مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

محمد المنصور الحازمي* سأل طفلٌ في الحادية عشرة والده الشاعر عن موقعه في قصائده و …

سوف

منذ 9 أشهر

143

0


محمد المنصور الحازمي*

سأل طفلٌ في الحادية عشرة والده الشاعر عن موقعه في قصائده ومنشوراته وتغريداته، مسليًا نفسه لا شك أن والده يحتفظ بقصيدة تخصه سيفاجئه بها.
انتفض الوالد ضاربًا كفًّا بكفٍ، وبدا عابسًا متكدر الخاطر، كأنما هاتفه محضر محكمه أن غيابه عن جلسة في المحكمة سيتسبب في الحكم عليه بإيقاف خدماته.
اشترى الابن دهشة والده وعبوسه بابتسامة بريئة، أن همس في أذن والده يمازحه؛ لم تنطلِ ابتسامته على والده، بل وصلت لأعماقه، شرع يلوم نفسه بصمت، كان في حالة عراك معها يعاتبها أن تحدثه عما سأل عنه ابنه، بتنحية مزاجه عن غرامياته، تخيلاته؛ ومدائحه في حفلات ولقاءات يدشّن فيها مسؤولٌ مشروعًا، أو حفل تكريم مسؤول قادم وآخر مودِّع، ومع هذا ظن أن يسعد طفله، يشعره أن له في وجدانه حيزًا يفاخر أقرانه بأن والده قال فيه ما قال من الخصال.

ساد المكان صمتٌ رهيب، والده تغيَّرت ملامحه عجز أن يتعلَّل بما يخرجه من مأزقه؛ ذُهِل طفلُه وتدرجت مشاعره إلى أن والده ربما أصابه عارضٌ صحيٌّ؛ جثا أمام والده الواقف بجانب عمودٍ يتوسط صالون الفسيح لا حراك أضحى عمودًا… فجأة انتفض عنق والده كأنما أصابه ماس كهربائي، تخلص من نوبة سرحان لم ترمش فيها جفناه، أطرق رأسه أرضًا، ثم ثنى جذعه وأخذ بيد ابنه وأجلسه معه على أريكة بيضاء.

وجه لابنه سؤالًا؛ عما إذا كان قد سمع أن شاعرًا يتم تداول اسمه على ألسن معلميه أو زملائه؛ انطلق يروي لوالده أن زميلًا له أحضر ورقة تحمل قصيدة نظمها والده الشاعر؛ عبَّر فيها عن صفات ابنه وحيويته وحسن تعامله مع إخوته وطاعته لأُمَّه ووالده. استرسل لعله يشعل جذوة غيرة والده بأن المعلم أبلغ زميله أنه سيدربه على إلقائها في الإذاعة المدرسيَّة الصباحيَّة؛ وبالفعل وفي حصة الأناشيد درَّبه، ثم قدَمه لزملائه، وألقى قصيدة جميلة؛ وقد صفق المعلم وزملاؤه تأكيدًا لإلقاء زميله قصيدة والده عنه غدًا في الإذاعة الصباحية.
وعده والده الشاعر أنه “سوف” ينظم له قصيدة تفوق قصيدة نظمها والد زميله في ابنه في إجازة نهاية الأسبوع، وقف ابنه وغادر إلى غرفته بصمت؛ لحق به والدُه مستفسرًا إياه.
بادرَ والده:
– كُنْتُ أظن أن والدي الشاعر يحتفظ بقصيدة قد كتبها عني! 

* كاتب من السعودية

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود