29
048
050
095
0231
060
4الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11530
04673
04046
173166
0د. صالح باظفاري
ارتبط فن الغناء البحري بعدة أنواع من الموسيقى الغنائية حسب الطقوس، والشعائر، التي توارثها الصيادين، والملاحين في الجزيرة العربية بشكل عام، والخليج بشكل خاص. كل نوع منها له إيقاعه الخاص، فيه الذي يحسسك بنمطَ الحياة أثناء العمل على متن القوارب، والسفن أو في المناطق المحاذية للبحر، من ذلك: التصفيق مع الإيقاع في الغناء البحري ؛ والذي يعتبر من أساسيات بناء الجملة الإيقاعية، وهذا من أنواع الترفيه المزخرف في اللحن البحري. ويؤدي ذلك مجموعة كبيرة من المرددين الذين ذهبوا بعيداً في ابتكاراتهم لزخارف التصفيق حسب ضغوطات الحن و الإيقاع.
ويأتي ذلك التوقع المزخرف الذي يشارك به البحارة بالتصفيق أثناء مسايرة اللحن الموسيقي؛ ففي الغناء المرتبط بالأعمال البحرية يدخل التصفيق وضرب الطبول كعاملين رئيسيين في الأغنية البحرية لغياب الآلات الموسيقية، ومع تطور الأغنية البحرية في وقتنا الحاضر صار التصفيق ملازم لكل الأغنيات التي تقدم البحرية والغير بحرية وصار التصفيق أحد أهم ركائز الغناء في الخليج والجزيرة اليوم.
وقد تميزت لغة التصفيق عن غيرها في إيقاعات البحر، وإيقاعات نجدها في شلات أغاني الصوت، وغيرها ذات الإيقاعات المتعددة وهي إيقاعات متوارثة كما قال الدكتور يوسف الدوخي: في كتابه (الأغاني الكويتية) ” وإلى جانب التصفيق يتم الضرب بأدوات قديمة يستعملها البحارة كالآلات والرحلة والضرب على الأرض بواسطة القدم باتباعها نظاما موحد مع إيقاع التصفيق لضبط الحركة وتنظيم الإيقاع وكل هذه ذات حركة متنوعة الهدف منها التسلية والترفيه وإظهار المشاركة الوجدانية عن طريق لغة الإيقاع”.
ويعرف أن الإيقاع له ستة وتسعون ضرباً أو أكثر، تتعدد فيها الأسماء حسب طبيعة أغاني البحر والمواسم المحددة للغناء والترفيه.
كما توجد أنواع من التصفيق نوع يسمى التصفيق الكبير وهو خبط الكفين ببعضهما في تشكيل إيقاع صاخب وقوي وعندما يكثر المصفقين يسمى التصفيق البيذاني وهو نوع يصفق فيه براحة اليدين بما يرهف السمع ويصدر عن ذلك صوتاً ناعماً تستسيغه الأذن الموسيقية، أما النوع الثالث يسمى التخبيز من الأنواع النادرة في التصفيق ويؤدي بجعل أصابع اليدين ملاصقة الأول بالثاني وانتصاب باطن اليدين مفتوحتين وأثناء التصفيق ضم الإبهام فوق الجويف اما التصفيق المعروف (بطق الإصبع) بمصاحبة طرقعة اللسان في زخرفة الإيقاع البحري الفطري وقد أشار إليه علماء اللغة أن هذا النوع من الإيقاع يتم بالنقر وهو صوت يسمع من قرع الإبهام على الوسطى، وقالوا أيضاً: أن النقر صوت اللسان بإلصاق طرفه بمخرج حرف النون وبعض النقر يأتي على إيقاع ينطلق من الحق أو كما يقال اللومي وهو نوع من إيقاعات التصفيق اليمنية غير المتداولة في الخليج وطريقة استعماله ضم يدك اليسرى بقوة وتفتح يدك اليمنى لتقوم بالضرب على مثل هذا الإيقاع، وهذه بعض الضروب المزخرفة وتنسيقها في التصفيق الإيقاعي في حالات الترفيه عند البحارة والصيادين.
كما تميزت الأغنية البحرية بحركات جسدية تعبيرية ارتبطت بالفكاهة كثيراً لارتباطها المباشر بالمهنة التي كان يمارس فيها هذا النوع من الغناء المزخرف بالتصفيق في الأغنية والأهزوجة البحرية ويمثل ذلك الترفيه واحد من الإبداعات والإضافات التي تجلت واضحة في الأداء الجماعي المعقد وهو أسلوب طبيعي في الحياة البحرية.
ومن جوانب الترفيه السياحي في الأغنية البحرية الكلمات الإرشادية التي توضح خط سير السفينة والعلامات أو الجزر التي يراها بطريقة أصبحت محفوظة من خلال ترديد الأشعار.
وقد أصبح الشعر خريطة يستفيد منها كل من يركب البحر. كما توضح له أيضا الأنوار والرياح وطرق الاتجاهات.
يا عبرتي مــن مكـــلا
سنّــد علــــى خورفكـــان
اتجيك سبع الجزايــــر
وام الفيــاريـــن جـــــدام
إن جيت هنيـام ساعـــة
طـــاب المـــزر للرباعـــة
صبيان كـــود شراعــة
انـوا بنـــــو العزيمــــــة
يا نوخــذه دار كــوسان
قوموا اربطوا اليوش بالكـلب
غربي بــدوره شمـــال
دور العـماريــــن جــــدام
استطاع هذا الغناء البحري أن يعرفنا بأماكن لم تكن معروفة مسمياتها لدينا وهي تعتبر دليل سياحي وترفيهي إلى جانب التصفيق والإيقاعات التقليدية وهنا ضرب آخر من الشعر الذي يقوم على التصفيق مع الغناء.
جينا الفحل تالــي الليـــل
واصبح جزيـــرة ســـوادي
يا سحـار ما فيــك بتـــور
كــود الوصــل والعتـــادي
ومن هنا نعرف أن الغناء البحري والبحر هما الأساس الذي انطلق منه الفن الخليجي والحضرمي ويعد هو الأساس الذي قامت عليه الأغنية الموسيقية السائدة اليوم في الخليج والجزيرة.
ويقوم البحارة بكل هذه الأعمال كلها على ظهر السفن ويتجمع الكل على سفنهم منهم صاحب السفن الحضرمية والكويتية.
سنتحدث عن فنون التصفيق المرابط بالموسيقى وإيقاع العمل أو فنون الراحة والترفيه.
ومن أهم هذه فنون الراحة الفنون المرتبطة بالحركة في العمل الشاق ويمتاز هذه النوع من الغناء بوحدة إيقاعية مقدارها 64 وحدة ومثل هذه الأعمال تتطلب حساً فنياً ماهراً لمعرفة تفاصيل الوحدات الإيقاعية فيها وكيفية التصاقها بالتصفيق وحركة الكف والرجل أثناء الغناء والارتباط المباشر بآلات إيقاعية من رأس الطبل إلي الأشكال الإيقاعية الأخرى مثل الصاجات والهاون أو زخرفة التصفيق ناهيك عن الآلات الإيقاعية الأخرى كالطبول والطيران وقد يتحول هذا الفن إلى الرومبا بمزامنه مع التصفيق ويشكل إيقاعه 4/4. وفوق كل ذلك لازلنا نجهل قاله « الدكتور هنري فارمرما Dr. Henry farmer
الذي قدم الدعوة لنا نحن العرب وأخذ على عاتقه وحده تعريف العالم المعاصر بما تدين به نظرية الموسيقى في أوربا للمعرفة العربية وعمل مخلصاً على شـد انتباه العالم إلى الفلاسفة العرب وعلمائهم الذين كانت لهم كتابات في الموسيقى أثــرت في معارف الإنسانية» كما أكدت د. سمحة الخولي الفكرة نفسها، حيث كتبت تقول: «ونحن نرتكب خطأ تاريخياً لا يغتفر إذا أغفلنا عظماء الفلاسفة والمفكرين والمسلمين من العصور الوسطى، فهم الذين سبقوا علماء الغرب من الألمان والفرنسيين والأمريكيين في العصر الحديث بما تركوه لنا وللغرب ذاته من تراث علمي وفلسفي يتناول الموسيقى ونخص بالذكر منهم الكندي والفارابي وإخوان الصفا وابن سينا والأرموي وغيرهم و كانت الموسيقى لا تمثل إلا واحداً من مجالات بحوثهم الواسعة ولنا وقفة حول تأثير الغرب بموسيقى البحر في الجزيرة والخليج”.
*كاتب يمني
التعليقات