285
1229
0260
0206
0405
1107
046
046
096
059
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11817
04749
04730
04540
04410
17
حسين عبروس*
لقد أولى كبار الشعراء في العالم، وفي الوطن العربي عناية كبيرة النص الشعري الموجه للطفل وهم يهدفـون مـن وراء ذلك إلى الرفعة السمو بذوق الطفل مـن خلال تلك الأناشيد والقصائد الشعـرية التي يوجهونها إليـه، وذلك وفق معطيات لغوية وفنية، ووزن شعري حافل بالموسيقى العـــذبة، والغنائية القـــريبة مـن أذواق ومــــدارك الصغار التـي تســــاعدهم على حــــفظ لتلك النصوص الشعرية، والتغنّي بها على سائـر الأيام فـي المدرسة والبيت والطبيعة، وذلك حسب مختلف المواضيع والأغراض، فالنشيد الذي يقدم للطفل يجب أن يكون على مستوى كبير من حيث اختيار المواضيع التي تغرس في نفسـية الطفل بعض الفضـائل الساميـــة كحب الله، والرسل والوالدين والوطـن، والناس والطبيعة والحيوان، كما يجب أن يكون نص النشيد يشتمل على إيقـــاع موسيقـــي يـؤدى بلحــــن عذب سلس يثير في نفوس الصغار العزة، ويبعث فيهم الشعـــور بالثقــــــة، ويقــــوي فيهـــــم الملـكات الحفظ ويثـــري قاموسهم اللغـوي والمعرفــي.
إن الكتابة الشعرية الموجهة للطفل تتطلب قدرات عالية من الشاعر كي يتمكن من تقـــديم نص ناجح يؤسّس لثقافة الطفل الشعــرية، ويشكل معـارفه اللغـوية تدرّجـا مع مـراحلـه الدراسيـــة المتلاحقة. ولـــذا يجب على الشاعــــر أن يدرك أبعاد النص الشعري الموجه للطفل على النحو الآتي:- إن شاعر الطفل يقوم أساسا على تبليغ فكرة معينة، أو عبرة يريد توصيلها الشاعر إلى الطفل فـــي قالب فنــيّ جميـل، وغالبا ما تنتــــهي هذه النصوص بحكمة أو فكرة تنمو مع مرور الأيام في نفسية الطفل. إنّ الشاعر الذي يكتب للطفل لا يلتزم بالضرورة صورة معينة، كم أنّه لا يلتزم بالبحر الشعري الواحد، أو القافيـة الواحـــدة ففي أغلب الأحيان نجده يتنقل من مقطوعة شعرية إلى مقطـــــوعة شعرية أخـرى، وهو بذلك يغيّر من الوزن والقافية والصورة بطريقة فنية جديدة .ومـــن أهم الجـوانب التي يجـب على الشاعر الذي يكتب للطفل أن يهتم بالجوانب الفنية التالية:
-اختيار اللغة المناسبة لسـن الطـــفل، تلك اللغة التي تتضمن صوّرا بسيطة محببة للطفل بحيث يسهل حفظها والتعامل معها، ومع مفرداتها الجديدة.
– اختيار الموضوع المناسب حسب الغرض المعين الذي يراه في دائرة الطفل.
– عدم اغفال تجارب الشعراء الكبـار، ومحاولة الاستفادة منها، فهـذه التجارب تمكن الشاعـر من كتابة نص جديد يتناسب مع سن ومحيط الطفل وقدراته المعرفية البسيطة.
– اختيـار التفعيلة من البحـر الشعـري الذي يـراه الشاعر يـــؤدي وظيفتــه الفنية والجمالية.
إنّ هذه التجارب كلّها كفيلة بتقديم نموذج شعري جديد إذا حاول الشاعر الالتزام بها، والاستفادة من محيط وواقع الطفل، دون إغفال تلك الأمور البسيطة في حياة الطفل. ويحقق النشيد في حياة الطفل عدة غايات تربوية، وأخلاقية ومعرفية ولغوية، بحيث يساهم في معالجة بعض الحالات النفسية عند الصغار، والقضاء عليها مثل الخجل، والتردّد في النطق، كما يبعث في نفوسهم الفرح والسرور، ويجدد نشاطهم اليومين ،وذلك نظر الما يشتمل عليه من لحن عذب وإيقاع موسيقي يطرب السامع.
إنّ النص الشعري الموجه للصغار(النشيد) يدخل الطفل في لعبة الإغراء الجميل تلك الصفات، والمواصفات النبيلة من المثل العليا التي يتضمنها النص، والتي تكون الغالب تعالج مواضيع محبة الله والرّسل، والوالدين والنــــاس وحب الوطن والطبيـــعة بكل ما فيها من جمال، وحب اللعب والمرح والبطولة والمغامرة، وعلى الشاعر أن يظلّ دائب البحــث والـتأمل في كل نص يكتبه للصغار، دون كلل أو ملل مراعيا تلك المستجدات في حياة أطفالنا في الوطن العربي، وفي العالم وما توصل إليه العلم من تطوّر تكنولوجي مذهل. ويضل النص الشعري أقوى وأقدر على صياغة قاموس الطفل اللغوي من النص النثري، وذلك لسهولة حفظه، ورقة وجمال مفرداته وعذب ألحانه. وفي النهاية يبقى النص الشعري الموجه للطفل المحفز القويّ على صياغة نفسية الطفل، وصياغة تذوقه الجمالي الذي هو مقــوّم شخصيته المتفردة عن غيره من الأطفال الآخرين الذين لم يتذوقوا جماليات النص الشعري الموجه للصغار، ولم يدركوا حقيقة النغمة الجميلة التي تتصيّدها اسماعهم من خلال تلك الكلمات الرقيقة العذية في الاغاني وفي الأفلام الكرتونية “الرسوم المتحركة” وغيـرها مـن النصوص التي يطالعـــونها في كتبهم المدرسية.
*كاتب للأطفال _ الجزائر
التعليقات