سهام السعيد

ها قد رحل رمضان.. رحل شهر الغفران.. لملم لحظاته المباركة ومضى ملوّحا للقاء جديد.. فهل ترانا ما زلنا نتنسّم عبيره.. أما زلنا ننهل من نقاء مورده؟ ونطبّق مبادئ أخلاقه الرّفيعة؟
علّمنا رمضان أن نروّض أنفسنا على تحمّل الجوع.. لنشعر بالجياع والمحرومين.. أن نعوّدها الانتظار حتّى يحين موعد الإفطار لنتعلّم معنى الصّبر وقيمة الثّبات.. فهل ترانا ما زلنا نسير على هدي رمضان؟!
أم أنّ امتلاء البطون صمّ آذاننا عن أصوات المعدات الخاوية؟!
هل فوضى الانشغالات العبثيّة جعلتنا نحيد عن نظام رمضان وتنظيمه لأوقاتنا؟! هل ما زالت النّوايا الخيّرة تحثّنا على إتمام عاداتنا؟ أم أنّ مغريات الدّنيا ولهوها وسوست لنا بأن نطلق العنان لأنفسنا بعيدًا عن عن التّقييد وما فيه من مجاهدةٍ للنّفس؟!
جاء رمضان ليهذّبنا عمرًا.. لا ليسجّل حضورنا طائعين، في أيّامه الثّلاثين.. ونمضي غائبين فيما بقي من أيّام العمر.. جاء لينقّي ثوبنا ويطهّر روحنا. 
هي الحياة قصيرةٌ.. فلْنكن أوفياء لنفحات رمضان.. متشبّثين بتعاليمه.. متمسّكين بعباداتنا.. الجوع طغى فلنتقاسم رغيفنا مع الجائعين.. ولْنزرعِ العون في دروب المحتاجين.
وكما رمضان يبشّرنا بعيد الفطر.. دعونا نبشّر الوجود بعيد الإنسانيّة.. عيد التّآخي والتّراحم.. عيد الجسد الواحد الّذي يتداعى سائره بالسّهر والحمّى إذا اشتكى منه عضو.
الحياة قصيرة والقطار سريع، وأفلح من جعل أيّامه كلّها رمضانيّة اللّحظات.. روحانيّة الدّروس والعبر.

* كاتبة سورية