86
040
020
046
0204
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
3112
02111
02058
01636
01436
12د. أحمد فرحات
قليلة هي الروايات النفسية عند الروائيين العرب، لكنها كثيرة ومتنوعة لدى الروائيين الغربيين، وتعد رواية مدام بوفاري لجوستاف فلوبير هي رواية سيكولوجية بامتياز. وحسب علمي أن المحاولات العربية لتقديم نموذج رواية سيكولوجية (نفسية) قليلة للغاية، ربما لأنها رواية تعتمد على استعداد خاص من الروائي، وقراءة ناقدة نافذة إلى مضمون الشخصية المراد التعبير عنها روائيا؛ لأنه يقرأ قراءة امتصاص لا قراءة تناص، أو تلاص.
ومع ذلك فإننا لا نعدم وجود الرواية النفسية بكل جوانبها وسماتها الفنية والدلالية؛ لأن الروائي المعاصر يكون في أشد الاحتياج للدقة المتناهية فيما تستدعيه بنية العمل الروائي من تكثيف السرد الباطني وتوظيفه كآلية أساسية من آليات السرد الروائي.
ولذا فقد وجدت رواية مقتل دمية للروائي السعودي حامد الشريف منفذا في جدار الأعمال الروائية المتعددة على الصعيد العربي تستعرض فيه مكاشفة جادة تتحدث عن وشائكية الصراع، وعمق المتخيل والإيحائي للوصول إلى مناقشة القضايا الاجتماعية والفكرية الشائكة في المجتمع، وهو يستلهم طرائق خاصة يسخر لها مخزونه الفكري والفني لإحداث توازن ثقافي مع الواقع الاجتماعي المعيش في هذا العالم.
تقدم الرواية رؤية جلية لشخصية مضطربة نفسيا، هي شخصية البطلة(سارة) التي تتعرض لغبن عائلي قاس من العائلة، يجبرها على الذهاب إلى بلاد الغرب، وتتجه المعالجة السردية للبطلة من خلال اضطراب نفسي مثير للقارئ تارة، ومحفز لفضوله تارة أخرى، أحيانا يكسر المدار السردي أفق توقع القارئ، فعندما تنوي سارة خلع الحجاب أمام حبيبها، والكاهنة (الرمز الديني) تفاجأ سارة بأنهما يرفضان تصرفها رفضا تاما، والفجأة هنا في غير المتوقع من المجتمع الغربي. ومن هنا استطاع الروائي إعادة ترتيب الأنماط في ذهن القارىء والناجمة عن قلة عدد شخصيات الرواية.
العنصر الأكثر تمييزا للرواية النفسية استخدام الروائي لتيار الوعي والأحلام بشكل مستطرد، غير مقيد لشخصية البطلة؛ فالرواية النفسية تعتمد على مهارة الروائي في توظيف الحلم واختلاطه بالعالم الواقعي؛ فالمرأة النموذج هنا عاشت تحت وطأة القهر العائلي، والضغوط الأسرية مما أوقع البطلة في منطقة قلقة بين الوعي واللاوعي. ولعل رواية (مقتل دمية) نموذجا جيدا للرواية النفسية، ورواية تيار الوعي، من حيث توظيف المنولوج الداخلي للبطلة، فهي ليست حوارا يين المشرق والمغرب؛ وإنما حوار الذات مع داخلها النفسي الرحب، فالنفس وعيها، والحلم لاوعيها، والقلق واقعها، فكل ملاك يلقاها ينقلب شيطانا رجيما.
والملحوظ أن الكاتب في الرواية النفسية أثناء عرضه لآرائه الفردية والجماعية يتخذ طريقة خاصة تسمى حكاية الباطن النفسي، يسخر لها مخزونه الثقافي وإلمامه المعرفي بنظريات فرويد وتفسيراته دون أن يظهر ذلك في عمله؛ بل يستطيع القارئ استكناهه بجلاء وشغف.
ومن الروائيين الذين اعتمدوا الآلية النفسية كأداة أساسية لبناء رواياتهم محمد حسن علوان في رواية (موت صغير) حيث أوغل السارد في شخصية ابن عربي الذاتية وسبر أغوارها العميقة، ورواية (فسوق) لعبده خال، وغيرهم ممن اتخذ السرد الباطني مبدأ لشخصياته المنتقاة بعناية، سواء أكانت تاريخية معروفة لدى المتلقي أم اجتماعية يسلط عليها السارد عدسته الذاتية لتبين ملامحها النفسية الباطنية.
التعليقات