51
051
059
087
091
0269
3الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11939
07229
06982
06412
05885
5
د. أحمد علي الناصر
في كلِّ يومٍ يموتُ الحبُّ في ذاتِي
حتى اقتربْتُ كثيرًا من نهاياتِي
حالَتْ ملامحُ وجهِيْ كيف أعرفُنِي
وقد تغيَّرَ سيمائِيْ بمرآتِي
في غابةٍ من بنِي الإنسانِ عشْتُ بها
والوحشُ أرحمُ منهُمْ في المُلمّاتِ
يكشّرونَ عنِ الأنيابِ تحسبُهمْ
كالذئبِ يَفتكُ في لحمِ الفريساتِ
قد فارقَتْهمْ معَ الأيامِ نخوتُهمْ
وأوغلَ البعضُ في وحْلِ السَّفالاتِ
نسُوا الشجاعةَ والإقدامَ من زمنٍ
واستبدلُوا الجبنَ فيهمْ بالشّجاعاتِ
وأظهرُوا بغضَهم تبًّا لحقدِهِمُ
وعاملُونِي بأصنافِ الإساءاتِ
ولسْتُ أدرِي كأنّي شوكةٌ نبتَتْ
في حلقِهمْ فتبارَوا في معاداتِي
جبالُ همٍّ رسَتْ فوقِي بكلكلِها
فكيف أرفعُ بعدَ اليومِ هاماتِي
وكيف أمشِي وراياتِي منكَّسةٌ
وهل ستَخفِقُ بعدَ الآنِ راياتِي
أعوذُ باللهِ من حالٍ وصلْتُ لها
فمَن يشابهُ في الإذلالِ حالاتِي؟!
ما عادَ لي أملٌ والقهرُ يسحقُنيْ
وما تبقَّى سوَى أوهَى احتمالاتِي
فهل سأبلغُ يومًا ما طمَحْتُ له
أم أنَّ ذلك ضربٌ من خيالاتِي
ماقيمةُ العمرِ أحياهُ على وجلٍ
يلفُّني الذُّلُّ مسحوقَ الكراماتِ؟!
فهل أُعاينُ يومًا رايتِي خفقَتْ
وأبصرُ الحقَّ معزوزَ الولاءاتِ
والشرَّ منكسرًا والخيرَ منتصرًا
أم كانَ ذلك من محضِ افتراضاتِي
في عالمٍ سادَ فيهِ الظُّلمُ
واندثرَتْ
ملامحُ العدلِ في شرِّ اندثاراتِ
والخيرُ جفَّتْ منَ الدّنيَا مناهلُهْ
ومنبعُ الشرِّ غالَى في اندفاقاتِ
قد بُحَّ صوتِي من الأحزانِ
وانقطعَتْ
أوتارُ عودِي فمَنْ يدرِي بصيحاتِي؟!
لكنْ عزفْتُ وماتَ اللّحنُ في شفتِي
فمَن سأُصفيهِ يا دّنيَا مُناجاتِي؟!
وقد نأيْتُ وقلبِيْ صارَ مبتئسًا
أَفي الحياةِ أنا أم بينَ أمواتِ؟!
ما بالُ قومِيْ تمنَّوْا أنْ أبادَ وما
أسأْتُ قطُّ إليهِم في علاقاتِي؟!
لكنّه الحقدُ يُعمِي قلبَ صاحبِه
وذاكَ أصعبُ ماتعنيْهِ مأساتِي
فهلْ يُحِبُّ الفتَى والموتُ يَطحَنُه
ومَنْ أُحِبُّ وقد جفَّتْ مساماتِي؟!
ولم أجدْ صاحبًا منهمْ يُساندُني
ولا نديمًا له أشكُوْ عذاباتِي
وصرْتُ أمشِي بلا عزمٍ ولا أملٍ
حتى نسِيتُ على البلوَى ابتساماتِي
وغابَ كلُّ جميلٍ كنتُ أعرفُه
ورحتُ أندبُ أيامِي الضَّحوكاتِ
وغاص فكري ببحرِ الهمِّ وانطفأَتْ
كلُّ المصابيحِ في عينِ السعاداتِ
وغادرَ الأهلُ يا لَلأهلِ كم تركُوا
في القلبِ من غَصةٍ أوهَتْ جَلاداتِي!
ما عادَ في العُودِ لا لحنٌ ولا وترٌ
فكيف أعزفُ ألحانَ الصّباباتِ
لم يبقَ في الدارِ أصحابٌ أُنادمَهُم
فمَن أسامرُ إن حلَّتْ مساءاتِي؟!
وهل تبقَّى مساءٌ أستلذُّ به
والبدرُ قد غابَ عن عالِي سماواتِي
البعضُ ماتَ وبعضُ الأهلِ قد رحلُوا
حتى اختفَتْ بعدَهم أبهَى مسرَّاتِي
فرُحْتُ في عالمِ الذكرِى أُزاوِرُهُم
أمشِي وأُطرِقُ في وهدِ الخَراباتِ
وقد وقفْتُ على أطلالِهمْ كئِبًا
والحزنُ أفقدَنِي عذبَ ابتهاجاتِي
أبكِي على كلِّ من غابُوا ومن رحلُوا
وهل تفِيْ حقَّهمْ باللهِ دمعاتِي؟!
فلا تلومُوا معنًى ليس في يدِه
شيءٌ يحامِي به أدهَى المصيباتِ
كادُوا لقلبِيَ إيذاءً فويلَهمُ
رماهمُ اللهُ في شرِّ المكيداتِ
إنّي أُحسُّ حياتِي أصبحَتْ بدَدَا
فغادرَتْني بلا رُجْعَى حُشاشاتِي
فكيف يا ناسُ أصحُو في الحياةِ وقد
وجدْتُ نفسِيَ في جُبِّ الغَياباتِ؟!
وحدِيْ أغالبُ بؤسِي لستُ مرتجيًا
ممّن عرْفْتُ بأنْ يُصغُوا لمأساتِي
ورُحْتُ أنبشُ في الماضِي لعلّ به
خيطًا منَ النُّورِ يمحَو دَمْسَ عَتْماتِي
وهكذا المرءُ إن حالَتْ مباهجُه
يسعَى ويندُبُ أطيافَ السّعاداتِ
حتى السَّعادةُ ماعادَتْ تراودُنيْ
ولو بحثْتُ عليهَا في المناماتِ
ولَّى الزّمانُ الذي قد كانَ يؤنسُنِي
كأنّما صارَ من وهمِ الخُرافاتِ
لا أهلَ لا دارَ لا خِلًا أبادلُهم
كأسَ الغرامِ ولا حُلوَ الملذّاتِ
سوَى دموعِ الأسَى في العينِ تُحرقُنِي
وقد تجلَّتْ على عينِيْ نهاياتِي
أئِنُّ من وجعِي في غربتِي وغدَتْ
رُوحِي تُعذَّبُ في نيرانِ أنَّاتِي
آهٍ ومِليونُ آهٍ كمْ أردّدُها
فهل ستنفعُني في البؤسِ آهاتِي
أطلقْتُها صَرخَةً راحَتْ مُدوّيَةً
فما أحسُّوا وما ذاقُوا معاناتِي
لم يُصْغِ لي أحدٌ ماذا أقولُ له
ولا استجابَ لبؤسِي أو لويلاتِي
الكلُّ لاهٍ وساهٍ عن مُكابدتِي
وعن جراحِيْ وعن هَولِ احتضاراتِي
قد أغلقُوا كلُّهم عنّي مسامعَهمْ
وقد تنادَوا على دربِ العَماياتِ
ليقتلُونِي لعلّي أنْ أُريحَهمُ
ممَّا يُلاقُون من سوءِ المَلاماتِ
تنكَّبُوا عن طريقِ الحقِّ وانغمسُوا
في حَمأةِ الظّلمِ في دربِ الغَِواياتِ
ما كنتُ أحسبُهم والموتُ يأكلُنِي
أن يسلكُوا ويحَهُم بحرَ الضّلالاتِ
فقد تخلَّوا ولجُّوْا في غوايتِهمْ
ولم يُصِخْ أحدٌ منهمْ لصيحاتِي
ولم يكنْ هكذا عهدِيْ بهم أبدًا
ولم تكنْ هذهِ إحدَى حساباتِي
لكنّهمْ خيَّبُوا ظنِّي بهمْ ومضَوا
فما أمَرَّ بهمْ آلامَ خَيباتِي!
ساؤُوا وساءَتْ على قلبِي طويَّتُهم
أعوذُ باللهِ من خُبثِ الطَّويَّاتِ
حماقةٌ لم أشاهدْ مثلَها أبدًا
يا قاتلَ اللهُ أصحابَ الحماقاتِ!
أقولُ للقومِ مِنْ حزنِي ومن ألمِي
إن كنتُ مُتُّ فهلْ أنتمْ بمنجاةِ
ومِنجَلُ الموتِ لايُبقي على أحدٍ
فمَن نجَا اليومَ هل ينجُو مِنَ الآتِي؟!
السيلُ يجرفُنا جمعًا وما أحدٌ
منّا سيبقَى فما جدوَى الهزيماتِ
والشّرُّ يا قومُ إن أبدَى مخالبَه
فليس من أحدٍ ينجُو بإفلاتِ
وإن غفلتُمْ عن الثُّعبانِ داهَمَكُم
وتلك واللهِ من كُبرى الخطيئاتِ
وها هوَ الذئبُ بالأنيابِ يرصدُكمْ
أجارَنا اللهُ من غدرِ الذُّؤَيباتِ
إنّي لأنصحُكمْ والنارُ تأكلُني
وقد تلاشَتْ على ذهنِي عباراتِي
لا أبتغِي منكُمُ أدنَى مساعدةٍ
ولستُ أطلبُ شيئًا في مواساتِي
ولسْتُ يا قومُ أستجْدِي تعاطفَكمْ
فالموتُ أهونُ من سوءِ المهاناتِ
للّه أشكو مصيرًا بتُّ أعرفُه
فاللهُ يسمعُ في البلوَى شِكاياتِي
كمِ ابتهلْتُ إلى الرحمنِ أسألُه
تفريجَ همِّي وتحقيقَ ابتهالاتِي
فليس إلّاهُ مَن أرجو لنائبتِي
وهل سواهُ يُداويْ لي جراحاتِي؟!
ولستُ أطلبُ كشفَ الضُّرِّ من أحدٍ
فاللّهُ عونِي ومَنْ يجْلُو ابتلاءاتِي
غيرِي يموتُ وسهمُ الغدرِ يرشقُه
فكيف أرفلُ في ظلِّ الهناءاتِ
وبعضُ قومِيَ خانُوا العهدَ
وانكفؤُوا
فما سأفعلُ في أهلِ الخياناتِ؟!
قد كنْتُ أمشِي ورأسِي جِدُّ مرتفعٍ
ولسْتُ أخضعُ ذلًا للسفاهاتِ
والآنَ أمشِيْ وظهرِيْ مُنحنٍ سقِمٌ
يا خيبةَ العمْرِ من ذلِّ انحناءَاتِي
ماعُدْتُ في هذهِ الدنيَا أرَى رجلًا
فأينَ باللهِ أصحابُ المروءاتِ
أين الأُلَى إن تمادَى الخطبُ مستعرًا
واستفحلَ الحقدُ في أهلِ الدّناءاتِ
قامُوا إلى الحقدِ واستلُّوا سيوفَهُم
وحاربُوا وتصدَّوا للعداواتِ
فهل يجوزُ بأنْ تحيَوْا بمأمنِكمْ
وغيرُكمْ يصطلِيْ قيظَ المفازاتِ
وترتدُونَ ثيابَ البردِ تُدفئُكمْ
والناسُ يقتلُهمْ قرُّ الشتاءاتِ
لا أرتضِيْ فعلَ قوميْ في تشرذُمِهمْ
ومِن تناحرِهمْ أُبدِيْ براءاتِي
لقد تعبْتُ من التّشتيتِ يا وطنِي
أمَا كفانيَ عيشًا في المتاهاتِ
كئيبةٌ أنتِ يا نفسِيْ وأحسبُني
ماذقْتُ مثلَكِ مرًّا يا كآباتِي
لقد شرَحْتُ لكمْ ماكانَ يؤلمُني
فهل عرفْتُم أيا أهلِي حكاياتِي؟
لكنَّنِي رغمَ هذا البؤسِ مافتئَتْ
روحِي تتوقُ إلى حلوِ الزّياراتِ
أحبُّها غيرَ أنّي لسْتُ أعلنُه
فالموتُ يصبُغُ بالاحزانِ حالاتِي
إنّي وحقِّ الذي أرسَى بخافقتِي
حبَّ الجمالِ وتقديرَ العفيفاتِ
مازلْتُ أذكرُها في كلِّ سانحةٍ
وكلّما دقَّ قلبِي في عباداتِي
وكيف أنكرُ في الدّنيَا شمائلَها
وهْيَ التي مثلُ نبضِ الرّوحِ في ذاتِي
حماكِ ربّيْ أيا مَن كنتُ أعشقُها
وصانَكِ اللهُ يا أحلَى الجميلاتِ
فلْتصبرِي حلوَتِي فاللهْ شاهدُنا
وإنَّني واثقٌ من نصرِه الآتِي
* شاعر سوري
التعليقات