260
0198
0638
2640
0958
185
0345
0202
0127
0150
0177
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11769
04707
04351
174206
03827
0إعداد_سلوى الأنصاري
من أعماق الروحانية في جنبات المدينة النبوية الطاهرة “منبع السكينة ” و”موطن سيد الرسل وخاتم الأنبياء” سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه، تشرق إضاءات المعرفة وتتجلى إمضاءات الثقافة؛ لترسل إشعاعات العلوم إلى كل أنحاء المعمورة من خلال “صدى المعارف والمشارف” في مكتبات طيبة الطيبة العامرة بأمهات الكتب وموسوعات العلم ومجلدات البحث، تحتضن جدران تلك المكتبات عبقًا تاريخيًّا ظل لعقود بمثابة السند والمتكأ للأدباء والفصحاء، وظلت سقائفها مطيرة بصيب التعلم في كل الميادين والمضامين.
انتشر في ردهات تلك المكتبات أريج العلم والمعرفة وأخبار الشهداء والأوفياء، وظلت رفوفها مكتظة ببطولات رجالها وأخبار العلماء، تمثل فيها الكتب لواء للتعلم واستمرت حروفها غذاء للعقول غذاء، ودواء للأنفس الباحثة عن ضالة “العلوم”.
في تلك الكتب خزائن من علوم الشريعة والفيزياء والكيمياء والأحياء وأخرى في الطب والرياضيات والفلك وعلوم اللغة والنفس والهندسة، بحور من الإفتاء والاستفتاء وأخرى يمخر بها الشعراء مرة في المديح وأخرى في الهجاء، في مدينة المصطفى المختار مكتبات بها أدلة وبراهين، نظائر وشواهد تراقب التاريخ عن كثب وتدون العلم وتخلفه إرثًا منزلًا من السماء وآخر توصل إليه الفقهاء والعلماء.
من بين رفوفها يجتلب العلم والمعرفة، والحكمة والموعظة، فيها كتب ظلت صامدة مستدامة تنير لنا طرق الاستقامة والاستدامة.
من بين تلك المكتبات العتيقة:
وهي مكتبة خاصة تميزت عن غيرها من المكتبات؛ لاحتوائها على وثائق ومخطوطات قديمة، قام السلطان محمود الثاني بتجديدها سنة 1237 (الموافق 1821م) وألحقها بالمدرسة التي بنيت في عهد قاتياي ، بعد حريق المسجد النبويسنة 886 الموافق 1481 ميلادي، ثم ضُمَّتِ المكتبةُ المَحموديةُ إلى مكتبة الملك عبدالعزيز في المدينة المنورة.
تحتوي المكتبة على 3,314 مخطوطًا من المخطوطات الثمينة النادرة، كما تحتوي على 3,765 مطبوعًا حجريًّا. جزء من هذه المطبوعات كانت أوقافًا شخصيةً حديثةً. اشتهرت المكتبة المحمودية بكثرة مخطوطاتها في العلوم الشرعية والإسلامية؛ مثل الفقة والحديث والتفسير والفقه الحنبلي والحنفي وكتب التاريخ، وتميزت المكتبة المحمدية بكثرة المجاميع الخطية التي تحتوي على عدة رسائل لمؤلفين مختلفين، تصل في بعضها لأربعين رسالة تتراوح تواريخ المخطوطات لما بين القرنين الرابع والثالث عشر الهجري.
من أبرز المخطوطات التي احتوتها المكتبة:
الجزء الأول: من شرح منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات معونة أولي النهى، شرح المنتهى للفقيه الفتوحي الحنبلي. برقم (1431). بخط: عبد الله بن محمد بن عبد الله بن بسام «نسخ في سنة: 1039ه. وعدد أوراقها «267» فقه حنبلي. والمخطوط وقف لوجه الله تعالى كما جاء على يسار الورقة. وقد أوقفه (سليمان بن عبد الله ابن عكلي) في عام 1205ه ثم على يسار الورقة الأولى «وقف لوجه الله تعالى على طلبة العلم.. سنة 1213ه». وكذلك أسفله وقف آخر «سليمان بن عبد الله بن عكلي».
الإقناع لطالب الانتفاع للحجاوي، عدد أوراقها «179» ورقة. وهي برقم (1399). جاء على ورقتها الأولى (هذا الكتاب وقف على طلبة العلم من الحنابلة رحم الله موقفه). وتاريخ نسخه في عام 1048ه. وهو بخط: (عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن بسام). وآخرها (تم الكتاب المبارك بحمد الله وحسن توفيقه بعد الظهر يوم الإثنين عشرين شوال أحد شهور سنة 48 بعد الألف هجرية…).
الجزء الثالث من شرح الإقناع للبهوتي الحنبلي. وهي (برقم 1410) ويظهر على الورقة الأولى -ما بين العنوان- تعليقات العلامة المنقور في الأعلى والأسفل وخطه مقروء، لكنه ليس جميلًا حيث احتفظ بمجوعة من خطوطه الأصلية رحمه الله. ثم أسفل تعليقاته قال بخط واضح (من فضل المنعم الشكور ملكه الفقير إلى عفو ربه الغفور أحمد بن محمد المنقور). وقع المخطوط في (227 صفحة) وتم نسخه في عام 1095ه، جاء في آخره ما نصه (وكان الفراغ من هذا الجزء يوم الجمعة سادس ربيع الآخر سنة خمس وتسعين وألف على يد الفقير الحقير كثير الإساءة وكذلك التقصير إبراهيم بن سليمان غفر الله ذنوبه…).
سنن الترمذي برقم (785). على الورقة الأولى وقف وهي بخط (عبد الله بن عون). وتقع في (321) ورقة وآخرها ترجمة للترمذي. ويبدو أنها نسخت ككثير من منسوخاته في الثلث الأول من القرن الثالث عشر الهجري. (لوحة 5). وقد أشار لها في سجل كتبه الموقفة.
كتاب الجامع الصغير للسيوطي برقم (813). ويقع في (378 ورقة) جاء آخرها ما نصه (وكان الفراغ من هذا الكتاب بعون الله وحسن توفيقه عشية الأحد الخامس من شهر ربيع الثاني بقلم الفقير المسكين الذليل علي بن راشد بن دغيثر بن راشد بن مرحل الشافعي مذهبًا الرفاعي مشربًا غفر الله له ولوالديه وللمسلمين والمرجو من الله ببركته أن يشفع لنا بتسويد الحديث، وكان سنة 1091ه على مهاجرها أفضل الصلاة والسلام وكان ذلك بأمر مالكه الشيخ محمد بن موسي)، ثم على يسارها جاء (وكان مدة أيام كتابته ثمانية وثلاثين يومًا).
مجموعة الرسائل والفتاوى لشيخ الإسلام أبي العباس أحمد بن تيمية. برقم (2593)، وعليها تملك باسم (ملكه من فضل ربه علي بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان عفا الله عنه). وعلى هذه النسخة إضافات وتعليقات. وتقع في (374) ورقة.
مختصر الإنصاف والشرح الكبير للشيخ محمد بن عبد الوهاب. نسخ في: 13/شوال/ 1212ه. وهو برقم (1448). عدد أوراقه «242» ورقة.
الجزء الأول من شرح المقنع للمقدسي برقم (1412). يقع في (292 ورقة) وعلى الورقة الأولى وقفية للشيخ محمد بن ربيعة العوسي رحمه الله، وعليه مطالعه في عام 936ه. وعلى وقفيته شهود عدة.
نسخة من شرح المنتهي للبهوتي (تقع في 392) وهي برقم (1457) في أعلى الورقة الأولى ما نصه (بفضل الله المولى ونشكره عليه، عبد القادر بن عبد الله ثم بعد ذلك ملكه سليمان بن إبراهيم) نسخت في (أول شهر الله المحرم الحرام، ابتدأ سنة خمس ومئة وألف من هجرة سيدنا محمد عليه وعلى آله وصحبه وسلم…) (لوحة 10).
الجزء الأول من كشاف القناع للبهوتي (برقم 1411). عدد ورقاته «297» آخره: تم الكتاب بحمد الله وشكره في شهر جمادى الآخرة من شهور سنة 1134ه من هجرة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، على يد العبد الفقير المقر بالزلل والتقصير عجلان بن منيع بن سويلم غفر الله له ولوالديه…).
وعلى أرض المدينة ثاني أطهر بقاع الأرض، تلك الأرض المباركة المقدسة التي احتضنت العلم والعلماء، وكانت أرضًا خصبة لطلاب العلم الجهابذة.
اتكأ طلابها بأقلامهم على كتب مكتباتها؛ فكانت الملجأ والسند والعون بعد توفيق المولى عز وجل.
من بين تلك المكتبات التى اجتمع فيها العلم مع العلماء على موائد مكتظة بأشهى ما يتوق طلاب العلم على تناوله صبح مساء، مكتبة المدينة المنورة العامة: وهي مكتبة سعودية تقع في المدينة المنورة تأسست عام 1380 هجرية الموافق 1960 ميلادية بموجب مرسوم ملكي وأنشئ لها مبنى خاص من الجهة الجنوبية للحرم النبوي، بعد توسعة الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود للمسجد النبوي نقلت إلى مكتبة الملك عبد العزيز في مقرها الحالي.
لم تكن هذه المكتبة مكتبة اعتيادية تقليدية كغيرها من المكتبات؛ فقد حوت رفوفها وممراتها على سحابات ماطرة من الكتب النادرة الحديثة التي تتميز بأنها من إصدارات القرن الرابع عشر الهجري، بالإضافة لكمية أخرى طبعت في القرنين الثالث عشر والخامس عشر الهجريين، كما تتميز هذه المكتبة كذلك باشتمالها عددًا من الكتب ذات المجالات المتعددة، إضافة لتعدد النسخ من الكتاب الواحد، وكثرة مخطوطات النحو مقارنة ببقية الفنون الأخرى التي حواها فهرس المكتبة.
وداخل منعطفات روح قارئ نهم يوجه بوصلة أحلامه نحو الأفق البعيد، محاولًا الوصول إلى التميز والامتياز ويجمع بين الجودة والتفرد ليحسن فصل الخطاب، يقف أمام كثير من المكتبات الزاخرة بالعلم المزخرفة بالأدب على صفحات التاريخ، حاملًا أقلامه وأوراقه ليتعلم فتُشرع له الأبواب ويجد بداخلها جوابًا لكل استفهام فتكون له ملاذًا وأمانًا.
من بين تلك المكتبات:
وهي مكتبة عامة تابعة للمسجد النبوي تأسست عام 1353 هجري باقتراح من مدير الأوقاف آن ذاك عبيد المدني على الملك عبد العزيز، وكان أول مدير لها أحمد ياسين الخياري، وتضم المكتبة بعض الكتب التي يعود تاريخ وقفها على المسجد النبوي قبل تاريخ إنشاء المكتبة، مثل مكتبة محمد العزيز الوزير التي أوقفت للمكتبة عام1320 هجري، وهي من الكتب التي أدخلت في المكتبة بعد تأسيسها، وكانت هناك كتب في الروضة الشريفة على بعضها تاريخ متقدم عن تاريخ تأسيس المكتبة. أما تاريخ المكتبة فقد ذكر صاحب كتاب خزائن الكتب العربية أن مكتبة المسجد النبوي الشريف تكونت قبل حريق المسجد النبوي في13 رمضان عام 886 هجري، حيث احترقت خزائن المصاحف والكتب في ذلك الحريق، تقع المكتبة في السطح الغربي للمسجد النبوي عند مدخل باب السلم الكهربائي العاشر.
أقسام مكتبة الحرم المدني:
تعددت أقسام المكتبة لسبعة أقسام رئيسية هي:
١/ قسم قاعات المطالعة:
تضم المكتبة قاعات مطالعة للرجال وأخرى للنساء وأخرى للأطفال.
٢/ قسم المخطوطات:
يقع في الدور الثاني من باب عثمان بن عفان.
٣/ قسم المكتبة الصوتية:
يقع في الباب السابع عشر للمسجد النبوي، يقوم القسم بحفظ ما يلقى في المسجد النبوي الشريف من الدروس والخطب والصلوات.
٤/ القسم الفني:
ويقع بالباب التاسع، يقوم القسم بتجليد وترميم وتعقيم الكتب والمخطوطات.
٥/ أقسام الفهرسة والتصنيف والتزويد والدوريات والمستودع: وتقع في الباب التاسع.
٦/ قسم الكتب النادرة: يقوم القسم بحفظ الكتب النادرة، من حيث قدم تاريخ الطبع أو الزخرفة أو الأشكال والصور.
٧/ المكتبة الرقمية: تحتوي على أجهزة حاسب آلي متصلة بالشبكة المحلية للمسجد النبوي وشبكة الإنترنت، ويستفيد روادها بالبحث عن الكتب والموضوعات المختلفة المتوفرة في مكتبة المسجد النبوي وبرنامج المكتبة الشاملة والمكتبة الإسلامية الكبرى ومواقع إسلامية على الإنترنت، ومكانها في الجهة الغربية داخل المسجد النبوي في الباب الثاني عشر بالطابق الثاني.
نُقلت المكتبة إلى مبنى مكتبة المدينة المنورة العامة التي أنشأتها وزارة الحج والأوقاف، وكان أول مدير لها جعفر فقيه الذي خصص جزءًا منها جناحًا لمكتبة الحرم المدني وضعت فيه كُتبها، ولها مدير وموظفون يديرونها.
أصبحت مكتبة المسجد النبوي داخلة ضمن مكتبة الملك عبد العزيز التي تكون مجمع مكتبات المدينة، وتعد مكتبة الملك عبد العزيز آل سعود من المكتبات الإسلامية المهمة ذات السمة الخاصة التي جمعت بين خصائص المكتبة العامة مركز البحث والمنتدى والمتحف، حيث تعتبر مركزًا إسلاميًّا علميًّا.
تعد المكتبة أكبر المكتبات التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد. تحتضن المكتبة 14.246 مخطوط صلي وعددًا كبيرًا من المصاحف المخطوطة بلغ عددها 1878 مصحفًا وعدد 84 ربعة قرآنية، بالإضافة إلى 25.000 كتاب نادر وحوالي 90.000 مطبوعًا حديثًا والعديد من المقتنيات الأثرية. وضع حجر الأساس لمشروع المكتبة عام 1393 من قبل الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود وقام بافتتاحها الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود عام 1403، نقلت المكتبة بما فيها من مكتبات وقفية إلى مقر جديد في الجامعة الإسلامية.
أقسامها:
لم تقتصر مكتبات المدينة على المكتبات الحكومية، بل هناك أشخاص بالعلم عرفوا وبالكتب تسلحوا، بحب الكتب تقلدوا، الكتب لهم غذاء والحرف لهم دواء، عشقوها فأنشأوا مكتبات خاصة حوت الكثير من العلوم وحفظت الكثير من المخطوطات وأمهات الكتب، من بين أولئك الأشخاص عارف حكمت.
مكتبة عارف حكمت هي خزانة كتب، أنشأها في المدينة المنورة عام 1270ه /1853م الشيخ أحمد عارف حكمت بن إبراهيم بن عصمت الحسيني المولود سنة 1200ه /1786م.
تحدث الكثير عن المكتبة لناحيتها من العلم فكانت أرجاؤها تزخر بالنور والتنوير والعلم والتعلم والحكمة والأدب، لم تكن مجرد مكتبة إنما كانت صرح علم شامخ على عتبات العلم والأدب.
تحدث عنها الكثير.. فماذا قالوا عنها؟
وصفها علي بن موسى بقوله: «وكتبخانة المرحوم شيخ الاسلام- أسبق- عارف حكمت بك التي لا نظير لها في أرض الحجاز لكثرة ما فيها من الكتب النفيسة والخدمة والمجلدين والموظفين دائمًا».
تحدث عنها محمد لبيب القانوني في رحلته- الرحلة الحجازية-: «وهذه الكتبخانة آية في نظافة مكانها وحسن تنسيقها وترتيب كتبها».
أشاد بها محمد كرد علي بقوله: «وأحسنها وربما كانت خير مكتبة في البلاد العثمانية كلها بنظامها وانتقاء أمهاتها، هي مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت أفندي، ففيها نحو عشرة آلاف مجلد كتبت بخطوط المشهورين من الخطاطين، كأن تجد الكتاب ذا العشرين مجلدًا مكتوبًا بخط مشرق بديع في مجلد أو مجلدين. وفي هذه المكتبة من التسهيل من المطالعين والعناية براحتهم ما لا تكاد تجد مثله في دار الكتب الخديوية بمصر لعهدنا، وما ذلك إلا لكثرة ريعها وإنفاقه في سبله واختيار القيمين عليها وإدارة المشاهرات الكافية عليهم».
أين تقع مكتبة عارف حكمت؟
في الوقت الحالي تقع مكتبة عارف حكمت غرب المكتبة العامة التي تمت إزالتها من ضمن مشروع توسعة الحرم النبوي عام 1405ه، وقد انتقلت بسبب أحداث تاريخية إلى استانبول، ثم عادت إلى المدينة المنورة، وكان ذلك في أواخر عصر الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، فأمرت الدولة العثمانية بنقلها إلى استنبول؛ خوفًا عليها من الضياع والتلف بسبب الحرب القائمة حينذاك، وعندما وصلت المكتبة إلى دمشق اشتدت الحرب، فبقيت المكتبة هناك حتى أعادها الملك فيصل بن الحسين بعد دخوله سوريا وجلاء الأتراك عنها عام1337هـ/1918م، فعادت المكتبة مع بعض أسر المدينة المهاجرة لدمشق.
أما طرازها المعماري؛ فقد تميزت المكتبة بطرازها المعماري الفريد والقريب من المسجد النبوي الشريف فكان الجدار الخارجي للمكتبة من الجهة الشمالية يواجه المسجد النبوي، وفي أعلاه السكن الخاص بمدير المكتبة مزين بالشبابيك، ويفصل بين المكتبة وجدار المسجد النبوي الجنوبي جدار.
تمتاز نوافذ المكتبة بعقود مقوسة منتهية بنافذة تهوية تحت القوس مباشرة، وفي أعلى القوس توجد فتحتا تهوية أيضًا تتخذ شكل نجمة خماسية مصاغة من حجر البازلت الأسود الذي بنيت به جدران المكتبة.
بُنيت رواشن المسكن من القواعد الحجرية، ونحتت النقوش عليها، واتخذ الرواشن جانبين هما جهة الشرق والغرب.
توجد على مدخل باب المكتبة من الجهة الشرقية لوحة تأسيسية مصنوعة من الرخام الأبيض ومكتوب عليها باللغة غير العربية.
في جوانب قاعة المكتبة تتواجد دواليب مصنوعة من الخشب، تتوفر فيها المؤلفات والمخطوطات النادرة.
تتألف القبة الرئيسية للمكتبة من عقود نصف دائرية في أعلى جدار المكتبة، ثم دور آخر في أعلاها أقواس نصف دائرية، لكنها أصغر حجمًا من سابقتها وتتخللها نوافد للإضاءة، وتتميز القبة بالنقوش وهي مشابهة تمامًا للنقوش والرسومات الموجودة في قباب القسم القديم من المسجد النبوي الشريف، الذي بُني في عهد السلطان العثماني عبد المجيد بين عامي 1265هـ و 1277هـ، وتتدلى من سقف القبة نجفة ملونة للإضاءة.
محتويات المكتبة:
اعتنى الحسيني باختيار المخطوطات الثمينة المكتوبة بأيدي أشهر الخطاطين وأودعها مكتبته، كما أن بعض المخطوطات الفارسية كتبها بخط يده وبذل في اقتناء كتبه وشرائها أموالًا كثيرة وجهودًا كبيرة. وتعد هذه المكتبة من مآثر الشيخ عارف حكمت، ومن معالم المدينة المنورة في العصر الحديث، فهي من أغنى المكتبات بالمخطوطات القيمة؛ لكونها تضم بين جنباتها عددًا من المخطوطات النادرة في شتى العلوم والفنون، وتزخر بالجم من التراث الإسلامي المكتوب باللغات العربية والفارسية والتركية، هذا بالإضافة إلى أن كثيرًا من المخطوطات زيّنت خير تزيين من حيث الخط والتذهيب. وتحتوي المكتبة (4389) مخطوطًا أصليًّا، و (632) مجموعًا خطيًّا يحوي (3838) رسالة مخطوطة، إضافة إلى (7875) مطبوعًا نادرًا وحديثًا. من بين المجموعات الملحقة بهذه المكتبة عن طريق الوقف مجموعة أردوغان جعفر أسعد؛ وعدد كتبها 169 كتابًا، ومجموعة صالح إخميمي؛ وعدد كتبها 232 كتابًا. تتميز مخطوطات المكتبة بأنها تمتد من حيث تاريخ النسخ على مساحة زمنية كبيرة تغطي أحد عشر قرنًا، تبدأ من القرن الرابع الهجري وتنتهي في القرن الرابع عشر الهجري، كما تتميز كذلك بأن الكثير من مخطوطاتها نسخت على أيدي مؤلفيها.
وقد كان لمكتبة عارف حكمت أختام خاصة بها ظهرت على مجموعة من الكتب وهي:
ختم دائري الشكل كتب عليه: «مما وقفه العبد الفقير إلى ربه أحمد عارف حكمة الله بن عصمة الله الحسيني في مدينة الرسول الكريم عليه وعلى آله الصلاة والتسليم، بشرط ألا يخرج عن خزائنه والمؤمن محمول على أمانته 1266هـ».
ختم آخر كتب عليه: “وقف حكمة الله بن عصمة الله الحسيني 267 [بعد الألف].
ختم كتب باللغة التركية: «مرحوم شيخ الإسلام عارف حكمت بك كتبخانة سنك وقفية ملحقات 1332هـ».
الإشراف عليها:
قامت الدولة العثمانية بالإشراف على المكتبة وعينت أمناء لها ومنهم مفتي مدينة استانبول الشيخ نوري أفندي التركي، وبعد حكم الأشراف اهتموا بالمكتبة وأشرفوا عليها وعينوا عبد القادر حواري أمينًا لها والذي استمر في منصبه حتى بدايات الحكم السعودي، وبعد إنشاء وزارة الأوقاف السعودية ضمت إليها، وكان ذلك في عام 1380هـ / 1960م.
وكان لمكتبة عارف حكمت الكثير من الموارد المالية؛ بسبب كثرة الأوقاف عليها من قبل مؤسسها الشيخ عارف حكمت، وبعض هذه الأوقاف في المدينة المنورة والبعض الآخر في تركيا، وبعد أن ضمت المكتبة إلى إدارة أوقاف المدينة المنورة عام 1380هـ/1960م أصبحت المكتبة تعتمد في مواردها على إدارة الأوقاف.
أما المكتبة الثانية فهي مكتبة محمد مظهر الفاروقي أو مكتبة رباط مظهر، أحد المكتبات التاريخية المجاورة للمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة، أنشئ رباط مظهر محمد مظهر الفاروقي النقشبندي عام 1292ه في الجهة المعروفة باسم زقاق المواليد بحارة الأغوات، وكانت تطل على شارع الملك عبد العزيز بالطريق المؤدي إلى باب النساء بالحرم النبوي الشريف.
كان مبناها من ثلاثة طوابق، يصل عدد غرفه إلى تسعين غرفة، منها غرفة بالدور الثاني فيها مكتبة تحوي الكثير من الكتب العربية والمخطوطات النفيسة، وقد عرفت المكتبة باسم مكتبة الشيخ: حسين مظهر، وقد هدم الجزء الشرقي من المبنى لتوسعة الشارع المواجه للبقيع.
تعتبر المكتبة إحدى المكتبات المرتبطة بالأربطة، فهي جزء من رباط آل نقشبندي الكبير. تقع المكتبة بالدور الأول من الرباط الكبير، الواقع من الجهة الشرقية من المسجد النبوي الشريف بنهاية زقاق مظهر أو الفرزاني المترفع من زقاق البقيع الرئيسي. أسس هذه المكتبة الشيخ محمد مظهر الفاروقي عام 1291ه، وظلت مصدرًا للثقافة ومركزًا لرواد العلم وطلابه، وقد أدخل موقع هذا الرباط والمكتبة ضمن توسعة وعمارة المسجد النبوي الشريف، يبلغ عدد كتب ومخطوطات المكتبة 1.100 كتاب، ويوجد بمدخل مبنى المكتبة نص مكتوب باللغة العربية مع نص آخر باللغة الفارسية، والنص العربي كما يلي:
مكان عد للعلماء نديا
وللعباد والزهاد مثوى
به للأحمديين الأعالي
شيوخ النقشبنديين مأوى
رجال للعبادة قد تخلوا
به أذكارهم لله نجوى
وفيض الحق أرخه مكان
به علم وإرشاد وتقوى
عدد من المكتبات الفردية:
مكتبة السيد جعفر بن يحيى هاشم الحسيني التي أُسست سنة 1285هـ، أما النوع الثالث من المكتبات فهو مكتبات المدارس والأربطة؛ حيث وفرت الكثير من المدارس الوقفية ضمن خدماتها التعليمية المكتبة وسهلت إعارة واستخدام كتبها والاطلاع عليها، ومن هذه المكتبات مكتبة المدرسة المحمودية ومكتبة مدرسة بشير آغا، ومكتبة المدرسة العرفانية، ثم مكتبة المدرسة القازانية، ومكتبة مدرسة كيلي ناظري، ومكتبة مدرسة الساقزلي، ومكتبة مدرسة الإحسانية، ومكتبة مدرسة الثروتية. أما مكتبات الأربطة، فقد اشتهرت الأربطة في العهد العثماني بمكتباتها القائمة داخلها، ومن أشهرها مكتبة رباط قره باش ومكتبة رباط الشفاء، ومكتبة رباط عثمان بن عفان، ومكتبة رباط الجبرتي، ومكتبة رباط مظهر.
بالقرب من هذه الزوايا الهادئة المكتظة بالأحرف والكلمات تتواءم أصداء المعرفة مع أبعاد الثقافة، وتتحد العلوم تحت سقوف تجمعها عناوين عريضة من القراءة وميادين مديدة من البحوث وأذواق فريدة من حب المعارف، والعيش بين حياة مكللة بكنوز معرفية مذهلة ظلت شاهدة على مر العصور وصامدة بمرور الأزمنة.
التعليقات