل أن نقرأ عن حشرة أو شجره معينة مثل الزيتون مثلا أو شيء في الطبيعة ونخرج إلى الحديقة أو نذهب للسوبر ماركت ونكتشف معا بعد أن ساعدتنا القصة على إيجاد حافز لدى الطفل لتركيز طاقة الاكتشاف الموجودة لديه على اكتساب معلومات أو التأكد من ما رأه في القصة أو تعرف عليه.
رابعاً: القصص التي تجذب طفل ربما لا تجذب طفل آخر لذا على المربي أن يأخذ بعين الاعتبار رغبات الأطفال واهتماماتهم فأحمد مهتم بالسيارات ويحب أن يقرأ قصص عن أبطال الرالي أما فهد فيحب الحيوانات ويحب أن يقرأ عنها بالعموم لا يمكن تصنيف القصص أنها مفضلة لكل الأطفال بالمطلق.
لكن يمكننا القول أن جميع الأطفال يحبون القصص التي تشبههم وتحكي واقعهم وينجذبون للقصص التي يرون أنفسهم فيها وأحداثها تشبه يومهم وتعلمهم شيئا أو تخبرهم بشيء جديد فالطفل يحب أن يتعلم الجديد، قبل النوم يجب أن نبتعد عن القصص التي فيها كثير من العدوانية أو قصص المشاعر العميقة التي فيها حزن وخيبة أمل أو فيها معاناة معينة فسينشغل عندا الطفل بمعاناة البطل.
خامساً: قصة قبل النوم هي عادة إيجابية موصي بها من كثير من خبراء التربية لدعم العلاقة الجيدة بين الطفل والمربي، فهي تجعل الطفل يشعر بأن هذا وقته الخاص مع والديه اللذان يحبهما فهما سيتركان أي شيء ويجلسان معه ليقصا له قصة فيدرك أهميته ومحبتهم له، فالطفل السعيد هو الطفل الذي يتشارك مع أهله في أنشطة وأوقات خاصة، كما أن الطفل ربما يقرأ طوال اليوم بغرض الدراسة وحل الواجبات والفروض المدرسية وهناك لا يدخل عنصر الخيال ولا الدهشة بل يقيم أداؤه الأمر الذي يعيق نشوء علاقة مرحة بينه وبين القراءة والكتاب، قصة قبل النوم يجب أن تكون للمتعة دون ضغط أو تقويم معها يستمع الطفل لقراءة صحيحة من والديه تنمي مهاراته اللغوية وتطور قدراته بصورة غير مباشره لا تجعله تحت الضغط هي فقط اقرأ دون أي نوع من الأحكام أو الضغوط فهي وسيلة أساسية لجعل القراءة عادة محببة عند الطفل كي تستمر هذه العادة مع الطفل حتى يكبر.
سادسًا: القصص لعلاج مشكلات الطفل النفسية والسلوكية تستخدم القصة كوسيلة لعكس الشعور وجعل الطفل يرتاح لمعرفة أنه ليس وحده من يعاني من هذه المشكلة فمعها يمكن أن يسقط مشاعره السلبية من حالة حزن لفقد عزيز فحين يسمع قصة عن الفقد يتشجع ليعبر هو أيضا عن هذا الشعور وتكون القصة مفتاح لذلك وأيضا يمكن أن يتبنى الطفل الحلول التي قام بها البطل الذي يشبهه ويطبقها أو تكون القصة بمثابة مدخل للمعالج النفسي كي يعبر الطفل ويخرج مشاعره، كما توظف القصص لتوجيه السلوك ومعالجة مشكلات مثل الغضب أو الخوف غيرها.
سابعًا: إعطاء فرصة للطفل أن يختار القصة التي تعجبه وتشجيعه على ذلك أمر سيدفعه للقراءة باستمتاع، لكن يخشى المربي أحيانًا من إخفاقه أو اختيار قصص غير مناسبة فيقوم هو بالمهمة نيابة عنه ليفرض بعض القصص على الطفل، مما يؤدي أحيانا إلى فتور أو رفض أو عدم اهتمام بالقصة، عند اختيار القصص يفضل أن نشرك الطفل في هذه العملية ونجعله يخبرنا بما يبحث عنه وما يحب اكتشافه، و لابد من فتح الكتاب المختار وتصفحه وفهم موضوعه وتجربة النص هل هو سلس والطفل قادر على قراءته أو إذا قرأناه له هل النص مفهوم، وعند اختيار كتاب أو قصة للطفل نهتم بالموضوع والرسومات والنصوص ونتشارك القرار، وإذا كان هناك موضوع نرى أنه مهم للطفل يعبر المربي عن اعجابه بهذا الموضوع ويحاول إقناع طفله به ليوازن بين الأمرين، فمن الممكن عمل اتفاق مسبق بين الوالدين والطفل لاختيار قصص معينة ضمن اهتماماته تحت إشراف الوالدين ووضعها في مكتبة الغرفة ليختار الطفل كل يوم قصته المفضلة لقراءتها فحينها يشعر بالاستقلال والدافعية للقراءة.


*كلُّ قصَّةٍ نقرأها لأطفالِنا هي بذرةُ حكمةٍ نغرِسُها في تربةِ عقولِهم

وأضافت -الشاعرة السورية: وكاتبة للأطفال ميَّادة مهنَّا سليمان – قائلة: تقولُ حكواتيه الأطفال (إيزابيل سوير): “إنَّ الأطفالَ الذينَ لديهم أكبرُ قدْرٍ من الخيالِ، هم أولئكَ الّذينَ تمَّ سردُ العديدِ من القصصِ لهم، لأنَّهم مُنحوا حريَّةَ إعادةِ تجميعِ القصصِ الّتي سمعوها.. وأنَّ خيالَ الطِّفلِ حتّى لو قيلَ إنّه واسعٌ، لكنَّهُ يحتاجُ إلى التّغذيةِ”
إنَّ القصصَ الّتي نقرأها لأطفالِنا في طفولتِهم، تظلُّ مرافقةً دروبَ ذاكرتِهم، فقد يحدثُ معهم موقفٌ، أو حادثةٌ تذكّرهُم بشيءٍ قرأناهُ، أو قصصناه لهم، أو قروؤه هم، ومنهُ يأخذونَ الحلَّ، أو النَّصيحةَ، ولذلك كلُّ قصَّةٍ نقرأها لأطفالِنا هي بذرةُ حكمةٍ نغرِسُها في تربةِ عقولِهم الخصبةِ، ونرويها باهتمامِنا، ونشذِّبُها بمحبَّتِنا.
إنَّ معظم الأطفالِ يحبُّون الاستماعَ إلى القصصِ، ويتشوَّقونَ لمعرفة المزيد عن أبطالِها، ويتأثَّرونَ بهم، ويُقلِّدونهم. لذلك علينا الانتباهُ، واختيارُ قصصٍ مفيدةٍ، لتعليمِ الطّفلِ الصِّفاتِ الحميدةَ:
كالصِّدقِ، الأمانةِ، الشَّجاعةِ، التَّرتيبِ، الحكمةِ، الكرمِ، والتّعاون، وكذلك يمكننا تصحيحُ أخطائهِ، أو تصرُّفاتِه من خلالِ قِصَّةٍ فيها عبرةٌ أو موعظةٌ.
عَدا عنْ أنَّ عادةَ قراءةِ القصصِ للأطفالِ توطِّدُ العلاقةَ بينَ الأهلِ والأبناءِ، وتُساعدُ على تنميةِ حِسِّ خيالِ الأطفالِ، وتثري الحصيلةَ اللغويَّةَ للطِّفلِ، وتحسينَ المهاراتِ اللغويَّةِ، ومهاراتِ النُّطقِ، وتطويرِ مخارجِ الألفاظِ.
وعلينا أن نتجنَّبَ سردَ القصصِ المرعبةِ، أو الَّتي تحتوي على كذبٍ، أو خيالٍ مبالغٍ به، فأثرُها سلبيٌّ على الطِّفلِ.
ولنحاولْ أنْ نختارَ لهم قصصًا مسلِّيةً، ومفيدةً، وأنْ نقرأها لهم بنطقٍ سليمٍ، فالأكاديميَّةُ الأمريكيَّةُ لطبِّ الأطفالِ توصي بأن يبدأ الأهلُ في قراءةِ قصصِ قبلَ النَّومِ للأطفالِ بصوتٍ عالٍ منذ ولادتِهم، والاستمرارِ في ذلكَ إلى مرحلةِ رياضِ الأطفالِ، فالقراءةُ بصوتٍ عالٍ تمنحُ الأطفالَ السَّبقَ في تعليمِهم، وتهيئةَ مهاراتِ الاستماعِ الأساسيَّةِ، وإنَّ مشاركتنا لطفلِنا تلكَ اللحظاتِ الخاصَّةَ يزدادُ شعورُهُ بالأمانِ، وبالثِّقةِ بنفسِهِ، ويسهمُ في تنميةِ روحِ الخيالِ والإبداعِ لدى الطِّفلِ.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود