مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

د. شاهيناز العقباوي*  يعتقد البعض أن أدب الطفل مخصص فقط لأهداف أخلاقية وتعليمية …

أدب الطفل وبناء المستقبل

منذ 11 شهر

213

0

د. شاهيناز العقباوي*

 يعتقد البعض أن أدب الطفل مخصص فقط لأهداف أخلاقية وتعليمية وتربوية، لكن في الحقيقة هناك هدف أسمى وأهم، يأتي على رأس قائمة الأهداف التي يهتم أدب الطفل بها، ويحرص على تحقيقها؛ هو بناء جيل قوي، يقوم بدور فعّال في تغيير مستقبل الأوطان والسير بها خطوات نحو مستقبل أفضل للجميع.

هذا التوجه لا يحدث صدفة؛ بل هو أمر مرتب له، ومدروس من قبل، فكثير من الأسس التي يقوم عليها أدب الطفل، التي تسعى إلى ترسيخ الكثير من القيم الأخلاقية والتربوية والتعليمية والدينية  والتاريخية بصورة غير مباشرة من خلال عرض إبداعي قصصي بسيط، يقدم بصور مختلفة ومتنوعة، لكنها تسير وفق توجه واحد هو البناء المتكامل الخلاق الذي يحرص دائمًا على الرقي والتقدم نحو الأفضل والأكمل والأحسن، لجذب المزيد من الأطفال والتوجه بهم نحو مستقبل أفضل لكل الأطراف.

هذا السعي التنموي نحو البناء لا يعتمد على المبدع وحده، لكنه يعتبر حجر الزاوية والأساس في وضع الثوابت الأولى لبناء قصصي متكامل العناصر، يضم الكثير من الأهداف الظاهرة والمتعارف عليها لدى الجميع، هذا إلى جانب احتوائه على الهدف الخفي الأسمى، وهو ترسيخ روح التغيير والسعي للتجديد ودعم العمل الجماعي، والبحث دائمًا عن الأفضل فيما يتعلق بالمساهمة في بناء طفل اليوم رجل المستقبل صانع التغيير والتقدم.

حيث يعد أدب الطفل مكملًا لكل العناصر الأخرى في بناء شخصية الطفل الطموحة المميزة الساعية دائمًا للبناء؛ فهو في تكامل مستمر مع بقية العناصر الأخرى، يسعى جاهدًا إلى الاستفادة منها هذا، فضلًا عن تبادل رسائل التأثير الإيجابي فيما بينها؛ لتحقيق أفضل النتائج المنتظرة. 

يدرك الجميع هذه القيمة السامية لأدب الطفل، لكنها لا تحظى بالقدر الكافي من الاهتمام والدعاية والترويج لزيادة حجم المعروض فيما يتعلق بالقصص التي تدعم هذا التوجه بشكل مباشر ولا تترك شيئًا للصدفة والتوقع، لكنها تعلن من البداية أن هدفها الأساسي هو تزكية هذه الروح المميزة ودعمها، والسعي بشكل جاد لجذب المزيد من المبدعين للمشاركة في عمل متكامل، يهدف إلى خدمة هذا التوجه ودعمه دون الحاجة إلى مساندة الأهداف والتوجهات الأخرى.

عربيًّا نحن في أمس الحاجة لتزكية هذه الصفة في أطفال الجيل الحالي والأجيال القادمة؛ حتى نساعد في بناء مستقبل أفضل ومواكب مع التغيرات العالمية، ما يميز هذا التوجه هو سهولة عرضه وبساطة تقديمه والمساحة الواسعة المتاحة من الموضوعات التي تساهم في تزكية هذه الصفة ودعمها لدى الأطفال، هذا فضلًا عن أهمية الحرص على نشرها ودعمها بالوسائل المتاحة حتى يتسنى لها الخروج من دائرة  المساندة إلى عالم الفكرة الوحيدة والأساسية التي تقوم عليها القصة؛ حتى يشعر الأطفال بأهميتها، فضلًا عن ضرورتها وتميزها بين أقرانها.

الدور الذي يلعبه أدب الطفل في بناء جيل، يضع نصب عينيه أن تغيير الأوطان وإحداث طفرة مستقبلية نحو كل جديد ومتطور، ليس بجديد بل هو راسخ منذ قدم العصور، لكنه يظهر على استحياء دون الإعلان الرسمي عن وجوده، وهذا ما جعل منه الهدف الأهم الخفي، فأدب الطفل إلى جانب كونه ترفيهيًّا، لكنه محمل ومثقل بالكثير من الصفات والأمنيات والأهداف والآمال التي يسعى ليكتشفها الطفل القارئ، ويستفيد منها أقصى استفادة، لتساعده في الخروج من محيطه الشخصى إلى الدائرة الأكثر اتساعًا لخدمة وطنه من جهة، ونفسه وعائلته من جهة أخرى؛ كي يصبح إنسانًا منتجًا مبدعًا مميزًا مختلفًا ومتمكنًا.

* كاتبة_مصر

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود