الأكثر مشاهدة

عصام البقشي يقول الراوي يا سادة يا كرام: إنه في ذلك الوقت والزمان يُحكى أن شخصًا …

التيس المفقود

منذ 5 أشهر

86

0

عصام البقشي

يقول الراوي يا سادة يا كرام:

إنه في ذلك الوقت والزمان يُحكى أن شخصًا رق قلبه لمجموعة من (العميان) الذين يدرسون في “معهد النور للمكفوفين” بحي التعاون بالهفوف – (الأحساء) في ذلك الزمن.
وعزم أمره على أن (يولم) لهم وليمة بتيس صغير ذي لحم وفير لم يخالط الماعز ولم يأكل القرطاس أو مخلفات الشعير.

وعزم أمره أيضًا على أن يكون الغداء على كثبان الرمال المحيطة بعين “أم سبعة” الجميلة.. 
وهي من العيون الجارية بالأحساء.

استأجر لتلك المهمة سيارة أجرة (وانيت) تأخذهم إلى هناك ترجعهم؛ لأن من يملك سيارة في ذاك الزمن قليل جدًّا.

تجمعوا بعد صلاة الظهر وركبوا السيارة وتوجه بهم إلى عين “أم سبعة” وقد ملأوها بالأغاني والأهازيج والفرحة و(اللواليش).

وصلوا إلى المكان ونشروا السعادة والفرحة فيه.

فرشوا فرشتهم وأنزلوا القدور والصواني ومستلزمات رحلتهم على بساطة تجهيزاتهم.

بعد أن غنوا وأنشدوا ورقصوا و(فرفشوا)،
جلسوا في المكان الذي اختاروه لوجبتهم، استأذن صاحبنا المضيف من ضيوفه خمس دقائق لقضاء حاجة له خلف أحد الكثبان الرملية.

عندما غادر الرجل لقضاء حاجته، غادرت النوايا وتبدلت الحكايا و(حيكت) المؤامرة وكانت النهاية.

تلمس هؤلاء (العميان) الطيبون حتى وجدوا قدر اللحم، (التموا) حوله كما الفراشات حول زهرة الجلنار، وقضوا على ما فيه قضاءً مبرما كاملًا متممًا، لا خوفًا ولا وجلًا، حتى لم يبق في القدر شيء من مرق أو بهار، بقي القدر فارغًا إلا من بقايا أعجاز عظام خاوية.

لم يبقوا شحمًا أو لحمًا و(لحسوا القدر لحسًا). 
وأرجعوا القدر كما كان وكأن شيئًا ما كان.

عاد صاحبنا من حاجته وبدأ يستعد لتقديم وجبته.

عندما فتح قدر اللحم؛ صُدم مما شاهد وكاد من الدهشة أن يُغمى عليه.

عظام رميم وبقايا ما كان في يوم ما تيسًا عظيمًا، (يدبو) على الأرض ويأكل التبن ويتلذذ بالبرسيم.

التفت ناحية جماعة (العميان) فرآهم جالسين بهدوء وعلى وجوههم يرسمون قمة البراءة والمسكنة وكأنهم حمائم السلام والمرحمة.

هنا تفجرت قريحة صاحبنا عن قصيدة
“استنبطها” من أعماق (شناغيف) قلبه
-ومن هنا جاء اسم الشعر النبطي-
يقول مطلعها:

يا معشر (العميان) قوموا 
فالعز فيكم لا يدومُ

لعن اللهُ سيارةً حملتكمُ
حطمها العظيمُ

آااااااه على تيس (فلفصتموه)
وقد كان نعم البهيمُ… 

إلى آخر القصيدة. 

يقول الراوي:
كان وهو يلقي القصيدة يسمع له أنين يقطع (نياط) القلب خاصة عندما يقول كلمة:
آاااااه على تيس…

سمعها من كان فوق جبل الشعبة! 

راح التيس
وراحت العزومة
ورجع صاحبنا وهو يرجز ويقول:

(كم حفرة منها السلامة غنيمة).

* كاتب من السعودية.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود