مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

* الشخص المستقر لا يمكن أن يكون شاعرًا عظيمًا * المعري إمامي، شيخي، ومرجعي الفكر …

الشاعر ياسر الأطرش: أنا شاعر الناس، وكائن ليلي لم أنم قبل الفجر منذ 30 عامًا

منذ 8 أشهر

751

0

* الشخص المستقر لا يمكن أن يكون شاعرًا عظيمًا

* المعري إمامي، شيخي، ومرجعي الفكري والأخلاقي

* للمعري عند العامة سيرة شعبية تختلف عن حقيقته

* أنا شاعر المحبة حيثما كنت، وسأبقى

* الأشكال الشعرية تعيش جنبًا إلى جنب في وئام

حوار_هناء الحويصي

“سنحيا ما دمنا نعيش، ونعيش ما دمنا نحبُّ” شاعر الحرية الدمشقي، ومقدم برنامج (ضمائر متصلة) على قناة سوريا، اشتغل في الصحافة ككاتب مستقل لأكثر من عشرين عامًا، صدر له كتاب (أكاذيب نحبها)، وإثنا عشر ديوانًا شعريًّا (لمهيار أرجوحة من حمام، وقلبي رغيف دم مستدير، قاموس الضوء، في هجاء البلاد، عمر مستأجر، من القش حتى سقوط الحمام، بين السر وما يخفى، كلا، أنا إنسان، وإني قليل فكوني كثيري، قصائد حب دمشقية، قشٌّ ضفائرها لعُشكْ)، وحاز على أكثر من ثلاثين جائزة أدبية عربية ومحلية.

 الشاعر/ ياسر الأطرش حلَّ ضيفًا قديرًا في شخصية العدد فأهلًا وسهلًا به

بين الشعر والكتابة والإعلام، كيف يوفق ياسر الأطرش بينهم وأيهم الأقرب لذاته وروحه؟

* الكتابة بأنواعها، هي عملي وحرفتي وهوايتي في آن، الشعر هو الأقرب لا شك، لا شيء ينافس الشعر في نفسي وأولوياتي، ولكن أجد في الكتابة الصحفية مساحة أوسع للتعبير عن القضايا الراهنة، تلك التي تحتاج تعبيرًا مباشرًا لا يحتمله الشعر، القضية مختلفة كليًّا ما بين الشعر والإعلام، بما في ذلك الصحافة الثقافية التي أشتغل فيها.. ولا يمكن لأي منهما أن ينوب عن الآخر أو يعوّضه. 

يرى مارسيل بروست” أن ما يمكننا من النظر عبر أجساد الشعراء ويتيح لنا رؤية أرواحهم، ليس عيونهم، ولا أحداث حياتهم، إنما كتبهم، حيث تود أرواحهم برغبة غريزية أن تخلد”، ما أكثر موضوع ترغب قصائدك بأن تخلده؟

* كلام بروست صحيح جدًّا؛ ذلك أننا لا نقول كل ما نريد، لا نستطيع، وربما لا نريد.. الشاعر كغيره من البشر لديه عوالم سرية لا يريد لها أن تصعد إلى السطح.. نضيف إلى ذلك التناقض الهائل الذي يحكم شخصية الشاعر، وهذا من طبيعة الشعر، فالشخص المستقر لا يمكن أن يكون شاعرًا عظيمًا، وقد اختصرها سيدنا المتنبي بقوله: على قلقٍ كأنَّ الريح تحتي     أوجهها جنوبًا أو شمالا

– هل يستطيع الشاعر فرض رؤيته وتخليد ما يريده أم الجمهور الذي يحكم وينتقي بالنهاية؟

أعتقد أن الجمهور هو الأقدر على فرض معادلته، فكثيرًا ما نكتب قصائد نظنها خالدة، ولكنها لا تلقى قبولًا واسعًا عند الناس، وعلى النقيض تشتهر قصائد ما كنا نظنها تشتهر!

بالنسبة لي، يغلب الطابع الإنساني الوجداني على قصائدي، وهو ما أحب أن يُؤثَرَ عني، وأعتقد أنني حققته إلى حد كبير.

– موضوع في برنامجك (ضمائر متصلة) لا تنسى انتفاضته الفكرية والاجتماعية؟

* في ضمائر متصلة، خضنا تجربة فريدة على مستوى البرامج الثقافية العربية، فخرجنا به من ضيق المعنى إلى رحابته… عندما نقول: برنامج ثقافي، يذهب فكر الجمهور إلى الأدب حصرًا، وهذه إحالة ليست صحيحة، فالأدب جزء صغير من الثقافة؛ لذا سعينا في ضمائر متصلة إلى توسيع الدائرة، فتحدثنا في علم النفس، والمجتمع، والسياسة، وكرة القدم، من باب ثقافي، وكان تقبل الجمهور المثقف عونًا ومشجعًا على مواصلة دفع الأقواس وتوسيع الهوامش.. وإن كنتُ أعتز بكل الموضوعات التي قدمناها في البرنامج، أرى الحلقات التي تحدثنا فيها عن مشكلات الأجيال هي الأهم والأجدى: (جيل بلا آباء، التطبيع اللغوي، العربيزية عند الجيل الجديد، التطبيع مع العنف، الاتجار بالأطفال المشاهير، تمدد ثقافة اليأس، الإبداع والذكاء الاصطناعي، المرأة والرياضة بين التسليع والتمكين…).

هل ترى أن أدباء القرن الماضي أفضل من أدباء اليوم؟

* لا شك في أن القرن العشرين كان من أزهى وأبهى عصور الشعر العربي على الإطلاق، ذلك أنه جاء بعد جفوة شعرية استمرت قرونًا، بعد القرن الخامس الهجري، خفت صوت الشعر العربي كثيرًا، ولم يستعد حضوره المعهود في الوجدان العربي إلا أواخر القرن التاسع عشر الميلادي ومطلع القرن العشرين.

أما عن أفضلية شعراء القرن العشرين، فلا يمكنني إطلاق حكم قيمة، نعم هم أساتذتنا، وهم شعراء عظام، ولكن أيضًا فلننظر كم كُرِّسَ لهم من اهتمام نقدي وإعلامي… سنجد ما كُتب عن شاعر واحد منهم (درويش أو نزار أو السياب أو الجواهري…) يساوي أضعاف أضعاف ما كُتب عن كل الشعراء المعاصرين ربما!

من جهتي، على المستوى العاطفي وليس النقدي، أرى أن شعراء القرن العشرين، يماثلون في الأهمية شعراء المعلقات وشعراء العصر العباسي الأبهى.

يقول إبراهيم جابر إبراهيم (أنا لا أفهم الناس الذين بلا طقوس، بلا عادات، بلا تفاصيل…)، ما طقوس كتابتك للقصيدة؟

* يبالغ الجمهور والشعراء على حد سواء في تخيل طقوس الكتابة، نعم هنالك طقوس، لكنها ليست بالصورة التي يتخيلها البعض.

طقوسي بسيطة مثل شخصيتي: أكتب غالبًا في الليل المتأخر، يجب أن يكون السكون تامًّا، لا أحد ولا صوت.. فقط.

– ما أثر رهين المحبسين على ثقافة وفكر ياسر الأطرش بما أن كلاكما من معرة النعمان؟

* المعري إمامي، شيخي، ومرجعي الفكري والأخلاقي في كثير من القضايا، هذا الرجل كان إعجازيًّا في علمه ولغته وزهده وفنونه الكثيرة.. ودليل عظمته حتى عند العامة، هو أنهم جعلوا منه شخصية أسطورية، فللمعري عند العامة سيرة شعبية تختلف عن حقيقته، وهذا شأن الناس مع الشخصيات العظيمة التي يريدون التباهي بها، يُسقطون عليها أحلامهم وأوهامهم، وأوزارهم أيضًا.

أنا قريب من مولانا المعري في زهده، هو زاهد وأنا مستغنٍ، قريب منه في عقلانيته، في يأسه من زمانه ومن كل الأزمان.. المعري عرَف الإنسان وعرَّفه، لم يكذب على نفسه ولا على الناس، ولكنه في الوقت نفسه لم ينتبذ مكانًا قصيًّا، بل ظلَّ أستاذًا يعلم الناس، أي ظل مؤمنًا بالإنسان والمعرفة، المعري يحب الناس ويكره الجهل، يحب الحياة ويكره الذين يتاجرون بالآخرة، وأنا كذلك.

ويكفيني منه قوله:

أما اليقين، فلا يقين، وإنما           أقصى اجتهادي أن أظنَّ وأحدسا

وهذا نحن والحياة، أقصى اجتهادنا الظن والحدس.

– “الليل قلبٌ من مطر نغفو عليه ولا ينام… الليل طول الليل يدعو أن على الناس السلام”، الليل واللون الأحمر عند الشعراء محببان بقصائدهم أكثر من غيرهما، ما سبب ذلك؟

* أحب الليل، أنا كائن ليلي، منذ ثلاثين عامًا لم أنم قبل الفجر، باستثناءات قليلة.. أما اللون الأحمر فأبغضه وأزدريه حدَّ تمني زواله، ليس بكل درجاته، أحب ألوانه الغامقة، أما لونه الواضح العادي فأنبذه ولا تحب عيني رؤيته.

أما عن محبة الشعراء له ولليل أيضًا، فالبواعث مختلفة، الليل طقس روحي يعرج فيه الشعراء إلى اشتهاءاتهم، أما اللون الأحمر فأظنه يرتبط بالعدوى، بالإرث المشترك الذي يصعب الفرار منه أو المروق عليه، وقد يكون البعض في هذا المقام غير نفسه لكي يجاري السائد والموروث.

هل أدب الهجرة أبلغ وأكثر عمقًا من بقية أنواع الأدب؟

ليس تمامًا، هو أدب مؤلم، ونحن نحب الألم، يؤثر فينا أكثر، نعبِّر عن إنسانيتنا بالتفجع لمآسي وآلام الآخرين، وهذا ثمن بخس لإظهار إنسانيتنا أو ادّعائها.. دائمًا أقول: إن المعنى الأسمى لا يخلق أدبًا أسمى بالضرورة، الأسلوب والقدرة التعبيرية لها الحصة الأوفى في هذا المقام، فكم من قضايا صغيرة حملها تعبير عظيم، وكم من قضايا كبيرة خذلتها المباشرة والشعبوية… 

مشاهير التواصل الاجتماعي عندما خرجوا من دائرتهم وتوغلوا إلى دائرة الأدب، هل بفعلهم هذا انتهكوا قدسية الكتاب؟

* انتهكوا كل شيء من قبل ومن بعد، هم طارئون على عالم الكتاب، لا خوف منهم هنا، الخوف كله هو من عملهم ذاته، أقصد الذين يقدمون المحتوى التافه حصرًا، الذين يعرضون حيواتهم في غرف النوم والمطبخ وحتى الحمام!

أما الكتاب فهو وسيلة المعرفة التي لن يعوضها أي شيء، تضمحل وتتعزز بحسب الزمان وأهله، لكنها لا تموت.. فيما يسمى عصر الانحطاط لم يتوقف إنتاج الكتب، بل أوجد حيلة للبقاء باللجوء إلى المختصرات والمؤلفات الشعبية، فغدا ما ظنناه عصر موت الكتاب، مرجعًا في الأدب الشعبي الذي يُعدُّ كنزًا اليوم.

لو كنت محكمًا لمسابقة أقمتها لدواوينك حتى تتبارى فيما بينها على مرتبة الشرف لنال ديوان ……….، وما السبب؟

* المعذرة، لا أستطيع التحديد، هذا يمكن أن تقوموا به أنتم: الجمهور والنقاد، أنا أحبها كلها بالتأكيد، وفي كل ديوان من دواويني الإثني عشر هناك قصائد أحبها كثيرًا.

“وأنا أحبك حين يضحك ياسمين في دمشق    وحين تهطل فوق بغداد القنابل… بغداد منك وأنت مني فلنحاول أن نغني… كي يظل غناؤنا معنا يقاتل”، هل المغترب أكثر إحساسًا بلذة الحب والحياة وذلك هو سبب غلبة الحب على قصائدك؟

* هذه القصيدة كتبتها وأنا في بلدي الذي لم أغادره كليًّا إلا في العام 2011، لكن دائمًا كنتُ مغترباً داخليًّا، الأوطان غير العادلة لا تجعلنا مستقرين أو آمنين نفسيًّا وعاطفيًّا؛ لذا نجدنا مندفعين أكثر لتعويض النقص بالحب، نعوض نقص المال وغياب الأهل والمجتمع والألفة، بالحب، باستجداء الحب.. أنا شاعر المحبة حيثما كنت، وسأبقى.

هل القصيدة تستطيع أن تصنع لها أعداء؟

بالتأكيد، القصيدة مصدر من مصادر الجمال أولًا، وهذا يجعلها تلقائيًّا في مواجهة أعداء الجمال.. مرة سألني رجل عسكري: لماذا الشعر؟ وهذا سؤال يسأله كثير من الناس، قلت له، والقول لأديب فرنسي: الأمة التي ليس لديها شعراء، تموت من البرد! 

 

– في حلقة (الأدب وحقوق الإنسان) من (ضمائر متصلة) تطرقت لعجز الأدب العربي عن مواكبة تحديث قوانين حقوق الإنسان وتفرعاته، هل تغير وضع الأدب العربي حاليًا، أم ترى أنه ما زال يعايش حقوق الجيل الأول؟

* أعتقد أنه يواكب، على مستوى الرواية أكثر، الرواية العربية صارت في موقع متقدم لجهة معالجة أكثر الموضوعات جدة على مستوى حقوق الإنسان، غالبًا من وجهة نظر متسقة مع ثقافة المجتمعات العربية ومتحالفة معها ضمنيًّا، وأحيانًا بعيدًا من تلك الثقافة، وهذا ما يضعنا أمام تحدٍ آخر.. أيضًا تقوم الفنون البصرية بدور كبير في هذا الباب، السينما والدراما والمسرح… أما الشعر فهو ليس معدًّا لهذا الدور أصلًا، إثقال الشعر بالفكر مقتلة.  

– ماذا أضاف لقب (شاعر الحرية) لك؟ 

فرحةً واعتزازًا، لقبني الناس بألقاب شتى، كلها قريبة مني، شاعر الحرية، شاعر الحب، شاعر الناس… وهذا الأخير هو الأقرب لي، لأنه يمثلني أكثر، يمثلني على الدوام، ليس عابرًا ولا مؤقتًا ولا مرتبطًا بمسابقة أو ظرف تاريخي… أنا شاعر الناس.  

حقائق نص “إنها دمشق يا………”، وقصيدة “تعلق قلبي طفلة عربية”، وقصة” ذبح الطائي لفرسه من أجل ضيوفه”، المذكورة في كتابك “أكاذيب نحبها”، تكشف لنا أن تاريخنا الأدبي به الكثير من اللغط والتشويه، على من يقع عاتق التصحيح والتبصير؟ 

* عندما بدأت رحلتي في تحقيق بعض قصائد الشعر العربي، فوجئتُ حدَّ الصدمة، حدَّ الرعب… يا إلهي كم نعيش زيفًا تراثيًّا، ليس على مستوى الناس والجمهور العادي، إنما على مستوى المتخصصين للأسف.

بعض المتخصصين يتبنون الرواية السائدة من غير تمحيص غالبًا، يكتفون برواية جاءت في كتاب متأخر أو سارت على ألسنة الناس، ولا يبحثون في المصادر الأوثق والأقدم التي صارت متاحة إلكترونيًّا ولا يتطلب الحصول عليها السفر والبحث والعناء، كما كان أيام محققي الكتب ما قبل الكتاب الإلكتروني.

فعلى سبيل المثال، لم أجد مواد كثيرة وازنة، تنفي نسبة قصيدة “تعلق قلبي طفلة عربية” إلى امرئ القيس، علمًا أنها من المدسوس الصريح الجلي على الشاعر، وقد سار ذكرها بين الناس لأنها لُحنت مرتين.. وبالنسبة لقصيدة “يموت ببطء” المنسوبة لبابلو نيرودا، فآلمني أن كثيرًا من أبرز شعراء قصيدة النثر العرب ينسبون القصيدة للوركا، ما يدل على أنهم لم يقرؤوا أعماله!

يهتم الشاعر برأي من، القارئ أم الناقد؟ 

أهتم بأن أكتب ما أرضى عنه، ليس إلا… ما يمثلني لغويًّا وفنيًّا وإنسانيًّا وأخلاقيًّا، بعدها سيجد قبولًا لدى كثير من الناس والنقاد، ولن يجد قبولًا لدى آخرين. هذه حقيقة الفن والأدب.

– “كيف شِعرٌ يجيء دون قتال … أجمل الشعر بالأظافر يكتب”، هل ترى أن أبهر القصائد ما كانت عن الحروب والألم أم عن الحب والأمل؟

“سنحيا ما دمنا نعيش، ونعيش ما دمنا نحبُّ” قصيدتي الأشهر، جعل منها الجمهور أيقونة في الحب والأمل.

وقصيدتي:

يا حزنَ يعقوب يا حزنًا على ولدِ    ماذا تقول لمن يبكي على بلدِ..

جعل منها الناس أيقونة في الحزن والفقد والتفجع.

إذن، لكل مقام قصيدة أيقونة.

– كان الشعراء بدرجة أولى هم من ينتظرهم المجتمع لنصرة قضية أو تعليقًا على حدث، ولكن في عصرنا الحالي أصبح مواكبة الأحداث يتم مباشرة عن طريق جملة أو صورة معبرة، هل تدنى أثر وأهمية مشاركة القصيدة للأحداث؟ 

* أبدًا، دور الكلمة لا يضمر.. يقولون إنه عصر الصورة، وأقول معهم بهذا، ولكن الكلمة هي صوت القلب، صوت الوجع، صوت الضمير، صوت الأشياء التي لا تُفسر.. أحد مهام الشعر العظمى أن يقول الشيء الذي لا يمكن قوله، تحدي الاستحالات وجعلها من الممكنات مهمة شعرية.. في الحروب والكوارث والنكبات، نجد الصور الواضحة المعبرة النازفة، مرفقة بتعليق، بكلام، بشعرٍ غالبًا، حتى فن الكاريكاتير المتمرد على النص، لم يستطع أن يستغني عن الكلام، ولن يستطيع.

– “ هنا في قعر كأسي رؤى لا تنضب، رؤى يحيلها فراغ الكأس، أحيانًا إلى مآتم شفافة، تولول فيها غصات من زمن مبتور…” هذه القصيدة تعود إلى أحد طلائعي الشعر السيالي (أورخان ميسر). عندما ابتدأت قصيدة النثر بزرع بذورها في العالم العربي هاجمها النقاد أشر هجوم، كيف أصبح حال قصيدة النثر في عصرنا الحالي؟ وما رأيك بها؟

* أعتقد أن قصيدة النثر مكّنت لنفسها وتموضعت حيث يجب أن تكون، المشهد الآن يبدو أقرب إلى المثالية، الأشكال الشعرية تعيش جنبًا إلى جنب في وئام، التصالح حصل بسبب التطور النقدي والوعي به، الحرب على قصيدة النثر انتهت منذ زمن، والخلافات الآن تبدو في حدودها المفيدة، ضمن الصراع المنطقي الذي لن ينتهي على تسيد المشهد وادّعاء تمثيل الراهن والمعاصر…

نطمع بكرم ابن إدلب في تخصيص هذا الحوار بنص جديد من نهر شعرك المتدفق تقدمه لقراء فرقد

جدل

يعصى، فيسهرُ إذ أنامُ

بي رقدةٌ وبه ضرامُ

يمضي إلى ما يشتهي

من صبوةٍ.. وأنا ألامُ

ويراودُ القفص الذي ربَّاه

إنْ جدَّ الهُيامُ:

دعني أغادرُ لا سبيلَ للانتصارِ

ولا سلامُ

جدلٌ سينمو بيننا

ما دام في الدنيا كلامُ

من قال إنَّ النفسَ واحدةٌ

وجوهرها انسجامُ؟!

جُمعَتْ بها المتناقضاتُ

كأنَّ توءمها الخصامُ

معنًى يضلُّ وآخرٌ يطغى

وبينهما وئامُ

والنور يسري في مساربها

ويحرسه الظلامُ

وجنودها المتحاربونَ

هم الأشقاء اللزامُ

قلب يدقُّ وحارسٌ عقلٌ يشيرُ

فمن إمامُ؟

في العالم المرصوف بالآلام

والدنيا زحامُ

غامت مفاهيم الحلالِ

وغاص في دمها الحرامُ

يا جاحدَ الدنيا البصير

ويا مُعرِّيها.. السلامُ

فتّحتَ أعيننا ونمتَ

وكان أسلمَ لو ننامُ

شوكٌ على سُرُر اليقين نما

وشكٌّ واصطدامُ

متقابلَيْنَ: النفس مصيدةٌ

وفي الروح الحمامُ

والعقلُ فوقهما.. عليهِ الحدُّ

-عن شَبَهٍ- يقامُ

فلتغفري لي هذه الفوضى…

أنا رجلٌ غَمامُ

أمشي إلى حتفي القريب

كمن به لعب الغرامُ

متأبطًا عمري.. يدي سفرٌ

وأجنحتي رخامُ

في كل منفًى قطعةٌ مني

وفي جسدي اعتصامُ

ضدَّ احتكار الأرضِ للموتى

ومَنْ بالقيدِ هاموا

ضدَّ انزياح البيت بالمعنى

لتشملَهُ الخيامُ

ضدَّ انحناء الواثقينَ

وضدَّ من ضِيموا وضاموا

ضدَّ السجون جميعها:

الأسماءُ والدمُ و”الدوامُ”… 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود