مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

إعداد_أحلام الجهني الإذاعة صوت “الأصالة” وصدى “العراقة” …

الإذاعة السعودية.. خزائن إعلامية وكنوز معرفية

منذ 9 أشهر

381

0

إعداد_أحلام الجهني

الإذاعة صوت “الأصالة” وصدى “العراقة” وتلك المهنة العتيقة بأصول المهنية وأسس الاحترافية تتجلى؛ لتظل جامعة مفتوحة روادها من أصحاب الاستماع وأهل الاستيعاب ومحبوها من خاصة المعرفة وذوي الثقافة وعشاقها القادمون إليها على جناح الشغف.

صمدت رغمًا عن مساحات التقنية المفتوحة لتكون الخيار الأمثل للذائقة البشرية متجاوزة كل وسائل الجذب الإلكتروني لتكون في الموعد وأمام المشهد، كواجهة إعلامية مضيئة تعلو بها الهمم وترتقي بها المهام في ضياء مشرق حافل بالمعلومة الصادقة والمعرفة المنتظرة.

٧٣ عامًا من الأمانة والمصداقية والتطور والإذاعة تحتل الأسماع وتستوطن الفائدة، من ذلك الوهج المضيء والبداية الساطعة إصدار  مؤسس بلادنا  جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن طيب الله ثراه، يوم الثلاثاء 23 رمضان 1368هـ الموافق 19 يوليو 1949م، تضمن القرار وضع الإطار العام للإذاعة، وأكد ضرورة التزام الصدق والأمانة، والواقعية، والالتزام بالموضوعية، وضرورة الاهتمام بالأمور الدينية، وإذاعة القرآن الكريم والمواعظ الدينية.

ونسبت فكرة نشأة الإذاعة إلى الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله، حين كان وليًّا للعهد، حيث عرض الفكرة على والده الملك عبدالعزيز، فوافق على الفكرة، وكلف معالي وزير المالية حينها عبدالله السليمان ليقوم بتنفيذها بإشراف الأمير فيصل بن عبدالعزيز، نائب الملك في الحجاز، وأنشئت أول محطة إذاعية سعودية في مدينة جدة، حيث بدأ إرسالها يوم التاسع من شهر ذي الحجة 1368هـ الموافق الأول من أكتوبر 1949م وهو يوم الوقوف بعرفة، وشهدت كلمة للملك عبدالعزيز ألقاها نيابة عنه الأمير فيصل بن عبدالعزيز تضمنت تهنئة الحجيج بأداء مناسك الحج، والترحيب بقدومهم إلى الأراضي المقدسة. 

وذلك تأكيدًا للدور المهم الذي لعبته هذه الوسيلة على مدى قرون في تثقيف الشعوب ونقل الأحداث إلى كل المناطق النائية البعيدة، أول إرسال إذاعي رسمي من مدينة جدة عام 1949 يوم عرفة بدأ الإرسال الفعلي المستمر لإذاعة جدة، ليعد هذا اليوم بداية انطلاق أول إرسال إذاعي رسمي من مدينة جدة لأول مرة في تاريخ المجتمع السعودي.

تلك المحطة، كانت تعمل على الموجة القصيرة ولا تتجاوز قوتها 3 كيلووات، واقتصرت في البداية على بث الأخبار الرسمية والبرامج الدينية مع إذاعة بعض الإنتاج الأدبي كالشعر والمقالة، فيما لم تكن تتجاوز مدة الإرسال ثلاث ساعات يوميًّا.

هيئة مستقلة:

بمرسوم ملكي أصدره الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله عام 1955، ليكون بمثابة المرسوم التأسيسي للإذاعة، أصبحت الإذاعة السعودية هيئة مستقلة، مرجعها رئيس مجلس الوزراء الذي يتولى انتداب أحد الوزراء للإشراف على شؤون الإذاعة.

شهدت الإذاعة تحسينات كبيرة بعد عدة سنوات من تأسيسها، لا سيما بعد تنفيذ وزارة المواصلات لمشروعات كبرى بهدف تطوير نظام الاتصالات الهاتفية والبرقية، عدا تعاقد السعودية مع ثلاث شركات ألمانية، لإقامة محطة إرسال بجدة تبلغ قوتها 50 ألف واط.

وما إن شارف عام 1964 على الانتهاء، حتى أقيم مجمع ضخم للإرسال جنوب شرقي جدة، يحوي جهازي إرسال على الموجة القصيرة قوة كل منهما 50 ألف واط، ومثلهما على الموجة المتوسطة بقوة 50 ألف واط و100 ألف واط، ما أسهم في حدوث تقدم كبير في مجال الخدمة التي تقدمها السعودية في المجال الإذاعي.

محطتا الرياض والدمام:

استمر البث الإذاعي في السعودية منذ بدايته لمدة 16 عامًا من استوديوهات جدة فقط، ليتم إنشاء أول محطة إذاعية في الرياض تضم جهازي إرسال على الموجة المتوسطة قوة كل منهما 600 ألف واط، حيث كانت فترات البث في المحطة الجديدة تستمر لمدة 16 ساعة يوميًّا.

بعدها بعام، أنشئت محطة إذاعية ثالثة في الدمام تحوي جهاز إرسال قوته 100 ألف واط، وكانت تغطي منطقة الخليج العربي كاملة.

ولأنهما كانتا تبثان البرامج الصادرة نفسها من استوديوهات الرياض والدمام، أصبحت إذاعة الرياض تستخدم نداء “إذاعة المملكة العربية السعودية من الرياض والدمام”، غير أنه عام 1972، حذفت كلمة الدمام ليبقى النداء “إذاعة المملكة العربية السعودية من الرياض” على هذا الحال إلى اليوم، فيما استمرت عمليات تطوير محطتي الإذاعة في كل من جدة والرياض من حيث الأجهزة ونوعية البرامج وساعات البث.

توحيد البث الإذاعي:

وخلال عام 1979 تم توحيد البث الإذاعي من محطتي جدة والرياض تحت اسم “إذاعة المملكة العربية السعودية” من الرياض، وذلك عبر برنامج بث مشترك يرسل لأكثر من 20 ساعة يوميًّا، إلا أنه تم فصل إذاعة جدة عن إذاعة الرياض عام 1983؛ ليصبح هناك برنامج عام يبث من إذاعة الرياض وآخر يبث من إذاعة جدة.

ووصل بث الإذاعة السعودية إلى جميع مناطق السعودية والدول العربية المجاورة، وأوروبا، وأميركا الشمالية وشمال إفريقيا على موجات قصيرة ومتوسطة، فيما تبث برامجها عبر الأقمار “FM” وموجات الاصطناعية، التي تمكن المستمع من استقبالها عبر أجهزة التلفزيون الفضائي، إلى جانب الشبكة العالمية “الإنترنت”. 

واليوم تقف خمس إذاعات رسمية هي:

  • إذاعة جدة: بدأت بثها عام 1368هـ وهي إذاعة منوعة تهتم بالشباب والأخبار والترفيه، وتبث على مدى 24 ساعة على كل الموجات وشعارها (على هواك). 
  • إذاعة الرياض: بدأت الإذاعة عام 1384هـ وتبث على مدى 24 ساعة على كل الموجات والأقمار الصناعية لجميع أنحاء العالم، وهي إذاعة عامة رسالتها الأخبار والتثقيف والترفيه وشعارها (صوتك مسموع).
  • إذاعة القران الكريم: بدأت بثها عام 1393هـ وتهدف الى بث تلاوات القران الكريم وتفسيره وأحكامه وتعليم قراءاته ونقل المسابقات المحلية والدولية الخاصة بحفظ وتلاوة القران الكريم، ويصل بثها لجميع أنحاء العالم على كل الموجات والأقمار الصناعية، وتبث على مدى 24 ساعة للقراء من غالبية الدول العربية والإسلامية.
  • إذاعة راديو السعودية: إذاعة عامة باللغة الإنجليزية، وتهتم بالأخبار والتثقيف والترفيه، وتستهدف الجاليات المقيمة في المملكة والناطقة باللغة الإنجليزية.
  • الإذاعة الدولية السعودية: انطلقت في بثها عام 1369هـ، وهي مجموعة إذاعات موجهة لدول العالم وتبث على الموجات القصيرة والمتوسطة بعدة لغات هي (الفرنسي – الاوردية – الإندونيسية – الفارسية – التركية – التركستانية – البنجالية – السواحلية).
  • إذاعة نداء الإسلام: بدأ بثها عام 1381هـ وتهدف إلى التعريف بالإسلام والتوعية الدينية والدعوية بخطاب إسلامي معتدل مستند على القرآن الكريم والسنة النبوية، وتستهدف الوصول إلى المسلمين في جميع أنحاء العالم، وقد شكلت هذه الإذاعات نوافذ معرفية ومنابر دعوة إلى الله، واستمدت برامجها من الأخلاق المحافظة في الدولة السعودية.

ولم تغلق الدولة الأبواب في وجه الراغبين في تقديم خدمة الصوت الإذاعي؛ فأتاحت إنشاء العشرات من الإذاعات المتخصصة في المجالات الرياضية والاقتصادية الشبابية، وأتاحت هذه الإذاعات الفرصة لأبناء الوطن لتقديم مواهبهم وإبداعاتهم، ووضعت الدولة الأنظمة واللوائح لعمل هذه الإذاعات.

ما زالت المملكة تقف في مقدمته بعطاء وخبرات ما يقارب السبعين عامًا من العطاء المتدفق المستمر في مجال الصوت والتأثير، الذي لا يزال يحتفظ بألقه رغم تجدد التكنولوجيا وتعاقب السني.

رواد الإذاعة في السعودية:

لا شك أن كل مجال يكون له عدد من المجددين وأصحاب الفكر الإبداعي، ومن ضمن المجددين والرواد في الإذاعة السعودية:

-عبدالله علي الزامل.

هو شاعر وإعلامي ومؤرخ ومن أوائل المشاركين في إعداد البرامج التلفزيونية والإذاعية، وهو أحد مؤسسي الصفحات المعنية بالفنون الشعبية في الصحافة السعودية، وقد كان مهتمًّا بإعداد البرامج ذات الطابع الشعبي، وقد أشرف على لجنة الأدب الشعبي في الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، وله كثير من المؤلفات في الشعر والتاريخ، كما أنه مارس الفن التشكيلي والرسم الساخر.

-أمين سالم رويجي. 

هو كاتب وإعلامي سعودي، وقد اشتهر بتقديم برامج الأطفال على تلفزيون جدة وعُرف ب”بابا أمين”، وقد عُرف بكتاباته الاجتماعية الساخرة التي تتسم بالفكاهة والمرح.

-نجدية الحجيلان. 

كانت نجدية أول صوت إذاعي نسائي ينطلق عبر الإذاعة السعودية، وذلك مطلع الستينيات، وقد عملت في الإذاعة لمدة أربعة أعوام وقامت بتقديم برنامج “البيت السعيد” وبرنامج “صباح الخير”، كما قامت بعمل المونتاج للبرامج الأجنبية. والجدير بالذكر أنها لم تدرس الإعلام، لكنها حصلت على دورات في محطة “بي بي سي” والتليفزيون الإيطالي.

-فاتنة شاكر. 

كانت أول سعودية تعمل بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية في السعودية بعد حصولها على شهادة البكالوريوس من القاهرة عام 1962، كما حصلت على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع السياسي من أمريكا عام 1972، وهي أكاديمية إعلامية، وتعتبر من أوائل الذين انضموا إلى الإذاعة السعودية.

-أسماء زعزوع. 

انضمت أسماء إلى الإذاعة عام 1962، وكانت أول سعودية تقدم برامج أطفال عبر الإذاعة وقد اشتهرت ب”ماما أسماء”، وتم تكريمها عام 2006 في مهرجان الخليج التاسع للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني في البحرين.

أشهر البرامج الإذاعية قديمًا:

كان هناك عدد من البرامج الإذاعة التي تركت أثرًا كبيرًا في نفوس المواطنين السعوديين وما زالت محفورة في ذكراهم وأشهرها:

  • برنامج ماما أسماء.
  • طريق النور.
  • برنامج تحية وسلام.
  • الأرض الطيبة.
  • برنامج الأطفال.

صرح أحد المذيعين  في صحيفة الوئام عن تجربته الفريدة وأهم الأحداث التاريخية للإذاعة، المذيع والفنان الشامل ناجي محمود طنطاوي، وهو من عاش مرحلة طفولته بالإذاعة واستمر بها حتى الآن، عاصر أحداثًا كثيرة مرت بها الإذاعة وشهد مرحلة تطورها بعد أن كانت تبث برامجها حتى وقت المغرب، ثم بعد ذلك نداء الإسلام إلى صلاة العشاء. وقال إن الإذاعة قدمت برنامج الأطفال وكان من أفضل البرامج ويذاع الثلاثاء والخميس التاسعة صباحًا للوالد الراحل عباس فائق غزاوي رحمه الله “بابا عباس”، وهي المرحلة الأولى للبرنامج، والبداية الحقيقية مع الإذاعة كانت عند بلوغي سن الثامنة، حيث قررت متابعة برنامج ”ألحان من الجزيرة العربية” الذي قدمه مطلق الذيابي. 

في تلك الفترة كان الملك سعود رحمه الله، خارج المملكة للعلاج، وعندما عاد للوطن قدمنا أنشودة ”عودة فرح”  كلمات الموسيقار  جمال الكاف، الذي أعجب بصوتي وطلب مني أن أغنيها وتم تدريبي في فترة الظهر بعد نهاية الدوام وذهبنا لمنزل  الفنان “السيد المحضار”  وكانت تذاع يوميًّا في الصباح من خلال برنامج  ”طلابنا في الميدان”  ليوسف خميس سويدان تقول كلماتها:

مرحباً أهلًا  وسهلًا    بالمليك حائز الفضل دائمًا 

نسأل المولى أن يطيل له العمر كم له من مكرمات   ومزايا وصفات… 

ويواصل: (بعد ذلك جاءت المرحلة الثانية مع الأستاذ عبدالله راجح مدير التنفيذ في تلك الفترة وأطلق على البرنامج ”بابا وليد”، بعد ذلك تحول البرنامج بالاسم نفسه إلى الأستاذ طلعت قطان. ثم جاءت الفترة الرابعة التي استلمت فيها السيدة أسماء ضياء البرنامج  وتغير اسم البرنامج إلى ”ماما أسماء” وهي حرم الأديب الراحل عزيز ضياء.

الإذاعة الضياء الساطع بالأناقة الإعلامية التي تطرب الآذان وتسعد الأنفس وتضيف إلى أرصدة المعرفة كل تطور وابتكار وتجديد.

عقود والإذاعة في محاكاة للواقع واتجاه للمستقبل مع ارتهان عتيق بالماضي، لتبقى الشاهدة الصامدة في كل مراحل التطوير ومحطات التقدم وسط تنوع الأداء وكفاءة المنتج واعتماد على الأدوات الحقيقية لرسم الإبداع في صفحات المشهد الإعلامي، حيث تبقى روحها الخاصة العبير الذي يملأ فضاءات المعرفة بكل جديد ومفيد.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود