د. شاهيناز العقباوى*

اجتمع شهر يناير بإخوته من باقي الشهور معلنًا انسحابه  من أجندة العام الجديد، مبررًا ذلك بأنه يشعر بالتعب من العمل الكثير الملقى على عاتقه، فهو المسئول عن الترحيب بكل  الشهور الجديدة، وتحديد أدوارهم، وتقسيم فصول العام بينهم، وتوديع العام الماضي، واستقبال العام الجديد. كل هذا العمل اتعبه ويرغب في الحصول على قسط من الراحة.

 وباستغراب شديد نظرت كل الشهور إليه، وحاولت جاهدة أن تحيده عن قراره لكن دون جدوى، وعلق شهر فبراير قائلًا : ماذا سنفعل بدونك ؟ أنت بداية العام .. كيف سنحتفل ؟….. ألم تعلم أن الكون يسير بنظام وضعه الله عز وجل له، ونحن مقسمون طبقًا لدوران القمر حول الأرض اثنتي عشرة مرة خلال العام، كل شهر منا له دور يقوم به، لتقسيم فصول العام ….وطلب منه شهر مارس أن يصبر حتى بداية العام الجديد، لكنه  رفض عرضهم، وترك باقي الشهور يتحدثون وخرج مسرعًا من البناية، بعد أن ألقى عليهم السلام، وعندما وصل إلى الشارع فوجئ بترحيب جميع المارة به مهللين فرحين أهلا شهر يناير أقبل العام الجديد مرحبًا . بالكاد استطاع الهروب منهم، وتوجه مسرعًا إلى أحد الفنادق ليستريح وعندما رآه عامل الفندق رحب به قائلًا: أهلًا وسهلًا ببداية العام  كيف أخدمك؟ .

أخبره شهر يناير في رغبته في حجز حجرة،  يستريح بها وأثناء توجهه إلى حجرته نادى عليه طفل صغير قائلًا: يا سلام أخيرًا سيقبل العام الجديد لأن والدى وعدني أنه سيحضر لي دراجة سباق في بدايته .نظر إليه شهر يناير ولم يجب عليه ودخل مسرعًا إلى حجرته .

وبعد أن تركهم اتفق باقي شهور العام على  عقد مؤتمر صحفي للإعلان عن انسحاب شهر يناير من أجندة العام ..وتساءل الجميع عن سبب هذا المؤتمر؟ ..

وداخل حجرته سمع شهر يناير طرقًا على الباب، وعندما فتحه دخل عليه عامل الفندق وقال: كم أنا سعيد برؤيتك وجه الخير، لأنى سأصبح أبًا لمولودي الأول،  لأن الطبيب أخبر زوجتي بأن موعد ولادتها سيكون مع بداية العام فشكرًا لك أيها الشهر الجميل على السعادة التي ستمنحنا إياها ..لم يجبه شهر يناير وظل صامتًا ينظر إليه وبسرعه سأله عامل الفندق : سيدى لما تظل  فى الفندق وهناك مؤتمر صحفي يضم كل شهور العام، سيعقد بعد قليل ألم تشارك أصدقاءك الحديث والاحتفال ببداية العام الجديد ؟

دون تفكير أجابه يناير مسرعًا طبعًا أكيد .. خرج عامل الفندق من حجرته،  وتركه يفكر وقال : ماذا فعلت في نفسى من الواضح إنني كنت متعبًا جدًا ولم أدرك  قيمة ما كن فيه، ذلك أن الله سبحانه وتعالى يمنحنا الكثير من النعم، لكننا نغفل عنها لابد أن أصلح خطأي وأذهب لأصدقائي قبل أن يعلنوا عن انسحابي .

خرج  شهر يناير مسرعًا من الفندق، وما إن رآه أصحاب المحلات متجولًا في شوارعهم حتى سارعوا بإلقاء الورود عليه، احتفالًا بقدومه ظنًا منهم أنه يبشرهم ببداية العام الجديد ، وهنا تقدم إليه أحد التجار وقال له من الغريب أنك ما زلت هنا وباقي شهور العام تعقد مؤتمرًا صحفيًا اسرع لتكن معهم.

لم يكمل التاجر حديثه حتى فوجئ بشهر يناير يلقى بنفسه في إحدى سيارات الأجرة، ويطلب من سائقها الإسراع، لأنه يرغب بالمشاركة في المؤتمر الصحفي قبل بدايته  وبسرعة تحركت السيارة التي انتهز سائقها الفرصة،  ليعبر له عن سعادته بالعام الجديد لأنه سينهى ديونه مع بدايته، لذا يشكل له هذا الشهر قيمة كبيرة فشكرا لك .

لم يتمالك يناير نفسه، لأن الطريق إلى المؤتمر الصحفي كان مزدحمًا، ووجد أنه سيتأخر، ففتح باب السيارة بعد أن طلب من سائقها أن يتوقف،  وجرى مسرعًا، لعله يلحق بهم وسط تهليل المارة أسرع الآن سيبدأ المؤتمر الصحفي .

اجتمع باقي شهور العام،  وبدأ شهر فبرابر بالحديث ..قائلًا اليوم سنخبركم بقرار مهم جدًا ومؤثر، وقبل أن يكمل حديثه، قفز شهر يناير أمامه معتذراً على التأخير وسط دهشة باقي الشهور، وأعلن قائلًا:  لقد فررنا أن نضيف في أجندة السنة الجديدة الدور المهم الذى يقوم به كل شهر لخدمة الإنسانية وكل عام وانتم بخير تجمع باقي الشهور حول يناير ورفعوه عاليًا فرحين بقراره شاكرين الله عز وجل على حسن عطائه.

 *كاتبة _ مصر