الأكثر مشاهدة

ميَّادة مهنَّا سليمان* ممّا لا شكّ فيه أنّ للإعلام تأثيرًا كبيرًا على الطّفل، فا …

الإعلامُ الموجَّهُ للطّفولةِ

منذ 10 أشهر

234

0


ميَّادة مهنَّا سليمان*

ممّا لا شكّ فيه أنّ للإعلام تأثيرًا كبيرًا على الطّفل، فالطّفل يتلقّى أشياء معرفيّة، وترفيهيّة كثيرة من وسائل الإعلام المختلفة، لذلك يجب أن يكون هناك وعيٌ فيما نقدّمه لأطفالنا، سواءٌ أكانت الموادّ المقدّمة منتَجة محليًّا، أم تمّ شراء حقوقها من بلدٍ آخر، فليس كلّ ما يقدّم لأطفالنا يرقى للمستوى المطلوب، وليس كلّ ما قُدّمَ، ويقدَّمُ بنافعٍ، ومفيدٍ، ومُسلٍ؛ سأعطي مثالًا ممّا كنت أراه من برامج في طفولتي، فلا أستطيع نسيان الرّعب، وحبْس الأنفاس الّذي كان ينتابني عند بثّ برنامج للأطفال عن الدّيناصورات صباح كلّ جمعة عند العاشرة والنّصف في مطلع التّسعينيّات اسمه (الرّجل الحديديّ)، لم يكن فيلمًا كرتونيًّا، بل كان على شكل ديناصورات ضخمة مجسّمة بتقنيات عالية جدًّا، في هذا البرنامج جزء من الشّخصيّات الكرتونيّة (كمال ولميس)، يتَّحِدان، فيقول كمال: “هيّا لميس، في الاتّحاد قوّة”، ليُصبحا قويّينِ أمام ديناصورٍ بشعٍ ومخيفٍ يتقدّم بخطوات تهتزّ لها الأرض، وهو يسعى لتحطيمهما بقدميهِ المرعبتينِ، ودومًا ينجوانِ في اللحظاتِ الأخيرةِ الحاسمة، بعد أن يجعلاني أعيش في قلقٍ وتوتّرٍ وأنا أترقّب خلاصَهما منه.
لم أكن أستطيع أن أقاوم متابعة هذا البرنامج على الرّغم من كمّيّة الرّعب فيه، وكنتُ أظلّ متأثّرة بالحلقة يومين، فإن أردتُ الذّهاب إلى غرفة ثانية، كان قلبي ينقبض رعبًا مخافة أن يظهر لي ديناصور!
وكلّنا لا ينسى غرندايزر، الّذي قلّده بعض الأطفال وقفزوا من أماكن عالية، فتعرّضوا للخطر، أو لقوا حتفَهم بسبب تقمّصهم شخصيّته.
هذا عدا عن برامج كثيرة للأطفال تكون مضامينها شديدة السّمّيّة على عقولهم، فمنها ما هو موجّه لهدم الأخلاق، أو لبثّ العنف، والتّرغيب بالقتل، أو للإساءة إلى الدّين، والمعتقد، وباتتْ تترافق بعصرنا هذه البرامج مع ألعاب إلكترونيّة خطيرة فكريًّا، ونفسيًّا، وتثقيفيًّا على عقل الطّفل، وبعضها له أهداف سياسيّة تحريضيّة؛ لذلك كانَ من واجب الإعلام وقتَ الخراب على سورية أن يقدّم برامج تواكب الحدث، ليتبصّر الطّفل بحقيقة ما يجري، وأن تقدّم له برامج تحكي عن تضحيّات الشّهداء، وشجاعة الباسلينَ في الذّود عن الوطن، والسّهر لحماية أهله.
والأمر ذاته الآن، ففي ظلّ ما يجري في فلسطين الحبيبة، ينبغي أن يقدّم الإعلام برامج توعية للأطفال، تحكي عن الحقّ المغتصب، وعن أهمّيّة الدّفاع عن الأرض والوطن كمعتقد إنسانيّ، وفكريّ، ووطنيّ، واجتماعيّ، وأنّ القدس لا يمكن أن تكون إلّا عربيّة، وأنّ لشعبِها حقًّا في العيش الكريم بظلّ وطن يحميهم.
وعلى الرّغم من بعض سلبيّات الإعلام الموجّه للطّفل ، لكن هناك إيجابيات؛ منها:
تنمية الخيال والحسّ الجماليّ لدى الأطفال، وتقديم معلومات بطرق محبّبة، ومبسّطة فيها متعة وتسلية، وتعزيز القيم الأخلاقيّة، والتّصرّفات المحمود. 
أيضًا تقويم بعض السّلوكيّات الخاطئة في الحياة من خلال شخصيّة كرتونيّة تجذب الطّفل بشكلها، وصوتها، وألوانها، والأمكنة المحيطة بها، والشّخصيّات المتحاورة معها.
أخيرًا، يقول إريك هوفر:
“الأطفالُ همْ مفاتيحُ الجنّةِ”، فأرجو أن نحافظ على هذه المفاتيح ونحميها من الضّياع.

*كاتبة_سورية

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود