236
0977
0463
01175
41726
039
063
071
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11885
05554
05553
05168
04854
0إعداد – مباركة الزبيدي
تقترن الكتابة بالإبداع وثمة خفايا خلف كل إنتاج تظل في حيز السر والعلن وتتباين ما بين السلوكيات والمشاعر إضافة إلى ارتياد بعض الأماكن التي تحفز الذهن وأخرى ترتبط بموقف أو ذكرى أو ارتياح لتتكامل في ذهن الكاتب أو الأديب فتتجمع في غيوم من التفكير تهطل صيباً من الإنتاج المقترن بأدوات كانت تشكل دوافع أولى لصناعة الإبداع والاحتراف..
الطقوس كما عرفتها المصادر “هي مجموعة من الإجراءات التي يؤديها بعض الأشخاص، والتي تُقام أساسًا لقيمتها الرمزية. وقد يحدد تلك الطقوس أو المراسم تراث الجماعة المشتركة، بما في ذلك المجتمعات المختلفة، ويشير المصطلح عامةً إلى مجموعة الأفعال الثابتة والمرتبة، ويُستثنى من ذلك الأفعال التي يقوم بها المؤدون للطقوس اعتباطًا. “
وبناء على ما سبق فإن لكل إنسان أسلوبه وطقوسه الخاصة في كل أمر يقدم عليه في الحياة، فكيف إذا كان الأمر يخص إبداع يقدمه في أبيات شعرية، أو نص نثري، أو من خلال لوحة فنية ؟!
بالتأكيد أن لكل شاعر أو كاتب، أو حتى فنان طقوسه الخاصة التي يركن إليها لكي ينسج إبداعاته ويخرجها لمتذوقيها بأسلوب جميل يرتقي لذائقتهم معبرًا عن شخصيته الإبداعية، ولم ترتبط تلك الطقوس وقتما يقومون بالكتابة، أو النظم، أو الفن والرسم فحسب، بل تعداه إلى اعتماد أساليب خاصة عند القراءة والتذوق والنقد أيضًا.
هنالك من يغادر إلى مكان ملهم عند شاطئ البحر، أو حديقة غناء ليكتب نصه، وثالث يستيقظ في وقت السحر ينظم أبيات قصيدته، ولم يرتبط الأمر بالركون إلى زاوية هادئة والعزلة عن الضوضاء، بل هناك من يبدأ بتدوين أفكاره الإبداعية الفريدة في وسط الضجيج كقاعات الانتظار في المستشفيات والمطارات تحت ترقب للداخل والخارج من هذه العيادة أو تلك، وعلى نغمات أصوات النداء للمسافرين على الرحلات وربما سبقهم من كتبوا ودونوا في المقاهي المفتوحة أمام المارة أو ما يطلق عليها المقاهي الشعبية، التي كان ولازال هناك من يسمي المفرد منها ( القهوة )، ومثل هذه المقاهي الشعبية المفتوحة المشار إليها والتي كانت منتشرة في القاهرة ودمشق وغيرها أشار إليها عدد من الأدباء والكتاب في حديثهم ونصوصهم، حيث أن زيارتهم أو جلوسهم فيها خرجوا منه برسائل أوصلوها للمجتمع والعالم، خاصة أنهم عاينوا عن قرب تفاصيل الحياة التي يعيشها الناس وتلمس ونقل احتياجاتهم؛ ومن جهة أخرى أيضا هناك من يستغل ظروف الطقس والأحوال الجوية كهبوب الريح، أو نزول المطر مستمتعًا بضوء البرق وصوت الرعد، وهذه الطقوس ليست حديثة على الأدباء والشعراء فقد سبق المعاصرون شعراء العصر الجاهلي الذين وقفوا على الأطلال كأمثال عنترة بن شداد الذي كان يقف على أطلال ابنة عمه عبلة وربما في العصر الحالي ومع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي نشاهد ارتباط كوب القهوة مع القراءة وأيضا الكتابة، فتارة نشاهده بالقرب من كتاب، وأخرى بجانب قلم وأوراق، ويعد الشاعر محمود درويش من أشهر الأدباء العرب الذين تحدثوا عن القهوة، وهو الذي قال:
قال إن (أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي ولمسة أمي..)
وقال أيضا، ويعد من أجمل ما قال محمود درويش عن القهوة :
لا أريد غير رائحة القهوة، ولا أريد من الأيام كلها غير رائحة القهوة، رائحة القهوة لأتماسك، لأقف على قدميّ، لأتحول من زاحف إلى كائن، لأوقف حصتي من هذا الفجر على قدميه. لنمضي معًا، أنا وهذا النهار، إلى الشارع بحثًا عن مكانٍ آخر. أُريد رائحة القهوة.
ووصفه لها بهذا الأسلوب لابد أنه كان نابعًا عن قرب ومصاحبة لها، وبما أن وصفها والتغني بلذتها قد دخل في أشعاره ونصوصه فمما لاشك فيه أنها قد كانت حاضرة وقت كتابتها، الطقوس للأدباء كثيرة فهناك من لا يكتب إلا في لحظات الفرح، وهناك من يستطيع الكتابة عند الحزن، أو الألم يعبر بسلاسة وينقل ما يشعر به من يعيش تلك اللحظات بواقعية تجعل القارئ يتفاعل وكأنه مع الكاتب في ذات المكان والزمان والموقف، وهنا برز الكثيرون من الكتاب، الذين نجحوا في كسب جمهورهم من خلال الأريحية والواقعية والطقوس التي صاحبت كتاباتهم، أو أعمالهم، ربما اختلفت الطقوس والأساليب، لكن المهم أنهم ينجحون في النهاية في إخراج نصوص وأبيات وأعمال نستمتع بروعة بنائها وإبداعها.
وعلى امتداد التغير الحتمي في الأزمنة والأمكنة والتبدل في عوالم الكتابة وطرائقها فإن ثمة طقوس مختلفة يعرف تفاصيلها الكتاب وقد نراها أمامنا في مشاهد من الحياة وتظل تلك الطقوس شواهد على الكتابة وأدوات قرينة بالإبداع ومسالك تستنفر خطوط الامتاع للظهور علناً في ميادين الحرف والكلمة والعبارة والإنتاج.
رائع رائع
مقال يفسر ذروة الإبداع