الأكثر مشاهدة

فاطمة الزهراء بناني* كنت تلميذة في مدرسة مجاورة لبيتنا…وكانت مادتي المفضلة …

أطلق جناحي

منذ 11 شهر

225

0


فاطمة الزهراء بناني*
كنت تلميذة في مدرسة مجاورة لبيتنا…وكانت مادتي المفضلة هي حصة التصوير والبراعة اليدوية…أنتظرها كبقية الطلاب أسبوعا كاملا ويشاركني كل أفراد عائلتي فرحتي.. فيساعدونني على إعداد العدة لهذه المناسبة السعيدة. فأملأ مقلمتي أقلاما.. وألوانا.. وأوراقا. وصورا أقتطعها من مجلات قديمة…وأشد الرحال إلى مدرستي، وكلي سرور أكاد أطير..
وتستقبلنا معلمتنا المحبوبة بحبور.. فتوفر لنا كل لوازم العمل…فأنثر ما أحضرت على طاولتي…. وأطلق العنان ليدي. تمسكان الريشة وترسمان شروقا وحقلا، وبيتا جميلا وسط الأشجار.. وخرفانا ترعى يصل أذني ثغاؤها. وأرى الطيور تحرك جناحيها وزقزقاتها تدعدع الورقة وتطرب قلبي.. ورفيف أجنحة الفراشات يلمس خدي فينبت لي ألف جناح…وتتتابع دقات فؤادي وكأنما أطاردها. حتى كأني أسمع وقع أقدامي خلفها…وعندما نكمل عملنا نصفف رسومنا على حافة السبورة وهي لعمري أجمل لحظات في الحصة كلها، فليلى رسمت حصانا أزرق اللون.. وقالت أنه البوراق…وسامي رسم بنتا جميلة والصق لها رأس فنانة مشهورة.. وخالد رسم بيتا وسقفه بعيدان الكبريت…وهكذا تعددت الصور ..والمدرسة تثني على رسوماتنا وتترك لنا المجال للتعبير على ما نعنيه بها… ويظل ذلك اليوم مطبوعا في ذهني طيلة الأسبوع. وأعلق الرسم على جدار غرفتي بعدما يراه الجميع وينقدونني قطعا نقدية تشجيعا لي..
في السنة الموالية انتقلنا إلى حي جديد…والتحقت بمدرسة جديدة…فحزنت كثيرا لفراق معلمتي ورفاقي.. لكن شغفي بالألوان مازال يسكن فؤادي…ابتدأت حصة التصوير…فقال المعلم خذوا القلم البني والأخضر والأحمر وأرسموا زهرة ..
نزل علي كلامه كالسهم… وقلت في نفسي.. هناك ورود بكل الألوان ونسرين واقحوان وشقائق النعمان لما لم يترك لنا الاختيار؟
وشعرت بكآبة تحط على قلبي. وقيد يكتف يدي.. وبدت على وجهي مسحة حزن وأنا أحاول رسم زهرة عليلة. .بتلاتها متفرقة كقلبي عليل.. والقيت عليها نظرة ..فلم أشعر بنفس الإحساس الذي كان يزرع في كياني أجنحة في مدرستي الأولى. فأحلق كطير يلحق بالسرب في سماء زرقاء صافية.

*كاتبة _ تونس

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود