940
0297
0169
0347
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11428
04669
03938
173156
0
* تهمة (العلمانية) لم تعد كما كانت، والأدب لا يضيف كثيرًا للمجتمع
* هناك كتّاب لا يقرؤون
* زيارة أدونيس لا تستحق الجدل
* المغرضون اتهموني بالمرض النفسي
* تنبأت بمآلات المد المتشدد
حوار_محمد عسيري
صلبٌ كالتضاريس المحيطة به، تلك التضاريس التي اختارها وأحبها وتماهى معها، وإن كانت جغرافيتها قد أبعدته عن مدن النفوذ والانتشار. ذو مواقف فكرية جريئة وصلبة وصادقة، ربما أحيانًا توازي نتاجه الأدبي وتجعل منه مفكرًا لا يمكن تجاوزه، كتب الشعر والقصة والرواية، وكتب في مجالات الفكر والمجتمع، استشرف المستقبل، يغضب من تكدس مؤلفاته وقلة انتشارها، وهو لا يعلم أن جيلًا -لا بد- سيأتي ويعيد الاعتبار لكل نتاجه ومؤلفاته، فمثله في حياة الأوطان والشعوب نادر.
حاورته وسألته؛ فأجاب بكل ترحاب، لكن أجوبته كما هي إجابات الكبار تتوالد منها أسئلة، وودت لو سألته أكثر وأكثر، لكن لكل شيء حد ولكل حوارٍ مساحة معينة، قنعت أخيرًا بما منحني إياه على أمل أن يتجدد اللقاء.
* الكاتب إبراهيم محمد أحمد شحبي
ولد في رجال ألمع بعسير في 2 فبراير عام 1957م، وتخرج في قسم اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود فرع أبها عام 1980.
شغل منصب عضو مجلس إدارة نادي أبها الأدبي، ونشر أول عمل روائي له تحت عنوان “الخروج إلى الكهف” في صحيفة (الجزيرة) على حلقات عام 1997.
الروايات:
وصدر له أيضًا:
حاز على كثير من الجوائز منها:
* تهمة (العلمانية) لم تعد كما كانت، والأدب لا يضيف كثيرًا للمجتمع
– حدثني عن تكوينك الثقافي المبكر، كيف كان؟ الشخصيات والكتب والتجارب الثقافية التي أثرت فيك وكونت في النهاية إبراهيم شحبي؟
تحدثت كثيرًا عن تكويني الثقافي في كتابي (حكايتي مع العلمانية)، كما نشرت بعض التفاصيل في كتاب (جذور الدهشة) من إعداد الصديق عبد العزيز الشريف، لكن لا يمنع أن أوضح للقارئ أن بدايتي مع الكتاب غير المنهجي بدأت مع المرحلة المتوسطة في معهد أبها العلمي عام ١٩٧٢م، بعد أن انتقلت من قريتي ( الخورمة) في رجال ألمع بعد الابتدائية، وكانت بدايتي مع كتب المنفلوطي العبرات والنظرات وبعض الكتب المترجمة منها ماجدولين ومسرحيات شكسبير، ثم اطلعت على كتب المصادر في الأدب لعلاقتها بالدروس منها كتب الأغاني، والعقد الفريد، وصبح الأعشى، وحفظت المعلقات كجزء من المنهج.
في المرحلة الثانوية وجدت مكتبة تؤجر الكتب والمجلات للقراءة بسعر رمزي، شرط المحافظة عليها وقد قرأت الكثير من القصص الدواوين.
اتسعت مساحة القراءة في المرحلة الجامعية، ووجدت مكتبة ابن عمي في الرياض مليئة بالكتب الجميلة في القصة والرواية والشعر أثناء زيارة عام ١٩٨٨م، فظللت عاكفًا ما يزيد على شهر في قراءتها.
وكانت معارض الكتب في القاهرة مصدرًا أساسيًّا فيما بعد الجامعة للحصول على جديد الكتب.
ولم تكن في حياتي شخصيات مؤثرة تجاه القراءة بشكل مباشر، غير أنني تعرفت على كثير من الكتّاب عبر مسيرتي، واستفدت من قراءة أعمالهم.
ورغم أن تجربتي الكتابية بدأت عام ١٩٨٠م تقريبًا بخواطر ومحاولات شعرية وقصصية عبر صحف عكاظ، والرياض، والجزيرة لكني لم أنشر أول أعمالي في كتاب إلا عام ١٩٩٩م تقريبًا.
– تقول في حدائق النفط متحدثًا عن نفسك -وإن كان الحديث على لسان بطل الرواية – (لم أستطع أن أكون وفيًّا بالمطلق لقيمي التي اقتنعت بها؛ لأن من حولي طالما شككني في صدقها وجدواها). ما قيم إبراهيم شحبي التي لم يستطع أن يكون وفيًّا لها؟
هو كلام البطل، وليس بالضرورة أنه حديث عني ككاتب، لكن من أهم القيم التي يحتاجها الإنسان هي الحرية في التعبير، وممارسة الحياة بشكل طبيعي لا يضر بأحد، إلا أن مفاهيم القبيلة في الغالب لم تكن تسمح في ذلك الحين بالتمرد على قوانينها المتوارثة، ورغم أني تمردتُ على كثير من نظم القبيلة، فإني مع البطل الذي لم يستطع أن يكون وفيًّا لقيمه؛ لأن الظروف تجعلك تجامل أحيانًا، وتنافق أحايين أخرى.
ولأنني من الذين تعرضوا لتهم المجتمع بأشكالها، ولتهم جماعة الإخوان، وسبق أن تحدثت عن شيء من ذلك في ( حكايتي مع العلمانية)، فقد خرجت من تلك الأمور سالمًا مع بعض الخسائر.
* زيارة أدونيس لا تستحق الجدل
– كثُر اللغط حول زيارة أدونيس للسعودية، بين معارضٍ ومرحب. كيف يرى إبراهيم شحبي أدونيس وزيارته للمملكة؟
زيارة أدونيس مثل أي زيارة لأديب أو مفكر من أنحاء العالم لا تستحق الجدل.
أدونيس قرأته مبكرًا في( الثابت والمتحول) كما قرأت أشعاره، وأتفق وأختلف مع ما كتبه كأي كاتب.
ربما تكون للمعترضين أسبابهم، لكني لم أتابع تفاصيل الجدل حول الزيارة؛ لأن ما حدث أمر عادي يحصل في أي بلد.
* المغرضون اتهموني بالمرض النفسي
– يعمد بعض المثقفين للإثارة كي يلفتوا أنظار الناس لإنتاجهم، وخلق ما يشبه “الترند”. هل ترى ذلك أمرًا مشروعًا؟ وهل كان قيامك بإحراق كتبك محاولةً منك للفت الانتباه؟
من حق كل إنسان أن يلفت الأنظار لعمله ما دام يراه مستحقًّا بعيدًا عن الكذب والتدليس، أما إحراقي لكتبي فقد بررته في حينه عبر ( جريدة الوطن)، حيث تكدست نسخ المجموعات الشعرية والقصصية لعدم وجود قناة للتسويق؛ ما سبب لي بعض الإحباط فأحرقتها، ولأنها لم تجذب القراء لضعفها فتخلصت منها ومضيت في التأليف والنشر، وقد وجد بعض المغرضين في ذلك فرصة لاتهامي بالمرض النفسي، وحاولوا ترويج ذلك في الوسط الثقافي، وكتب بعضهم عبارات ساخرة، وما زال البعض يروج شائعات مسيئة بسبب ابتعادي المقصود عن الأضواء مستغلًّا هذا الغياب.
* التكفير أخطر أسلحة التطرف
– حكايتك مع العلمانية حكاية شهيرة عندما قام أحد العامة بوصفك بالعلماني وقمت بمقاضاته… اليوم وفي ظل كل المتغيرات التي حدثت لو قال لك أحدهم “يا علماني”هل ستغضب وتقاضيه؟
لم تكن المقاضاة بسبب رفضي أو قبولي للمصطلح، وإنما جاءت لسببين: الأول؛ أن ما حدث تهجم وتعدٍ على شخصي أمام الناس دون سبب أو مبرر.
السبب الآخر؛ أن المفهوم السائد اجتماعيًّا أن العلماني كافر، وهذا يمس سمعتي وأسرتي في مجتمع محدود.
وقد كان الشخص مدفوعًا من تيار متطرف قصدني ككاتب، في وقت كانت تهم التكفير وسيلة إقصاء فعالة يلاحق بها المتطرفون أعداءهم من الكتاب.
أما اليوم فلم تعد كلمة (علماني) أو غيرها من المصطلحات تثير فضول الناس مع وجود هذا الكم الهائل من وسائل التواصل.
– تولت قناة mbc بعث وإدارة قناة (الثقافية). ما رأيك فيما تطرحه هذه القناة -إن كنت تتابعها- وهل تقدم ما ينشده الوسط الثقافي ويأمله؟
حاليًا لم أتمكن من ضبط القناة بسبب انشغالي الأسري الدائم، وكل وسيلة تخدم الثقافة مرحب بها، لأنها في الغالب تضيف إلى المشهد حيوية.
وأنا على يقين أن القائمين عليها يريدون تحقيق أعلى درجات النجاح في خدمة الثقافة والوطن.
– تقول في مقدمة إحدى رواياتك “لطالما تنكر لي النفط الذي كان بقايا جدودي وتنكرت لي القبيلة”، ما الذي كنت تأمله من النفط والقبيلة؟
هو حديث البطل الذي مر بظروف لم ينفعه النفط في حينها، ولم تضمه القبيلة، وليس حديثًا عني كشخص، فأنا تنعمت من النفط كغيري من أبناء المملكة، أما القبيلة فلي فيها مكانتي التي اخترتها لنفسي.
– ذكرت في مقابلة تلفزيونية على قناة العربية عام ٢٠٠٨م أن بعض إنتاجك ضعيف جدًّا لذلك أحرقته. ما عناوين هذه الكتب؟
أنا من الكتّاب الذين يشعرون بضعف أعمالهم بعد طباعتها، لهذا لا تجدني أسوق كتبي، ولا أتابع توزيعها، أصدرت أكثر من ستة عشر كتابًا ولا يوجد منها كتاب في المكتبات.
أما الكتب التي أحرقتها فهي المجموعة الشعرية الأولى والثانية، ونسخ من المجموعة القصصية الأولى وتبقى منها بعض النسخ وتظل تلك النسخ منتمية لي حتى بعد إحراقها.
-عندما يقف أحدنا اليوم أمام رفوف الكتب في أي مكتبة تجارية يجد كمًّا هائلًا من الروايات الجديدة لروائيين مغمورين، أولًا برأيك هل هذه ظاهرة جيدة؟ ثانياً كونك قارئًا نهمًا وروائيًّا ضليعًا، ما نصيحتك للقارئ المبتدئ أو البسيط ليختار رواية جديدة وجيدة من هذا الكم الهائل؟
لست مع الحجر على النشر، ولا تحجيمه، ومن حق كل من لديه رغبة في الكتابة أن يكتب وينشر ما دام هناك من يطبع له، وهناك من يشتري.
ولا أحب أن أنصح أحدًا ماذا يقرأ؛ لأن لكل إنسان دوافعه وميوله، ولم يعد في اعتقادي من يحتاج إلى نصائح؛ لأن كل الأعمال موجودة عبر النت، ويستطيع القارئ اختيار ما يناسب ذوقه وميوله سواء بالتصفح أو الشراء.
* الرواية يمكنها أن تستوعب فضاءات أرحب من القصيدة
– محمود درويش تمنى لو أنه يستطيع كتابة الرواية لكي يقول كل ما عنده، فهل تعتقد أن الشعر قاصرٌ عن التعبير وأن الرواية تتفوق عليه في ذلك؟
الشعر تعبير ذاتي يستمد جماله من الخيال، والرواية فن يقوم بناؤها على أحداث الواقع الموازي للحياة، ولكل منهما عالمه الجميل، إلا أن في الرواية متسع لكل الفنون الأخرى، ويمكنها أن تستوعب فضاءات أرحب من القصيدة.
الأمر لا يتعلق بالقصور والتفوق، إنما يتعلق بمساحة التعبير، والقدرة على استيعاب الأحداث؛ حيث تكون الرواية قادرة على حمل رسالة أشمل من القصيدة.
– في حوار صحفي عام ٢٠١٩م وصفت [حداثة الثمانينات] في السعودية وصفًا قاسيًا وقلت بأنها صوتٌ مشبوه ولم تكن مشروعًا تنويريًا مؤسسًا على رؤية واضحة، ولا تستند على قاعدة شعبية. هل لنا أن نعرف ما “الحداثة” التي ينشدها إبراهيم شحبي؟
مشبوهة! نسيت سبب قولي هذه الكلمة، ربما أقصد عند من صنفها على أنها حالة دخيلة على المجتمع، وربما بسبب نزق بعض رموزها السلوكي.
أما كونها لم تكن مشروعًا تنويريًا له رؤية واضحة فنعم هي كذلك، ربما لأنها قصرت نشاطها على الشعر ونقده على المنهج الغربي في بدايتها، وعند غالبية كتابها، ولم تستطع أن تكون قاعدة شعبية، ولكيلا نجحف في حق أصحابها فهم أهل مبادرة جميلة نجحت في حدود إمكاناتها.
وقد نقدت الحداثة نفسها من خلال بعض رموزها (حكاية الحداثة) للدكتور الغذامي كمثال، وما تبع ذلك من ردود.
أنا كنت مع الحداثة، لكنني لم أكتب ما يستحق الذكر، غير أن أسماء جميلة تحدثت في القصة، وقصيدة النثر إلى جانب قصيدة التفعيلة، إضافة إلى النقد.
ولأننا اليوم فيما بعد الحداثة، وفي عصر الرؤية الجديدة الشاملة فلم يعد مجديًا الحديث عن جزئية الحداثة القديمة.
* تنبأت بمآلات المد المتشدد
– تقول في أحد كتبك أنك “تخشى أن تتنكر لك حتى المقبرة”. اشرح لنا هذه المقولة. هل كنت تظن أن يتعاظم المد المتشدد لدرجة ألا يجد إبراهيم شحبي له قبرًا في مقابر المسلمين؟
وردت هذه العبارة في حالة تعبيرية معينة، لا يشترط المفهوم المباشر لها.
ولم أكن خائفًا من المد المتشدد، لقد كتبتُ قصة (الدراويش والحلم الأسود) متنبئًا بمآلهم، ولست في معزل عن بيئتي وأهلي حتى يأتي من يمنع جسدي من العودة إلى الأرض.
– قبل عامين تقريبًا توفي الشاعر مظفر النواب، وأحدث ذلك جدلًا في وسطنا الثقافي بين من يدعو لعدم اختصار الرجل في شعره السياسي وضرورة النظر في نتاجه الشعري ككل، وآخرون يرون أمن الأوطان واحترامها أهم من أي قيمة شعرية. إلى أي الفريقين يميل إبراهيم شحبي؟
لمظفر النواب ظروفه القاهرة، ومن حقه أن ينظر إليه من خلال نتاجه الكامل، فقد كان خروجه من وطنه قاسيًا، وتطرفه الشديد في هجاء العرب ليس مبررًا بالمطلق، والخروج على الوطن حالة خيانة، لكن تبقى حالة مظفر حالة خاصة ونادرة لها أسبابها وظروفها.
- كيف ترى تخلي المثقفين عن دورهم في ريادة المجتمع والتأثير فيه لصالح فئات أخرى كمشاهير السوشل ميديا؟ هل هو ضعف أم أمر طبيعي؟
ليس للمثقفين دور في ريادة المجتمع، الثقافة المعرفية والأدب فنون الخاصة، والدليل أن جيل ما دون الثلاثين اليوم لا يعرف القصيبي، والغذامي، وعبده خال، ورجاء عالم، إلا ما ندر.
ولأن الأدب كان يصل المتلقي عبر الصحافة أو الكتب، والمهتمون به قلة؛ لأن سواد المجتمع لم يكن معنيًّا بغير لقمة العيش، فلم يكن للثقافة الأدبية والفكرية ريادة اجتماعية بالمفهوم العام.
وما يحدث اليوم من ظهور مشاهير الميديا أمر طبيعي؛ بسبب سهولة الوصول إلى الناس عبر الوسائل الحديثة، ومع أنه طبيعي كونه حاصلًا فإنه من ناحية أخرى مخيف؛ بسبب كثرة البشر الذين يصنعون المحتوى العشوائي غير المرشّد بهدف لفت الانتباه، والحصول على الإعجاب ولو بممارسة القبح.
– قبل أشهر كتبت مقالًا في مجلة اليمامة قلت فيه أن جل من يسمون بالمثقفين هم مجرد كتبة وعمال ثقافة ومجرد منظمي فعاليات، وانتقدت كثرة أعدادهم. ألا ترى أن هذا الوصف كان قاسيًا، وأنك كنت إقصائيًّا بوضوح في هذا المقال؟
كان المقال تعقيبًا على كتاب الصديق العزيز علي فائع الألمعي (فتنة الثقافة) والحديث فيه عن مواقف غير ثقافية لبعض كتاب عسير، ولذلك فكلامي لا يعم المثقفين في المملكة.
كلمة الثقافة واسعة تشمل الكتابة، والرسم، واللباس والرقص، والطهي، والغناء، وغير ذلك، لكننا نتحدث عن الثقافة الكتابية، وقصدتُ في مقالتي تلك أنه ليس كل من كتب في جانب أدبي يعد مثقفًا، لدينا كتّاب تمر عليهم سنوات دون أن يقرؤوا كتابًا واحدًا، واطلاعهم محدود لا يتجاوز أبجديات الفن الذي يكتبون فيه.
وليس في كلامي إقصاء لأحد؛ لأن (من ساواك بنفسه فقد عدل) وأنا لم أزعم أنني مثقف، أنا أحد كتبة الأدب!
في الثقافة لا يمكننا أن نقدم أكثر من اسمين أو ثلاثة من المنطقة كمثقفين لهم رؤية، ولديهم منجز ثقافي جيد، بينما البقية كتبة أدب، وعمال ثقافة، والأدب لا يضيف للمجتمع كثيرًا؛ لذا أنا أبحث عن المثقف الذي يمتلك الرؤية، ولديه القدرة على إنجاز مشروعه الثقافي الذي يضيف للمجتمع المعرفي.
التعليقات