458
0212
0290
079
0189
010
0103
0121
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11784
04713
04364
174298
03997
0
د.خالد أحمد*
أصبح مصطلح الذكاء الاصطناعي مصطلحاُ شائعاُ في هذه الأونة، فالكل يتحدث عن الذكاء الاصطناعي وأثره في مناحي الحياة المختلفة، وما سيحدثه من تغييرات في شتى المجالات مستقبلا، فكل المجالات أصبحت تفكر كيف توظف هذه التقنية في خدمة مجالها، ولاشك أن مجال الأدب وخاصة أدب الطفل ليس بمنأى عن الذكاء الاصطناعي، أردت في مقالي هذا أن أركز على فائدة الذكاء الاصطناعي للأدب وخاصة أدب الطفل، هل بإمكانه أن يضيف الجديد لأدب الطفل ؟
وقبل أن أجيب على هذا السؤال الذي يهتم به المختصون في مجال أدب الطفل، لابد أن نتعرف على المصطلح (الذكاء الاصطناعي ) ( (Artificial Intelligence، هذا المصطلح بدأ بحلم قديم للإنسان وهو أن يسخر الألة لخدمته دون أن يتحمل أي عبء من أجور أو إعاشة أو أي متطلب من احتياجات البشر، لكن كيف يحصل على كل هذه الامتيازات من آلة صماء لا تملك عقلاً مثل عقل الإنسان.
ويحفل تاريخُ مختلف الأمم عتيقُه وقريبُه مثلما يحفل التراث العريض لأدب الخيال العلمي بالطرائف والنفائس من أمثلة تلك الآلات التي حاولت محاكاة البشر في ملمحٍ أو أكثر، وتشير كلها دون لبس إلى قِدَم وتواصُل الولع بحلم صناعة «أشباه البشر ) وكثيرًا ما يستخدم العامَّةُ اصطلاح « الخادم الآلي robot و من هنا بدأت الفكرة صناعة ما يقوم بوظائف الإنسان العقلية من تحليل وربط ومقارنة من الآلات وما أطلقوا عليه أشباه البشر ذوى قدرات عقليه وحركية وفكرية تشبه الإنسان ولكن الأمر خلص بالعلماء على استحالة وجود ما يحاكي الإنسان في العقل وباقي وظائف الجسد لذلك اتجهوا إلى تقسيم الأمر إلى قسمين .
القسم الأول هو محاكاة وظائف مخ الإنسان التفكيرية وهذا ما اصطلح عنه بالذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence
والقسم الثاني هو محاكاة وظائف باقي الجسد من حركة وإحساس وعاطفة وهو ما اصطلح عليه بعلم الربوتيات Robotics
إذن ما نستخلصه بمصطلح الذكاء الاصطناعي هو محاكاة وظائف مخ الإنسان من تحليل بيانات واتخاذ قرار، التعلم التلقائي ،القدرات اللغوية .
الذكاء الاصطناعي هو العلم الذي يشتغل بابتكار وتطوير خُوارِزْميات مفيدة تسهم في المحاكاة الآلية لقُدُرات الدماغ البشري؛ من إدراكٍ للبيئة المحيطة، والاستجابة المناسبة لمثيراتها، وتعلُّمٍ، وتخطيطٍ، وإيجادٍ لحلولٍ للمسائل المستجدة والتواصل اللغوي، وإدارةٍ للتراكم المعرفي، … إلخ ) ويُطْلِقُ البعض على هذه القُدُراتِ وأمثالها «المَلَكات العليا » للإنسان ( ويخرُجُ من هذا التعريفِ المسائلُ المعلومُ لها تعريفٌ رياضيٌّ مُحكَمٌ والمعلومُ لها حلولٌ مفيدةٌ مُبَرهَنةٌ رياضيًّا.
وأدب الطفل هو الأدب الذي يختص بما يضيف للأطفال المعلومة والفكرة ولكن بأسلوبهم وتغليف المعلومة بشكل تربوي يتناسب مع الأطفال، ونحن نعاني في كل أنحاء العالم وليس العالم العربي فحسب بندرة في كُتاب أدب الطفل الذين لديهم البراعة في كتابة القصة والأناشيد والخاطرة والمسرحية بشكل متقن ومُعد للطفل، وهذا يجعلنا نضع آمالا كبيرة على تقنية الذكاء الاصطناعي أن تقوم بدور كاتب الأطفال الذي يكتب للطفل محافظا على الفكرة التربوية والأخلاق الحميدة فهل هذا يمكن أن يتحقق؟
عندما فكرت لبرهة وأنا أكتب هذا المقال في أدب طفل مصطنع أو مصنوع وجدت فرقا بين المصنوع للطفل، والمصطنع، فالأمر يعد صعب التخيل عندما تطلب من محركات البحث الخاصة بالذكاء الاصطناعي أن تكتب لك مسرحية مخصصة للطفل أو قصة للطفل، ستنج هذه التقنية في إعدادها بشكل لغوي سليم لكن أين روح الكاتب ؟
روح الكاتب الذي لديه الوعي والفكر والمعلومة التي تتناسب مع ثقافة ونشأة الطفل ولما يتناسب مع مجتمعه ، الذكاء الاصطناعي ممكن أن ينجح في معالجة اللغة ويوفر لنا نصوصا محكمة الصياغة لكنها خالية من الروح بعيدة عن ثقافات المجتمعات العربية غير ممزوجة بالواقع وهذه أحد السلبيات التي نضع أيدينا عليها لتقنية الذكاء الاصطناعي وعلاقتها بأدب الطفل، لاشك أن علاقة الذكاء الاصطناعي أقرب للغة .
لقد مر الذكاء الاصطناعي بأطوار مختلفة، إلى أن وصل إلي ما عليه الآن، وتتمثل أطواره في النشأة والتجريب والنهضة الحالية، ولكل طور من هذه الأطوار سماته المميزة له سعيا لمحاكاة الألة البشرية إلى فهم القدرات البشرية العقلية، ومهارات التفكير العليا للإنسان والقدرة على التفكير الإبداعي.
واللُّغةُ العربيَّةُ إحدى اللُّغات الطَّبيعيَّة الَّتي تحظى بعناية الباحثينَ في الذكاء الاصطناعي عُمُومًا ومُعالَة اللُّغات الطَّبيعيَّة على وجه الخُصُوص. ذلكَ أنَّها واحدة من أكثر اللُّغات انتشارًا في عالمنا المُعاصِر؛ حيثُ تأتي في المرتبة الرَّابعة من حيثُ عدد مُستخدميها، بعدَ الصِّينيَّة والأرديَّة-الهنديَّة والإنجليزيَّة.
ونعرف مدي أهمية ومكانة اللغة العربية من خلال عدد مستخدميها، الذي يقترب من نصف مليار نسمة فاللغة العربية قابلة للمعالجة الآلية، وذلك إذا توفرت لها الموارد والطاقات ،حيث إن طبيعتها قياسية في جزء كبير منها، وخصوصا بنيتها الصرفية والصوتية، فاللغة العربية لغة تتمتع بنظام اشتقاقي ولغة توليدية تتمتع بنظام كتابي مميز لها، وهذا التميز للغة العربية عن بقية اللغات يمثل تحديا في معالجتها معالجة آلية.
لكن الذي يجب أن نلم به كيف نوظف الذكاء الاصطناعي لخدمة صناعة محتوي للأطفال ؟ هذا هو الشق الذي يحتاج إلى تكثيف الدراسة عليه، والخروج بنتائج واضحة، كيف يستفيد المختصون بصناعة محتوي الأطفال بالذكاء الاصطناعي ؟ وسوف نجيب على هذا السؤال في الجزء الثاني العدد القادم .
*أستاذ مساعد بالجامعة الأمريكية للعلوم والأداب كاليفورنيا
التعليقات