مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

فاطمة الجباري قالتها ندى وهي تنظر إلى وجهها في المرآة… أحب الحياة، وأستمتع …

“اللي انكسر ما يتصلح”

منذ 7 أشهر

155

0

فاطمة الجباري

قالتها ندى وهي تنظر إلى وجهها في المرآة…

أحب الحياة، وأستمتع بإشراقة الصباح وزقزقة العصافير، وصوت المذياع على إذاعة القرآن الكريم.

صوت شجي يتسلل لروحي، فتسري الطمأنينة لقلبي.

ما أجمله من صباح مع إطلالة وجه أمي الطيب وهي تردد على مسامعي:

″يا رب احفظها وسخر لها الطيبين من خلقك″.

أمي التي فقدت أبي في حادث سير وهي في ريعان شبابها، ولم تفكر في الارتباط والزواج مجددًا.

كانت تقول: أنت عائلتي وسعادتي وأصدقائي أنت حياتي.

كانت أمي كل شيء لي في الحياة عندما أتعرض لموقف في الجامعة أذهب إليها، وأرتمي في حضنها، وأحكي لها وأستمع لرأيها.

لقد كانت أمي هالة من نور تضيء لي طريقي بدعائها ونصحها وتوجيهها وتربيتها.

دائمًا تقول: اسمعي منّي يا ندى.

تعلمي أن تقولي لا!

إذا كان الموقف يجرحك ويهدر كرامتك، ويقلل من احترامك لنفسك وثقة الآخرين بك. يا ابنتي أحيانًا نحتاج أن نقول: لا…

لأن هناك من يرى في النعم قوته؛ فيتمادى ويقسو ويظلم ويقهر ويرى في النعم ضعفك فيحرجك ويجرحك.. كوني طيبة مع من يستحق الطيب.

أما اللئيم فطيبتك تدفعه للتمادي.

كلنا نحب العلاقات القائمة على مبدأ “عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به”.

كنت أحتاج إلى سماع هذه النصيحة. فقد كانت لي صديقة تعرفت عليها من بداية الدراسة الجامعية. كانت البداية ككل صداقة استلطاف، تعاون، تبادل الأحاديث.

كنا نتقاسم اللقمة معًا.

أساعدها وتساعدني، حين تغيب أحدنا عن المحاضرة تكون الأخرى تسد مكانها، وتنقل لها المحاضرات. كنت طالبة متفوقة دراسيًّا، وكانت صديقتي مستواها متوسطًا، وكنت أحاول مساعدتها قدر الاستطاعة.

أمضينا وقتًا على ذلك، لكن يبدو أني خدعت بها، ولم تكن صداقتها حقيقة، وهذا ما كشفته لي الأيام والمواقف.

كنت أتحدث مع زميلة أخرى في الصف، وهي تنظر لي من بعيد، كانت نظراتها لي غريبة جدًّا.

في اليوم التالي ذهبت كعادتي إلى الجامعة.

لكن صديقتي لم تحضر هذا اليوم.

اتصلت بها حين عدت إلى المنزل عدة مرات، لم ترد!

قلقت عليها كثيرًا.

ليس من عادتها أن تتجاهل اتصالي!

وهذا ما زاد قلقي. غابت تقريبًا ثلاثة أيام، وفي كل يوم أكرر الاتصال، ولا تجيب ويزداد قلقي.

في يوم الأربعاء وجدتها في الصف، وأقبلت عليها أريد السلام والاطمئنان عليها.

لكنها أدارت وجهها حتى لا تسلم!

حينها بدأت أشعر بشيء من الإحراج، والمرارة.

ماذا حدث حتى تعاملني بهذه الطريقة؟!

مضى هذا الأسبوع، وفي رأسي الكثير من الأسئلة التي أريد لها إجابة!

ماذا فعلت لها حتى تقابلني هكذا، وتتجاهل وجودي أمام زميلاتي في الصف؟!

بدأت ألحظ بقية الزميلات في الصف يتجنبون الحديث معي. عدت إلى المنزل، وحدثت أمي بما حدث من صديقتي التي كانت قريبة جدًّا وكيف أصبحت تعاملني هكذا بلا سبب وأنا لم أفعل بها شيئًا.

قالت أمي:

إذا دخلت الصف ألقي على الجميع تحية الإسلام:

“السلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.

وتابعي محاضراتك وتجاهلي وجودها

ولا تكترثي يا ابنتي بتصرفها هذا

أنتِ لم تخطئي في حقها.

طلبت من الأستاذة أن أنتقل إلى صف آخر.

قالت: نحن في نهاية العام، وذلك غير ممكن الآن،

إن شاء الله مع بداية العام الدراسي الجديد.

مرت الأيام والسنوات الدراسية ومع الوقت بدأت أنساها، وأنسى ما فعلته.

في السنة الأخيرة من دراستي الجامعية. حدثتني إحدى الزميلات من الصف السابق عمن كنت أعتقد أنها صديقتي!

قالت: ندى أعتذر منك جدًّا.

أنتِ إنسانة محترمة جدًّا تركت الصف، وتحملت نظراتنا القاسية وكلامنا في ظهرك، وصدقنا كل ما قالته صديقتك عنك.

لكن اليوم ظهرت حقيقتها، وعرفنا لماذا فعلت ذلك بكِ.

تصدقين أنها قالت لي أنا ابتعدت عن ندى؛ لأنها تتحدث مع مريم في وجودي، وتضحك معها وكأني غير موجودة.

قلت لها: وما المشكلة في ذلك؟

قالت: لا لا…

أنا أريدها لي وحدي.

أنا أغار عليها…

أعرف أنكم كلكم تحبون ندى؛ لأنها جميلة ومتفوقة حتى المعلمات لا يخفين حبهم لها.

وأي واحدة تتحدث منكن مع ندى ستكون عدوتي.

أنتن مخدوعات في ندى…

ندى ليست متفوقة، بل غشاشة تغش في الاختبارات.

قالت ندى:

أرجوك لا أريد أن أسمع شيئًا عنها ولا عما تقوله عني.

كانت صديقتي وانتهت صداقتنا!

أراد الله بي خيرًا أن أظهرها على حقيقتها وأبعدني عن هذه العلاقة المسمومة.

لقد أصبحت صفحة ممزقة من صفحات الحياة ودروسها.

قبل الختام:

هناك في الحياة فترات انتقالية لا يمكن اجتيازها دون أن يموت شيء ما بداخلك.

*كاتبة سعودية

الكلمات المفتاحية

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود