الأكثر مشاهدة

إعداد_أمينة فلاته الأنشطة الثقافية في الجامعات بشكل عام من حيث التنوع والجودة تح …

واقع الجامعات ومستقبل الثقافة بين الروتينية والاحترافية

منذ 11 شهر

1124

0

إعداد_أمينة فلاته

الأنشطة الثقافية في الجامعات بشكل عام من حيث التنوع والجودة تحتاج إلى دراسات مستفيضة تتبنى هذا الموضوع، وذلك لأهمية العمل على سد هذه الفجوة، وأهمية أن يكون هناك تشارك بين بعض الجامعات والجهات الثقافية بهدف إثراء المجالات الثقافية والبحث عن مكامن الخلل، ومن ثم وضع الحلول الكفيلة بتجويد الأنشطة الثقافية داخل الجامعات.

في قضية هذا العدد تشرفنا بمشاركات ذوي الاختصاص في وضع هذه التحديات على طاولة الحوار، بمقالات تناقش أيضا كيفية استفادة الجامعات من رجال الثقافة والأدب للإسهام في بناء المستقبل الثقافي لطلابها، ودور الأكاديميين من الأدباء لتحقيق ذلك، مستضيئين بالمحاور المطروحة:

– كيف ترى الأنشطة الثقافية في الجامعات بشكل عام من حيث التنوع والجودة.؟

– هنالك فجوة بين بعض الجامعات والجهات الثقافية في التعاون والتشارك لإثراء المجالات الثقافية في رأيك أين يكمن الخلل – وما هي الحلول الكفيلة بتجويد الأنشطة الثقافية داخل الجامعات ؟

– كيف تستفيد الجامعات من رجال الثقافة والأ دب للإسهام في بناء المستقبل الثقافي لطلابها ومادور الأكاديميين من الأدباء لتحقيق ذلك ؟

*ضرورة التفكير خارج الصندوق

يبدأ حوارنا حول القضية المطروحة الإعلامي الأستاذ عبدالله عطاء بقوله:

ليست الجامعة معقلًا للعلم والمعرفة فحسب، بل هي ميدان للأنشطة الثقافية والمشاركات المجتمعية التي تسهم في صقل مواهب الطلاب، وتنمي مداركهم، وتشكل لهم مع الدراسة النظرية أفقًا واسعًا للمعرفة المقرونة بالواقع الـمُعاش، ومن جانب آخر فإن على الأكاديميين في الجامعات دورًا كبيرًا في إثراء الساحة الثقافية من خلال حضور وإقامة الفعاليات المختلفة في المجتمع المدني، وهذا ما نشاهده من خلال مشاركة أساتذة الجامعات في الإذاعات والقنوات الفضائية والأندية الأدبية والرياضية ومجالس الأحياء والجمعيات الخيرية وغيرها.

وكانت الجامعة ولا زالت تقدم أنشطة ثقافية متنوعة داخل الحرم الجامعي وخارجه، إلا أن الملاحظ عزوف الشباب عن بعض هذه الأنشطة لأسباب أهمها :

1. اعتماد الطرق التقليدية القديمة للنشاط الثقافي كالمحاضرة الممتدة لساعة من الزمن، أو اللقاءات التي يتحدث فيها شخص واحد، مما يشعر الحاضر وكأنه  في قاعة دراسية.
2. عدم اختيار المنشط الثقافي المناسب لطلاب الجامعة، أو اختيار منشط واحد فقط، ما يدعو للملل والرتابة، وهذا يتعارض مع طبيعة الشباب الذين يفضلون التنوع في الطرح.
3. عدم التدقيق في اختيار شخصية المتحدث.
4. عدم مراعاة التوقيت المناسب نوعا ما، أو عدم اختيار المكان المناسب لإقامة الفعالية الثقافية.

علينا أن نعلم أن الزمن تغير كثيرًا، فموضوع الأمس ووسيلة الأمس وطريقة الأمس لا تصلح اليوم.

شبابنا يعيش عصر السرعة في كل شيء، فإن لم نكن عند رغباتهم فلن نستقطبهم مهما فعلنا، ومن وجهة نظري سنحقق حضورًا ومشاركةً من الشباب في الأنشطة الثقافية الجامعية بما يلي :

1- اختيار المكان المناسب للنشاط بعيدًا عن مدرجات الجامعة ،في مكان تتوفر مواقف كافية للسيارات، وخدمات متكاملة  (مقهىً  مناسب أو حديقة غَنَّاء).
2- التعاون مع الجهات الثقافية في المجتمع كالنوادي الأدبية أو المتاحف او المكتبات الخاصة لاستضافة الفعاليات.
3- من المهم جدا قِصَرُ مدة الحديث لكل متحدث بحيث لا يتجاوز الخمس دقائق فقط، ويكون الوقت الأكبر للمشاركة والتفاعل من الحضور، وهذا يحتاج إلى مدير حوار متميز يجيد إدارة دفة الحوار.
4- ضرورة التفكير خارج الصندوق، بمعنى أن تفكر الجامعة في الوصول لأكبر شريحة من الطلاب والطالبات من خلال الرسائل التفاعلية عبر وسائل التواصل الحديثة لضمان مشاركة الطلاب أينما كانوا.
5- لابد من قياس الأثر ومعرفة رجع الصدى من المشاركين وطلب مقترحاتهم، وهذا يسهم في زيادة الثقة في نفوس الطلاب من جهة، ويعطي للقائمين على الفعالية فرصة لتصحيح المسار، وجودة المنتج.

طبعا لن تصل الجهة للرضا التام بين جمهور المتلقين، فرضى الناس غاية لم ولن تدرك، لكن يكفي أن تحصل الجهة على نسبة معينة تبين فائدة ما قدمته للمتلقي.

 

*الانعتاق من بوتقة التكرار والتقليد سبيل للجودة

وتشير د/ نوال بنت محمد المنيف إلى وجود حراك ثقافي في الحاضر بقولها:  

شهدت الأنشطة الثقافية الجامعية في الآونة الأخيرة حراكًا ديناميكيًا، مواكبًا لرؤية المملكة العربية السعودية 2030، التي أكدت على أهمية الثقافة ودورها المتجسد في التنمية البشرية والتغيير و تحسين جودة الحياة، فاتسمت (الأنشطة الثقافية) تبعًا لذلك بالتنوع والثراء في تأسيساتها التكوينية: الكتابية والأدائية، والتشكيلة، المغذية لمتطلبات الوظائف الاجتماعية، والتربوية، والسيكولوجية، والاقتصادية المنعكسة على الطلاب في مسارات متعددة تتجلى في الندوات، والملتقيات، واللقاءات، والأصبوحات والأمسيات، والمسابقات، والرحلات وغير ذلك، فهذا النمو الكمي يقابله إشكالية في التذبذب الكيفي المفتقر إلى الخبرة والأصالة والإبداع، ويعود ذلك إلى جملة من الأسباب منها: النمطية، وافتقاد البرامج إلى الجذب والتأثير، وعدم تأهيل القائمين على الأنشطة، وعدم التدوير بين الأعضاء، والمعالجة السطحية دون الغوص في العمق، وعدم الوعي بثقافة الجودة وممارساتها، وفي ظل هذا التباين بين الكم والكيف تتموضع الجودة في موضع البين بين على الرغم من الجهود المبذولة من المسؤولين بالجامعات في تطبيق الجودة والتحسين المستمر إلا أن التنفيذ مازال بحاجة إلى عناية ومتابعة، فليست الغاية من الأنشطة الثقافية حين تقام أن يقال: ” نفذنا أو أقمنا النشاط الثقافي”، بل أن تكون مساندة للعملية التعليمية فتصقل وتنمي المهارات، وتثري الخبرة، وتنمي الذائقة الجمالية، وتعين على التواصل والتأثر.
باعتقادي أن الجامعات والجهات الثقافية بدأت في رفع العزلة من خلال توقيع الاتفاقيات والشراكات المجتمعية، والأسابيع الثقافية، والخدمة المجتمعية، والفعاليات، والمهرجانات، والمعارض، ومراكز الأبحاث والدراسات، فلم يعد هناك تباعد بل تشارك وتعاون، فكل جامعة أضحت ترسخ وجودها ودورها الثقافي في المجتمع عبر الإعلام المقروء والمرئي والمسموع.

ولعل من أبرز الحلول المعينة على تجويد الأنشطة الثقافية داخل الجامعات ما يلي:

تلاقح الخبرات في هذا الشأن مع الجامعات المحلية والعالمية.
المتابعة والمراقبة لنمو الأنشطة الثقافية سعيًا للتحسين المستمر.
تحفيز ودعم الطلبة للمشاركة والحضور؛ لأنهم الأساس في التلقي والتأثير.
إعادة النظر في الدعم المادي المقدم للأنشطة.
تهيئة البيئة المكانية المحفزة على الإنتاج والإبداع للقائمين على الأنشطة من حيث توفير التجهيزات المادية والفنية.
تقديم الورش والدورات للقائمين على الأنشطة مساهمة في التطوير والتحسين والارتقاء بمهاراتهم.
الانعتاق من بوتقة التكرار والتقليد والانطلاق إلى الابتكار والإبداع بدءًا من الفكرة حتى التنفيذ المرئي.
ولقد رسمت الجامعات لها نهجًا تواصليًا تجاه الثقافة فغدت منارات تسهم في بناء صناعة المستقبل لطلبتها، وتؤكد على دور رجال الثقافة والأدب من أعضاء هيئة التدريس في تحقيق ذلك، من خلال: مناقشة مواضيع الثقافة المتنوعة مع النخب من أعضاء هيئة التدريس والمفكرين، وتنفيذ الملتقيات والمؤتمرات البحثية التي تفتح لهم آفاقًا رحبة، وتنمية المهارات الفكرية واللغوية، وإعداد المسابقات الأدبية والثقافية، وزيادة الإنتاج الثقافي مشاركة مع الطلبة أو تحفيزهم، ودعم مشاريع التنمية المستدامة. وبتخصيص الحديث عن الأدباء في ذلك فإن عملهم موزع بين الأكاديمي والأديب، حيث تمتزج الخبرة التراكمية بالتجربة، فيكون دورهم رعاية المواهب وإغناء تجربتهم تدريبًا، وتوجيهًا، وتحكيمًا، والاحتفاء وتعريف المجتمع بهم، وإتاحة الفرصة لهم للإنتاج الإبداعي والثقافي.

*الثقافة مسؤولية المجتمع بمختلف فئاته ومؤسساته

ويؤكد د.أحمد محمد علي فلاته عميد عمادة شؤون الأنشطة الثقافية والاجتماعية بجامعة الطائف على دور الثقافة المجتمعي بقوله :

إن ثقافة مجتمع معين تتأتى من خلفياته الاجتماعية والتاريخية ومكتسباته المعرفية، و التي شكلته و أسهمت في بناء عاداته وتقاليده، ورسمت ماهية الممارسات المشتركة التي يعيشها ذلك المجتمع، مما يكون نوعًا محددًا مخصصًا من السلوكيات التي تختص بها هذه المنطقة أو ذلك المجتمع الذي يقع ضمن إطار جغرافي محدد يتفق فيه سكانه  و قاطنيه على أسس و محاور في أكثر من صعيد، التاريخي والاجتماعي والثقافي من هنا يتأتى منطلق الثقافة والهوية .

إن أهم ما يحافظ على هذه الثقافة والهوية هو شباب المجتمع المحلي أو شباب الوطن فهم حلقة الربط بين الجيل السابق والذي استطاع إرساء و رسم جزء من الهوية، و بين أجيال لاحقة عليها إكمال المسيرة.، لا سيما وأن أغلب من يعيش الممارسات الثقافية و يستعملها هو تلك الفئة العمرية، مما يضع على عاتق هؤلاء الشباب المحافظة على الثقافة والهوية والمساهمة  في بنائها والسعي إلى تطويرها والإفادة من مكتسباتها. إن غالبية الشباب في هذه المرحلة العمرية هم أبناء الجامعة ومن ثم فإن مسؤولية الجامعة والطالب الجامعي فيما يتعلق بالثقافة مسؤولية مشتركة و جوهرية في الحفاظ على الهوية والثقافة .

 إن دور الجامعة فيما يتعلق بالثقافة هو دور جوهري و مهم لكن التحدي الأكبر الذي يواجه الجامعة بشكل خاص و المؤسسات التعليمية بشكل عام، يتمثل في الاعتقاد السائد بأن هذه المهمة منوط بها الجامعة، وفي الحقيقة هي مسؤولية المجتمع بمختلف فئاته ومؤسساته. يضاف إلى ذلك أن المجتمع وضع على عاتق الجامعة كل ما يتعلق بالبناء الثقافي  بشكل عام، فيما يعود دور الجامعة إلى تأسيس البنية المعرفية و ترسيخها من خلال البرامج الأكاديمية المتنوعة في شتى العلوم بالإضافة إلى الأنشطة الثقافية الصفية منها و اللاصفية و من هذا المنطلق تبرز أهمية الأنشطة الثقافية وأهمية تنوعها و جودتها، إن الوضع الراهن للأنشطة الثقافية من حيث الجودة و التنوع يتأرجح بين الكفتين، إذ ترتبط الجودة أحيانًا بالنخبة و قلة العدد، فيما يتطلب التنوع في الأنشطة بطبيعته زيادة عدد الممارسين مما يشكل  تحديًا كبيرًا،  حيث تركز بعض الجامعات على الجودة فيما يركز البعض الآخر على التنوع، و هناك من يحاول الموازنة بين الجودة و التنوع.

إن تلك التي تركز على الجودة ينصب جل اهتمامها في أنشطة محددة حسب عدد الراغبين في الأنشطة، و التي ترتبط أحيانًا بالطبيعة الاجتماعية، فعلى سبيل المثال:

قد تركز الجامعات القريبة من الحرمين الشرفين على الأنشطة التي تساهم في خدمة الحرمين الشريفين، من أعمال تطوعية و خدمة الحاج و الزائر وما إلى ذلك..، في حين تركز جامعات أخرى في مناطق زراعية على الأنشطة التي تساهم في المحافظة على البيئة و الثروة الزراعية و هكذا.. مما يكون حصيلة ثقافية ذات جودة في هذا المجال، أما في الكفة الأخرى، فإن بعض الجامعات قد تركز على التنوع والذي هو في ما أرى يعد انعكاسًا لمتطلبات المجتمع، فعلى سبيل المثال نجد  بعض الجامعات في المدن الرئيسية ذات الكثافة العالية والفرص الوظيفية الكبيرة، تهتم بالأنشطة الشمولية والمتنوعة و ذلك لخدمة الشريحة الأكبر من الطلبة و متطلبات المجتمع المحلي، ولعل التوازن بين التنوع و الجودة مطلوب بشكل كبير لكن قد يعيقه بعض التحديات مثل كفاءة الموارد البشرية ووفرة المرافق المناسبة أو الموارد المالية وغير ذلك. وإن كنت أميل شخصيًا إلى الموازنة فهي السمة المميزة لجامعتنا، حيث إن الصراع الثقافي و المعرفي يتطلب وجود كلاهما، لاسيما في ظل عصر الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة حاليًا، و الذي أسهم بشكل كبير في حث الجامعات و مرتاديها  على مواكبة ذلك.

ويمكن توضيح دور الأنشطة الثقافية في الجامعة في  كونه يتمثل في بناء شخصية الطالب وبث روح المسؤولية المجتمعية والاعتداد بالذات وتحمل المسؤولية، وتهيئة الشباب بعد التخرج عبر اكتساب مهارات متنوعة، مما يسهم في نضج الشخصية وزيادة معرفتها بالعالم خارج أسوار الجامعة، مما يسهل عليه التعامل مع مكونات المجتمع ويصبح عنصراً فاعلاً فيه. 

إن التقدم التقني و سرعة وتيرة الحياة الاجتماعية الحالية و تغيُر مفردات اللغة و أساليب التواصل وتداخل بعض الثقافات، و سهولة ذلك ووضوحه من خلال الانفتاح الإعلامي في الوسائل المختلفة مثل : التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي قد أثر بشكل كبير على المجتمعات وطلبة الجامعة بخاصة، و هذا هو التحدي الأكبر الذي تواجهه الجامعات فيما يتعلق بالثقافة تحديدًا.

ومن أهم التحديات كذلك والتي تواجه الجامعات كونها منوطة بتجويد المخرجات والتي ترتبط بالتوظيف والربط المباشر بسوق العمل، لاسيما في ظل علو الطموحات و تزايد المتطلبات و هو أمر جميل في حد ذاته، لكنه ربما يؤثر على دور الجامعة الأساسي و الذي هو بناء المعرفة، فكلما بنيت المعرفة كلما تمكن هذا الجيل من المحافظة على الثقافة والهوية والمساهمة  في تطوير عجلة التنمية في المجتمع، نتيجة لتلك العوامل نشأت الفجوة بين الجهات الثقافية والجامعة، وكذلك  بين الجامعة و طلابها، وربما كذلك بين الجامعة والمجتمع. وإن من أهم الحلول لسد تلك الفجوة هو عمل البرامج المشتركة التي تستهدف الطلبة والمجتمع و نقل المعرفة بينهما، من خلال عدة أنشطة مشتركة مثل البرامج التوعوية  والإرشادية و الفعاليات الثقافية و الخدمات التطوعية الثقافية بالتحديد، كالعروض المسرحية و الحملات الثقافية و الاحتفالات المشتركة.

  إن أحد أهم نقاط التجويد في الأنشطة هو تقوية أساليب التواصل بين الجهات فقد يكمن الخلل في التواصل وليس في نوعية البرامج لأن البرامج قد تكون موجودة و بشكل جيد، لكن التواصل بين الجهات هو ما يشكل العائق أحياناً لأسباب عدة، منها عزوف الشباب عن وسائل الإعلام التقليدي نتيجة كثرة المنافسين وتعدد الاهتمامات و تنوع الهوايات لاسيما في الفترة الحالية. ولعل هذه الفجوة في طريقها أن تنسد، لأن وزارة الثقافة والجامعات في الوقت الراهن شركاء في العديد من البرامج النوعية، كالمسابقات والمهرجانات التي أقيمت خصيصاً لطلبة الجامعات، كما أن هناك حزمة ثقافية من البرامج المشتركة التي يقوم عليها الطرفان و التي سترى النور قريبًا بحول الله.

إن من أبرز الدوافع نحو تأكيد الهوية الثقافية هو ما يشهده العالم اليوم من أحداث ومتغيرات متمثلة في الانفتاح والتقدم التقني،  والذي بلا شك له تأثيره على هوية المجتمع الثقافية، لذا كان لزاماً على الجامعة والمؤسسات الثقافية بالمجتمع سد الفجوة واستعادة التوازن المفقود للدفاع عن هويتنا الثقافية، وقد يتحقق ذلك من خلال مساهمة رجال الثقافة و الأدباء و الأكاديميين في البرامج و الأنشطة الثقافية المختلفة التي تقيمها الجامعات، الأكاديمية منها وغير الأكاديمية، مع ضرورة التركيز على التوعية بأثر ذلك على الثقافة العامة للطلبة و المجتمع. و لعل الدور الأكبر يتمثل في تسهيل عملية مشاركة الطلبة في البرامج الثقافية المختلفة و تحفيزهم و حثهم ودعمهم معنويًا ولوجستيًا، و نشر المواد الثقافية العينية والحسية و توسيع المشاركة في المعارض الثقافية بمختلف أنواعها وإثرائها بكل ما يسهم في التطور الثقافي، ومحاولة اكتشاف المواهب والإبداعات لدى طلبة الجامعة لمحاولة تنميتها في شتى المجالات الأدبية والعلمية، ذلك أن ضياع الهوية الثقافية ناتج من تعثر الفعل الأدبي والإبداعي وغيابه في المجتمع مما يسبب تشويه الهوية الثقافية، فالأدب والإبداع بشتى مجالاته هو ما يعمق ثقافة المجتمع ويؤكد هويته.

 

*المسافة تقصر بين  الجامعات والجهات الثقافية 

ويفيد الدكتور ياسر الطيب بأنه قد شهدت الآونة الأخيرة حضورًا ملموسًا للأنشطة الثقافية على مستوى الجامعات، خاصة بعد ربطها بالأنشطة اللاصفية، والإيمان بدورها في تكوين الطالب معرفيًا ووجدانيًا، وتعزيز شخصيته وتمكينها.

وقد أسست بعض الجامعات وحدات ولجان متخصصة تشرف على الأنشطة الثقافية، وتضع خططا وأهدافا محددة تضمن أثرها الفعال في البرامج التي يلتحق بها الطلبة، وقد قطعت في هذا السياق شوطا كبيرًا.

وبالنسبة لتنوع المناشط فإنه واقع بالضرورة؛ لأن الأنشطة الثقافية التي تقدمها الجامعات تراعي مجالاتها وتخصصاتها وهويتها.

ومن المهم هنا استصحاب مسألة تعدد المستهدفين بالأنشطة ومستوياتهم العلمية، وخلفياتهم الثقافية والمهارية.

وأعتقد أن المسافة بين منسوبي الجامعات والجهات الثقافية تقصر تدريجيًا، لاحظنا مؤخرًا مشاركات وافرة من أساتذة الجامعات في هذه الأنشطة داخل جامعاتهم وخارجها، بمؤازرة هذه الجهود نجد تحركًا من الجامعات تجاه عقد الشراكات وعضويات الجمعيات، لكن على الجهات الثقافية أيضًا أن تشرك الجامعات في مشاريعها وبرامجها، ومن المهم أن يعتمد إجراءات غير روتينية حتى لا نخسر فرصًا واعدة يمكن الإفادة منها، ولعلها تخفف الحدة بين النشاط الأكاديمي والحراك الثقافي، تسعى بعض الجامعات لحوكمة أنشطتها بشكل عام ومنها الثقافية، بإجراءات واضحة، ومؤشرات تكفل استدامتها، نابعة من الحاجة الفعلية لمجتمع الجامعة وغيره، ودور الجامعة في اكتشاف المواهب ورعايتها، وإشراكها في الجوائز والمناسبات.  

هناك العديد من الفرص التي يمكن استثمارها في هذا الجانب، من خلال برامج تعزز حضورهم في الدرس وخارجه، وبرامج تنمي الموهبة تحت رعايتهم تشمل ورش العمل والمشاريع الجماعية، وتلمس الاحتياج، وربطه بجهود المؤسسات الثقافية، ولا شك أن للأكاديميين بصمة مهمة في تحقيق هذا تخطيطًا وتنفيذًا.

 

*الجامعة صِنْو الثقافة

وتشيد الروائية د. أميرة محارب أستاذ الأدب والنّقد المشارك بجامعة الباحة بدور الجامعة في تعزيز الهوية الثقافية بقولها :

يشهد واقع التعليم في عصرنا الحالي قفزات نوعية في جودته واسهاماته ومنجزاته، ولعل أهم سمة في هذا الواقع هو تعزيز الهوية الثقافية التي تؤكد على شعور أفراد المجتمع بصفة التميز عن باقي المجتمعات الأخرى، إذ تشكل الجامعات إحدى الركائز الأساسية في هذه الهوية، وعليه؛ أدرجت الكثير من الجامعات السعودية مناشط ثقافية شبه دائمة؛ لما له من تأثير مباشر في صناعة شخصية الطالب المثقف، وفتح مجالات الإبداع في صناعة الرموز الثقافية التي تعتز بتاريخها، وتدعم مستقبلها، وترسخ جذورها وفق ما ترمي له رؤية المملكة العربية السعودية 2030. ومن أهم المسابقات التي تبنتها الجامعات السعودية هي جائزة جامعة جدة للتميز والتي تهدف إلى الإسهام في بناء اقتصاد المعرفة من خلال تطوير المجالات العلمية ونشر ثقافة الجودة والتميز المؤسسي، ومسابقة جائزة الأمير عبدالله الفيصل للشعر العربي تحت إشراف أكاديمية الشعر العربي بجامعة الطائف، وجائزة جامعة الملك سعود للتميز العلمي، وجائزة الباحة للإبداع والتميز المقدمة من إمارة منطقة الباحة والتي ترعاها جامعة الباحة، وجائزة التميز الدراسي والبحثي لمبتعثي جامعة الملك خالد، وجائزة التميز في البحث العلمي التي تقدمها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والكثير من المسابقات الثقافية التي تتنافس فيها الجامعات في الأيام العالمية والمسابقات التي تقدمها الأقسام العلمية، مما يعكس واقعًا مأمولًا ومبشرًا بمستقبل ثقافي واعد ينطلق من الجامعات. ومما لاشك فيه أن هذه الجهود وما تقدمه إمكانيات الدولة ووزارتي التعليم والثقافة ستحظى بتطلعات أكبر من قبل المثقف وأرباب الثقافة وأهل المناشط الثقافية في الجامعات في سبيل إعلاء الصورة الثقافية وتحسينها بشكل دوري من إنشاء نواد ثقافية تهتم بالفن وسيرورته الاجتماعية والحضارية، ومراكز ثقافية تعنى بالشأن الثقافي والفني وفلسفتهما، وسبل تطويرهما في ظل اهتمام مستمر للتنقيب عن المواهب واستثمارها من خلال مشاركة الطلاب في شتى الجوائز المحلية والعربية والعالمية ومتابعتهم من خلال لجنة مكلّفة تحرص على تجويد المخرجات الإبداعية للجامعة. كما يتوجب على هذه النوادي والمراكز عقد الشراكات الثقافية مع الجهات ذات العلاقة، وتسليط الضوء الإعلامي على كافة هذه الشراكات؛ مما يشجع على المزيد منها ويجعل الجامعة أرضًا خصبة للثقافة والفن، ومناط التواصل الحضاري، والوجهة الأمثل للمثقف والموهوب والفنان، ورواد الثقافة بكافة أنماطهم. والدعوة الحيوية إلى مشاركة الأعضاء المتميزين ومن لهم حضور إعلامي وثقافي داخل الجامعة في فتح قنوات الحوار معهم لابتكار المزيد من الجوائز ورعايتها. وفي تضافر هذه الجهود ستحقق الجامعات أدوراها الثقافية في المجتمع وفي تشكيل خارطة الشأن الثقافي المحلي بما يعود بالنفع على واقع الثقافة وتطلع المثقف.

 

*لا يوجد فجوة بين الجامعات والمناشط الثقافية

وتسهب د عائشة يحيى الحكمي باحثة وقاصة في توضيح دور الجامعات القيادي في مسيرة الحراك الثقافي بقولها:  

منذ أن ظهرت أقدم جامعة في العالم ( جامعة القرويين في مدينة فاس المغربية  ) كمؤسسة تربوية تعليمية وهي محط  اهتمام المجتمع فينظر إليها كمصدر تحول وتغيير في كل جوانب الحياة وفي العصر الحديث قادت الجامعات التحولات الحضارية والاجتماعية ،عليها يراهن على الجديد في التنمية الشاملة وابتكار المشاريع غير المعتادة، واحتضان المبدعين والموهوبين وتعزيز الثقافة بكل أشكالها التطبيقية والنظرية، والاهتمام بالبناء الفكري للأمة وتأصيله، ثم اتسعت مكانة الجامعات عمقاً في تفكير المجتمعات بعد تصدير ثورات التغيير ومحاربة الاستعمار الفكري والثقافي فهي  جهزت الوعي الإنساني لتقبل التحولات الفكرية والحياتية لتحقيق جودة حياة للمجتمعات، فظهرت من بين أروقتها قيم تسهم في بث الوعي، تدعو إلى الارتقاء بالإنسان من خلال المناداة للمساواة ورفع سقف الحريات، والعدالة ومحاربة الفساد والظلم والقهر وتهيئة الفكر للبناء الايجابي، كل مجتمعات العالم تراهن على تفوق الجامعات في العصر الحديث  في إدوار المعرفة إنتاجاً وتسويقاً لا بديل عنها، فهي محاضن ملهمة وبيئة ملائمة للنمو المعرفي وبيئة خصبة لانطلاق العقول الثقافية في كل العلوم والفنون والمعارف ومنذ أن تأسست الجامعات السعودية  وهي تمد المناشط الثقافية بكوادر نوعية  تنتج وتدير المناشط الثقافية، وإن كانت بدأت متأخرة عن مثيلاتها  العربية إلا أنها انطلقت من مرحلة الشباب ولم تمر بمرحلة الطفولة فأسهمت بأدوارها المتعدد باقتدار وسرعة، كان المثقف والأديب هو من أسس البدايات وحين حضرت الجامعات أسهمت بطريقتها العلمية وفق خطط ممنهجة، وكل من له علاقة بسياسات العمل الثقافي وصناعته وتمكينه يعي احتياجه لمسؤولية رسمية ومجتمعية، تشترك فيها المؤسسات ذات العلاقة وهي : الجامعات، وزارة الثقافة، وزارة الإعلام، الصحافة، رعاية الشباب، الأندية الأدبية، المكتبات، جمعية الثقافة والفنون، المسرح  الفنون الأخرى، تساند العمل الجامعي المسؤولية المجتمعية بقيادة المثقف المعلم، الطبيب، الاقتصادي، المعماري، المهندس، الأديب الشاعر، الرسام، النحات .. إن الاحتفاء  بالمهارات الخلاقة وشحذ همم من يمتلكها ودفعه إلى التعبير عن نفسه وواقعه وعصره ومجتمعه، كل عمل إبداعي يحمل وظيفة توعوية تعمل على تغيير السائد والانتقال إلى حياة أفضل تحقق جودة حياة، كما أن الإبداع من شأنه التأثير في المشاعر الإنسانية  فيحرك المتلقي نحو تحسين الأحوال، لذلك المجتمعات في كل العالم تولي الفنون والآداب كل الاهتمام  وتعول عليها في التطوير والتغيير بفعل تأثيرها، والإنسان هو محورها المنتج والمستهلك  فتتابعت عبر العصور وتطورت وفقاً للمتغيرات وتقبل الإنسان للجديد، ومن هذا المنطلق أحدثت الجامعات معركة تطوير واسعة في المعارف الإنسانية وتنوعت أنواعها واتجاهاتها، فاحتوت الموهوبين وأمدتهم بالأدوات والمعارف، و أشركتهم في الخطط والتصورات المستقبلية للثقافة نشرت نتاجهم داخل أروقتها وخارجها، وأهلتهم للتفاعل الثقافي في وسائل الإعلام المختلفة  ودعم الشباب المقبل على المعرفة، ومن ثم المخرجات الجامعية تمكنت من إدارة المؤسسات الثقافية خارج أسوارها، ولن نختلف حين نقول تسهم الجامعة ببناء شخصية المتعلم من كافة الجوانب الثقافية والفكرية والمهنية والشخصية بثقافة نوعية ترسم مستقبل الفرد تفتح أمامه التساؤلات تمهيداً لصناعة الأسئلة لاحقاً كمثقف أو مشارك في إدارة مؤسسة، لا توجد في أروقة الجامعة عشوائية  تحمل رسالة ورؤية وهدف، كما أنها تحرص على مراجعة هذه الأركان الثلاثة باستمرار، تستقطب المفكرين والمثقفين والمتميزين في كل المجالات، تؤهلهم وتدربهم ثم توكل لهم الأدوار، وكل جيل يطور ويؤسس مراحل أخرى  وهذا يعني أن أي مجتمع يراهن بقوة على دور الجامعات في إدارة الوعي المؤسسي والمجتمعي والثقافي، وبذلك التنوع الثقافي منوط بها كمؤسسة تعليم و تدريب وإنتاج معرفة، ووجود هذه المهام في سجل الجامعة يجعلها تراهن على تمكين الجودة في مخرجاتها، وكلما تسنمت الجامعة مراكز متقدمة في التصنيف العالمي للجودة ازداد رصيدها من الثراء والإثراء المعرفي والمادي، والجامعات السعودية تتنافس وتنافس في صناعة المعرفة وجودة المخرجات المعرفية والشخصية لمنسوبيها.

وحين نتمعن في إدارة الجامعات في المملكة  نلاحظ منذ نشأة أول جامعة (الرياض 1377 ( الملك سعود ) جعلت الأولويات تأسيس كلية الآداب، ومن هنا ندرك  استهداف التنمية الثقافية كانت العمود الذي انطلقت منه، التحق للعمل فيها نخبة من المفكرين والمثقفين  العرب – أنذاك –  في المجالات الثقافية ثم تخرج تلاميذهم  بعضهم  لم يغادرها رجع يصنع المعرفة فيها، يشكلون معظم الأدباء والنقاد والشعراء والكتاب والسياسيين والاقتصاديين  كانت أدوارهم تتعدد داخل الجامعة وخارجها عبر وسائل الإعلام والمؤتمرات والمناشط الثقافية داخلياً وخارجياً بمسؤولية وتفان وإخلاص فكيف يحدث خلل أو فجوة بين الجامعة والمناشط الثقافية، لا يوجد أسباب مقنعة بوجود فجوة فعلية، الطالب الذي كان فيها أصبح شاعراً أو أديباً، أو قائداً لمؤسسة ثقافية أو صانعاً  لنتاج معرفي في أي مكان وأي نوع، والدليل أول مؤتمر للأدباء طرح من الجامعة ونفذ في أروقة جامعة المؤسس عام 1974، لمدة خمسة أيام، سجلت الفعاليات ثم صدر في مجلدات ورقية، ومن أهم مخرجات المؤتمر، طرح الأفكار التالية :

ضرورة تحفيز الحركة الثقافية في المملكة، إنشاء مجلس أعلى للفنون والآداب، تدريس الأدب السعودي في الجامعات، اختيار نصوص في مقررات التعليم، تأسيس الأندية الأدبية، تأسيس مجلات، مكتبات، حقوق الأديب، اقتراح الجوائز الثقافية ومنها ( جائزة الدولة التقديرية ) والتي حصل عليها العديد من الأدباء الرواد من خارج السلك الجامعي، مثل ( أحمد السباعي، محمد حسن عواد، طاهر زمخشري، عبدالله بن خميس، أحمد عبد الغفور عطار وغيرهم…  إلخ، بطبيعة الحال سطر هذه التوصيات المشاركون وهم الباحث والأديب والشاعر والمفكر الذي يهمه الأمر، ثم توالت المؤتمرات تناقش وتوصي بضرورة متابعة الحركة الثقافية ورعايتها وتسويقها، ورعاية المبدعين وتهيئة البيئات المناسبة للشباب، هذه الجهود تكشف اهتمام الجامعات بالحراك الثقافي وتمكينه، وذلك بالتشارك مع أصحاب الشأن ودعم جهودهم والعمل على نشر نتاجهم، وهذا يؤكد أن المثقف داخل الجامعة أو خارجها، هو نفسه صاحب الرؤية والرسالة والهدف، وما يحدث أحيانا من اختلافات وليس خلافات بين المثقف الأكاديمي والمثقف غير الأكاديمي هو مساحة من المنافسات  تثري الحراك الثقافي، نتيجة المقارنة بين هذه الفئة وتلك، وحصول نوع من الاتهامات المتبادلة بين الطرفين كل فئة تنتصر لدورها المهم في الحراك المعرفي، أحيانا يتدخل الإعلام ويؤجج ( السالفة ) بين الأكاديمي وغير الأكاديمي، أقول ذلك لأنني أعيش في الوسط الجامعي وأشارك في الميدان الثقافي، كلاهما صنوان لا يفترقان،  يكملان الدائرة في كل  مراحل التأسيس و الانطلاقات والإنجازات، وإذا وجد الخلل بين الطرفين  سيؤثر سلباً على سياسات رسم الاستراتيجيات الثقافية، وفي الواقع الجميع حريص على تحقيق اتساع ميادين الثقافة وامتداد النتاج في الداخل والخارج.

 وإذا بحثنا واقع التكامل بين الجامعة والمناشط الثقافية  حاليا سنلاحظ أنه دون المستوى المأمول، الجامعة ينتظر منها غير المعتاد، إلا أنها مازالت تركز سنوياً على استقبال الطلاب المستجدين، ودفع المزيد من الخريجين إلى كراسي الانتظار الوظيفي، بعض الجامعات وكليات الآداب تحديداً إلى وقتنا الحاضر لم تفلح في إقامة مؤتمر واحد برغم مناداة واقتراحات  أعضاء هيئة التدريس وهم أعرف بالمكتسبات من وراء المؤتمرات والملتقيات، أعتقد الأمر يتعلق بشخصيات القيادات العليا في الجامعة، إذا كان وعي القيادات الجامعية يهمه الأمر سيدعم ويبادر ويتحمل مسؤولية  الجديد بشجاعة وجرأة فيأخذ بيد المقترحات الجديدة ويخلق الوثبات الخلاقة والنظر نحو الاستثمار البعدي في الحراك المعرفي، وإذا كان يهمهم فقط متابعة البرامج الأكاديمية  فهذا هو الذي يحدث الخلل ويجمد دور الجامعات.

هناك الكثير مما يعاني منه المثقف الأكاديمي جراء ضيق مساحات الحريات في المشاركات الثقافية خارج أسوار الجامعة، ومن تجاربي الخاصة  أحد العمداء كان يسخر من كوني أعمل في النادي الأدبي واستعين بضيوف النادي في إقامة أصبوحات ثقافية في الجامعة  الكل يتنصل من الإجراء السهل البسيط  كأنني ( أشحذ أو أرتكب جريمة ) الاجراء، ( أنت تتحملين المسؤولية ( صاحبة الأندية والمؤتمرات ) كذلك من القصص التي آذتني  قول المسؤول في الكلية حين أطلب الاذن لي بالمشاركة الخارجية بأوراق أو حضور قولوا لها تفصل بين النادي والجامعة.!!!!

علماً بأن لوائح الجامعة تنص على وجوب المؤتمرات داخل الجامعة وخارجها وربط الترقيات بتخصيص وحدات للمشاركات، كما أنه يحق لعضو هيئة التدريس مشاركات على حساب الجامعة وفق لوائح المؤتمرات والملتقيات.

ومع كل اللوائح يلاحظ  ضعف الحراك الثقافي داخل الجامعة بسبب القيود والإجراءات الطويلة والموافقات، آخر فعالية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية داخل الجامع طلب  مسؤول من مقدم الاحتفال الاطلاع على المقدمة ومراجعتها، كيف تراجع ورقة المقدم وهو عضو هيئة تدريس لغة عربية ؟!!!

أرى للتغلب على هذا الخلل فحص وعي وإدراك القيادات  الجامعية  وتزويدهم  بمسؤولياتهم واضحة تجاه ضرورة تفعيل الدور الثقافي للجامعة  ومن ثم تقييم المسؤول على تحقيق الأعضاء الإنجازات في  المناشط المعرفية ..

وتحفيزهم لإثراء المعارف  بصورة أوسع بالمكافآت أو الترقيات.. أو … أو كذلك لاحظت انشغال الجامعات بالبحث عن الجودة وآلياتها  وضعف تحقيقها في واقع الطالب الزبون المستهدف، وأول الواقع عدم رعاية المهتمين والموهوبين في شتى الفنون  الكتابية والأدائية والفنية، لا أقلل من شأن جهود مميزة للأندية الطلابية الثقافية داخل الجامعية وما يتحمله الأعضاء من الطلاب  في التخطيط والتنفيذ وتحملهم مسؤولية ذلك، لكن القصور كبير، أين دور الجامعة في تبني الطالب المؤلف، الرسام ـ  المصمم  وهل وجد أثر ذلك في الساحة الثقافية هناك ضعف ملحوظ.. إذا استوعبت قيادات الجامعة دورها الثقافي  ستتغير خارطة الثقافة في بلادنا، اعتقد لابد أن تلتفت  الجامعة  إلى ضرورة  الشراكة بينها وبين المثقفين والأدباء خارج أسوارها وهم السواد الأعظم  كل جهودهم يجير لصالح العمل الثقافي، لا بد من اتفاقيات ومواثيق جادة بينهم.

المثقف يرغب في إقامة فعاليات أمام  منسوبي الجامعة خاصة الطلاب، يرغب إقامة معرض لكتبه أو توصيل كتبه للمهتمين، يرغب توظيف خبرته للأجيال القادمة، مثل إقامة، يرغب في التواصل مع المبدعين والموهوبين في الجامعة، كذلك طلاب الجامعة بحاجة إلى وجود المثقف بينهم ومعهم ويتلهفون لمثل هذا التواصل دربهم حيرى، وهكذا..

الأكاديمي والمثقف الجامعي تستهلك طاقاته في أعمال يستطيع كادر آخر القيام بها، مثل المراقبة وبعض اللجان يعفى منها، ويطرح لها بديل إنجاز مشاريع ثقافية، بعض الأكاديميين يعانون من مرض البخل المعرفي، يستكثر بعض الوقت للطالب ما عندهم استعداد التواصل مع الطلاب يستثقل الأمر، والكثير منهم على درجة عالية من الوعي فنجده يشارك في كل مكان ويعطي ويتفاعل، يشد الرحال إلى كل مكان مشاركا في فعاليات المؤتمرات المقاهي الشريك الأدبي وفي كل المساحات المتاحة.

*نعلن التطوع  لدعم دور الجامعة الثقافي

                                         

وتدلي  الكاتبة:  بشرى الخلف برأيها حول القضية بقولها:

مما لا رَيْب فيه أن الجامعات بمُختلفِ ما تضمُّ بين جنباتها من تخصصات، والثقافات المتنوعة بتباينِ مُسمياتها؛

تُشكلانِ حجرًا قويمًا وراسخًا في بناءِ أجيالٍ وأممٍ وأوطان يُشار لهما بالبنان.

حقيقة كنت وما زلت أُفكر بعمقٍ شديد بتلكَ الجامعات وخصوصًا الآن وفي السنواتِ الماضية القليلة.

لماذا لا تستقطب بعض المُثقفين لعملِ دورات أو دعونا نقول لقاءات تسهم في انتفاعِ طلاب الجامعة من علمِ المثقفين المتخرجين الذين بنوا أنفسهم كما ينبغي !

ولا أقتصر على تخصيصِ تخصصٍ بعينه دون غيره؛ فأنا أتحدث هُنا عن روادِ الأعمال، عن الكُتَّاب، عن المستشاريين

الأسريين والنفسيين والتربويين وغيرهم ؟

رأيي ككاتبة تملك قلمًا، وتطمح بوصولِ صوتها في كُلِّ عُنوان تتبنى الكتابة به أن:

الجامعات تعقد عقدًا سيماهُ الارتقاء بالجامعة من جهة، ووضع المُثقفين بمكانةٍ يستحقونها من زاوية أخرى !

كيف ؟

بأنها تُرتب لقاًء شهريًا يتباينِ التخصصات مع مُثقفين بارعين في التواصل مع أبناءِ الجامعة،

وبإثرائِها بعلمهم القويم الذي يُشكل لَبَنة أساسية في الارتقاء !

لمَ لا ؟ نحنُ هُنا سنتطوع  ونُعلنها بنشرِ صوتنا وقلمنا، وسنضع أيدينا بيدِ كل جامعة هُنا في المدينة المنورة تحديدًا وربما

خارجها إن استطعت حينها بتقديمِ دورات ولقاءات ومُحاضرات مُختصة بالكتابة وكُل ما يتعلق بالقلم من تأليفٍ ومقالات

ونصوص أدبية تسهم في ارتقاء طلاب الإعلام، وجعلهم يشعرون بمدى أهميةِ تخصصهم ونعمته.

النهوضُ حيثُ الطموح لا يعترف بيدٍ واحدة؛ فيدٌ واحدة لا تُصفق !

علينا أن نقِفَ نحنُ الكُتَّاب على سبيلِ المثال، والمُثقفين بشكلٍ عام جنبًا إلى جنب، ونقول للجمعات: نحنُ هنا،

وعلى الجامعات أن تتبنى المثقفين وتسعى لإثراءِ جدرانها بهم؛ لحاجتها لهم !

الأكاديميون وخصوصًا الأدباء يقع على عاتقِهم مسئوليةِ الشراكة بينهم وبين المثقفين؛ للنهوضِ بالجامعة حيثُ الاحترافية،

ولو كنت أكاديمية في أحدِ الجامعات؛ فلن أتردد بتولي زمام الأمور حينها.

هُنا نستطيع أن نقول:

وصلنا للاحترافية، وابتعدنا جُلَّ الابتعاد عن الروتينية المُنهكة المانعة لأيِّ صُعودٍ مُتنبه له !

هُنا نستطيع أن نقول: نهضت أفئدتنا حيثُ الشراكة الغير مسبوقة.

أرجوكم طبقوا ما أفدتكم به، ولا تنسوا بالعلم النافع تبنى الأوطان.

 

*على الجامعات أن تفتح أسوارها للإبداع

ومن الجزائر يشاركنا الحوار الكاتب والروائي رحو شرقي حيث قال : 

منذ أن نشأت الجامعات في الوطن العربي، كانت تهدف إلى تحصين المجتمعات العربية للتصدي إلى التيارات الغربية والتقليدية منها ، لصناعة التقدّم عن طريق الإبداع في كل مجــالات التخصّص لحلّ المشكلات، الّتي تواجهها المجتمعات باختلاف زمانها ومكانها.. فلم تظهر الجامعات لتخريج موظّفين، وكتبة، وفنّيّين، لكنّها نشــــأت لتربية أجيالٍ من المبدعين في كلّ مناحي الحياة. أما إذا حاولنا الاطلاع وبكل بساطة على موقع شنقهاي المتخصص في متابعة وترتيب جامعات العالم حسب شروط معقدة، نستطيع القول أن جامعاتنا لا تكــــاد تسلم  من مصير محتوم كالمؤسسات الأخرى والتي تكاد تؤدي دورًا تقليديًّا ولا تتوفّر على منـــــاخ ملائم للإبداع والابتكار، لتجد نفسها غارقة في وحل الروتين بسبب غياب ما يسمى بالإستراتيجية العلمية أو(الثقافية)إن هذا الأمر قد يستثني بعض الجامعات التي حاولت تدارك ما فاتها، في إطار السياسة العامة كمشروع يتعاون من خلاله كل الباحثين والفاعلين والحاملين للهم الثقافي، إلى جانب المبادرات الخاصة مما يتيح لها تدارك بعض الفجوات بينها وبين المؤسسات الثقافية، لأن صورة كل مجتمع تكمن في ثقافته، ولذلك لابد على الجامعات أن تفتح أسوارها، فسقراط لم يتخرج من الجامعة لكنه اقتحم أسوارها..فمن خلال النوادي الثقافية، والمسارح، تستطيع الجامعات  أن تحتضن جهود الباحثين والنقاد، لإنجاز الإبداع واكتشافه في مجالات البحث الثقافي المختلفة والمضي قدماً نحو الاحترافية، إن إعادة هيكلة هذه النُظُم التواصلية في سلسة تكاملية من خلال متلازمة ثلاثية ( الجامعة – المؤسسات الثقافية – المجتمع – الجمهور الثقافي)) ..يمكنه فعلًا أن يضع كل مؤسّساتنا في المجال الثقافي على بداية طريق عهد جديد.

*التعليم هو خلق إنسان واثق ومسؤول

وتعلق الأديبة زينب الحسيني من لبنان على محاور القضية بقولها :

للجامعات دور أساسي في عملية التنمية لأنها مسؤولة عن تلبية حاجات المجتمع من القوى البشرية  المزودة بالمهارات الفكرية والمهنية، وذاك أن قيادات المجتمع العليا في شتى المجالات العلمية والاقتصادية والسياسية والإدارية والثقافية هي من خريجي الجامعات، ولا يمكن لمجتمع أن يتقدم و يتطور إلا بقدرة هذه النخب على معرفة استخدام الطرق العلمية الناجحة في حل المشكلات واتخاذ القرارات واستيعاب المستجدات في مجالات التخصص العديدة.  وليس خافياً أن التعليم ليس تلقيناً إنما هو خلق لإنسان يتمتع بروح المسؤولية والثقة بالذات في مختلف المناحي الاجتماعية والحياتية، ولا يجوز والحالة هذه، أن تبقى  فجوة بين بعض الجامعات والجهات الثقافية في التعاون المشترك من أجل الإثراء المعرفي الثقافي المنشود، الذي يكون الدعامة الأساسية لمجتمع عصري حديث متطور. لذا على الجامعات تهيئة طلابها لمرحلة ما بعد التخرج الجامعي، بخلق نشاطات لاصفية خلال سنوات الجامعة، وتدريب الطلاب على مهارات من شأنها تكوين شخصية الطالب وتعريفه على ما يدور خارج الحرم الجامعي.

وهناك أنشطة كثيرة متنوعة مثل  معارض  فنية وورش عمل ورحلات خارجية ومبادرات مجتمعية رائدة تغني شخصية الطالب وتكسبه خبرات عملية  تضيف إلى وعيه مخزوناً ثقافيا متنوعا وضروريا لبلورة مواهبه الحبيسة لتنبجس شرارات إبداعية في مختلف المجالات. وطالما أننا نملك في عالمنا العربي نخباً من رجال الثقافة والأدب والعلم الأكاديميين، سؤال يطرح؟ هل نستطيع الاستفادة من هذه النخب للإسهام في بناء مستقبل ثقافي مرموق للطلاب الجامعيين ؟

أعتقد أن موضوعاً كهذا  يخص كل مجتمع على حدة، ومن الممكن جداً التعاون مع هذه النخب من خلال ندوات فكرية ثقافية

متعددة تتناول المستجد من الاختراعات أو الطرائق الحديثة والثقافات التي تعود على مجتمعاتنا بالخير العميم، لكن أهمية التثقيف تكون بحسن اختيار الجامعة للمواضيع الثقافية التي تقدم من خلال ندوات ومحاضرات هادفة في الجامعة نفسها  أو من خلال التواصل عبر الzoom الذي أصبح متاحاً بسهولة .

وهناك جامعات عربية تفرض تدريس العلوم الإنسانية في كليات علمية، فهي تدرس الأدب والمواد الحقوقية و بعض المفاهيم   السيكولوجية والفلسفية مما يعزز الغنى الثقافي المعرفي ليكون اللبنة الأولى لخلق جيل شبابي رؤيوي يتوق الوصول إلى إبداع  حقيقي مستقبلي يرقى بمجتمعه إلى مصاف الأمم الحديثة الراقية.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود