478
0194
0307
0213
0336
0297
0172
0347
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11428
04669
03938
173156
0
شاهيناز العقباوي*
التنمية الثقافية لأطفال الصراع لا تعد ترفًا، أو طلبًا يصعب تحقيقه، بل هي ضرورة ملحة دعمت الظروف التي مر بها الأطفال أهمية توفرها ، لكنها تحتاج إلى أن تكون مختلفة في أساليب التقديم والوسائل، وفى نوع الثقافة التي يحتاجها الطفل نفسه كذلك، صحيح أن هذا النوع من الدعم الثقافي حديث على المجتمعات العربية ، لكن الظروف التي تمر بها بعض الدول العربية جعلت منه ضرورة ملحة ليس لتنمية الطفل ثقافيًا، بل لحماية المجتمعات العربية من استغلال بعض الفئات السيئة والتي بدأت تظهر مستفيدة من الظروف غير السوية التي يمر بها أطفال دول الصراعات مع جهلهم واحتياجهم في تجنيدهم واستخدامهم في أعمال تسيء وتضر المجتمعات العربية.
ولكى ينعم الوطن العربي بمستقبل آمن وباهر ، لا بد من تضافر كل فئاته وتعاونها لتحقيق هذا الهدف، ومن الضروري ألا يتم إقصاء او تجاهل فئة من الفئات، خاصة إذا كانت من الفئات الحيوية والمؤثرة لأن ما نتركه اليوم معتقدين بضعف تأثيره سيكون من أهم وأخطر المعوقات التي تقف حائلاً دون تحقيق التقدم والرقى للمجتمعات العربية ، والثقافة بكل أنواعها لاسيما أدب الطفل منها سلاح مهم وضروي لانتشال أطفال الدول العربية التي تعانى من ويلات الحروب والصراعات للخروج بهم من دائرة النزاعات الضيقة إلى عالمها الواسع.
ويؤدي أدب الأطفال بأنواعه المختلفة كما كشفت العديد من الدراسات دوراً كبيراً في تعزيز كثير من القيم في نفس الطِّفل، منها التربوي والسلوكي والأخلاقي والمجتمعي والفني الجمالي، ويسهم في بناء شخصية الطِّفل على نحوٍ سليم، فهو يمده بالثقافة الغنية وفي زمنِ الحرب تزدادُ المسؤولياتُ الملقاةُ على الأدبِ الموجَه إلى الطفل، وتتعمق، فالطِفل في زمنِ الحرب حالةٌ إنسانيةٌ خاصة، تحتاج إلى عنايةٍ خاصة، فهو رأى وعايشَ كثيراً من الأهوال والمآسي والفجائع والحرمان، وأصبحَ في افتقار شديد إلى حاجاتٍ كثيرة، لعل أهمها حاجته إلى الشعور بالأمن والسلام والطمأنينة والسعادة، مِن هنا فإن على الأدب الموجه إلى الطفل في هذه المرحلة أن يُلبيَ هذهِ الحاجةَ لديه، وأن يوظِّف طاقاته كلها في سبيلِ دعمٍ نفسيٍ حقيقيٍّ له، وفي سبيلِ إعداد هذا الطفلِ ليتعافى، وينهضَ من جديد، ويتابع حياته بصورةٍ نفسيةٍ سليمة وبشخصيةٍ مُعافاة تكون قادرة على العطاء، لقد فهم بعضُ الأدباء الذين يكتبونَ له أن الكتابةَ للطفل في زمنِ الحرب تعني أن نصورَ له الواقع بمآسيه كافّة كما هو، وأن تقدِم له بعض صور المعاناة المرعبة والمؤثِّرة، فيكتبونَ عما حل في البلادِ مِن دمار، ويضعونه في الصورة الحقيقية لما يجري باعتباره رجلا لكن الدِراسات النفسية والتربوية تؤكد على أن الطِّفل عالم مستقل بذاته له صفاته وثقافتُه ولغته وقيمه وطريقةُ التعامل الخاصة معه. أفلا يكفيه ما عاشَهُ في سنواتِ الصراع من مأسي، إن أدبَ الأطفال الأجدى بأنْ نقدِمَه للطفل في زمن الحرب، هو ذلكَ الذي يأخذُ بيدِ ه للنُهوض من جديد، ويزرع في داخلِهِ صوراً مشرقة وأملاً بحياةٍ قادمةٍ أفضل، ويعزِز لديهِ القدرة على تجاوز ما مضى ومتابعة المسير في اتجاهِ المستقبل الحافل بالأبهى والأنقى، كما يدعم قيمَ حبِ الوطن والدِفاع عنه والتضحية لأجلهِ، كل ذلك بأسلوبٍ بعيدٍ عن أيِ صورةٍ من صور العنف والرعب والفقد والمأساة التي عاشها، كما يلبِي للطفلِ حاجته لأنه طاقةٌ من الحيويةِ والأمل والفرح علينا أن نُحافظَ على عليها،.وهذا بدورة يتحقق من خلال المبدعين من جهة وجهات الإنتاج والدول والجهات الثقافية المسؤولة والمشروعات القومية العربية الكبرى التي تهدف في الأساس في الحفاظ على هوية الطفل وحمايته ومساعدته على الخروج من ازماته التي عاشها نتيجة تعرضه للحروب ويؤلف أدب الأطفال دعامة أساسية في تكوين شخصيات الأطفال عن طريق إسهامه في نموهم العقلي والنفسي والاجتماعي والعاطفي واللغوي وتطوير مداركهم وإغناء حياتهم بالثقافة التي نسميها ثقافة الطفل.
ويعد أدب الأطفال ضرورة وطنية وقومية وشرطًا لازمًا من شروط التنمية الثقافية المنشورة في عقدها الدولي بل إن أي تنمية ثقافية تتجاهل أدب الأطفال أو تهمله ناقصة وتفتقر لجذورها وذلك لأسباب تتعلق بطبيعة التكوين المعرفي والتربوي للإنسان وأدب الأطفال سبيل لا غنى عنه لتسريع عملية التنمية الثقافية والاجتماعية مما يتطلب المزيد من الجهد لتأهيل أدب الأطفال وتدعيمه في التربية والمجتمع في مختلف المؤسسات، ولا تتوقف هذه الجهود عند نشر كتاب أو بث برنامج إذاعي بل تحتاج إلى تخطيط قومي شامل في صلب التخطيط القومي للثقافة العربية يراعي خصوصاً أدب الأطفال وينهض بمسؤولية على أنه ادخار في كسب الحياة هذا وتمر كل من دولة فلسطين وسوريا وليبيا والعراق واليمن بالعديد من الأحداث التي أثرت سلبًا على عدد من الأجيال الكاملة من أطفال هذه البلدان العربية، لأنهم أجبروا على التعرض للكثير من المواقف والأزمات التي يصعب على الطفل في مراحله السنية المختلفة استيعابها مما ينعكس تأثيره بلا شك على حالته النفسية والصحية وحتى على انتمائه …..لذا يحتاج إلى وسائل غير اعتيادية في المجال الثقافي بفروعه المختلفة خاصة ادب الطفل منها، للعبور به دائرة الخطر والعودة به مرة أخرى إلى طريق الطفل السوى الطبيعي.
*كاتبة _ مصر
التعليقات