145
0318
0610
0223
0274
090
0155
0305
1812
1167
2الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11753
04693
04291
173914
03355
0أحمد بنسعد*
2.2. نماذج كتابات للأطفال حول الحرب
طبعا -وكما ذكرنا- الحرب ليست سببا مقنعا للكتّاب كي يستفيضوا في الحديث عن المعاناة؛ عن التشرد والموت والدماء للأطفال كيفما اتفق. بل هي طريقة خاصة في الكتابة، عنوانها زرع الطمأنينة والأمل والتفاؤل في غد مشرق في أعماق الطفل وتجنيبه الإحساس بالخوف والقلق… وحبذا لو كان هناك تنسيق في الإبداع بين الكتّاب وأطباء النفس، أو أطباء الأطفال… ليوقعوا إجازتها ويضمنوا عدم وقوعها في المحظورات النفسية…
وطبعا وتبعا للحروب المتأججة في وطننا العربي هناك المئات إن لم أقل الآلاف من الكتابات الموجهة للأطفال في موضوع الحرب بالضبط.
حيث -مثلا- تخصصت مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي بفلسطين في كتابة هذا النوع من الكتابات ، تارة تنشر كتابات ورسومات من قبل الأطفال الذين تعرضوا للحرب أنفسهم، وتارة من قبل كتّاب مختصين في الكتابة للطفل.
ودائما مع فلسطين وخاصة غزة التي تندلع فيها الحرب وتتعرض للهجومات المتكررة ويتعرض أطفالها للرعب والفزع والقلق المتواصل، فاجأتنا الكاتبة روند حمودة البايض رغم الرزايا برعايتها لمجلة إلكترونية للأطفال بعنوان (غيمة) وهي فصلية مجانية، تجدون أعدادها جميعا للتحميل المجاني، يشارك فيها عدد من الكتّاب العرب المختصين في الكتابة للطفل، وتحمل مواضيع حياتية متنوعة بعيدة جدا عن أجواء الحروب.
ولأحمد بنسعيد صاحب هذا المقال، حكاية (يتامى الحرب) إصدار دار أصالة – لبنان 2020م.
تحكي عن أسرة من الحمام هاجرت بلاد الحرب لبلاد جديدة تنعم بالسلام، بنت فيها عشا جديدا وحياة جديدة… وفي الأخير بعد أن انتهت الحرب في بلادهم الأصلية افترقوا بين من أراد الرجوع وبين من رفض الرجوع…
وصدرت سنة 2022م ثلاث قصص للأطفال للكاتبة الفلسطينية الأردنية هناء الرملي ، عن دار كُتبنا – مصر. حملت السلسلة ثلاث عناوين وهي:
1- “قصاصة على الطريق ـ لين والقصص” تحكي قصة الطفلة لين يتيمة الأب تعيش مع والدتها في مخيم اللاجئين، لديها شغف وحب كبير للقراءة والقصص لكن حياة الفقر والحرمان التي تعيشها تحرمها متعة القراءة والقصص. وذات يوم تجد قصاصة على الطريق تجعلها تكتشف ذاتها ومواهبها، فتتغير حياتها وتصبح بجهدها ودأبها طفلة مبدعة تكتب وترسم القصص للأطفال. في ختام القصة، قصيدة تلخص متعة القراءة والكتابة بأسلوب تشويقي جذاب للأطفال. ونشاط تفاعلي بمثابة تطبيق عملي.
2- قصة “كتاب على الطريق ـ فراس والكتب” فراس يتيم الأب يعيش مع والدته وإخوته الصغار في بيت صغير في مخيم اللاجئين، بعد وفاة والده، يضطر فراس إلى ترك المدرسة، ليعمل كي يساهم في إعالة أسرته. فيفقد القدرة على القراءة والكتابة. فراس الشغوف بالقصص والقراءة، لكن الفقر والحرمان حرمه هذه النعمة، تحدث معه مصادفة غريبة، تدفعه ليدخل عالما حافلا بالكتب، بجده واجتهاده يتمكن من تحقيق حلمه. في ختام القصة، قصيدة تلخص أهمية مهارة القراءة، وأهمية قراءة الكتب. وأهمية التعليم والقدرة على محو أمية القراءة والكتابة لدى الأطفال المتسربين من المدارس. بأسلوب تشويقي جذاب. إضافة إلى تطبيق عملي هو نشاط تفاعلي في الواقع.
3- قصة “شيء ما تحت قميص يامن” تحكي قصة الطفل يامن، الذي شهد الحرب واللجوء، يقيم في مخيم اللاجئين مع والدته وأخيه الصغير، فقد والده قبل اللجوء ولا يعرف مكانه، يحتفظ بسر بعيداً عن أعين الناس، شيء ما يضعه تحت قميصه، ويعاني من فضول الأولاد وتنمرهم في المخيم والمدرسة من جراء إخفاء هذا الشيء، يلتقي بوئام المشرفة التربوية في المدرسة، وتحدث بينهما العديد من الأحداث والمفارقات، فيكشف لها عن سره الذي كان بخبئه تحت قميصه، ويحكي لها عن حاله وحياته، تتطور الأحداث بين يامن ووئام وسره، تغير حياة يامن تغييراً جذرياً، ويصبح له دور فعال بين أطفال المخيم وجميع الأطفال. في القصة أكثر من قصيدة يعبر من خلالها يامن عن مشاعره ويحكي مقاطع من حكاياته للأطفال، القصائد تكثف المعنى الإنساني في القصة وتعزز الرسالة منها لدى القارئ. إضافة إلى النشاط التطبيقي التفاعلي وهو صناعة الدمى وفن حكي الحكايات للأطفال.
تقول الرملي: “كوني ناشطة اجتماعية في مجال التشجيع على القراءة منذ عام 2009 حيث أسست جمعية (كتابي كتابك لثقافة الطفل والأسرة) والتي تسعى إلى تأسيس مكتبات عامة في المناطق الأقل حظًا من قرى ومخيمات اللاجئين وجمعيات الأيتام، إضافة إلى الأنشطة التي تشجع على القراءة. تعاملت مع الأطفال الأيتام اللاجئين، وحدثت بيني وبين المتطوعين وبين الأطفال الكثير الكثير من القصص والمواقف التي ألهمتني كي أكتب هذه القصص.
جزء من هذه القصص الثلاث من أحداث واقعية حصلت معهم، لكن تطورات وأحداث كل قصة من وحي الخيال. كل طفل وموقف كان بارقة إلهام وولادة. والأهم هو ذلك الحافز الكبير ليكون لي دور من خلال تأليف هذه السلسلة أن أضع بين أيدي كل الأطفال قصصا ملهمة ومحفزة لهم لاكتشاف ذواتهم وأحلامهم والسعي نحو تحقيقها.”
وللكاتبة الجزائرية نجاة شباح كتاب للأطفال بعنوان (قلبيْن بدون وطن) رسوم: رحمانية صالح، نشر دار الدهيلي – ميلة. تحكي عن موضوع معاصر له علاقة مباشرة بظروف الطفل الذي يعاني من ويلات الحروب، ومشاكل الهروب من الحرب واللجوء إلى أماكن آمنة، ومشاعر الغربة والبعد عن الوطن. من خلال بطلي الحكاية: (كامي وفراس) وآمالهم في غد مشرق بالسلم والمحبة والتعاون.
وعلى العموم فالكتابات العربية للطفل في مجال الحرب كثيرة جدا، والقلم العربي يعكس بحق ثراء الساحة العربية في مجال الحروب للأسف الشديد وتأثير ذلك على الأطفال. نرجو لهذا الواقع المزري أن ينتهي عاجلا غير آجل.
وعلى الصعيد العلمي يمكننا الاستشهاد بكتاب واحد لليافعين هو (رحلة إلى إفريقيا) 2004م للكاتب شاتيدزه نوجزار Nugzar Shataidze يعبر عن حدث الحروب بدقة متناهية حيث يتحدث عن ظروف إنسانية كأنها تكتب الآن، “يضطر اليافع ابن 12 سنة، في رحلته إلى الأحلام الضائعة. يحدثنا عن كفاحه لأجل الحياة؛ عن وضعه ألف قناع وأكاذيب لا تعد ولا تحصى، خلال رحلته في تسعينيات الدمار والخراب؛ المصانع المعطلة، السيارات الصدئة، عوارض السكك الحديدية، المسارات، الأنابيب المتناثرة بلا معنى، الشوارع المهجورة، الأكواخ التي تسد الأرصفة، الكلاب الضالة الجائعة، الرائحة الخانقة لأكوام القمامة. الناس يتنقلون عبرها، والطرق الموحلة، والمساحات والحدائق المهجورة، وحقول الحبوب الذابلة – كل ذلك موصوف بطريقة تصويرية للغاية. الأشخاص الموجودون في الأسفل يحيطون بالبطل الرئيسي في كل مكان. المراهقون يسمّمون أنفسهم بالأسيتون: يشعرون بالجوع والبرد. لكن لديهم غريزة التضامن والوقوف معًا، على الرغم من أنهم جميعًا بمفردهم، وليس لديهم مكان يذهبون إليه، متشردون، عاهرات، متسولون. ومع 27 لاريًا وخاتمًا ذهبيًا سرقه من والدته، يذهب الصبي إلى أبخازيا، وهي منطقة أكثر رعبًا من أي منطقة أخرى، ونائية مثل إفريقيا.”
وهكذا قد تتكرر أحداث الكوارث سواء الطبيعية منها أو التي يكون مصدرها الإنسان كالحروب. وعلى المجتمع الإنساني، والمجتمع العربي، والمجتمع الوطني أن يكون مستعدا لدعم الأطفال المتضررين بالكتب التي تكون لهم علاجا ومتنفسا وكذلك لتفهيم عناصر الكارثة بشكل علمي، وبانيا أيضا أسس المرحلة القادمة.
3. مائدة إبداع كتاب الطفل أثناء الكوارث
1.3. الكتاب الورقي للأطفال
كما أسلفنا؛ فكثيرا ما ينقطع الإنترنت والكهرباء وأدوات العيش الكريم في مختلف الكوارث، من هنا جاءت ضرورة إعداد مكتبة ورقية للأطفال. مكتبة مختصة بموضوع الكوارث، منطلقة منها لتسطير غد مشرق بالأمل… مكتبة تُسلَّم يدا بيد، ليقرأها مؤطرو الأطفال في ميادين الكوارث في الليالي الحالكات وتحت الخيام…
إن الكتاب الورقي للأطفال، هو في نفس الوقت تحفة ثقافية فكرية نفسية، وتحفة فنية… حيث يتعاون على إنجازه رسامون ومصممون، يسهلون عملية الإخراج على مخرجي الرسوم المتحركة الذين يعتمدون على نفس الشخصيات التي رسمها الرسامون على الأوراق في بداية الإبداع… وهو قصعة الطعام الأساسية في مائدة الإبداع، وكل أمر دونه عاضد ومساعد…
وعلى الرسام كذلك مساعدة الطفل على العبور بسلام من الكارثة، فيستعمل بالتالي ألوانا هادئة وسعيدة ومشرقة تدخل البهجة والسرور على النفس، ويجتنب كل ما من شأنه أن يبعث على الخوف والقلق… من ألوان ومشاهد…
3..2 أفكار أمام المبدعين للتعامل مع الكوارث في كتاباتهم للأطفال
حين يتعامل المبدع مع الأوضاع الكارثية، فإنه يستعمل خياله الأدبي الفياض ومنطقه العلمي وضوابطه النفسية والتربوية وعلاقته الطويلة بالأطفال بحكم التخصص… يمزج هذه الخميرة التي حصل عليها خلال سنوات تكوينه، فيمكّنه هذا المزج من تقديم الحلول العقلية والنفسية والمنطقية للصراع الداخلي الذي حدث فجأة وبدون سابق إعلام في أعماق نفوس الأطفال من جراء حدوث الكارثة… قد يكون الكاتب المبدع ابن هذه البيئة التي وقعت فيها الكارثة، وقد يتخيلها فقط. وكلاهما ينبغي أن يلتزم بالأسس النفسية التي تحقق غرض إعادة الأمل والطمأنينة في نفوس الأطفال…
يمكن للكتّاب أن يحكوا حكايات حول: تصالح شخصيات وأبطال إبداعاتهم المختلفة من إنسان وحيوان مع الطبيعة (رياح، أمطار، بحار، سدود، جبال، وديان…) محاولين في بناء حبكة إبداعاتهم التركيز على البناء والتشييد والعمل والتعاون والتضامن والتكافل… زارعين البسمة والضحكة والنكتة… يمكنهم وضع مسابقات، وأحاجي، وألغاز، وكتب ألعاب، ونصوصا مسرحية خفيفة ومسرح الدمى… تراعي من ناحية الزمن والمضمون الموقف الصعب… وكتابة الأشعار التي يمكنها ان تصبح أناشيد وأغاني ترفه عن الأطفال المصابين…
يمكن للكوارث بالتالي أن تصبح أملا لإنتاج ثقافة وطنية وعربية وعالمية راقية، يمكن استثمار شخصيات عربية معروفة من التراث كمقيدش وحديدان وذي يزن وقنديشة والغولة… يمكن إحياء العشرات من الشخصيات القابعة في رقاد عميق… يمكن إنتاج اسم دمية جديدة وبطل خارق جديد… فرصة لكي يشتغل المبدع الوطني والعربي والعالمي وينتج الجديد الذي قد يضمد الجرح ويحقق الأعاجيب…
خاتمة:
إن إعداد مكتبة طوارئ للأطفال تصلح أثناء مختلف الكوارث لَمِنْ أحوج المتطلبات من المجتمع الإنساني. فالكتاب الذي يكتبه الكاتب المختص سنة 2000م قد يصلح لحالة 2020م ويصلح كذلك لعام 2200م لأن الحالة الإنسانية متشابهة جدا في حالة الرخاء وفي حالة الشدة.
إعداد هذه المكتبة لا ينبغي أن يغفل توقيع وإجازة المختصين بعلم التربية وعلم النفس وأطباء الأطفال، حتى يؤتي أكله، ويكون منهج الإعداد مخففا للمصاب وليس مكرسا له. متصالحا مع الكون والإنسان والحياة، بانيا وفاتحا أبواب الأمل والتفاؤل في غد أفصل.
نتائج الدراسة:
1- إن تأسيس مكتبة طوارئ خاصة بالطفل المتضرر من جراء الكوارث، تصلح لتجاوز الأزمة، وبها مختلف أنواع الكتب وأدوات المرح للتغلب على الأزمة. تعتبر مُلحّة.
2- إن تقريب هذه المكتبة من الطفل ومن المرابطين المتعاملين مع الأطفال في ميادين الكوارث في المرحلة الصعبة والحرجة، تعتبر ضرورة ملحة أيضا.
3- إن توضيح طرق التغلب على هذه الصعوبات المفاجئة (جراء الزلزال والفيضان والحرب…) من خلال الحكاية الخفيفة ذات المغزى المناسب والنص المسرحي المناسب والأنشودة المرحة… هي من مهام الكتّاب والمبدعين…
4- وأخيرا منح الطفل المتضرر وسائل وأدوات تعليم الذات ورفع التحدي لمواصلة الحياة بكرامة وقوة وتفاؤل في غد أفضل بمشيئة الله.
توصيات:
1- هذه النتائج واجبات ملحة على مجتمع المثقفين والمبدعين من جهة وعلى المؤسسة الرسمية من جهة أخرى، والتي لولا حضورهما وتحفيزهما وحسن تنسيقهما ومتابعتهما وتأسيسهما لما تحقق أي شيء في أرض الواقع.
2- وأخيرا من الجيد وضع لائحة عناوين كتب (مكتبة الطوارئ) وتوفيرها بشكل رقمي احتسابا لكارثة تشبه كارثة كورونا التي تعرض فيها العالم الإنساني (والأطفال خاصة) للحجر الصحي لما يقارب ثلاثة سنوات متتالية. وغالبا ما يصحب مجموعة من الكوارث الأخرى كالإعصار والبراكين والزلازل… انقطاع في الإنترنت لمدة زمنية قد تطول وقد تقصر من هنا كان إلحاح وجود مكتبة ورقية يتم تسليمها يدا بيد للأطفال المتضررين وأطرهم خلال الحالة، غاية في الأهمية.
وطبعا بعد مرحلة تأسيس المكتبة الوطنية للطوارئ الخاصة بالأطفال والتي تعتبر لحد الآن حلما عزيزا، تأتي مرحلة التنسيق بين المكتبة الوطنية والعربية والعالمية في مسألة الطوارئ. فإذا أسست كل دولة وطنية مكتبة طوارئ للأطفال، ستجد نفسها بطريقة تلقائية تنسق مع مؤسسات المجتمع العربي والعالمي المهتمة بنفس الشأن. وهنا نجد مكتبة المجلس العالمي لكتب الأطفال واليافعين IBBY الكائن مقره بسويسرا والذي له تاريخ طويل عريض في هذا الشأن منذ تأسيسه بعد مرحلة الحرب العالمية الثانية والتي تدعم مكتبته عددا من الدول المحتاجة لكتاب الطفل، ويمكنها التنسيق أيضا مع مكتبة الأمم المتحدة للطوارئ وغيرها.
*كاتب للأطفال_ المغرب
التعليقات